قل موتـوا بغيـظكم.. فالإسـلام إلى القمـّـة

منذ 2008-02-24

غيـر أنّنا على يقيـن، بأنّ الإسلام رغـم كلّ هذه المحن، سيمضـي شاقّـا طريقـه إلى القمَّـة، حتى يبلغ أن يصنـع هـو بجلالـة تعاليمه، وسـموّ قيمه، نهاية التاريخ بقيادته للعالم، بإذن الله تعالى.


لم تكن الحملة الحاقـدة التي شنتها غالب الصحافة في بريطانيا على الإسلام، وشريعته السمحاء، بعد المحاضرة المنصفـة التي ألقاها الأسقف "روان وليامز" رئيس الكنيسة البروتستانتية البريطانية، وأثنى فيها على أحكام الشريعة، ودعا إلى الاستفادة منها.

ولا عودة أكثر من ستين مطبوعة دنماركية، منها الصحف الدنماركية الرئيسة، إلى نشـر الصور المسيئة لنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام، ثم دسّها تحت أبواب منازل المسلمين في الدنمارك.

ولا تصاعد صوت النائب الهولندي المتطرف "غيرت ويلدرز"، وازدياد وقاحته، حتى دعا إلى تجريد المسلمين في هولندا من جنسياتهم، وطردهم، وأنتج فيلما ليعرض على أربع محطات تلفزيونية، يشوه صورة الإسلام ويحرض ضده.

ولا ذلك المؤتـمر الذي عقده قياديون يمثلون 15 حزبا متطرفـا أوروبيا في مدينة "أنتويرب" البلجيكية، ثم إصدارهم ميثاقـا يحذر من أسلمة أوروبا، ويحرض ضـد بناء المساجد، بعد أن وصفها بأنّها 600 مسجـد في أوروبا هي أوكار التطرف.

ولا تصريحات البابا "بنديكت" الحاقدة عن الإسلام، والتي أثارت ردود فعل واسعة، ووصفها وزير سويسري بقوله (تصريحات مفيدة، وذكية، وضرورية)!

ولا ما قالته المرشحة النمساوية "سوزانا فيتنر" عن حزب الحرية عن المسلمين بأنّهم (مغتصبو أطفال)، محذرة من تحولهم إلى نصف عدد سكان النمسا خلال العشرين، أو الثلاثين عام االمقبلة, ثـم وصفها الهجرة الإسلامية بأنّها (أصبحت موجات تسونامي جديدة تهدد بابتلاع مدن الغرب المسيحي).

ولا تردّد الإهانات العنصرية ضد المسلمين على نطاق واسع في أنحاء أوروبا، وتطوّرها من لفظ: (المهاجر القذر)، إلى (العربي القذر)، إلى عبارة (المسلم القذر).

ولا تلك الدراسة البحثية الصادرة في الولايات المتحدة، التي توصلت إلى أنّه وجد من خلال 350 عنواناً من الروايات الشعبية، انتشرت منذ سنة 1970 لغاية 1997، أنّه تم تصوير الإسلام والمسلمين بصورة سيئـة، وتبرزهم بوصفهم إرهابيين، ومتوحشين، وشهوانيين، وفاسدين .. إلخ

.. وتقول هذه الدراسة إنّ هذه الكتب تغطي 80% من مجموع الكتب ذات الطبعات الرخيصة، والبيع السريع، وتباع هذه الكتب في غير المكتبات مثل المطارات، ومحطات القطار، والصيدليات، والمتاجر العادية، وباعت الصحف المنتشرين في المدينة، وحتى في محطات بيع الوقود، لتصل إلى الجمهور الواسع فتأثر فيه.

ولا قبل هذا كله: تطاول القس الأمريكي الحاقد "جيمي سوجارت" على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومطالبته بطرد جميع طلاب الجامعات المسلمين الأجانب في الولايات المتحدة، وبالتمييز ضد المسافرين المسلمين في المطارات، وبتعقبهم، ووصفهم تهكما بأنّهم (يرتدون حفاظات أطفال على رؤوسهم )!

ولا ماقاله القس "بات روبنسون" المريض من الإسلام نفسيا، لإحدى المحطات التلفزيونية، واصفا المسلمين بأنّهم أسوء من النازيين، وشتمه القبيح في مقام سيد المرسلين، على قناة فوكس الأمريكية.

ولا ما تّفوه بـه صديق الرئيس "بوش" القس الحقود "جيري فولويل"، وكذا القس "فرانكلين غراهام" وهو المقرب من الرئيس "بوش"، وكذا ما افتراه "جون آشكروفت" وزير العدل الأمريكي على دين الإسلام.

ولا ما قام به سابقا ـ على سبيل المثال ـ معهد الفنون الحديثة في بريطانيا، وهـو مؤسسة غير ربحية مسجلة في بريطانيا، تحصل على مساعدة مالية من مجلس الفنون البريطاني ومعهد الفيلم البريطاني ومؤسسة "راين"، ومن أهدافه توفيـر المكان للتعبير عن وجهات النظر المتعددة
ما قام به من استضافة عدد من الكتاب، والأدباء العرب لإلقاء محاضرات أو المشاركة في ندوات.

أمّا الذين استضافهم هذا المعهد فمنهم: "محمد شكري" صاحب كتاب (الخبز الحافي)، الرواية الممنوعة في معظم البلاد العربية وتسخر من الإسلام، "عبد الرحمن منيف" صاحب رواية (مدن الملح) التي هي مثل رواية الخبز الحافي، كما يبدي هذا المعهد اهتماما خاصا بكل المعادين للإسلام، فيجري لقاءات مع "نوال السعداوي"، و"حنان الشيح"، و"عائشة جبار" وغيرهم.

ولا إستضافة الغرب عموما، لكل من أعلن ردته شاتما الإسلام، من أمثال "سلمان الرشدي" الذي قال في شأنه ذلك الوزير البريطاني الذي ينتمي لحزب المحافظين: "يجب إعادة فتح بريطانيا للإنجليز، ويجب طرد المسلمين إلى ديارهم إذا كانوا لا يستطيعون أن يعيشوا في بلد يسمح فيه لسلمان رشدي بحرية التعبير عن آرائه"!.

لم يكن ذلك كلّه ـ رغم احترامنـا للمفكرين المنصفين الغربيين وإعترافنا بجهودهم المشكورة في الدفاع عن حضارتنا والدعوة إلى إحترامها ـ قد جاء إعتباطيّـا، ولا هـو ضـرب من العبث.

إنَّ السبب تماما كما اختصره "كاردينال بول بوبارد" أحـد المقرّبيــن من البابا السابق: "إنّ الإسلام يشكل تحديًا مرعبًا بالنسبة للغرب، ومشكلاً خطيرًا بالنسبة للأمل المسيحي".

وهو يعكـس صعود الإسلام بقوة في العالـم، وقدرته الحيوية على الحفاظ على هويته، وسرعة إنتشاره رغم شدة الظروف المحيطة بــه:

إنّه كما قال "إدوارد دجيرجيان" السفير الأمريكي السابق في الكيان الصهيوني، ومساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط أيضا، في مقالة في صحيفة الكريستشان ساينس مونيتور، في17 /3/ 1995م:
"إن نداء (الله أكبر) التي يطلقها المقاتلون المسلمون ذ، يمكن سماعها عبر هلال الأزمات منطلقة من البوسنة، وخلال الشرق الأوسط، حتى أواسط آسيا، وجنوب شرق آسيا، إنّ الإسلام يلعب دوراً حاسمًا في المشكلات المختلفة، كما في البوسنة، وفي الشيشان، وفي ناقرنو-كراباح، والجزائر، وغزة، والضفة الغربية، وكشمير، والمسلمون في هذه المنطقة كلَّها، يؤكدون هويتهم، مقابل النظم غير الإسلامية أو الشرائح أو الأنظمة القائمة على العلمانية…".

إنَّ دهشة الغرب المتقوقع على ذاته، المتغطرس بنفسه، المزهّـو بأنّه يملك وحـده حق السيطرة على كلّ شيء، إذ كان متقدما في التكنولوجيا، مما جعله يرى نفسه مرجعية نهائية، ومعيارا يحكم علــى جميع الحضارات، والظواهـــــر، ويحولها إلى (مستعملات) له، من حقِّه أن يوظفها لأطماعه، لأنّه الأقوى، والأجدر بالبقاء أقوى في نهاية للتاريخ تحافظ على بقاءه الأقــوى!

إنّ دهشـته من كسر الإسلام لهذه الغطرسـة، هو الذي أحـدث في ضميره ردَّة الفعـل العنيـفه التي يظهرها في صورة العنصرية المقيـتة ضد المسلمين، والعداء للحرية، ولحقوق الإنسان اللذين طالمـا تبجّح بأنّه المدافع عنهما.

غيـر أنّنا على يقيـن، بأنّ الإسلام رغـم كلّ هذه المحن، سيمضـي شاقّـا طريقـه إلى القمَّـة، حتى يبلغ أن يصنـع هـو بجلالـة تعاليمه، وسـموّ قيمه، نهاية التاريخ بقيادته للعالم، بإذن الله تعالى.

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "كما قال تعالى: {وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} [سورة آل عمران: من الآية 119] وذلك أشد الغيظ والحنق، وقال الله تعالى: {قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [سورة آل عمران: من الآية 119] أي: مهما كنتم تحسدون عليه المؤمنين، ويغيظكم ذلك منهم، فاعلموا أنّ الله متم نعمته على عباده المؤمنين، ومكمل دينه، ومعل كلمته، ومظهر دينه، فموتوا أنتم بغيظكــم {إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أي: هو عليم بما تنطوي عليه ضمائركم، وتكنّه سرائركم من البغضاء، والحسد، والغلّ للمؤمنين، وهو مجازيكم عليه في الدنيا، بأن يريكم خلاف ما تؤملون".


المصدر: موقع حامد العلي

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية

  • 12
  • 0
  • 23,029
  • السويسي

      منذ
    [[أعجبني:]] اللهم صلي علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ..أولا نشكرك علي هذه المقاله الشامله موضوع الساعه ...وأقول اننا تشرذمنا ..وهانت نفوسنا علي حكامنا ..لأننا هان علينا ديننا وهذا بيت القصيد وايات الله تتحقق فينا هي وسنه رسوله بسبب التشرذم والبعد عن منهج الله جل وعلي وعلاج النسيج الممزق هو تجميعه وتوصيله بعضه ببعض كذلك الامه الاسلاميه يجب أن تجمع وتتجمع علي كلمه واحده ومنهاج واحد وسنه واحده والعلاج كامن في قول الملك..بسم الله الرحمن الرحيم (ففروا الي الله ) والله المستعان
  • م/محمد

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبني ان عدائهم واضح لنا أعجبني انهم" ورغم كل ما تمر به الامه" خائفون [[لم يعجبني:]] بجاحتهم وتهكمهم علي الاسلام
  • محمد

      منذ
    [[أعجبني:]] السلام عليكم ورحمة الله،وبعد يجب تذكير الامة الاسلامية بانهااول من اساء الى الرسول صلى الله عليه وسلم،من خلال سلوكاتها التي لاتمت بصلةالى الرسول صلى الله عليه وسلم،وبدلا من التعامل مع الحدث بحكمة نتعاعمل بغوغائية لا تخدم الاسلام ولا القضية،بل اصبحنانقوم بصناعة مشاهيرمن العدم للعالم لايعرفهم احد من قبل،ولم نأخذ الدرس من قضية سلمان رشدي في جعله رجل مشهور عالمياعن طريق التصرفات الغوغائية،لتأكيدصورة المسلم لدى الغرب بالتطرف لأن الغرب لاينظر الى الكتب والمعتقدات ولكن الىسلوك من يؤمن بها على ارض الواقع،الم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام المؤمن كييس فطن؟ اين هي هذه الفطانة والكياسة في واقعنا وسلوكنا اليومي؟ وهل المسلمين المتواجدين بالدانمارك سلوكهم وممارساتهم تتماشى وديننا الحنيف؟أم انهم جماعات متناحرة ومشتتة؟وماذاقدمت الامة الاسلامية في مجال التعريف بدينهاالى الامم الاخرى بلغاتهم؟ام ان سلوكاتنا مرتبطة بردود افعال انفعالية وعاطفية تزول بالتدريج ونعود الى ما كنا عليه سابقا؟ان مناصرة سيد الخلق تتمثل في التزام كل من يدعي انه ينتسب اليه كل في مكانه ومهما كان مستواه بصفة اوسلوك من سلوك الصطفى وان يكون ذلك عن طريق الممارسة السلوكية،وليس مايجب ان يكون،لان الفرد الغربي اذا اقنع بفكرة اومبدا ولوكان خاطئا يلتزم بهمن الناحية السلوكية كممارسة ويضحي من اجلة الى ان يثبت الواقع عكس ذلك. والسؤال المطروح هو ماهو حكم صاحب الصور المسيئة من الناحية الفقهية؟دون تعصب لتيار فكري او مذهبي واتمنى من القائمين على هذا الموقع نشر تعليقي هذا والتحلي بروح الاختلاف في وجهات النظر حول قضية واحدة والسلام
  • الشافعى احمد

      منذ
    [[أعجبني:]] فضيله الامام امام بيت الله الحرام انا الان وفى هذه الايام استكمل اجراءات السفر للعمره وسيكون ميعاد0 السفر ان شاء الله يوم 30 4 2008 كما اخبرتك قبل ذالك
  • محمد العناني

      منذ
    [[أعجبني:]] لم تحضرني الآن سوي كلمه واحده فمحمد باق ما بقيت دنبا الرحمن
  • زهير فرعونية

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله شيخ المجاهدين وامام المرسلين .. فى البداية أود أن أشكر الأستاذ حامد بن عبد الله العلي , على اسلوب الطرح السلس والذكى أيضآ , فقد لخص لنا بعض من صور الهجمات الشرسة والمرتبة سابقآ , وربما أقول أن علينا أن نستمر بنهج الدعوة ولانتوقف عن هذه المسيرة المباركة , فالقوم فى ذهول وقلق وخوف عظيم من الأفواج التى بدأت تدخل فى دين الله , ونحن جميعآ نعلم أن ما لدينا من وسائل دعوة للأسلام ونشر دين الله قليل ولا يكاد يذكر مع حركات التبشير والتى ينفق عليها البلايين ولكن يأبى الله الا أن تنتشر كلمة الحق وتزهق كلمة الباطل , فعلينا أن نستمر بدعوة الغير مسلمين الى كتاب الله وهدى رسول الله , فهذا هو أصل الموضوع نشر الدعوة وليس التوقف بسبب هذه الهجمات . وأعود الى قول الله تعالى : {قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [سورة آل عمران: من الآية 119] . وقول الله تعالى : ( إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون [ الأنفال 36 ] )
  • ابو هاجر

      منذ
    [[أعجبني:]] لا بد ان نفخر بما اعطانا الله من عزة كريمه من عندة بان اسلمنا وهذا فضل عظيم ان هذا الذي نشاهد من انتصار للاسلام لهو اكبر دليل واكبر آيه للكفار بأن لا اله الا الله و ان محمد رسول الله حتى ولو ماتوا بغيضهم [[لم يعجبني:]] هذا الكره العظيم الذي يكاد ان يشق صدورهم بسبب انتشار الحق الذي يحاولون ان يحاربونه لكن دون جدو الحمد الله على كل شئ
  • أم الوليد

      منذ
    [[أعجبني:]] بصراحة هذا المقال و أمثاله يبث العزة و الأمل في نفوسنا بعد أن كاد ذلك النعاق القادم من حناجر حاقدة على هذا الدين العظيم أن تنسينا عزة الإسلام..فاللهم أعز الإسلام و انصر المسلمين و ارفع رايتهم و شيد دولتهم و اهدهم سبل السلام..فحقاً نلحظ عودة رائعة للدين لم تكن معهودة في السابق..فالحمد لله و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين.. و دع الحاقدين على الإسلام أن (يموتوا بغيظهم)
  • Hatem Refaat

      منذ
    [[أعجبني:]] بارك الله فيك وسدد الله كلمتك وقلمك وهدي الله كل من يتهمونك ويرمونك باقذع التهم جعل الله مثواكم الجنه مع النبيين والصدقيين والشهداء

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً