نماذج من عفو الملوك

منذ 2014-04-11

نماذج من عفو: سليمان بن عبد الملك، عفو أبي جعفر المنصور، عفو المأمون...

عفو سليمان بن عبد الملك:

- "غضب سليمان بن عبد الملك على خالد القسري، فلما أدخل عليه قال: يا أمير المؤمنين، إنَّ القدرة تذهب الحفيظة[1]، وإنك تجلُّ عن العقوبة، فإن تعفُ فأهلٌ لذلك أنت، وإن تعاقب فأهل لذلك أنا، فعفا عنه" (وفيات الأعيان: لابن خلكان، ص: [2/425]).

- "واحتال يزيد بن راشد في الدخول على سليمان متنكرًا بعد أن ولي الخلافة، فقعد في السماط[2] وكان سليمان قد نذر أنه إن أفضت إليه الخلافة قطع لسانه؛ لأنَّه كان ممن دعا إلى خلع سليمان، والبيعة لعبد العزيز، فقال: يا أمير المؤمنين، كن كنبي الله أيوب عليه السلام، ابتُلي فصبر، وأُعطي فشكر، وقدر فغفر. قال: ومن أنت؟ قال: يزيد بن راشد، فعفا عنه" (وفيات الأعيان؛ لابن خلكان، ص: [2/425]).

عفو أبي جعفر المنصور:

- عن مبارك بن فضالة قال: "كنا عند المنصور فدعا برجل ودعا بالسيف، فقال المبارك: يا أمير المؤمنين، سمعت الحسين يقول: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "إذا كان يوم القيامة، قام مناد من عند الله ينادي: ليقم الذين أجرهم على الله، فلا يقوم إلا من عفا"[3] فقال المنصور: خلوا سبيله" (تاريخ الخلفاء؛ للسيوطي، ص: [229]).

- وعن الأصمعي قال: "أُتي المنصور برجل يعاقبه فقال: يا أمير المؤمنين، الانتقام عدل، والتجاوز فضل، ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله أن يرضى لنفسه بأوكس[4]النصيبين دون أن يبلغ أرفع الدرجتين. فعفا عنه" (تاريخ الخلفاء؛ للسيوطي، ص: [229]).

عفو المأمون:

- "أُتي المأمون برجلٍ يريد أن يقتله، وعلي بن موسى الرضا جالس فقال: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: أقول: إنَّ الله تعالى لا يزيدك بحسن العفو إلا عِزًّا. فعفا عنه. وكان المأمون مؤثرًا للعفو كأنه غريزة له؛ وهو الذي يقول: لقد حُبِّب إليَّ العفو حتى إني أظنُّ أني لا أثاب عليه.

- وأحضر إلى المأمون رجل قد أذنب، فقال له المأمون: أنت الذي فعلت كذا وكذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أنا الذي أسرف على نفسه واتكل على عفوك؛ فعفا عنه.

- قال: ولما ظفر المأمون بإبراهيم بن المهدي أمر بإدخاله عليه، فلما مثل بين يديه، قال: وليُّ الثأر محكمٌ في القصاص، والعفو أقرب للتقوى، والقدرة تذهب الحفيظة، ومن مدَّ له الاعتذار في الأمل هجمت به الأناة على التلف، وقد جعل الله كلَّ ذنب دون عفوك، فإن صفحت فبكرمك، وإن أخذت فبحقِّك. قال المأمون: إني شاورت أبا إسحاق والعباس في قتلك فأشارا عليَّ به؛ قال: أما أن يكونا قد نصحاك في عظم قدر الملك، ولما جرت عليه السياسة فقد فعلا، ولكن أبيت أن تستجلب النصر إلا من حيث عودك الله، ثم استعبر باكيًا؛ فقال له المأمون: ما يبكيك؟ قال: جذلًا[5]. إذ كان ذنبي إلى من هذه صفته. ثم قال: إنه وإن كان جرمي بلغ سفك دمي فحلم أمير المؤمنين وفضله يبلغاني عفوه، ولي بعد هذا شفعة الإقرار بالذنب، وحرمة الأب بعد الأب. قال المأمون: لو لم يكن في حقِّ نسبك ما يبلغ الصفح عن جرمك لبلغك إليه حسن تنصُّلك" (نهاية الأرب في فنون الأدب؛ للنويري، ص: [6/55]).

ــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش والمراجع:

[1]- (الحفيظة: الحمية والغضب. انظر: تاج العروس؛ للزبيدي، ص: [20/219]).

[2]- (السماط: الجماعة من الناس والنحل. انظر: لسان العرب؛ لابن منظور، ص: [7/325]).

[3]- (ورد بعدة صيغ، ضعَّفه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء، ص: [3/226] وقال: "[فيه] الفضل بن يسار ولا يتابع على حديثه"، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، ص: [10/414]: "رجاله وثَّقوا على ضعف يسير في بعضهم‏‏"، كما ضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع، ص: [406]، والسلسلة الضعيفة، ص: [1277]).

[4]- (الوكس: النقص. انظر: لسان العرب؛ لابن منظور، ص: [6/257]).

[5]- (جذلًا: أي فرحًا. انظر: لسان العرب؛ لابن منظور، ص: [11/107]).

 

 

المصدر: الدرر السنية
  • 0
  • 0
  • 1,856

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً