نماذج من فِرَاسة السلف والعلماء المتقدمين

منذ 2014-04-24

نماذج لفِرَاسة الشافعي وفِرَاسة إبراهين الخواص رحمهم الله

فِرَاسة الشافعي:

- قال محمد بن إدريس الشافعي: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفِرَاسة، حتى كتبتها وجمعتها، ثم لما حان انصرافي، مررت على رجل في طريقي وهو مُحْتَبٍ (احتبى الشَّخصُ: جلس على أَلْيَتَيه وضمَّ فَخِذَيه وساقَيه إلى بطنه بذراعيه ليستند. (معجم اللغة العربية المعاصرة) [1/440]) بفناء داره، أزرق العينين، ناتئ الجبهة (ناتئ الجبهة: أي مرتفعها. (مرقاة المفاتيح) لملا علي القاري [9/3798])، سِنَاط، فقلت له: هل من منزل؟ فقال: نعم. قال الشافعي: وهذا النَّعت أخبث ما يكون في الفِرَاسَة. فأنزلني، فرأيت أَكْرَم رجل، بَعَث إليَّ بعشاء وطِيب، وعلفٍ لدابَّتي، وفِرَاش ولِحَاف، فجعلت أتقلَّب الليل، أجمع ما أصنع بهذه الكتب؟ إذ رأيت هذا النَّعت في هذا الرجل، فرأيت أكرم رجل، فقلت: أرمي بهذه الكتب. فلما أصبحت، قلت للغلام: أَسْرِج (أَسْرج: السراج أوقده، وَالشيء حسنه وزينه، وَالْفرس شدَّ عليه السرج. (المعجم الوسيط) [1/425])، فأَسْرَج، فركبت ومررت عليه، وقلت له: إذا قدمت مكة، ومررت بذي طوى، فسل عن منزل محمد بن إدريس الشافعي. فقال لي الرجل: أمولى لأبيك أنا؟! قلت: لا. قال: فهل كانت لك عندي نعمة؟! فقلت: لا. فقال: أين ما تكلَّفت لك البارحة؟ قلت: وما هو؟ قال: اشتريت لك طعامًا بدرهمين، وإدامًا بكذا، وعِطْرًا بثلاثة دراهم، وعَلَفًا لدابتك بدرهمين، وكِرَاء الفِراش، واللِّحاف درهمان. قال: قلت: يا غلام أعطه، فهل بقي من شيء؟ قال: كِرَاء المنزل؛ فإني وسَّعت عليك، وضيَّقت على نفسي. قال الشافعي: فغَبِطت نفسي بتلك الكتب، فقلت له بعد ذلك: هل بقي من شيء؟ قال: امض، أخزاك الله، فما رأيت قطُّ شرًّا منك ((آداب الشافعي ومناقبه) لأبي حاتم الرَّازي [96-97]).

- و"كان الشافعي ومحمد بن الحسن رحمهما الله تعالى في المسجد الحرام، فدخل رجل، فقال محمد بن الحسن: أتفَرَّس أنه نجَّار، وقال الشافعي: أتفَرَّس أنه حدَّاد. فسألاه، فقال: كنت قبل هذا حدَّادًا، والساعة أُنَجِّر" ((الرسالة القشيرية) للقشيري [2/387]).

 

فِرَاسة إبراهيم الخواص:

- قال إبراهيم الخَوَّاص: كنت في الجامع، فأقبل شاب طيب الرائحة، حسن الوجه، حسن الحُرْمَة، فقلت لأصحابنا: يقع لي أنه يهودي. فكلهم كِرَه ذلك، فخرجت، وخرج الشاب، ثم رجع إليهم، فقال: إيش قال الشيخ؟ فاحتشموه، فألحَّ عليهم، فقالوا: قال: إنك يهودي. فجاء فأكبَّ على يدي، فأَسْلَم، فقلت: ما السبب؟ فقال: نجد في كتابنا أن الصِّدِّيق لا تخطئ فِرَاسته. فقلت: أمتحن المسلمين، فتأمَّلتهم، فقلت: إن كان فيهم صدِّيق، ففي هذه الطائفة، فلَبِست عليكم، فلما اطَّلع هذا الشيخ عليَّ، وتفَرَّسني، علمت أنه صدِّيق ((الروح) لابن القيم [239-240]).

  • 4
  • 0
  • 8,470

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً