حصن العقيدة
يجب على المربين بذل الوقت والجهد في بناء حصن العقيدة لحماية أطفالنا من الهجمات التي تستهدف دينهم
الحمدُ لله القائلِ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56].
والصَّلاة والسَّلام على المبعوث رحمةً للعالمين، يدلُّهم على التوحيد الخالص والدِّين الخالِد، وعلى مَن سار على نهجِه، واقتفَى أثرَه إلى يومِ الدِّين.
وبعدُ:
فمن أوجبِ واجبات المربِّي المسلم تثبيتُ العقيدة الصحيحة في نُفُوس النَّشء، وحمايةُ جَناب التوحيد؛ إذ إنَّ هذا هو الهدف الأسمى من الرِّسالات، واتَّفَقَ عليه كلُّ الأنبياء والرُّسل صَلوات ربي وسَلامه عليهم.
فيُنفِق المربُّون أوقاتهم وجُهودَهم لرعايةِ أمانة الأجيال المسلمة، وربطِها بخالقها برباط العبادة الخالصة والتوحيدِ الذي لا تشوبُه شائبةٌ.
وتتزايَدُ الحاجةُ إلى تثبيت العقيدة في زَماننا الذي انفتحَتْ فيه وسائل الإعلام، وفاحَتْ رائحةُ الأفكار المضلَّة، والانحِرافات العَقَديَّة الخطيرة.
ممَّا يستَدعِي بذلَ المربِّين مزيدًا من الوسع والجهد في بِناء حِصنٍ حصينٍ، وضربِ سِياجٍ مَتِين حولَ عَقائد النَّشء؛ لصَدِّ الهجمات التي تستهدفُ الأجيالَ في أغلى ما لدَيْها (دِينها).
وهذا يتطلَّبُ تحديدًا لدورِ المربِّين في بِناء هذا السِّياج، والممكن تلخيصُه في النِّقاط التالية:
• تقديم الدُّروس العلميَّة الشرعيَّة في العقيدة بما يُناسِب المرحلة العمريَّة، من خلال الجلسات الأسريَّة والحلقات المنزليَّة، أو في المدارس أو المساجد، أو حتى القنوات الإسلاميَّة المتخصِّصة.
ويتمُّ في هذه الدُّروس إرساءُ القواعد التي ستحفرُ في ذِهن المُربَّى وقلبِه وروحه، وتكون مِعيارًا له لتقييم أيِّ تَيَّارٍ جديد وأيِّ فكرةٍ مُحدَثةٍ فيما بعدُ.
وحِرصًا من المربِّي على تَرسِيخ هذه القواعد بعُمقٍ ينبغي ألا تتضمَّن الدُّروسُ العِلميَّة توضيحًا للفكر الضالِّ، وذِكر تفاصيله والخوض في مَبادِئه؛ كي لا تختلط الأمور على المُربَّى، وقد تُصادِفُ في قلبه موطئًا؛ فيتشرَّبها ويفسد معتقده والعياذ بالله.
فلنُقدِّم العلمَ الأصيل الرَّصين الصحيح وحسْب؛ ليَفهَمَ المتلقِّي أنَّ ما عداه خطأٌ وباطل.
• الاستِعانة بالقصص القُرآنيِّ وقصص الصَّحابة رضوان الله عليهم وسلفنا الصالح؛ وذلك لتَعزِيز الثَّبات على العقيدة والدِّفاع عنها وعن مُسلَّمات الشريعة وثَوابِت الدِّين.
• ربط النَّشء بالقُرآن الكريم: تلاوةً، حِفظًا، تدبُّرًا، عِلمًا، عملاً؛ فهو من أسباب زيادة الإيمان، ومن أسباب الثَّبات في الفتن والمِحَنِ، ومن الأسباب الجالبة لمحبَّة الله تعالى.
فعلى المربِّين عقدُ الحلقات، وتشجيعُ المربين على المشاركة فيها، وتعزيزهم وتكريمُ مَن يتألَّق منهم في الحِفظ والتفسير، مع تذكيرِهم الدائمِ بالإخلاص.
• تشجيعُ المُربَّى لاكتِشاف الأخطاء العقديَّة اللفظيَّة والفكريَّة حولَه من خِلال قِراءته الصُّحفَ، أو مُشاهَداته لبرامج الأطفال، أو سَماعه للألفاظ الشائعة عند العامَّة ووزنها بميزان العقيدة النقيَّة.
• تدريب المُربَّى على أداء النَّوافل بعد الفَرائض؛ ممَّا يكون تقرُّبًا إلى ربِّه، ونورًا لقلبه، وهدايةً له للحقِّ والخير.
• الدعاء: فقد يَركَنُ المربُّون إلى جُهدِهم ويُعجَبون بعَطائهم، ويغفلون عن صِدق التوكُّل على الله والالتِجاء إليه بالدعاء؛ فيكون الخذلان نصيبَهم والخسران مآلَهم والعياذ بالله.
فعلى المربِّي أنْ يُعلِّق قلبَه بالله، سائلاً إيَّاه التوفيق والعَوْنَ والسَّداد، وهداية الأجيال وثَباتها على الحق.
وعليه أنْ يُوجِّه المُربَّى للدُّعاء لنفسِه بالثَّبات والعلم النافع والعمل الصالح، مُعلِّمًا إيَّاه ما صَحَّ من دُعاء المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم.
بمثْل هذه اللَّبِنات تُبنَى حُصونُ العقيدة، وتعلو جُدرانها، وتَقوَى أركانُها بإذن الله.
فلنُشمِّر عن سَواعِد مخلصةٍ لله في إرادة الخير ونفْع أبناء المسلمين، ولنَضَع اللَّبِنات واحدةً فوق الأخرى؛ حتى يكتَمِلَ البناء.
لعلَّ الذمَّةَ أنْ تَبرَأ أمامَ الله في زمن الفتن وعَواصف الضَّلالات أنَّنا بنَيْنَا وحصَّنَّا وبذَلْنا، والتوفيق منه جلَّ في عُلاه.
والسَّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته
- التصنيف:
- المصدر: