الرقص فوق القبور
منذ 2008-03-01
ماذا تفعل إن أردت أن تهرب من واقع مليء بالدموية والجرائم الوحشية؟
ماذا تفعل إن أردت أن تهرب من واقع مليء بالدموية والجرائم الوحشية؟
ستدبر الرحيل إلى مكان أخر أسلم نسبيًا، فماذا إن استحال رحيلك وأخفق تدبيرك؟
ستفكر و تفكر وتبحث وتدبر وبينما عيناك حائرتان تبحث عن مكان تفر إليه من كل هذة الأحزان، إذ تقع عيناك فى عيني طفل فلن تجد إلا العذوبة والبراءة والحب وإن ذهبت فى عينيه يكونا نافذتك على عالم أخر مليء بالإنسانية، وإن ذبت فى روحه فسيكون هذا تذكرتك للإقلاع بطائرة طفولية خيالية إلى الجنة وهذا لأن الأطفال هم زينة الأرض وأمل الإنسانية فى مستقبل أكثر طهارة وصدق.
ولكن ماذا إن وقعت عيناك فى عيني ذاك الطفل ولكنك لم تجد تلك الابتسامة ولا ذاك الحب؟
ماذا لو وجدت دموع مليئة بالحسرة والألم والرغبة فى الانتقام عند إذن لا تسأل أين تذهب أنت لترتاح ولكن إسأل أي جند من جنود الظلم والطغيان هو من أسر البراءة وبدد الأمل فعندما يقرر جندي من جنود الظلم اغتيال طفل فهو يغتال براءة الأمة بيد ويذبح أم بيد أخرى.
وبين مشاعر أم لا تصفها الكلمات ووضع أمة تراكمت عليها المحنات، نجد بين طيات الصفحات صفحات كتبها التاريخ بيده عن كل ما ضاع فى أمتنا من براءة عن كل المفقودات.
صفحة بعنوان (استشهاد العرائس) فيها صورة لطفلة هى البراءة هى أجمل الأطفال كانت تمرح مع أغصان الزيتون، وتراقص أشجار الياسمين، تبهج النجوم بخطواتها وتضحك القمر بضحكاتها، كانت طفلة تختصر كل الأطفال ولكن كثيرًا ما خبأت لها الأقدار من يوم أن قٌتل أباها أمام عينيها البريئتين في وضح النهار على مرأى النخيل والأشجار.
وبعدها بأيام وتحت سماء يتخللها الدخان بدلًا من الغمام وفي مدينة مضاءة بالنيران ومع اختلاط صوت المدافع بصوت الأذانٍ، ازدادت عليها الأحزان باستشهاد خمس أصحاب لها فى نفس الآن، بعد أن سفك دمائهم الطاهرة جنود الطغيان، واستشهدت معهم عرائسهم ذوات الضفائر والألوان، حزنت الطفلة حزنًا لم يحزنه الكبار على أمة كانت ثم باتت غثاء وأصبحت مدائنها أحجار فقررت ألا تفعل مثل الكبار فلن تلقي خطبًا ولن تكتب أشعار، لقد قررت دعم القضية بأنبل خطة عرفتها البشرية لقد دفنت مع كل شهيد عرائسه الخيالية، لعلها كانت تخاف على الألعاب من جنود الظلم والاضطهاد، أو كانت تقدر مشاعر العرائس بعد فقدان الأحباب. فهي الأدرى بمعنى الفقدان والعذاب.
وفي يوم ألقت جندي بحجارة لتخفف عن روحها المرارة، فنظر لها الجندي ببشاعة فعلمت أنها ميتة لا محالة ولم يكن أحد يعلم بخطتها سواها (خطة الحفاظ على بقايا البراءة) فاحتضنت عرائسها وقالت: "هي النهاية. سأواريك عن أعين الغدر والخيانة. لا تحزني أيتها العرائس فالفردوس منتهانا".
واستشهدت البراءة ودٌفنت بجوار عرائسها وعرائس الضحايا، حزنت أغصان الزيتون وذبلت أشجار الياسمين وتداعت النجوم وبكى القمر لفقدان طفلة كانت تدفن العرائس خوفًا على مصيرها فلم يكترث العالم لفقدانها بل بات العلم يرقص فوق قبرها ولن يتوقف التاريخ عن كتابة قصة هذة الأمة.
فصفحات عن مجدها وصفحات عن انحدارها وصفحات سجل بها التاريخ سخريته من أمتنا التائهة.
ولكن مازالت هناك صفحات بيضاء فلنكن نحن من يملي على التاريخ قصتنا الجديدة.
(حاملين مشاعل التوحيد متوكلين على الحميد المجيد)
فاطمة محمد حسين
خاص بموقع طريق الإسلام
المصدر: طريق الإسلام
- التصنيف:
حسناء
منذفرحات من مصر
منذولي الله
منذام عبد الرحمن
منذ