من نبيك؟!
إن هذا السؤال سهل وصعب في آن واحد؛ فهو سهل لأن الإجابة عليه في الحياة الدنيا سهلة جداً، وصعب لأن أساس المسألة به لا تكون إلا في الحياة البرزخية، وفي تلك الحفرة التي ستكون على صاحبها إمَّا روضة من رياض الجنة أو حفرة حفر النيران؛ كما جاءت الأدلة الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار المروية...
- التصنيفات: الموت وما بعده - الدار الآخرة -
الحمد الله المتفرد بالبقاء، كتب الفناء على أهل الأرض والسماء، ذي العزة والجلال والكبرياء، والصلاة والسلام، على محمد الذي عرج به ربه إلى السماء، وعلى الرسل الأوفياء، وعلى الصحابة الأتقياء الأنقياء، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم اللقاء.
أمَّا بعدُ:
قد يستغرب البعض من عنوان هذه الكلمة، ويقول: لماذا هذا السؤال؟ وهل هناك صعوبة في الإجابة عليه؟!
فأقول: إن هذا السؤال سهل وصعب في آن واحد؛ فهو سهل لأن الإجابة عليه في الحياة الدنيا سهلة جداً، وصعب لأن أساس المسألة به لا تكون إلا في الحياة البرزخية، وفي تلك الحفرة التي ستكون على صاحبها إمَّا روضة من رياض الجنة أو حفرة حفر النيران؛ كما جاءت الأدلة الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار المروية، بذلك، حيث بينت أن في تلك الحفرة تزل أقدام بعد ثبوتها -إلا من رحم ربي-، ففيها سؤال الملكين لكل إنسان، بثلاثة أسئلة تتعلق بأركان الإسلام والإيمان..
ولن يوفق للإجابة عليها إلاَّ أهل البر والإحسان، المؤمنون حقاً الذين رضوا بالله رباً، وعبدوه كأنهم يرونه رأي العيان، فحازوا أعلى مرتب الإسلام، وأقرُّوا له بتوحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، ونزَّهوه عن جميع العيوب والنقصان، ورضوا بالإسلام ديناً، وأتوا بجميع أركان الإسلام والإيمان، ولم يرتكبوا ناقضاً من نواقض الإسلام، ورضوا بمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، وعرفوا نبيهم صلى الله عليه وسلم اسماً ومعنى، وقولاً وفعلاً..
فطبَّقوا سنته، ودافعوا عن شريعته، ودعوا الناس إليها، ووالوا أهلها، وعادوا من عاداها، وأحبوا صاحبها عليه الصلاة والسلام، وأحبوا من يحب من أهله وصحابته.
وسيزيغ عن تلكم الإجابة أهل الفسق والكفر والجحود، كما قال وتعالى: {يُثَبّتُ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَفِي الآخرة وَيُضِلّ اللّهُ الظّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَآءُ} [إبراهيم:27]. وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق على صحته عند الأئمة الأعلام: « : {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}» (رواه البخاري ومسلم).
وعن زاذان عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولمَّا يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به الأرض، فرفع رأسه،فقالَ: «
». مرتين أو ثلاثاً، ثم قال: « »قال: «
»..قال: «
»..قال: «
»..قال: «
»..قال: «لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف من الآية:40]. « » -ثم قرأ-: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج من الآية:31].
» -ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم-: {«
» (رواه أحمد، ورواه أبو داود من حديث الأعمش، والنسائي، وابن ماجة من حديث المنهال بن عمرو به).فأكثر -أخي المسلم أختي المسلمة- من فعل الخيرات، واجتنب المحرَّمات تُوفَّق -بإذن الله- للإجابة على تلك الأسئلة، فإن فعل الأعمال الصالحة، واجتناب السيئة مما يشفع للإنسان يوم العرض على الملك الديان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « » (رواه ابن حبان).
فاعمل لدار غربتك وتحقق كربتك، في ذلك، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل:
في ظلمة القبر لا أمٌ هناك ولا *** أبٌ شفيق ولا أخٌ يُؤنسني
وهالني صورةٌ في العين إذ نظرت *** من هول مطلع ما قد كان أدهشني
من منكر ونكير ما أقول لهم *** قد هالني أمرهم جداً فأفزعني
وأقعدوني وجدُّوا في سؤالهمُ *** ما لي سواك إلهي منْ يُخلِّصني
نسأل الله أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة من الآية:250].