(التحرش)!
محمد عطية
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
المشهد الأول:
اغتالت الصفحات الإباحية -على الفيس وغيره- فطرته.. طمست البراءة في عينه، وقتلت معنى المروءة في قلبه.. تلك المروءة التي جعلت العربي الجاهلي يغض طرفه عن جارته حتى تتوارى، بل ويصحب امرأة أجنبية في سفر بصحراء موحشة ليكون أكرم صاحب وأعفه!
لقد غرق في حضيض الحيوانية.. فكل امرأة يراها صارت مرادفًا للشهوة في قلبه المريض.. لا يردعه دين عن غي؛ فقد غاب عن حياته، ولا تمنعه شهامة عن دنية؛ فهو أعمى يقوده نصفه الأسفل!
المشهد الثاني:
ذبح حياؤها على عتبة (الفضاء المفتوح).. لوَّثت فطرتها فاستحسنت القبيح.. جنى عليها أبٌ غافل وأمٌ غاشة للأمانة.. ارتضت على نفسها الرخص لتكون في الشوارع لحما على وضم!
يا حسرة عليها في وقفتها أمام مرآتها قبل خروجها واضعة اللمسات الأخيرة، كأنها في مخدعها منتظرة زوجها!
هي -غالبًا- كاذبة إن ادَّعت بعد كل ذلك أن الثناء الرقيق، والإعجاب -البريء- في العيون لا يستهويها، وإلا فلمن كل هذا؟!
التقاء المشهدين السابقين في شوارعنا ينتج -ولا بد- فيلما هابطًا اسمه (التحرش)!
لا تقبل منه حجته السقيمة وهو يمد يده للشارع في بلاهة: "انت مش شايف البنات بيعملوا في نفسهم وفينا إيه؟!".
هب الشارع مليئًا بحفر لا تستطيع ردمها، هل يقبل عقل وشرع أن تلقي نفسك في واحدة تلو الأخرى؟!
ومردودة أيضًا حجتها الداحضة وهي تستدعي دموع المسكنة: "وهو ليه يعتبر جسمي مباح له؟!".
إن الحلوى المكشوفة تستدعي الذباب شاءت أم أبت.. أتفق معكِ أنه ذباب حقير، لكن ألا تُلام الحلوى المكشوفة ومن كشفها؟!
الحل يكمن في {يَغُضُّوا} و{يُدْنِينَ}.. فهو مسؤولية الطرفين..