صراع السلطة والشهوات!
لو نجح هذا الانقلاب فإضافة للانحدارات الأخلاقية والجنسية الحادة.. التي يعاني منها مجتمعنا؛ فإن الانحدارات القادمة ستكون أعنف. فبعد تلاشي كل مكتسبات ثورة 25 يناير، وعودة دولة مبارك كاملة سنكتشف أننا لم نخرج من ثورة 25 إلا بالدماء و"المزيد من الحريات مغلوطة الفهم" التي ستُسهِم في مزيد من الانفلات الأخلاقي والسعار الجنسي...
- التصنيفات: الواقع المعاصر - قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -
أولًا: الفتاة / المرأة
• كم فتاة مصرية متزوجة الآن.. ولا يزال طيف حبيبها القديم يأتي ويذهب؟ وربما فكَّرت في التعرُّف على أخباره -من باب الفضول البريء والحنين للماضي-؟!
وفي حالات متأخِّرة.. تحِنُّ للحظات ومشاعر لم تجدها مع زوجها الحالي؟!
• كم فتاة مصرية أحبَّت 3 مرات على الأقل حبًا حقيقيًا بريئًا خلال الفترة العمرية (من 18 إلى 24 سنة)؛ ثم تزوجت بشابٍ آخر تمامًا بعد أن تمزَّقت بكارتها (العاطفية) وبلاستيك فابريكة قلبها؟!
• والآن.. كم فتاة متزوجة بشابٍ بعد أن أقامت علاقة جسدية غير مكتملة أو مكتملة مع آخر؟!
• كم فتاة مخطوبة الآن تتعذَّب بسبب رغبة خطيبها/حبيبها في التواصل الجسدي معها.. وهي بين نارين: نار الرفض وبالتالي إغضابه من جهة، ونار الوازع الداخلي وبقايا التربية المحافِظة من جهة..؟!
• كم فتاة مصرية الآن تشتكي أن زوجها يشاهد الحرام؟!
• كم فتاة تأثَّرت بنصائح أسامة منير، وكم فتاة تأثَّرت بنصائح شيخ الأزهر (الأزهر الجاف)؟
هِيَ هِيَ.. نفس الحياة الضيقة.. نفس القصص! ونفس الدوَّامة التي لا تنتهي:
- كُنَّا أصحاب لفترة طويلة! يا أسامة وفجأة اكتشفت إني باحبه أوي!
- باحبه بس هو بيعاملني كصديقة مش أكتر!
- باحبه بس هو بيحب صاحبتي!
- بنحب بعض.. بس أوضاعه المادية بتقول إن قُدَّامه سكه طويلة وبيتقدملي ناس كتير وبارفض!
- باحبه بس هو عصبي وبيجرحني يا أسامة!
هِيَ هِيَ.. نفس الـ 20 قصة الرئيسية.. التي يدور الشباب في فلكها منذ حب السرايات النبيل أيام سيد درويش، وحتى عصر نجوم إف إم واستاند آب كوميدي.
ثانيًا: الشاب / الرجل
• كم شاب يَعرِف فتاة تعطيه ما يريد -حبًا أو دعارة- ثم يتزوج بفتاة طيبة.. فلا يجد عندها احتراف الأولى!
• كم شاب الآن لا يثق بعامة البنات ولو سألته: حتتجوز مين من اللي تعرفهم حيقوللك: "ولا واحدة من اللي أعرفهم طبعًا"! أو حيقوللك: "يعني إيه جواز"!
• كم شاب كره حياته بعد صدمة عاطفية عنيفة.. جعلته ينتقم من الحلال الصعب بإتيان الحرام السهل -لا رغبة فيه فقط بل انتقامًا من ذلك الحلال الضائع صعب المنال-.
• كم "خناقة" تحدث يوميًا بسبب التحرُّش والمعاكسات والعلاقات بين الطرفين بل وينتهي بعضها بالقتل؟
• أكثر الشباب الآن مؤمن تمامًا في داخله بكل قناعات التيار الإسلامي [بس خده على جنب في لحظة صدق.. حتلاقيه بيقوللك]: "مافيش حاجة اسمها علاقة بريئة بين ولد وبنت"! "مافيش حاجة اسمها زي اختي"! "مافيش حاجة اسمها صاحبة صاحبي تحرم عليا"! كل دي أوهام وساعة الهياج الجسدي والعاطفي سُجلت سقطات خيالية منها علاقات بين محارم (هذه حقيقة وليشرب الناقدون من المحيط الهندي).
• شبابنا حائر وغارِق في دوامة مشاكل كثيرة كبيرة.. حلُّها جميعًا في العودة إلى الله؛ لملء الفجوة الروحية.. ومن المعينات على ذلك: سن تشريعات قانونية ومجتمعية تحمي الشاب، وتسد في وجهه أبواب الخطيئة، وتُسهِّل عليه العودة لطريق النور.. بدلًا من هذا التلميع الهائل للشهوات.
• شبابنا مسكين لأبعد الحدود! فلا هو يعيش في الغرب حيث يقضي وطره وقت ما شاء؛ ولا هو شباب مسلم حقيقي (منشغل بالدين ومسئولياته وحياته الطاهرة روحيًا).
• شبابنا كالفأر! يجري في صندوق ضيق جدًا ذهابًا وإيابًا، وحياته محدودة جدًا.. وعندما تتبعتها بحكم الدعوة والاحتكاك بالشباب عن قرب وجدتها لا تتجاوز أربعة أشياء:
1- الشاشة: لاب / موبايل (التليفزيون ينقرض)! وبيشوف في الشاشة 4 حاجات تحديدًا: (جيمز، ماتش الكورة، جنس، فيلم/الكليب)!
2- الكيف: من أول عرانيس البانجو، مرورًا بالحشيش والترامادول والـ"كيميكالز" أصناف: (أبو صليبة، أبيض/فانيليا، أبو زمبة، صراصير... إلخ)!
3- الشلة: (النادي، الناصية، مصيف، حفلة، سينيما، الكافيه).. والكافيه ده حسب المستوى من أول قهوة الشارع،، مرورًا بالمني مام تشارج 20 جنيه وأويسيس، ونهاية بفرايدايز، وتشيلز، وسلينترو، وكوستا وجراند)!
4- البنت.. والبنت عند الشاب ثلاثة أقسام: (صديقة، حبيبة، !!!)!
... بس كده.. هو ده ملخَّص حياة الشباب...!
العلاقات الاجتماعية في أضعف حالاتها، والكلية لا يخرج أغلب الوقت فيها عن هذه المسيطرات الأربعة أيضًا:
(البنت، الشلة، الكيف، الشاشة) وملزمة آخر شهر في الترم.
ثالثًا: هل ضاع منك؟
منذ سقوط الخلافة وعصر البرقع..
مرورًا بالشاشة الأبيض وأسود وعصر التشارلستون و"الحب مش عيب"! وبوب مارلي ومودرن توكينج..!
وانتهاءًا بعصر المولات والبنطلون الساقط وأبو الليف والفيزون و"الحب مش حرام"..!
لم ينتبه أكثرنا أننا فقدنا شيئًا كبيرًا.. لقد فقدنا (الداخل).. لقد فقدنا هويتنا.. لقد فقدنا أنفسنا!
• الصعيد لم يعد هو الصعيد الذي نعرفه.. تحكي لي طبيبة أنها في زيارة للصعيد استمرت شهرًا كشفت على 16 حالة حمل حرام!
• كم فتاة أسهم في تشكيل شخصيتها:
1- السينيما.
2- نمط المجتمع الاحتكاكي بين الرجل والمرأة في العمل والدراسة.
حتى صارت عنيدة صلبة صعبة الانقياد، ذات شخصية لا روح فيها ولا طعم لها، المظهر مظهر الأنثى والجوف (لحمة مجمدة) (فريزر) تحَب ولا تُحِب، فقدت جل أنوثتها -خاصة إذا مرت ببعض التجارب العاطفية وربما الجسدية-، فصارت مسخًا كشخصية "سونيا" في "تخاريف" نصفها امرأة ونصفها رجل؟
حتى إذا تزوجت تعِبت وأَتْعَبَت، وغضبت وأَغْضَبَت، وضَربت وضُربت بعد سلسلة مشكلات مع زوجها المستشيط من عنادها وصعوبة انقيادها.. يهب فيها تهب فيه.. يخاصمها ما تعبروش.. يولّع أكتر.. يشتمها تطول لسانها.. قلم خدامين.. تسيبله البيت.. يهددها عالباب لو نزلت حتبقى طالق.. تعند وتنزل.. يجيبها من شعرها.. يرزع دماغها (الناشفة) في الحيط من غيظه.. إلى آخر الفضائح اليومية المترتبة على أن الرجل لم يعد رجلًا وأن المرأة لم تعد امرأة..!
• كل التشريعات حولنا قبل 25 يناير كانت تشجع على الحريات المطلَقة، وعلى ضرورة احتكاك الرجل بالمرأة.. وعندما حكمنا برلمان فيه رجل يُؤذِّن، وحزب يعترِض على الربا؛ كان أمثالي يطيرون فرحًا.. فقد كان المسار الفكري الخُلقي الديني للدولة في طريقه للاستفاقة من تلك الغيبوبة، ولكن أتى الانقلاب بدستور كاتبه يقول:
بنتي تعمل أدوار إغراء زي ما هي عايزة! هي حُرَّة!
دستور أخذ فيه رأي واحدة لا نعلم كم واحد اعتلاها لغاية دلوقتي!
رابعًا: السينيما والفن.
• سؤال مهم: لماذا اتفقت كلمة الوسط الفني على رفض حكومة مرسي؟!
لأنهم خافوا من السياسات المحافظة التي كانت ستنعكس على سوقهم ومصالحهم، ولذلك كانت أكثر أسئلتهم للإسلاميين: "حتعمِل إيه في أفلام الإغراء والخمور والبكيني"؟!
ارتفاع الذوق العام سيؤثر -ولا شك- على إيرادات اوكا واورتيجا وعبده موتة وشعبولا.. وارتفاع الوازع الديني يصرِف الناس أوتوماتيكيا عن مشاهدة صافيناز وغادة عبد الرازق وأفلام السبكي والعدل.. بل سيتأثر الوسط الفني كله ابتداءً من شركات الإنتاج مرورًا بالمونتيرين، والمصورين، والسناريستات، ومهندسين الإضاءة والصوت، وحتى الدوبليرات كل هؤلاء كانت مصالحهم مُعرَّضة لمخاطر البناء الفكري والديني لشبابنا ولأسرنا.
- شيرين اللي هتفت باسم السيسي -والمغاربة مشكورين مشُّوها مَعيَّطة- لمَّا معاني القدوة الصالحة ترسخ في ضمير شبابنا مش حتبقى نجمة ولا حاجة.
- إيناس الدغيدي لما تتسجن وتتحبس انفرادي مكان حسام أبو البخاري.. بسبب إصرارها على نشر الرذيلة بحجة (الصراحة) و(مواجهة مشاكل المجتمع بدلًا من الهروب منها) حتفهم ساعتها أنها كانت بترغب الناس في خطايا المجتمع مش بتحاربها زي ما هي بتحاول تفهمَّنا..!
- وأتوقع إن طارق الدميري -مخرج وكاتب- مش حيظهر تاني، وحيهرب هو وأخته في مكان تقدر تمارس فيه حريتها الجنسية [ده كلامه هو].
- ويسرا حتعرف إن المبشرين بالجنة 10 مش 4.
- وإلهام شاهين حتبوس راس عبد الله بدر ومش بعيد تتقدمله.
- وعادل إمام حيفهم إن عمره ما كان صاحب رسالة زي ما هو فاكر.
- وعلاء الأسواني حيقفل عليه باب عمارة يعقوبيان عشان إخوان فرنسا لو طالوه حيعملوا معاه الجلاشة! (وتفسير الجلاشة هنا ممكن تستنبطه من الحركة اللي عملهالهم وهو بيهرب).
والألطف من كل ده: إن بعضنا بعد كل ده لسه شايف إن مرسي سقط عشان أخطاء سياسية! وإن الحرب ماكانتش على الإسلام!
بناء على ما سبق؛ نقول:
لو نجح هذا الانقلاب فإضافة للانحدارات الأخلاقية والجنسية الحادة.. التي يعاني منها مجتمعنا؛ فإن الانحدارات القادمة ستكون أعنف. فبعد تلاشي كل مكتسبات ثورة 25 يناير، وعودة دولة مبارك كاملة سنكتشف أننا لم نخرج من ثورة 25 إلا بالدماء و"المزيد من الحريات مغلوطة الفهم" التي ستُسهِم في مزيد من الانفلات الأخلاقي والسعار الجنسي.
خامسًا: لسه في أمل.
1- "للسيدات" لقد ظلمتِ نفسكِ وزوجكِ وابنتكِ وابنكِ.. أيتها المرأة المصرية الانقلابية؛ فهذا المجتمع المريض كان بحاجة لحكومة تسنّ قوانين ذات طابع محافظ/متدين.. تساعدكِ في تربية أبنائكِ والحفاظ على زوجكِ، وهذه القوانين والتشريعات لم ولن تُفكِّر فيها أبدًا حكومة الانقلاب الفلولية التي قمتِ باستقدامها.
2- "للفتيات" يوم كانت تحكمنا حكومة ذات (نَفَس) إسلامي.. ارتفعت طموحاتنا لتدخُّل سياسي يحمي الشباب من نفسه ونزواته. حلمنا نحن -أصحاب الرسالات- بسنّ تشريعات تُعيد الأسوار التي هدمها التغريب بين الرجل والمرأة كـ -كفصل الجنسين بالجامعات- لحماية رونق وعذرية بناتنا "عاطفيًا" من تلك الصدمات النفسية التي يتعرَّضن لها إثر تجارب الحب المُبكِّر.
3- "للزوجات" يوم كانت تحكمنا حكومة ذات (نَفَس) إسلامي.. ارتفع سقف طموحنا، فعشنا حلم تقديم التماسات للحكومة بحجب مواقع الرذيلة لحماية مشاعركِ أنتِ أيتها المرأة الانقلابية.. المكتوية بإدمان زوجكِ لمشاهدتها..!
4- "للشباب" حين كانت تحكمنا حكومة ذات (نَفَس) إسلامي.. حلمنا بتغيير ثقافة المجتمع ليتجه نحو تسهيل زواجك أيها الشاب الانقلابي، وكُنَّا نُفكِّر بشنِّ حملاتٍ توعية للآباء بفوائد تسهيل الزواج، وكان المُحرِّك لنا في هذا هو شعورنا الديني بك، وكُنَّا نتصور أن تنحاز الحكومة لك كي نعُفّك.. ولكنك لم تعطنا تلك الفرصة بانقلابك العجوز هذا..!
5- "للمجتمع" يوم كانت تحكمنا حكومة ذات (نَفَس) إسلامي.. كانت التشريعات ستصُبُّ باتجاه مجتمع محافظ، أما هذا الانقلاب فذو هوية ليبرالية مهووسة بالحريات الغير منضبطة (مهما ادَّعت الانضباط).
هل لا زلت تُنكِر أن الدين له علاقة بالسياسة، وأن سياسات الدولة لها انعكاسات على الأسرة والجنس ورسم حدود العلاقة بين الجنسين؟!
هل حقًا لم تقتنع بعد أن:
(الشعوب تتطبع أوتوماتيكيًا بأيدولوجيا التيار الحاكم)
أدعو لثورة ضد هذا الانقلاب وغالبية رموزه يوم 25 يناير..
ثورة تصحيح حقيقية.. لاسترجاع وإعادة ضبط "فطرتنا وهويتنا" التي تم العبث بها عبر سنين "ولا زال"..
ثورة ضد كل من لبَّس علينا ديننا، ثم سَكَّن ضمائرنا بنعرات مخدّرة وإسطوانات مشروخة كـ: "إحنا شعب متدين بطبعه" و"إحنا بلد الأزهر" و"ربنا ذكرنا في القرآن" إلى آخر تلك المسكنات..!
لسه في أمل.. والله لسه في أمل..
ملحوظة:
تحفَّظ بعض المتابعين الكرام.. على عنوان المقال؛ وقد راجعت كلمة "الجنس" فوجدتها مستخدَمة بكثافةٍ شديدة في عالمنا العربي كله.. لأغراض رسمية جادة (طبيًا، دينيًا، أدبيًا، تعليميًا)... فلا داعي للحساسية الزائدة، وأعتذر عن أي شيء قد يُزعِج بعض القرَّاء الكرام، وأُقدِّر تفاوت الثقافات والعادات بين الطبقات المختلفة.
أحمد ساهر