تعامَلْ معَ الأمرِ الواقعِ (1)
عائض بن عبد الله القرني
إذا هوَّنت ما قدْ عزَّ هان، وإذا أيسْت من الشيءِ سلتْ عنهُ نفسُك: {سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ}.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
إذا هوَّنت ما قدْ عزَّ هان، وإذا أيسْت من الشيءِ سلتْ عنهُ نفسُك: {سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ}.
قرأتُ أنَّ رجلاً قفز منْ نافذةٍ وكان بأصبعِه اليسرى خاتم، فنشب الخاتمُ بمسمارِ في النافذةِ، ومع سقوطِ الرجلِ اقتلع المسارُ أصبعه من أصلها، وبقي بأربعُ أصابع، يقولُ عنْ نفسِهِ: لا أكادُ أتذكَّرُ أن لي أربعُ أصابع في يدٍ فحسبُ، أو أنني فقدتُ أصبُعاً من أصابعِي إلا حينما أتذكرُ تلك الواقعةَ، وإلا فعلمي على ما يرامُ، ونفسي راضيةٌ بما حدث: « ».
وأعرفُ رجلاً بُتِرتْ يدُه اليسرى من الكتِفِ لمرضٍ أصابهُ، فعاش طويلاً وتزوَّج، ورُزق بنين، وهو يقودُ سيارتهُ بطلاقةٍ، ويؤدي عمله بارتياحٍ، وكأنَّ اللهِ لم يخلقْ له إلا يداً واحدةً: « ».
ما أسرع ما نتكيَّف مع واقعِنا، وما أعجب ما نتأقلمُ مع وضعِنا وحياتِنا، قبل خمسين سنةً كان قاعُ البيتِ بساطاً منْ حصيرٍ النخلِ، وقربة ماءٍ، وقدراً منْ فخارٍ، وقصعةً، وجفنةً، وإبريقاً، وقامتْ حياتُنا واستمرتْ معيشتُنا، لأننا رضينا وسلَّمنا وتحاكمْنا إلى واقعِنا.
والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبْتها *** وإذا تُردُّ إلى قليلٍ تقْنعُ