المصالحة حكمٌ مبرم!
المصالحة حسَّنت صورتنا، وجمَّلت مظهرنا، وأعادتنا من جديد إلى عالمنا العربي والإسلامي بثوبنا القشيب الذي عرفونا به، وبوحدتنا الأصيلة التي نُباهي بها، وبصلابتنا الفريدة التي مكنتنا من الصمود، ومنعتنا الداخلية التي ساعدتنا على تجاوز كل الصعاب والتحديات، اليوم يستطيع أن يرفع الفلسطيني رأسه في الشارع العربي، مُباهياً بالمصالحة وإن تأخَّرت، مُشيداً بالوحدة وإن كان الوصول إليها صعباً، لكننا وصلنا إليها في النهاية، فلا نُفرِّط بها، ولا نتخلَّى عنها، ولا نتنازل عن فرحتنا..
المصالحة الفلسطينية حكمٌ مبرمٌ نهائي، ويجب ألا يكون قابلًا للاستئناف أو النقض أو الطعن، ولا مكان فيه للتراجع أو الانكفاء، أو التعطيل والإبطاء، فقد صدر عن إرادة الأمة ورغبة الشعب، استجابةً للأماني والطموحات، بعد طول صبرٍ ومعاناة، لذا فإنه من غير المسموح أبداً على من تُسمَّى بالقيادة الفلسطينية التي خلقت الانقسام وجذرته، وأسَّست له وعمقته، واستفادت منه ووظفته، أن تتراجع إلى الوراء، أو أن تتنكر لما تم الاتفاق عليه، أو تُعيد الشعب من جديد إلى مربعاته الأولى، التي كان يعاني فيها من ويلات الانقسام والاختلاف والتنابذ والقطيعة.
الاتفاق ضرورة الانطلاق، والمصالحة ضرورة الوحدة، والوحدة شرط الانتصار والتحرير، وبدونها لا نحقق شيئًا من أهدافنا، ولا نصل إلى غاياتنا، بل نزيد في عمر مأساتنا، ونعمق حجم معاناتنا، فمن كانت عينه على الوطن وقلبه على الشعب، وروحه معلَّقة بالقضية، فإن عليه أن يمضي الاتفاق، وأن يُذلِّل الصعاب والعقبات، وأن يُزيل من الطريق كل الأوهام والشكوك، وألا يبقي مكاناً لمُتربِّص، ولا فرصة لعابث، ولا مدخلاً لمتضرِّرٍ من المصالحة ومستفيدٍ من الخصومة والانقسام.
المصالحة حسَّنت صورتنا، وجمَّلت مظهرنا، وأعادتنا من جديد إلى عالمنا العربي والإسلامي بثوبنا القشيب الذي عرفونا به، وبوحدتنا الأصيلة التي نُباهي بها، وبصلابتنا الفريدة التي مكنتنا من الصمود، ومنعتنا الداخلية التي ساعدتنا على تجاوز كل الصعاب والتحديات، اليوم يستطيع أن يرفع الفلسطيني رأسه في الشارع العربي، مُباهياً بالمصالحة وإن تأخَّرت، مُشيداً بالوحدة وإن كان الوصول إليها صعباً، لكننا وصلنا إليها في النهاية، فلا نُفرِّط بها، ولا نتخلَّى عنها، ولا نتنازل عن فرحتنا..
ولا نغدر بشعبنا الذي فرح، ولا نخذله وهو الذي سُعِدَ واستبشر.
المصالحة تُخزي العدو وتحُزِنه، وتُؤلِمه وتُبكيه، وتُقلِقه وتُربِكه، وتُخيفه وتُزعِجه، وهو الذي راهن على الانقسام، وعمل على أساسه، وكان يطمع في بقائه واستمراره، فلا تُشمِّتوه بِنَا من جديد! ولا تُعطوه الفرصة لأن يفرح، وهو الذي ظن أننا لن نتلاقى، ولن تجتمع كلمتنا، ولن يتوحَّد صفنا في مواجهته.
لا تنشغلوا أيها الفلسطينيون في المناصب والوزارات، وفي التعينات والترقيات، فهي لا تنفع شعبنا، ولا تُغيِّر من واقعه وحاله، ولا تقيه من مصيره، ولا تُنقِذه من مآزقه، ولا تُشبِعه من جوعٍ، ولا تُطلق سراحه بعد طول حصار، ولا تحل مشاكله التي تراكمت، وما التنافس الذي بينكم إلا صراعاً على فراغ، وسِباقاً على لا شيء، فلا سلطة حقيقية إلا لمن كان له بين شعبه قاعدة، وعمل بينهم ولهم، وأخلص العمل من أجلهم.
نحن أيها السادة بحاجةٍ إلى المصالحة، إنها ليست ترفاً، ولا حاجة كمالية، وهي ليست تكتيكاً ولا مرحلة عابرة، ولا هي لتجاوز أزمة حياتية، ولا لزيادة أرصدة سياسية، ولا لامتلاك أوراقٍ تفاوضية، وهي ليست للاستقواء على بعض، ولا وسيلة لخداع أنفسنا، إنها حاجة دائمة، وضرورة مستمرة، وواجب وطني، وقيمة أخلاقية، فلا تفريط فيها، ولا تنازل عنها، ولا احترام لمن يخترقها، ولا تقدير لمن يعرقلها، ولا سمع ولا طاعة لمن يسعى لإفشالها.
- التصنيف: