ابتسم (1)
عائض بن عبد الله القرني
الضَّحِكُ المعتدلُ بلْسَمٌ للهمومِ ومرهَمٌ للأحزانِ، وله قوةٌ عجيبةٌ في فرحِ الروحِ، وجَذلِ القلْبِ، حتى قال أبو الدرداء رضي اللهُ عنه: إني لأضحك حتى يكونَ إجماماً لقلبي. وكان أكرمُ الناس صلى الله عليه وسلم يضحكُ أحياناً حتى تبدو نواجذُه، وهذا ضحكُ العقلاءِ البصراءِ بداءِ النفسِ ودوائِها.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
الضَّحِكُ المعتدلُ بلْسَمٌ للهمومِ ومرهَمٌ للأحزانِ، وله قوةٌ عجيبةٌ في فرحِ الروحِ، وجَذلِ القلْبِ، حتى قال أبو الدرداء رضي اللهُ عنه: إني لأضحك حتى يكونَ إجماماً لقلبي. وكان أكرمُ الناس صلى الله عليه وسلم يضحكُ أحياناً حتى تبدو نواجذُه، وهذا ضحكُ العقلاءِ البصراءِ بداءِ النفسِ ودوائِها.
والضحك ذِروةُ الانشراحِ وقِمَّةُ الراحةِ ونهايةُ الانبساطِ. ولكنه ضحكٌ بلا إسرافٍ: « ». ولكنه التوسُّط: « »، {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا}. ومن نعيمِ أهلِ الجنةِ الضحكُ: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}.
وكانتِ العربُ تمدحُ ضحوكَ السِّنِّ، وتجعلُه دليلاً على سعةِ النفسِ وجودةِ الكفِّ، وسخاوةِ الطبعِ، وكرمِ السجايا، ونداوةِ الخاطرِ.
وقالَ زهيرٌ في (هَرِم):
تراهُ إذا ما جئتَهُ متهلِّلاً *** كأنكَ تعطيهِ الذي أنت سائلهُ
والحقيقةُ أنَّ الإسلامَ بُنيَ على الوسطيةِ والاعتدالِ في العقائدِ والعبادات والأخلاقِ والسلوكِ، فلا عبوسٌ مخيفٌ قاتمٌ، ولا قهقهةٌ مستمرةٌ عابثةٌ لكنه جدٌّ وقورٌ، وخفَّةُ روحٍ واثقةٍ.
يقول أبو تمام:
نفسي فداءُ أبي عليِّ إنهُ *** صبحُ المؤمِّلِ كوكبُ المتأمِّلِ
فَكِهٌ يجمُّ الجدّ أحياناً وقدْ *** ينضُو ويهزلُ عيشُ من لم يهزلِ
إن انقباضَ الوجهِ والعبوس علامةٌ على تذمُّرِ النفسِ، وغليانِ الخاطرِ، وتعكُّرِ المزاجِ {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ}.