إن تنصروا الله ينصركم
النصر من عند الله ولا يأتي إلا بطاعته والتقدم تبعًا لذلك
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
الحمد لله القائل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ يُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [ محمد:7]
إن المسلم في حياته كلها يتوكل على الله حق توكله ويأخذ بالأسباب على قدر استطاعته ثم يفعل الله ما يشاء، فلا يمنعه توكله على الله من الأخذ بالأسباب فيصبح متواكلًا، ولا يمنعه الأخذ بالأسباب من التوكل على الله فيصبح مشركًا بالله سواء كان شركًا أصغر أو شركًا أكبر بحسب اعتماده على الأسباب والركون إليها؛ فالحمد لله الذي له مقاليد السماوات والأرض.
وكذلك الأمر في الحرب الدائرة بين الإسلام والكفر إلى يوم الدين لن ينصر الله المسلمين على عدوهم في أي مجال إلا أن ينصروا الله فهذا الأمر لا يقاس بالماديات والتفوق العلمي والعسكري أوبالتفوق في أي مجال من المجالات، بل إن الأمر كله لله فمن يشترط للنصر على الكفار أن نكون أكثر عدة وعتادًا فقد اشترط ما ليس في كتاب الله؛
لأن الله لم يشترط ذلك بل اشترط أن ننصره وليس هذا معناه أن نهمل أمر القوة ة والتقدم بل إن ديننا يدفعنا دفعًا إلى قيادة العالم دينيًا ودنيويًا قال تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ}
ومن رحمة الله أن أمرنا أن نعِّد ما في استطاعتنا لمواجهة الكفر وأهله ولم يشترط أن نكون أكثر منهم قوة أو عددًا، ولكنه اشترط أن ننصره وفي هذا المعنى يقول القرطبي في تفسير قول الله تعالى {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}
"أي إن تنصروا دين الله ينصركم على الكفار"
ويقول سيد قطب في الظلال "وكيف ينصر المؤمنون الله، حتى يقوموا بالشرط وينالوا ما شرط لهم من النصر والتثبيت؟
إن لله في نفوسهم أن تتجرد له، وألا تشرك به شيئا، شركا ظاهرا أو خفيا، وألا تستبقي فيها معه أحدا ولا شيئا، وأن يكون الله أحب إليها من ذاتها ومن كل ما تحب وتهوى، وأن تحكمه في رغباتها ونزواتها وحركاتها وسكناتها، وسرها وعلانيتها، ونشاطها كله وخلجاتها.. فهذا نصر الله في ذوات النفوس.
وإن لله شريعة ومنهاجا للحياة، تقوم على قواعد وموازين وقيم وتصور خاص للوجود كله وللحياة. ونصر الله يتحقق بنصرة شريعته ومنهاجه، ومحاولة تحكيمها في الحياة كلها بدون استثناء، فهذا نصر الله في واقع الحياة".
فنحن لن ننتصر على الكفار إلا بطاعة الله عزوجل في السر والعلن، على مستوى الأفراد وعلى مستوى الأسرة وعلى مستوى المجتمع ككل.