{عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}

منذ 2014-05-02

جاء خلقُ الإنسان بعد تعليمه القرآن دلالةً على أن أصل الفطرة والدين موجود في روع الإنسان حتى من قبل خلقه كاملًا! وكأن الإنسان مبني على الفطرة، فإن انهدمت الفطرة هلك الإنسان هلاكًا حقيقيًا ولو ظهر جسدُه يروح ويغدو!

{الرَّحْمَـٰنُ . عَلَّمَ الْقُرْآنَ . خَلَقَ الْإِنسَانَ . عَلَّمَهُ الْبَيَانَ . الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ . وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ . وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ . وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن:1-9].

وجاء خلقُ الإنسان بعد تعليمه القرآن دلالةً على أن أصل الفطرة والدين موجود في روع الإنسان حتى من قبل خلقه كاملًا! وكأن الإنسان مبني على الفطرة، فإن انهدمت الفطرة هلك الإنسان هلاكًا حقيقيًا ولو ظهر جسدُه يروح ويغدو! وهذا ما قرَّره سبحانه عندما عرف ما يُحيِيَ الإنسان بحق بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال:24].

ثم جاء أمر ضمني للإنسان العالِم بحقائق الدين والكون {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} أن يكون طائعًا لله بإرادته كما أطاع باقي الكون بجبلتِه! {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ . وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ . وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ}..

وكأن الله تعالى يقول لأولي العِلمِ والنُهَى: "تناسقوا مع الكون ولا تنشزوا عنه بمعصيتكم.. فالكون كله طائع جميل، أَستكونون أنتم من يُفسدون جمالَه؟!".

وهذا نراه جليًّا في قولِه تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18].

ثم جاء توجيه ضمني للإنسان بأن يتَّبع الكونَ العابد ويُحاكيه ليس فقط في الشعائر والنُسُك.. وإنما أيضًا في المعاملات {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ . وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}! فالكون متزنًا اتزانًا دقيقًا مُحكمًا بالميزان المغروس غرسًا في كل معادلة من قوانينه، فما من مؤثرٍ كوني إلا ويكبح جماحَه مؤثر آخر فلا يطغى أي منهم في الميزان!

إنه العدل يتجلى في كون الله! فلماذا أنت أيها الإنسان! تغشُّ ِّفي ميزانِكَ الحقَ بالباطل وتقلبِ الباطل حقًا والحق باطلًا؟! لماذا لا تتَّبع صديقك الكون العابد؟! لماذا تلجأ إلى صديقة السوء! تلك النفس الأمارة بالسوء فتطيعها ناشِزًا عن جمال لوحة الكون البديعة؟!

والله أعلم.

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 1
  • 0
  • 3,856

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً