علِّم طفلك الإيمان قبل أن تعلمه القرآن

منذ 2014-05-07

يقول الغزالي رحمه الله: "الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش ومائل إلى كل ما يمال إليه، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه، وكل معلم له ومؤدب..

نبتة الولد تعد عُودًا يبَسًا، ولو وعى وحوى كل المعارف والمهارات، ما لم يُروَّ بماء الإيمان بالله والعمل الصالح.
 

روى ابن ماجة عن جندب بن عبدالله قال: "كنا مع النبي ونحن فتيان حزاورة فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا" (صحيح ابن ماجه رقم [52]).
 

كم نستعجل أحيانًا، في تحفيظ القرآن للأبناء قبل تثبيت الإيمان في نفوسهم، لذلك رأينا بعضًا من الأبناء الحفَّاظ لكتاب الله ممن اتسعت صدورهم لحروف القرآن، ولكنها ضاقت عن تعاليمه وآدابه. فالطفل الذي ترسَّخَ توحيد الله في قلبه، وامتلأت جوانحه بمحبته سبحانه في صغره، لن يجد والداه العسر والمشقة في حثه على إقامة أوامر الله واجتناب نواهيه في كبره.
 

إن غرس محبة الله في نفس الطفل أساس لتوحيده ومفتاح لطاعته سبحانه، فالطفل مجبول على التعلق بمن أحسن إليه، فإذا عرف الطفل أن خالقه هو الله، وأن رازقه هو الله، وأن الذي يطعمه ويسقيه ويشفيه هو الله، ازداد حبًا له سبحانه وامتثالًا لأوامره.
 

يقول الغزالي رحمه الله: "الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش ومائل إلى كل ما يمال إليه، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه، وكل معلم له ومؤدب. وإن عُوِّد الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه والوالي له" (إحياء علوم الدين:106/4).
 

يا سادة، أطفالنا كأرض خصبة إذا أُلقيت فيها البذور الطيبة أنبتت نباتًا حسنًا، وأنتجت ثمرًا يانعًا، وإذا تُركت وأُهملت نبتت فيها الأشواك والأشجار الضارة.
 

يعد الجانب الإيماني أهم الجوانب في تكوين شخصية الطفل، لأن الإيمان بالله هو الهدف الرئيس من خلق الإنسان وسبب فلاحه ونجاته في الدارين، ولما للإيمان من أثر واضح على النمو العقلي والأخلاقي والإجتماعي والنفسي، فالعقيدة الصحيحة هي أساس الفكرة المستقيمة، والخلق الفاضل، والرأي السديد.
 

لذا يجب على الوالدين غرس الإيمان وتعهده في نفوس أبنائهم، وتعظيم الله في قلوبهم، وتحرير تلك القلوب من التعلق بغير الله، والعناية بالفرائض والنوافل، والعناية بأعمال القلوب، وتعظيم حرمات الله، واجتناب المعاصي، وذلك بالوسائل المشروعة التي تكون ضمن خطتهم التربوية. كما ينبغي على الآباء والأمهات أن يكونوا قدوة حسنة لأطفالهم، فإنهم لو ألقوا على أطفالهم عشرات المواعظ فلن تؤتي أُكلها ما لم يُر أثر ما يدعون إليه في سلوكهم وهديهم.
 

ينبغي الاعتدال في التربية الإيمانية للأطفال، وعدم تحميلهم ما لا طاقة لهم به، أو إكراههم على ما لم يُشرع عليهم أو شُرع. ولكن باللين والحكمة، فالإسلام دين التوسط والاعتدال، وما خيِّر الرسول بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا.

نايف القرشي

  • 5
  • 0
  • 13,158

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً