معركتنا مع الشيطان
معركتنا مع شياطين الجن والإنس ليطهر المجتمع ويزكو، وتعلوا فيه قيم الحق والعدل والحرية، ويعلوا فيه الأخيار الأطهار أهل الخير والإرشاد، لمحاربة الفساد والمفسدين في كل الميادين، شياطين الإنس والجن يقعدون بكل طريق بالمرصاد لكل سبل الإصلاح والتغيير، يبغونها عوجًا..
لا شك أن معركتنا مع أنفسنا وأهلنا ومجتمعنا معركة تربوية في الأساس، تقتضي التغلب على الشيطان وجنوده لتطهر النفس وتزكو وتطيب، لتتأهل لرضا الله والفوز بالجنان، فالنفوس المزكاه الطاهرة هي القادرة على الإصلاح والتغيير..
وكذلك معركتنا مع شياطين الجن والإنس ليطهر المجتمع ويزكو، وتعلوا فيه قيم الحق والعدل والحرية، ويعلوا فيه الأخيار الأطهار أهل الخير والإرشاد، لمحاربة الفساد والمفسدين في كل الميادين، شياطين الإنس والجن يقعدون بكل طريق بالمرصاد لكل سبل الإصلاح والتغيير، يبغونها عوجًا يتمثلون مردة الجن في أهدافهم وبغيتهم ليضلوا الناس ويلبسون عليهم دينهم، ليصبحوا جميعًا في الشر سواء {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: من الآية:82].
يخوفون الناس ويرهبونهم بالبطش والقتل والسجن والاعتقال، والمحاكمات الهزلية والضغوط على أسباب الرزق والذرية، وبالضغوط الداخلية والخارجية، ويمكرون لهم مكرًا ويكيدون لهم كيدًا كما يكيد إبليس لأتباعه: {(نَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران:175].
يختلق إبليس المعارك اختلاقًا يضع الوطن والمواطنين في أزمات متتالية ومتعاقبة، بل يضع الجميع في حروب ومعارك يديرها ويرتبها ويوسوس بها ويسعر نيرانها، وينفث سمه فيها حتى يحسن له إدارتها ويسهل عليه السيطرة على زمامها.
يعتمد على صبيانه وجنوده وسحرته وتلاميذه وأذرعه لإدارة المعركة، فهو بمفرده ضعيف لا يستطيع أن يقوم بالمعركة وحده، فيستعين بكل فاسد فاسق مارق خائن خائب، وضيع ندل جبان عميل، يستخف بهم ويستهزء حتى يحقق أطماعه وأحلامه وشهواته {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف:54].
يعاونه من هم على شاكلته ممن ذاع صيتهم بالوقوع في الموبيقات والكبائر والرذائل، والشرور والآثام الذين لا يرجون لقاء الله ممن اشتروا الحياة الدنيا بديلا عن الآخرة، ويقفون مع كل محرم شرعًا ومجرم قانونًا.
يرغب جنوده ويرهبهم بكل الوسائل الخبيثة، سواء كان مال أو سلطة ورئاسة، أو شهرة أو نساء أو علماء السلطان، ومشايخ الزور أو منافقي كل زمان، أو أرباب الموائد أتباع كل ناعق، أو بتسريبات وسيديهات وفضائح، أو بالعبودية لغير الله، يقول صلى الله عليه وسلم «تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، وإن أعطي رضي، وإن مُنع سخط» (صحيح الجامع:2962).
يستغل سطوته على جنوده فيستحوذ عليهم جميعًا لإدارة المعركة من خلالهم، في كل الأماكن بفساد أخلاقهم وضمائرهم، أو بشيخ مضلل أو بعالم سوء، أو فتوى مضللة أو بمظهر خادع، أو جهل أو مرض أو فقر أو.. {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة:19].
يحاصرهم ويراقبهم ويسجل عليهم أفعالهم، ويحصي عليهم أنفاسهم، يستنفذهم ويستفذهم ويخادعهم ويتربص ويترصد لهم {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:16-17].
يحارب حربًا مصيرية بكل قوته وكامل معداته بمشاته وخيله ورجله ومركباته، ووسائل إعلامه وأمواله وسحرته {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [الإسراء:64]، مجرم قاتل يستخدم السلاح لا للتهويش ولا للتخويف، وإنما للقتل العمد فيستخدم سهامه المسمومة لتصيب قلب المؤمن مباشرة.
يجلس في قصره وملكه في حراسة مشددة، ويرسل سراياه وأجهزته وأفرعه وأذرعته في كل المؤسسات يقول صلى الله عليه وسلم: «إن لإبليس كرسيا فوق الماء يبعث سراياه فيفتنون الناس فأعظمهم مكانة أعظمهم فتنة..» (صحيح مسلم:2813).
أعظمهم مكانة وقربًا منه أعظمهم فتنة للناس للإيقاع بينهم وبث روح الكراهية والحقد، والتخوين والنزاع والشقاق، والعداء بينهم حتى يفرق بين المرء وزوجه، ولو بفضائح نكاح الكارتية، أو بفتاوي ندالة الزوج بهروبه إذا تعرضت زوجته لمشكلة
يقول عليه السلام: «إنَّ إبليسَ يضَعُ عرشَه على الماءِ ثمَّ يبعثُ سراياهُ فأدناهم منهُ منزلةً أعظمُهم فتنةً يجيءُ أحدُهم فيقولُ فعلتُ كذا وَكذا فيقولُ ما صنعتَ شيئًا قال ثمَّ يجيءُ أحدُهم فيقولُ ما ترَكتُه حتَّى فرَّقتُ بينَه وبينَ امرأتِه قال فيدنيهِ منهُ ويقولُ نِعمَ أنتَ» (صحيح مسلم:2813)، ثم ما يلبث إذا جد الجد وانكشف الباطل وتحرر الإنسان من غشاوة السحرة وانهزم الشيطان
وحزبه أن يتبرأء منهم ويضحي بهم ويفضحهم إن شاء فقلما تجد معه في حزبه وجنوده صالحا {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم:22].
هو خائر القوي ضعيف الجناح منهزم نفسيا حيران قلق لا يهتدي سبيلا لا يملك من أمر نفسه نفعا ولا ضرا ولا يكون في كون الله إلا ما يريده الله لتجرى سنن الله في أرضه بالتدافع بين الحق والباطل {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام:112].
فكيد الشيطان ضعيف: {..إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء:76]، حين تقوى عقيدتنا وإيماننا بالله ونجتهد في أخذنا بالأسباب يكفينا الله شروره وجنوده فينكس رايته ويفرق شمله ويبدد ملكه ويهتك ستره ولا يحقق له غاية: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ..} [فصلت:36].
ماهر إبراهيم جعوان
- التصنيف: