حاجتنا إلى الأخطاء
في هذه الحياة لا يوجد شر محض، فكل شر قد ينتج عنه فوائد ومكاسب لا تحصل لنا إلا بعد ورود هذا الشر، وهذا الكلام يتضح جلياً في الأخطاء والوقوع فيها، وذلك أن الأخطاء قد نحصل على مكاسب كبيرة منها إذا تم التعامل معها بشكل صحيح، فكثيرة هي المكاسب التي حققت لبعضنا بعد أن تعرف على خطئه وسبب خطئه، وجعل من هذا الخطأ نقطة صواب في حياته.
في هذه الحياة لا يوجد شر محض، فكل شر قد ينتج عنه فوائد ومكاسب لا تحصل لنا إلا بعد ورود هذا الشر، وهذا الكلام يتضح جلياً في الأخطاء والوقوع فيها، وذلك أن الأخطاء قد نحصل على مكاسب كبيرة منها إذا تم التعامل معها بشكل صحيح، فكثيرة هي المكاسب التي حققت لبعضنا بعد أن تعرف على خطئه وسبب خطئه، وجعل من هذا الخطأ نقطة صواب في حياته.
والكلام السابق قد نختصره بعبارة (النظرة الإيجابية إلى الأخطاء، أهميتها وطرق الاستفادة منها)، وقد نختصر أهمية النظرة الإيجابية للأخطاء في نقاط منها:
1- لو لم تكن الأخطاء ذات فائدة لما أوجدها الله سبحانه في حياتنا، بل لم يسلم منها إنسان غير محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه الكثرة من الأخطاء تدعونا لزاما أن نستفيد منها، وأن نمنحها كتربويين حيزا أكبر من الدراسة والنقد وكيفية تحويلها إلى مكاسب للجميع.
2- هناك الكثير من الفوائد والمكاسب السلوكية أو التربوية لم نحصل عليها إلا بعد الوقوع في الأخطاء، ومن المخطئين من تغيرت حياته للأفضل بعد أن وقع في الخطأ ثم صحح فعله من الآخرين فقاده هذا التصحيح إلى تقويم مساره وحياته كلها وصار هذا الخطأ مصدر الإلهام في حياته..
وعندما نقرر هذه المسألة فإن نظرتنا للأخطاء تتغير من الاشمئزاز والبعد عن تصحيحها، إلى المسارعة في تصحيحها وتحويلها إلى نقطة تغيير في حياة المخطئ للأفضل، أما عن كيفية الاستفادة من النظرة الإيجابية للأخطاء وتسخيرها لصالحنا ففي عدة نقاط نجملها:
1- أنه إذا زرعنا عند من وقع منه خطأ معين أن الخطأ يقع من الجميع، وأنه لا يسلم منه أحد من البشر، فإن ذلك يدعوه للاعتراف بخطئه وعدم المكابرة أو الجدال بالباطل، والاعتراف بالخطأ من قبل المخطئ قد يشكل عائق أمام من يمارس الدور التربوي من حيث تصوب أفعال المخطئ وتوجيهها للأفضل.
والسبب في ذلك في نظري أنه نتيجة النظرة السلبية إلى الأخطاء، وأنها دائمًا عيب أو أنها ذنب لا يغتفر، وأن من وقع منه ذلك فهو منبوذ ولا يمكن الاستفادة منه، وعليه ترتب إنكار كثير من الناس مجرد وقوع الخطأ منه، أو أنه يجد صعوبة في الاعتراف بالخطأ، ثم يحاول بشتى الوسائل البحث عن الأعذار حتى ينفي عن نفسه تهمة الخطأ..
لكن إذا قررنا في اعتقاد الناس أن الخطأ ليس جريمة، وأن اللبيب من يستفيد من أخطائه، وأن خير الخطائين التوابون، ونحاول أن نزرع النظرة الإيجابية عند المخطئ، وبهذا كله نستطيع أن نغير المفهوم المغلوط عن الأخطاء، ونستبدله بذلك المفهوم الذي يجعلنا نضيف الأخطاء إلى قائمة التجارب والخبرات.
2- يترتب على ما مضى أنه عند وقوع المتربي في الخطأ فإنه سيبادر إلى من يصحح له خطئه، وهذه المبادرة لا يمكن أن تأتي إلا من خلال النظرة الإيجابية لمفهوم الأخطاء، وأن خطأه ممكن يُتجاوز عنه ويمكن الاستفادة من الدروس المستنبطة منه، وهذه المبادرة تحمل في طياتها الكثير من الفوائد للمخطئ، منها قوة الشخصية؛ لأنه غلب نفسه بالاعتراف بالخطأ، ومنها تحمل المسؤولية من خلال ما يترتب عليه الاعتراف بالخطأ، وغيرها كثير..
ووصولنا مع طلابنا أو من نربيه إلى هذه المرحلة من النظرة الشمولية التفاؤلية للأخطاء له مكسب عظيم، يؤدي إلى تقليل الأخطاء أو على أقل القليل الاستفادة منها حال وقوعه فيها، وبذلك نصبح قد فعلنا شق في حياتنا الشخصية كان معطل بشكل كبير عند الناس، ألا وهو الأخطاء.
3- ومما يترتب على هذه النظرة الإيجابية للأخطاء التركيز على الاستفادة من الأخطاء، وكيفية ذلك، وأن نبحث مع المخطئ عن كيفية تصحيح الخطأ، ونتجنب التركيز على تقرير المخطئ بخطئه، والبحث عن المخطئين والتشهير بهم، وأخذ الاعترافات عليهم، مما قد يؤدي إلى المكابرة وعدم وجود فائدة سوى التشهير أو التعيير غالبًا.. وبالمثال يتضح مغزى ما أريد:
لنفرض أن طالبًا فعل سلوك خاطئ معين، فإن صاحب النظرة السلبية للأخطاء قد يقوم بتوبيخ الطالب، أو أنه سيقرر في نفس الطالب أنه دائم الخطأ أو أنه عديم الفائدة، أو أن سلوكه هذا لا يغتفر أو أن خطأه هذا ذنب، أو يأخذ عليه التعهدات ويبحث في شتى الوسائل، حتى يثبت أن الطالب متعمدًا للخطأ، بل قد يصل به الأمر إلى إقناع نفس الطالب أنه إنسان مخطئ لا يمكن إصلاحه.
أما صاحب النظرة الإيجابية سينصب كامل تركيزه على الاستفادة من هذا الخطأ، وسوف تجده يخبر الطالب بأن فعله خاطئ وبإمكانه أن يفعل الصواب، وهو كذا وكذا وأنه يرجوا أن لا يكون خطئه متعمدًا، ثم يبحث مع الطالب عن آلية تصحيح خطأه، وهذا البحث يشعر الطالب أنه صالح، وأنه يمكنه تصحيح خطأه بنفسه، وأنه سيعود إلى الأفضل من حالته السابقة، ثم بعد ذلك يبحث مع الطالب عن أهم الدروس المستفادة من هذه التجربة.
وخلاصة ما سبق:
أنه لسنا في حاجة لمعرفة الأخطاء بقدر حاجتنا إلى الاستفادة منها، وإلا ما الفائدة من معرفتنا للأخطاء دون تصحيحها أو تحويلها إلى مكاسب.
خالد خليف الشاطري
- التصنيف:
- المصدر: