وقفات منهجية تربوية - (17) الوقفة الرابعة عشرة: بعض خصال الخلل في أصحاب الدعوات الإصلاحية

منذ 2014-04-21

إن مما أصاب كثيرًا من أصحاب الدعوات الإصلاحية بالخلل المنهجي في دعوتها قلة العلم الشرعي

إن مما أصاب كثيرًا من أصحاب الدعوات الإصلاحية بالخلل المنهجي في دعوتها قلة العلم الشرعي، والذي ينظر بعين البصيرة يرى مصداق ذلك خلة تلك الدعوات من علماء لهم رسوخ في علم الشريعة مما جلب عليهم شرًا كبيرًا.

والقناعات التي تقود أصحابها بغير نظر شرعي سرعان ما تنعكس عليهم وتكون الدائرة عليهم، يقول ابن الجوزي في كتابه (القصاص والمذكرين): :العالِم عند العوام من صعد المنبر". وهذا من المقاييس الجائرة؛ فعامة الناس قد تخفى عليهم بعض الأمور، لكن المصيبة أن يكون بعض المعول عليهم يغفلون عن هذا الأمر.

ومن الخلل في الصحوة عدم التفريق بين صاحب العلم الشرعي المتلقى بالرواية والدراية، وبين من فتق لسانه بشعر أو خطابة، أو جرى قلمه بتعابير غالبها من الإنشاءات. والذي ينظر في الحركات الإسلامية السابقة والمعاصرة يرى أن من أسباب خللها أنها تقدم من لا يستحق أن يُقدّم، وليس هذا من باب الطعن بل من باب التقييم والتقويم للواقع بالميزان الشرعي.

أمورٌ كبيرة لو عُرض أحدها على عُمر رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر، وترى أن بعض الناس ممن ليس له حظ من العلم الشرعي يبُت القرار فيها، ويجعل كلامه هو الذي لا يُرد ولا يُقارن. قد يُؤتى الإنسان قدرة على استقراء واقع المسلمين، ويعرف أحوالهم من ألفها إلى يائها، لكن هذا الاستقراء والتتبع لا يشفع له أن يضع حلولًا شرعية كبيرة لأمة الإسلام، ويقال لمثل هذا: ينتهي حدُّك أن تعرض هذه البضاعة التي فُتح عليه بها على أهل العلم.

وأهل العلم بحسب النصوص والقواعد الشرعية وحسب المصالح والمفاسد ومقاصد الشريعة يفتون الناس في نازلتهم بما وصلهم من صادقي الأخبار من ثقات النقلة، لكن إذا اختلطت الأوراق وأصبح كل إنسان يتكلم في أمر الفتاوى الشرعية لمجرد أنه يعد من الشعراء الإسلاميين، أو من الخطباء الفصحاء، أو من أصحاب الأقلام السيالة، فهنا يحصل اللبس.

ولهذا ترى أن السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم كانوا لا يخوضون فيما لا يحسنون، بل يسأل أحدهم أهل العلم عما يشكل عليه.

فلهذا تلاحظ في سلبيات الحركات الإصلاحية عدم التفريق عند سواد أتباعها وبخاصة من الناشئة.. بين العالم الذي يُستفتى في النوازل، وبين غير العالم، ولهذا كان من مأثور كلمات أهل العلم: (من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب)، ومن سديد قواعد أهل المغرب ما نقله الذهبي: (أنهم يتركون الأخذ عن من لا يحكِم الفن).

{C}{C}ملخص من كتاب: وقفات منهجية تربوية دعوية من سير الصحابة.

  • 5
  • 0
  • 1,658
المقال السابق
(16) الوقفة الثالثة عشرة: التحذير من القول بلا علم
المقال التالي
(18) الوقفة الخامسة عشرة: حرص الصحابة على طلب العلم

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً