البناء العقدي للمقاومة
أبو الهيثم محمد درويش
لذا كان لزاما علينا أن نشد على أيدي هؤلاء الأبطال ولا نبخل عليهم
بنصح أو بيان عسى أن يصحح الله بدعاة التوحيد مسارات المقاومة الصادقة
ويلم بعقيدة الحق شعث أهلها ويجمع بالتوحيد كلمتهم.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
قال تعالى : " إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " التوبة 111
المقاومة هي بتعبير الشريعة الإسلامية جهاد الدفع الذي هو فرض على أهل المصر في حالة اجتياح العدو لبلدهم.
وتحت إطار هذه المقاومة فقد انبرى شباب الإسلام يذودون عن عرينهم وينكئون في أعداءهم في شتى بقاع الأرض فكانت تلك النسمات المباركة المقاومة لكل مكان يعتدى فيه على الإسلام بداية من فلسطين الحبيبة إلى أرض الشيشان ومروراً بالعراق الجريح وكشمير وبلاد الأفغان الأبية.
وقد أثبتت فصائل المقاومة يوماً بعد يوم كفاءتها وصلابتها, لتقول للعالم بلسان حالها " إن الرجل المريض لم يمت بعد"
لذا كان لزاما علينا أن نشد على أيدي هؤلاء الأبطال ولا نبخل عليهم بنصح أو بيان عسى أن يصحح الله بدعاة التوحيد مسارات المقاومة الصادقة ويلم بعقيدة الحق شعث أهلها ويجمع بالتوحيد كلمتهم .
فصائل الحق أسد المقاومة:
قال تعالى : " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " الأنعم 153
إن مقاومتكم المباركة هي سبيل أهل الحق في هذه الأمة ممن باعوا لله أنفسهم ينتظرون الجنة خير موعد .
فيا بطل الإسلام يا من سَلَكْت طريق الجنة اعلم أن نيل الشهادة مأرب عظيم ولتحققه لابد من تحقق شرطه الأعظم ألا وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"
يقول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :"هذا الميزان الثقيل الذي لا يمكن أن يحيد والذي لا يمكن أن يكون فيه نقص أو خلل من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فقط لا كلمة العروبة ولا كلمة فلان وفلان بل هي كلمة الله عز وجل من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله وإن العلامة الفارقة لمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ومن قاتل لغير ذلك إذا كان هذا المقاتل قد نفذ كلمة الله تعالى في خصيصة نفسه وفيمن تحت يده فإن هذا يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا أما إذا كان في حكمه وفي دولته مناقضا لحكم الله ورسوله كافرا بحكم الله ورسوله يحكم القوانين ويقدمها على حكم الله ورسوله فإن هذا لن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وكيف يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الله في حكمه ليست هي العليا لا يمكن هذا أبداً لأن هذا تناقض ظاهر وإننا لا يمكن أن ننتصر على اليهود ولا على غيرهم إلا إذا رجعنا إلى الله تعالى رجوعا حقيقيا وطلبنا شريعته من كتاب الله وسنة رسوله ونفذناها على أنفسنا وعلى مجتمعنا تنفيذا صادقا في العقيدة والقول والفعل فإننا بهذا نكون قد نصرنا الله عز وجل وبهذا يتحقق لنا ما وعدنا الله" من خطبة غزوة الأحزاب للشيخ العثيمين رحمه الله.
إذن فعقيدة التوحيد الخالص هي أساس بناء المقاومة الإسلامية وبغيرها فيمكنك أن تسمي المقاومة أي اسم آخر عدا كونها الإسلامية .
وهنا يكون الفارق الحقيقي بين من قدم النفس خالصة لوجه الله وبين من قدمها في سبيل أرض أو زعامة أو حزب.
أيها البطل المقاوم يا أسد الإسلام إن الله تعالى خلقنا لغاية وهي إفراده تعالى بالعبادة قال عز من قائل حكيماً " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " الذاريات
فإفراد الله بالعبادة هو لب التوحيد , توحيده تعالى في النسك والطاعة والاتباع والولاية فلا معبود بحق إلا الله ولا مطاع بصدق غيره ولا متبوع إلا شرع الله .
واعلم أخي الحبيب أن الجهاد عبادة والعبادة لا تقبل إلا بشرطين:
الشرط الأول تجريد الإخلاص: بأن يخلو جهادك أيها البطل المقاوم من الشرك الأصغر والأكبر فلا يتوجه العمل لحزب أو زعيم أو غيره ولا يكون الجهاد رياء ليقال هذا البطل : يقول شفي الأصبحي رحمه الله: دخلت المدينة فوجدت أبا هريرة رضي الله عنه وأرضاه قد اجتمع عليه الناس حلقات بعضها دون بعض, فتقدمت إليه فقلت: يا أبا هريرة ! أسألك بالله أن تحدثني حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تسمعه من غيره. قال: فبكى, ثم رفع رأسه وقال: والله لأحدثنك حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعته من غيره, ثم بكى حتى نشغ من البكاء, ثم رفع رأسه, وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة, قلنا: من هم يا رسول الله! خابوا وخسروا؟ قال: عالم علمه الله العلم -وفي لفظ صحيح-قارئ علمه الله القرآن، يؤتى به يوم القيامة يجرجر حتى يقف أمام الله, فيقول الله: أما علمتك العلم؟ أما أقرأتك القرآن؟ فيقول: بلى يا رب! قال: فماذا فعلت؟ قال: علمت فيك، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر قال: كذبت, وتقول الملائكة: كذبت, ثم يقول الله: بل تعلمت ليقال عالم فقد قيل؛ خذوه إلى النار فيسحبونه حتى يدهده على وجهه في النار, ويؤتى بالشجاع الذي قاتل في الثغور والجبهات, فيعرفه الله النعمة ويسأله أين بذلها؟ وفيم أنفقها؟ وأين أسداها؟ فيقول: فيك يا رب! قاتلت وقتلت, فيقول الله: كذبت, وتقول الملائكة: كذبت, ويقول الله: إنما فعلت ليقال شجاع وقد قيل؛ خذوه إلى النار. فيسحب حتى يلقى على وجهه في النار ...... ) حديث صحيح
الشرط الثاني تجريد المتابعة: أي اتباع شرع الله في كل ما تفعل فلا يصح عمل إلا بما شرع الله عز وجل متبعاً فيه كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلا تحرك ساكنا في جهادك إلا بدليل وإلا بشرع حتى لا تفسد أو تفعل ما لا يصح فالذي شرع الجهاد شرع قبله فريضة العلم فتعلم ثم اعمل حتى يؤتي عملك ثمرته المرجوة في الدنيا والآخرة إن شاء الله .
فالتوحيد إذن هو أساس البناء وعليه لا على غيره تنشأ أسود الجهاد , ويتربى جند الله , وتوحيد الله باختصار يتضمن توحيده تعالى فيما ينبغي أن يعرف به لا لغيره من فعال الكمال ووصفه بما لا يوصف به من أسماء الجلال وتسميته بما سمى به نفسه من أسماء البهاء والكمال ثم صرف كلها فيما يرضي الله جلَّ وتعالى.
رجال كأمثال الجبال:
وقد أفرزت هذه العقيدة رجال هممهم أعلى من قمم الجبال فكان الرجل منهم في الجيش بألف وهؤلاء من نريد .
كان اسم خالد بن الوليد يسبقه في كل مواجهة له مع أعداء الإسلام، وكان الجميع يتعجبون من عبقريته، وقوة بأسه في الحرب، ففي معركة اليرموك خرج (جرجة) أحد قادة الروم من صفوف جنده، وطلب من خالد الحديث معه، فخرج إليه خالد، فقال جرجة: أخبرني فاصدقني ولا تكذبني، فإن الحر لا يكذب، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع، هل أنزل الله على نبيكم سيفًا من السماء فأعطاه لك فلا تسله على أحد إلا هزمتهم؟ فقال خالد: لا.
فسأله جرجة: فبم سميت سيف الله؟ فردَّ عليه خالد قائلاً: إن الله بعث فينا نبيه محمدًا ( فدعانا للإسلام فرفضنا دعوته، وعذبناه، وحاربناه، ثم هدانا الله فأسلمنا، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنت سيف من سيوف الله، سلَّه الله على المشركين)، ودعا لي بالنصر، فسميت سيف الله بذلك، فأنا من أشد المسلمين على المشركين. ثم سأله جرجة عن دعوته، وعن فضل من يدخل في الإسلام، وبعد حوار طويل بينهما شرح الله صدر جرجة للإسلام، فأسلم وتوضَّأ وصلى ركعتين مع خالد بن الوليد، ثم حارب مع صفوف الإيمان، فأنعم الله عليه بالشهادة في سبيله عز وجل.
ولما قاتل قتيبة بن مسلم الترك سأل عن محمد بن واسع، وكان في الجيش، فقيل هو ذاك في الميمنة يبصبص بأصبعه نحو السماء فقال: تلك الأصبع أحب إلى من مائة ألف سيف شهير وشاب طرير.
وأخيراً أسأل الملك سبحانه النصر والتمكين لفصائل الجهاد المقاومة في كل أرض من أراضي الإسلام وأن يحكم الله شرعه في المسلمين إنه رب ذلك والقادر عليه.
نقلاً عن موقع الحملة العالمية لمقاومة العدوان