حوار مع الشيخ محمد عمرو بن عبداللطيف
ملفات متنوعة
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
- التصنيفات: الدعاة ووسائل الدعوة -
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ... نرحب بكم ونود من
فضيلتكم أن تعرفنا بموجز عن سيرتكم الذاتية فنبدأ بالاسم والمولد
والنشأة؟
الاسم: محمد عمرو بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد القادر بن رضوان بن
سليمان بن مفتاح بن شاهين الشنقيطي. فـ (محمد عمرو) اسم مركب سماني
والدي تيمُّنًا بمليونير سمَّى ابنه محمد عمرو، فالحمد لله الذي وهبني
حبَّ العلم، وترجع أصولنا إلى شنقيط، حيث حضر بعض أجدادي إلى مصر
قديما فرارًا من التجنيد واستقرّ بها.
أما المولد والنشأة: فقد ولدت في حي مصر الجديدة من محافظة القاهرة،
عاصمة مصر، في الحادي عشر من شهر رمضان المبارك عام 1374هـ الموافق 5
/ 2 / 1955 م
ثم استقرت العائلة المكونة من ستة أفراد -أنا أصغرهم- في منطقة
المعادي.
وبالنسبة لشهاداتكم العلمية، وحياتكم
العملية؟
تلقيت في منطقة المعادي مرحلة التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي
-القسم العلمي- ثم التحقت بمعهد السكرتارية بمنطقة (مَنْيَل الرَّوضة)
الذي تقرر تحويله وأنا في السنة الثالثة من الدراسة إلى (كلية التجارة
وإدارة الأعمال) التابعة لجامعة حلوان، كما تم نقل موضعه أيضًا من
الموضع السابق إلى منطقة (الزمالك)، في الموضع الحالي مع كلية التجارة
الخارجية.
بعد التخرج عُيِّنت موظفا بمديرية القوى العاملة في مجمع التحرير
براتب شهري (38) جنيها
لكن لم أستمر في الوظيفة الحكومية سوى شهرين فقط؛ وذلك لما في العمل
من اختلاط بين الرجال والنساء، وما فيه من متبرجات.
وتفرغت للقراءة والطلب، وعملت مرّة في تخريج الأحاديث بالساعة، فخرجت
قسما من "عمل اليوم والليلة" لابن السُّنِّيِّ.
فضيلة الشيخ... تذكر لنا بداية اتجاهكم
إلى طلب العلم؟
كان الأخ "عبد الرحمن بن يوسف بن حسين" - جزاه الله خيرا - أول
من لفت نظري إلى قراءة بعض كتب العقيدة السلفية، يوم كان عمري نحو
(17- 18) عاما.
وكان عندنا كتاب الترغيب والترهيب للمنذري - رحمه الله - ضبط وشرح
الشيخ: محمد خليل هراس - رحمه الله - فقرأت تعليق الشيخ عند حديث دعاء
حفظ القرآن الذي رواه الترمذي والحاكم فقال فيه عند قول الترمذي "حسن
غريب": وأي حسن فيه يا علامة ترمذ؟ وهل نصدقك بعد هذا فيما تحسن أو
تصحح من حديث؟
وقال معلقا على قول الحاكم "صحيح على شرطهما": ثم تأمل تبجح الحاكم
وقوله صحيح على شرطهما، لا والله ما هو على شرطهما، ولو رواه أحدهما
لسقط كتابه في الميزان كما سقط مستدركك أيها الحاكم
وكان الشيخ: محمد خليل هراس - رحمه الله - يسمي المستدرك: المستترك،
أي: الذي يستحق الترك. فكان له تأثير كبير عليَّ في حب هذا العلم.
كما أن المنذري في آخر كتابه سرد أسماء الرواة المختلف فيهم الذين مرّ
ذكرهم أثناء الكتاب فهذا أيضا مما أثر فيّ وحبب إليّ علم الرجال.
فضيلة الشيخ... سمعنا أنكم تقسمون
حياتكم إلى مرحلتين: مرحلة المعادي، ومرحلة مدينة نصر، فهل تذكرون لنا
معنى هذا التقسيم؟
في مرحلة المعادي كنت في بداية الطلب، وكنت أنتهج منهج المتأخرين في
الحكم على الأحاديث، ويمكن أن نسميها: مرحلة التقليد؛ حيث كنت أعتمد
على تصحيحات ابن حبان والحاكم مثلا، ثم اعتمدت جميع ما يصححه العلامة
الألباني ويحسِّنه.
أما مرحلة مدينة نصر فيمكن أن نسميها مرحلة الاتِّباع؛ فهي تتميز ببذل
الوسع في البحث والتحليل، وانتهاج منهج الأئمة المتقدمين في الحكم على
الحديث من تصحيح أو تحسين أو تضعيف أو إعلال، عن طريق جمع طرقه،
والنظر فيها، ومقارنتها، وتتبع هل تكلم فيه أحد من الأئمة
النقَّاد؟
ومتى تم انتقالكم من المعادي إلى مدينة
نصر، ولماذا؟
كان ذلك سنة 1987 م، حيث حضر إلي الشيخ عبد الرحمن بن عقيل ومعه الشيخ
أبو إسحاق الحويني، وطلبا مني الالتحاق بالعمل في دار التأصيل.
وكذلك كان من جملة من تم استدعاؤهم للعمل في الدار الأخوان الفاضلان
أبو تراب عادل بن محمد وأبو معاذ طارق بن عوض الله.
هذا بالنسبة للانتقال المكاني... فماذا
عن الانتقال المنهجي؟
طبعًا لم يكن ذلك من قِبَل نفسي، ولكن مخالطتي للأخوين الفاضلين عادل
أبي تراب وطارق أبي معاذ ومدارستي معهم جعلتني أتعرف على منهج
المتقدمين في الحكم على الحديث، وأقتنع به، وأتخذه منهجا لي.
فضيلة الشيخ... هل تذكر لنا نتاجكم
العلمي بناء على هذا التقسيم؟
بالنسبة لمرحلة المعادي ألفت فيها الآتي:
1- أخذ الجنة بحسن حديث الرتع في رياض الجنة، ومعه الأذكار الصحاح
والحسان في الصباح والمساء وبعد الصلاة.
2- القسطاس في تصحيح حديث الأكياس.
3- تخريج أحاديث الحقوق (حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة للشيخ
ابن عثيمين).
فضيلة الشيخ... هل معنى تراجعكم عن منهجكم القديم عدم رضاكم عن هذه
المؤلفات؟
قد لا أرضى عن الحكم النهائي على الأحاديث، باستثناء كتاب "تخريج
أحاديث الحقوق" فأنا راضٍ عنه إلا نحو حديثين.
لكن أليس من الممكن لطلاب العلم
الاطِّلاع عليها والاستفادة منها؟
لا شك، يمكن أن يقرءوها، ولكن غالب هذه الكتب غير متوفرة الآن.
وبالنسبة للكتب التي ترضون
عنها؟
1- تبييض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة (جزءان، في كل جزء 50
حديثا).
2- تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع (جزء واحد فيه 25
حديثا)
3- تخريج أحاديث كتاب: "الذل والانكسار للعزيز الجبار" لابن رجب
الحنبلي، اشتركت في تحقيقه مع حسين الجمل لكن قد يحتاج حديث أو حديثان
فيه إلى إعادة نظر.
4- تعليقات على كتاب: (إماطة الجهل بحال حديثي "ما خير للنساء" و"عقدة
الحبل") جمع وتنسيق زوجي: أم عبد الرحمن بنت النوبي.
5- أحاديث ومرويات في الميزان، فيه حديث "قلب القرآن يس" في الميزان -
وقد طبع مفردا قبل ذلك - وحديث "ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده
الفينة بعد الفينة ..." في الميزان.
وبالنسبة للمؤلفات التي لم تطبع
بعد؟
أكثرها متفرقات، لم تكتمل، منها:
1- تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع (الجزء الثاني) كنت قدمته
للطبع ثم سحبته، ومن جملته حديث دعاء بعد الوضوء "اللهم اجعلني من
التوابين..." الذي أتمنى إفراده بتصنيف.
2- أحاديث وروايات فاتت أئمة وسادات (متفرقات ما زلت أجمع فيها منذ
سنوات)
3- جزء في تخريج حديث: "ما السماوات السبع..." (شرعت في تبييض
بعضه).
4- جزء في تخريج حديث: "ثلاث جدهن جد..." (كامل عندي لكنه لم
يطبع).
5- الدراري الفاذة في الأحاديث المُعلَّة والمتون الشاذة
(متفرقات).
6- حديث "لا يدخل الجنة عجوز" في الميزان (أيضا بيّضت منه جزءا، ثم
توقفت، وقد حكمت بحُسنه).
7- جزء فيه زيادة "ونستهديه" في خطبة الحاجة (جمعت طرقه، ولم يبيّض
حتى الآن، وله ثلاثة أسانيد: أحدها معضل، والآخر ضعيف جدا، والثالث
منكر).
8- مختصر فضل ذي الجلال بتقييد ما فات العلامة الألباني من الرجال (ما
زال في مرحلة التبييض، وقد تجاوزت نصفه، وهو الجزء الأول منه بحول
الله وقوته)
فضيلة الشيخ... هل يمكن أن تذكروا لنا
أبرز مشايخكم؟
ليس لي مشايخ إلا الشيخ: محمد نجيب المطيعي (صاحب تكملة المجموع) رحمه
الله، حيث كنت أحضر دروسه في مسجد الفتح بالمعادي، وكان الشيخ يثق
فيّ، مع أنني لم أخالطه كثيرا، ولم ألزمه.
وكان يقول في أثناء بعض دروسه: (لا أثق إلا في محمد عمرو ومحمد
الصَّوَّاف) في جملة الطلبة الذين يحضرون له هذه المجالس.
ثم بعد مدة أعطاني الإجازة دون أن أطلبها منه، فقال: اذهب إلى الجزء
الثالث عشر من المجموع، وخذ إجازتي (وهما إجازتان ، إحداهما إلى
النووي، والأخرى إلى البخاري إسناد المعَمَّرين).
وبالنسبة للعلامة الشيخ الألباني رحمه
الله؟
رأيته مرة واحدة حين كنت متجها إلى مسجد أنصار السنة بعابدين، فرأيت
رجلا أبيض مشربا بحمرة، له لحية بيضاء، والناس مجتمعون حوله في غرفة
صغيرة، وهو يتكلم عن حديث السبعين ألفًا، فقال: وفي رواية: (الذين لا
يرقون ولا يسترقون) وزيادة لا يرقون شاذة والشذوذ من سعيد بن
منصور.
وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي أرى فيها الشيخ، ولما رأيته
كنت لا أعرفه، ثم بعد ذلك عرفت أن هذا هو الشيخ الألباني، وكان عمري
حينها نحو 21 عاما.
نريد أن نتعرف على شخصية كان لها بالغ
الأثر فيكم؟
الأخ "عبد الرحمن بن يوسف بن حسين" الذي كان سببا في لفت نظري إلى
قراءة كتب العقيدة السلفية كما ذكرت من قبل، وكذلك الأخ الحبيب "محمود
نظمي" زميلي بالكلية.
وبالنسبة للكتب التي أثرت
فيكم؟
كتاب "نزهة المجالس ومنتخب النفائس" للشيخ عبد الرحمن الصفوري، وكتاب
"الترغيب والترهيب" للحافظ المنذري رحمه الله، ضبط وشرح الشيخ محمد
خليل هرّاس رحمه الله.
فضيلة الشيخ... اذكر لنا شخصا كنت تتمنى
أن تلقاه ولم يقدَّر لك لقاؤه؟
الشيخ الألباني رحمه الله.
لكنكم ذكرتم أنكم رأيتموه في مسجد أنصار السنة بعابدين؟
نعم، لكنني لم أكن أعرفه، ولم يكن لقاء علميّا، فأنا أقصد كنت أتمنى
لقاؤه يعني مصاحبته والتعلم منه.
لكن نريد شخصا معاصرا كنت تتمنى لقاؤه، ولم تلقه مطلقا؟
الشيخ المعلمي رحمه الله تعالى.
فضيلة الشيخ... نريد أن تذكر لنا كتبًا
تنصح طلاب علم الحديث بقراءتها؟
كتاب التنكيل للشيخ المعلمي رحمه الله.
وسلاسل الشيخ الألباني رحمه الله، وإرواء الغليل له، وباقي مؤلفات
الشيخ رحمه الله
والكتب التي تنصح بعدم قراءتها؟
كتب "حسن السقاف" لغير المتمكن أو لمَن يمكن أن يصدِّق ما بها من
شبهات، ومثله "محمود سعيد ممدوح" ومن كان على شاكلتهما.
وبالنسبة للمتمكن من طلاب
العلم؟
يستطيع أن يرد هذه الشبهات بسهولة.
هل هناك أشخاص معاصرون تنصح بالقراءة
لهم؟
سأذكر في مجال علم الحديث فقط؟
نعم، هذا ما نقصده.
أنصح بمؤلفات الشيخ حمزة المليباري حفظه الله، وكذلك مؤلفات تلميذي
النجيب الشيخ طارق أبي معاذ .
وبالنسبة للاستماع في علم الحديث
أيضا؟
أنصح بسماع الشيخين: عبد الله السعد، وسعد الحميد، وكذلك
القراءة لهما، وللشيخ خالد الدريس والدكتور اللاحم أيضا وإن كنت لم
أقرأ لهم كثيرًا.
فضيلة الشيخ... نريد أن تذكر لنا موقفا
من المواقف العامة التي لا تنسى؟
كان ذلك مع الشيخ المطيعي حيث كان بيننا بعض مساجلات أذكر منها
أنه مرة قال: لا دليل أن الله - سبحانه وتعالى - يوصف بالقديم
فانصرف ذهني إلى حديث: (كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم،
وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم...) الحديث في سنن
أبي داود، فحاول الشيخ تأويل هذا الحديث.
ثم في يوم الجمعة التي تليها، قال الشيخ: يا شيخ عمرو، هذه سنن أبي
داود، هات الحديث الذي نَخَعتَه
وكان معه سنن أبي داود، وجلس على المنبر وأنا أمامه، ففتحت الكتاب
واستخرجت له الحديث.
فقال الشيخ: ظننتك تقول دعاء دخول المنزل وليس دعاء دخول المسجد. لكن
هذا الحديث أنا متوقف في ثبوته الآن
نريد أن تذكر لنا موقفا رمضانيا لا ينسى.
نعم، كان ذلك سنة 1987 م، عند ادعاء محاولة اغتيال حسن أبي باشا، وكنت
أسكن في المعادي فجاءوا وأخذوني ولم يهنِّئوني بالفُول (طعام السحور)
حين طُرِق الباب فجأة، وظللت معتقلا (34) يوما، لكن الحمد لله كانت
بردا وسلاما، ولم نتعرض فيها للأذى.
في نهاية الحوار... تعطي نصيحة عامة للمسلمين.
أوصيهم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن.
ونصيحة خاصة لطلاب العلم.
أنصحهم بالصبر وعدم استعجال الرياسة، يعني لا يستعجل أن يكون شيئا،
فأوصيهم بالصبر بصفة عامة، وعدم تحديد الوصول إلى مرتبة معينة في عدد
معين من السنين
فضيلة الشيخ... أخيرا كلمة تختم بها الحوار.
أسألكم أن تدعوا لي بالعافية وأن يرفع الله عني البلاء