قصة (أم عبد الله)
يأتيها الأطباء كل يوم يحاولون إقناعها بإزالة الأجهزة وتركه ليموت، فهذا سيكون مصيره حتمًا! أو انه سيعيش مشلولًا شللًا كاملًا، ومع هذا تصر الأم على إبقائه! فوالله لو اخرجوا قلبها من جسدها لكان أهون عندها من إيقاف الأجهزة عن طفلها!
قبل ذهابي إلى الأستديو لبرنامج (بكل صراحة) توجهت إلى مجمع البستان لإلقاء كلمة عن (حب الله) ضمن مشروع (درر) الذي تقيمه الأمانة العامة للأوقاف بالتعاون مع مبرّة طريق الإيمان.
وأنا في الطريق اتصلت عليَّ الأخت الفاضلة (أم عبد الله المطوع)، وبما أن حلقة البرنامج كانت عن (المعاقين) أو ذوي الاحتياجات الخاصة، أخبرتني أم عبد الله عن قصة ابنها عبد الله.
تقول أم عبد الله أنها رزقت قبل سنوات بطفل مريض، وضع مباشرة في العناية المركزة منذ ولادته، وشخّص الأطباء حالته أنه يعاني (شللاً دماغيًا) وأن كل أطرافه لا تتحرك، بل الرئة لا تتحرك فهو يتنفس بجهاز صناعي، وينكسر قلب الأم على طفلها الذي انتظرته تسعة شهور لتراه على السرير طريحًا، الأجهزة تحيط به، الأنابيب توصل له الغذاء والهواء! لا يفتح عينيه بل لا يتحرك شيء من عضلات جسده عدا قلبه!
يا الله.. كيف تحملت الأم هذا المنظر! يأتيها الأطباء كل يوم يحاولون إقناعها بإزالة الأجهزة وتركه ليموت، فهذا سيكون مصيره حتمًا! أو انه سيعيش مشلولًا شللًا كاملًا، ومع هذا تصر الأم على إبقائه! فوالله لو اخرجوا قلبها من جسدها لكان أهون عندها من إيقاف الأجهزة عن طفلها!
ظلت أم عبد الله أربعين يومًا عند طفلها، تدعو له وتقرأ القرآن وتمسح بخرقة مبللة بماء زمزم وجهه وتبل شفتيه وترطب لسانه! ولكم أن تتصوروا هذا المشهد الحزين، والأطباء يستغربون من فعلها!
بعد أربعين يومًا.. حدثت المفاجأة! الطفل بدأ يتنفس! الأطباء يستغربون! الفريق الطبي يجتمع، ماذا حدث؟ أمر مستغرب! إنها قدرة الله، الطفل يتنفس وحده! وبعد أيام تبشر الممرضة الأم عند قدومها، ابنك فتح عينيه! يا الله! أزالوا الأجهزة عنه، ولكنه لا يحرك شيئًا من أطرافه!
سيظل الطفل بشلله الكامل أبد الدهر! هذا كلام الأطباء، مع هذا أحضرت أمه كل ما يحتاج إليه من أجهزة وممرضات إلى البيت وظلت تعتني به سنوات وسنوات، من علاج طبيعي.. إلى عمليات، من بلد إلى بلد.. تقول أم عبد الله أنها ذهبت به إلى الحرم في رمضان، وكان (الجبس) يلفه أثر عملية أجريت له، وحملته وهو ثقيل وكان بجنبها في صلاة التراويح.
كانت سنوات صعبة للغاية مع طفل مصاب بالشلل في جسده كله.. والآن بلغ الطفل (15) سنة، سألت أم عبد الله عن وضعه الآن، وكيف يأكل وكيف يعيش؟ قالت لي وهي فرحة: يا شيخ نبيل ابني يحبك كثيرًا وهو ينتظرك منذ ساعتين في مجمع البستان لسماع محاضرتك!
قلت لها: ما شاء الله كيف جاء للمجمع؟! قالت: يا شيخ أنعم الله علينا بعافية الولد، هو الآن يمشي ويركض ويلعب ويدرس، ليس بينه وبين الأولاد فرق يذكر! سبحان الله! كيف حصل هذا يا أم عبد الله؟! قالت: إنه فضل الله علينا، وشفاؤه.. ما زلت أتذكر كلام الأطباء.. "اتركينا نزيل الأجهزة عنه فهو ميت لا محالة"!
جاءني عبد الله في المجمع وقبل رأسي وسلم عليَّ، والله لقد دمعت عيني وأنا أراه! تذكرت رحمة الله تعالى، وصبر هذه الأم الصالحة على ابنها، فالحمد لله أولًا وآخرًا، وحفظ الله عبد الله من كل سوء وجعله قرة عين لوالديه، وشفى الله مرضى المسلمين من كل داء.
- التصنيف:
- المصدر: