إلى أين تتجه الشخصية المسلمة
حق لنا أن نعود إلى الإيمان الحقيقي الناصع الذي لا يشوبه أي شائبة، ولا يلوثه أي دخل، مخلصين بذلك وجه الله تعالى ..
لقد أخذت منا العولمة ما أخذت، وسلبت منا الحضارة ما كنا نملكه من
عادات وتقاليد تعاقبت إلينا بالوراثة، وتسبب الانفتاح والتمدن في
نسياننا لمهماتنا نحو ديننا، بل وصل الأمر إلى أننا أصبحنا نُسأل عن
عقيدتنا وهو الأمر الذي لا يجب أن نسأل عنه لإيماننا الفطري به، ولا
نقبل أي نقاش في شرائعنا وتقبلنا لأنها مغروسة بين أضلعنا بالفطرة،
الأمر الذي أذاب الشخصية الإسلامية في أكثر نفوس أهل الإسلام، وجعلها
تنساق خلف الشهوات والمغريات الدنيوية، وحد من طموحاتها وأمنياتها
التي قد ترقى بحاملها إلى مبلغ مناه، وغاية مطلبه، في خدمة دينه ووطنه
وأمته بكل جد وإخلاص، ولا غرابة في ذلك متى ما ضاعت الأوقات فيما لا
ينفع، وأهدرت الطاقات بارتكاب المعاصي واتباع الهوى والوصول بالطموحات
لكل ما هو دون، ومحاولة الفوز بكل ما هو دنيوي لا ينفع في الحياة
الدنيا ولا الآخرة .
عندها نسأل قائلين إلى أين تتجه هذه الشخصية الإسلامية وهي التي تأخذ
أحكامها من الكتاب و السنة ؟ وماذا تدرك عن أهميتها وهي من أوائل
الأشياء التي يجب المحافظة عليها لأجل تلك الأهمية؟ وكيف هي في مواجهة
النوازل المؤثرة والمتتالية ؟ وهل هي مطمئنة لما تقدمه لدينها وأمتها
وأوطانها أم لا؟.أسئلة كثيرة توجه لهذه الشخصية الإسلامية التي
أذابتها الحداثة، وغاصت في بحور العولمة، وتاهت في دوّامة الانفتاح
والتمدن.
لا أقول ذلك محاربة للحضارة النافعة، والتقدم النزيه التي توافق
جميعها الشرع، و تتجه إلى كل ما هو سليم حسب منظار الشريعة لها
بالعكس، بل أدعو إلى الشخصية الإسلامية أن توسع مداركها، وتكثر من
مصادرها فيما يخص التجديد و مسايرة العصر و الناس، ولكن نحذر جميعا من
الانزلاق الذي يؤدي إلى تهميش شخصيتنا الإسلامية ويسعى إلى تحجيمها،
ولكي نتجنب ذلك الانزلاق إلى تلك الزوابع و دوامتها، ولكي نحاول
الوصول بتلك الشخصية إلى بر الأمان ونحميها من السقوط في الهاوية
المُرّة فإنني أوضح بعض الصور التي يجب أن تأخذ بها وتعمل على إقامتها
تلك الشخصية، علها تعي مقدار أهميتها، وتدرك ما هو المطلوب منها وخاصة
في زمن أثقلت كاهله المصائب،و لعبت في ميادينه الفتن وهي:
1 ـ ( الإيمان )، فحق لنا أن نعود إلى الإيمان الحقيقي الناصع الذي لا
يشوبه أي شائبة، ولا يلوثه أي دخل، مخلصين بذلك وجه الله تعالى
ومتيقنين بذلك بأنه ماهية المسلم وعنوانه.
2 ـ ( طلب العلم ) وأوله العلم الشرعي المرصود في آيات الله سبحانه
وتعالى وسنة نبيه محمد صلى الله علية وسلم، ثم تأتي بعده أنواع العلوم
الأخرى التي تتقيد عندما ينفع الإنسان ويثري حياته العلمية و العملية،
و يزيد ثقافاته و اطلاعاته و السعي بها لخدمة الدين و أهله.
3 - ( العمل ) الذي يوافق العلم إذ لا عمل دون علم إلا أن يكون عملا
غير منظم لا أساس له و لا قيمة، كعمل أولئك العابثين في حياتهم، الغير
مدركين لأهمية نشاطاتهم متى ما كانت في طرق الخير و الصلاح التي توافق
العلم المحمود.
4 ـ ( مجموعة الإنسان الأخلاقية ) التي تميّز كل شخص عن الأخر، ومن
خلالها يعبر الإنسان عن نفسه مباشرة دون أي ترجمات أو إيضاحات زائفة
أو خادعة، و أكاد أجزم بأن أخلاق الشخص مع نفسه ثم مع الآخرين تعتبر
عاملا مهما في تحديد الشخصية الإسلامية والتي تسعى دائما من خلال تلك
المجموعة من الأخلاق الحميدة.
طبعاً فهي توضح صورة الإسلام الصحيح لمن لا يعرف عنه شيئاً خاصة وأنه
دين الأخلاق والسمو والسماحة، إلى غير ذلك من الصور المهمة والتي تفرض
على كل إنسان مسلم يحملها الميل مع الحق والخير، وتجبره على احترام
دينه وقواعده الشرعية وأمته وأوطانه، وتعينه على إظهار صورة الإسلام
البيضاء الناصعة لكل من يحمل الحقد والكراهية لهذا الدين وأهله، خاصة
وأكررها كثيراً في زمن كثر فيه أعداء الأمة، وانتشرت مخططاتهم لهدم
هذه الشخصية الإسلامية المعطاءة.
- التصنيف: