الفِطْنَة في الكتاب والسُّنَّة

منذ 2014-05-01

أولًا: في القرآن الكريم


- قال الله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ . فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ . وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ . وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} [الأنبياء:78-81].

- عن ابن مسعود في قوله: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} قال: كَرْمٌ قد أنبتت عَنَاقيده، فأفسدته. قال: فقضى داود بالغنم لصاحب الكَرْم، فقال سليمان: غير هذا يا نبي الله! قال: وما ذاك؟ قال: تَدْفَع الكَرْم إلى صاحب الغنم، فيقوم عليه حتى يعود كما كان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكَرْم، فيصيب منها، حتى إذا كان الكَرْم كما كان، دفعت الكَرْم إلى صاحبه، ودفعت الغنم إلى صاحبها، فذلك قوله: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} (تفسير ابن كثير: [5/255]).

- قَرَأَ الحسن: "{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} فحَمَد سليمان، ولم يَلُم داود، ولولا ما ذكر الله من أمر هذين، لرأيت أنَّ القضاة هلكوا، فإنَّه أثنى على هذا بعلمه، وعذر هذا باجتهاده" (البخاري: [9/67]).

- وقال ابن الجوزي: "كان لسليمان من الفِطْنَة ما بان بها الصَّواب في حُكْمه دون حُكْم أبيه في قصَّة الحرث وغيره، قال الله عزَّ وجلَّ: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}" (التبصرة لابن الجوزي: [1/296]).

 

ثانيًا: في السنة النبوية:


- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس، وقال: «إنَّ الله خيَّر عبدًا بين الدُّنْيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله». قال: فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خُيِّر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخَيَّر، وكان أبو بكر أعلمنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أمنَّ النَّاس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا -غير ربِّي- لاتَّخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودَّته. لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ، إلا باب أبي بكر». (رواه البخاري [466]، ومسلم [2382]، واللفظ للبخاري) .
قال ابن الجوزي: "هذا الحديث قد دلَّ على فِطْنَة أبي بكر، إذْ عَلِم أنَّ المخَيَّر هو رسول الله صلى الله عليه وسلم". (كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي: [3/146]).

- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ من الشَّجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنَّها مَثَل المسلم، فحدِّثوني ما هي؟» فوقع النَّاس في شجر البوادي، قال عبد الله: ووقع في نفسي أنَّها النَّخلة، فاستحييت. ثم قالوا: حدِّثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: فقال: «هي النَّخلة». قال: فذكرت ذلك لعمر. قال: لأن تكون قلت: هي النَّخلة، أحبُّ إليَّ من كذا وكذا. (رواه البخاري: [61]، ومسلم: [2811] واللفظ له).
- عن أمِّ سلمة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّكم تختصمون إليَّ، ولعلَّ بعضكم أَلْحَن بحجَّته من بعض، فمن قضيت له بحقِّ أخيه شيئًا، بقوله: فإنَّما أقطع له قطعة من النَّار فلا يأخذها». (البخاري: [2680]، ومسلم: [1713]).

 قال ابن القيِّم: "اللَّحن ضربان: صواب وخطأ. فلحن الصَّواب نوعان، أحدهما: الفِطْنَة. ومنه الحديث: «ولعلَّ بعضكم أن يكون أَلْحَن بحجَّته من بعض»" (مدارج السالكين لابن القيم: [2/452-453]).

وقال المناوي: "أَلْحَن -بفتح الحاء-: الفَطَانَة، أي: أَبْلغ وأَفْصح وأعلم في تقرير مقصوده، وأَفْطن ببيان دليله، وأقدر على الـبَرْهنة على دفع دعوى خصمه، بحيث يُظنُّ أنَّ الحقَّ معه، فهو كاذب، ويُحْتمل كونه من اللَّحن، وهو الصَّرْف عن الصَّواب، أي: يكون أَعْجز عن الإِعْرَاب بحجَّته من بعض" (فيض القدير: [2/564]).

  • 2
  • 1
  • 17,584

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً