البديل الإسلامي بين الانضباط والتسيب - 3/3 الانتباه من البدائل الإسلامية غير المنضبطة
وهنا تنبيه وهو في الحقيقة أمر وقع فيه بعض الإخوة الدُّعاة - هداهم الله ـ في قضيَّة البديل، فالمراقب لبعض البدائل التي أتيح نشرها داخل الأوساط الإسلامية يجد أنَّها قد تجاوزت ـ وللأسف ـ الحدود الشرعية، وصار فيها من التنازلات عن الشريعة الشيء الذي ينذر بوقوع حالة مكارثية ممن لهم توجهات إسلامية...
وهنا تنبيه وهو في الحقيقة أمر وقع فيه بعض الإخوة الدُّعاة - هداهم الله ـ في قضيَّة البديل، فالمراقب لبعض البدائل التي أتيح نشرها داخل الأوساط الإسلامية يجد أنَّها قد تجاوزت ـ وللأسف ـ الحدود الشرعية، وصار فيها من التنازلات عن الشريعة الشيء الذي ينذر بوقوع حالة مكارثية ممن لهم توجهات إسلامية،
فأكثرهم لم يدرسوا هذا الدين على حقيقته، وإن كانوا من (محبي الإسلام) ولا شك، لكنهم يتصرفون بعض التصرفات المخلة بهذا الدين؛ لأنَّ كثيراً منهم ينتج إنتاجه الإعلامي أو الاقتصادي أو التربوي ولا يستشير إلاَّ أمثاله من قليلي العلم، وضحلي المعرفة في الجذور الإسلامية، أضف على ذلك قلَّة استشارتهم لأهل العلم وفقهاء الشريعة الربانيين، في عرض مثل هذه المنتجات، وأخذ آرائهم تجاهها، ومن ذلك:
1ـ ما يسمى بفيديو كليب فقد شاهد البعض من طلبة العلم مثل هذه البرامج، وما يعرض فيها من الأناشيد وما يصاحبها من تكسر وتميع، وحركات لا تمت إلى الرجولة بِصِلة، بل فيها من مشابهة بعض الفسقة من المغنين في حركات الرجل وضرباتها الخفيفة على الأرض، أو حركات اليد والتي تدغدغ مشاعر الرجال فضلاً عن الفتيات (المراهقات) ثمَّ يسمَّى هذا العمل إنتاجاً (إعلامياً إسلامياً).
فهل هذا من البديل الذي اشتُرِطَ أن يكون منضبطاً بميزان الشريعة، ومأموناً لجميع شرائح المجتمع؟!
2ـ ما صار يصاحب بعض أشرطة الأناشيد الإسلامية من ضرب بالدف ويرافقه أصوات الصلاصل والمزاهر والخلاخيل، دع عنك أن يرافق بعضها الضرب بالطبل، والجهاز المسمى بجهاز(السامبر)، وأجهزة الكمبيوتر، والتي سجِّل في بعضها بعض النغمات من الكمنجة، والبيانو، كلُّ ذلك بحجة أنَّ هذا من البديل [الإسلامي]، وأنَّه إذا لم نضع مثل هذه الملحقات مع الأناشيد فإنَّ السامعين للأناشيد الإسلامية سيكون تعدادهم قليلاً!! وأنَّ أفضل وسيلة لجذبهم هي هذه الطريقة ولأجل الارتقاء بالفنِّ الإسلامي البديع!!
والإجابة عن هذه الحجَّة الباطلة قد يطول ولكنَّنا نقول: إنَّ من أراد أن يقدِّم للناس بديلاً مشروعاً فعليه بأن يتقي الله سبحانه وتعالى ويرضيه قبل إرضاء إيِّ طرف من الناس، وليتذكر المرء حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم « » (أخرجه ابن حبَّان بسند جيد ـ انظر:السلسلة الصحيحة: [2311]).
والحقيقة أنَّ هؤلاء القوم المنتسبون للدعوة ويصاحبون في أعمالهم ما حرَّم الله بحجة اجتماع الناس عليهم وللمصلحة العقلية الموهومة فإنَّهم وكما قيل في المثل: يريد أن يطبَّ زكاماً فيحدث جذاماً، فلا هم للبديل نصروا، ولا للمعصية كسروا ـ نسأل الله لنا ولهم الهداية ـ.
3ـ لا شكَّ أنَّ العالم الإسلامي اليوم، يحتاج لمصارف إسلامية، وبنوك تتعامل مع الطبقات البشرية بالشريعة الإسلامية، ونحن نحمد الله تعالى أن صار لهذه البنوك وجوداً ولو كان بطيئاً في شوارع بعض الدول الإسلامية والتي تلبي رغبات التجَّار، وتعين المساكين وتقدِّم لهم البذل والمعونة، وتقرضهم القروض التي لا تجر نفعاً، وتتعامل مع من يريد تنمية ماله بالمعاملات المشروعة كالمضاربة والمشاركة والمساهمات التجارية.
بيد أنَّ هناك ـ وللأسف ـ بنوكاً أرادت أن تسوق بضاعتها بزيادة (الإسلامي) على كلمة ( البنك) للتغرير بعوام المسلمين، وعقول البسطاء والمساكين، ليتعاملوا معهم ويشتركوا في معاملاتهم المالية وأكثرها ـ عياذاً بالله ـ من أبواب الحيل الباطلة، والتي يتمُّ معظم معاملاتها المصرفية بالتحايل على أبواب الشريعة، جاعلين زلَّات العلماء المتقدمين، ورخص المعاصرين المتساهلين ديدنهم في الترويج للالتحاق بهم والتعامل معهم.
فيا سبحان الله!! وهل أصبحت البدائل المسماة إسلامية بهذا الشكل المرعب، وأصبح البعض الذي ليس له من الثقافة الإسلامية رصيداً ولو يسيراً، يسوِّق لما يريد فعله ويضيف عليه كلمة)إسلامية) أو(إسلامي)أو على ( الشريعة الإسلامية) على طرفة السمك المذبوح على الطريقة الإسلامية! وإذا كان البعض هكذا؛ فليحذروا من عقوبة تحلُّ بهم من الله عزَّ وجل ونقمة شديدة يوم القيامة إن لم يتوبوا ويتداركوا أمرهم.
4ـ ومن ذلك بعض فتاوى المنتسبين للعلم والدعوة بأنَّه يجوز للمرأة أن تشترك مع الرجل في التمثيل على شاشات الرائي (التلفاز) بحجة أن الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم قال: « » (الجامع الصغير: [2560])، وأنَّ المرأة نصف المجتمع ولها دورها فيه، فلا بأس عليها أن تشارك في التمثيل بشرط أن يكون (إسلامياً).
والحقيقة أنَّ هذا يفتح باباً كبيراً لأهل العلمنة والفسق في محاولة التدرج بمن أردن التمثيل من النساء المنتسبات للخير والدعوة في مهاوٍ توقعهم في الردى، وفي أصعب الظروف وأحلك المواقف، هذا عدا أكثر من عشرة مخالفات شرعية في هذا الباب.
5ـ ومن ذلك ما يسمَّى بالأفلام المدبلجة، والتي أنتجتها بعض الشركات الإعلامية الكافرة،أو الشركات الفاسقة، فما كان من البعض إلَّا وأن حذف منها أصوات الأغاني والموسيقي، وظّنََّ أنَّ تسمية هذه الأفلام بأفلام إسلامية هو الهدف الرئيس، مع أنَّ البعض من هذه الأشرطة فيها من التلوثات العقدية، والآراء الهدَّامة ما يقشعرُّ له البدن، ويهتز له الفؤاد، من بعض الألفاظ الشركية، والعادات المخالفة للقيم الإسلامية، كالشرب بالشمال، والنوم على البطن، وعدم تشميت العاطس، والسخرية بمن ابتلي بسمنة أو داءٍ في جسده، ومظاهر الاختلاط بين الرجال والنساء، وعرض بعض صور النساء كاشفات لشيء من شعورهن وإبراز بعض مفاتن جسدهن، ومع ذلك تبقى أشرطة إسلامية!!
فأين المراقبة الإعلامية المتخصصة، وأين المراجعة والتدقيق الشرعي على مثل هذه الأشرطة المدبلجة؟
بل ظهرت بعض الأفلام الإسلامية!! يقمن فيها فتيات جميلات قد قارب أكثرهنَّ البلوغ في السنِّ العاشرة والحادية عشرة، يقمن بالإنشاد الإسلامي، مع بعض حركات الرقص المرافقة لإيقاع الدف، ويكون بالطبع معهن بعض الأحداث الفتيان ينشدون جميعاً عند بحر، أو تلٍّ، وتقدِّم إحدى الفتيات وردة حمراء لأحد الأحداث الذكور وهي تبتسم ابتسامة ساحرة!!
حدَّثني بذلك ـ والله ـ جمع من الشباب الذين كانوا على طريق الغواية ثمَّ منَّ الله عليهم بهدايته ـ سبحانه ـ فأقلعوا عمَّا حرَّم الله، وقالوا لي جميعاً اشترينا هذه الأشرطة من التسجيلات الإسلامية! ورأينا أناسا يشترونها! وكنَّا نتناوب على مشاهدة هذه الأفلام! لما فيها من الصور (الإسلامية)!!!
بل قرأت لأحد هؤلاء المنتسبين للإسلام مقالاً كتبه في إحدى الجرائد يطالب فيه بديسكو إسلامي! وما أدري والله ماذا زوَّر أمثال هؤلاء في صدورهم بعد ذلك من البرامج (الاستسلامية للواقع).
وصدق من قال في هذا الزمن:
زمان رأينا فيه كلَّ العجائب *** وأصبحت الأذناب فوق الذوائب
والآن... أسائل أصحاب هذه البدائل الظالمة... أسائلهم بالله العلي العظيم أذلك كلُّه من باب البديل الإسلامي المنضبط، عن أشرطة الفسق والمعصية؟ "إنَّ هذا لشيء عجاب".
لقد تعدى الأمر حدَّه، وخرج عن أصله، وبلغ السيل الزبى، والله المستعان..
فليتدارك أمثال هؤلاء القوم منهجهم، وليصلحوا أمرهم، وليتوبوا إلى ربهم، ويعودوا إلى بارئهم، ولا يكونوا سبباً لإفساد الشباب، وهم يظنون أنهم مصلحون.
ونبقى نقول نعم للبديل ولكنْ بالضوابط الشرعية، والالتزامات العقدية، وتحت استشارة أهل الشريعة، ولا للبديل المتسيب، والذي شطَّ عن الصواب، وانخرط في دوائر الانفلات، وأُقْحِمَ في الشبهات، فإنَّ هذا ليس له مكان في قلوب أهل الإيمان، ويبقى الحقُّ عليه دلائل الإشعاع الربَّاني، والباطل عليه دلائل التحايل العصياني {فأمَّا الزَّبد فيذهب جفاءً وأمَّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب اللَّه الأمثال} [الرعد من الأية:17]، ومن الله الحول والطول، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين، والحمد لله رب العالمين..
- التصنيف: