إلى زوجة داعية
هل رأيت درة دون ثمن، أو ثمرة دون تضحية؟ فهي نعمة عظيمة عليك وعلى أولادك أن ترزقي مثل هذا الزوج الصالح، لكنك لابد أن تدفعي الثمن؛ فتفقديه كثيرًا، ويتأخر في تلبية بعض المطالب، ولكن كل هذه التضحيات تهون دون هذا الثمن.
أختي الفاضلة:
يا من وفقك الله أن تكوني زوجة لأحد الدعاة؛ خطيبًا كان، أو أستاذًا، أو محتسبًا، أستأذنك في أن أضع أمامك هذه الخواطر:
أولًا: احمدي الله عز وجل أن تكوني زوجة لهذا الرجل الذي يعيش لأمته لا لنفسه، إنه يسافر؛ ولكن قد يكون البديل زوج يسافر إلى حيث لا تأمنين عليه الخيانة، إنه منشغل؛ لكن قد تكوني زوجة لمنشغل في جمع حطام الدنيا، وهو أحيانًا يسهر لساعة متأخرة؛ لكنه خير ممن يسهر في اللهو واللعب.
وأخيرًا: لو كان البديل رجل لا تفقدينه إلا وقت الدوام؛ ألا ترين أنه من النقص والأنانية، وفقدان الغيرة أن يعيش المرء لنفسه، في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة؟
إذًا: مِن نعمة الله عليك أن تكوني زوجة لداعية.
ثانيًا: هل رأيت درة دون ثمن، أو ثمرة دون تضحية؟ فهي نعمة عظيمة عليك وعلى أولادك أن ترزقي مثل هذا الزوج الصالح، لكنك لابد أن تدفعي الثمن؛ فتفقديه كثيرًا، ويتأخر في تلبية بعض المطالب، ولكن كل هذه التضحيات تهون دون هذا الثمن، ودون أن تفوزي بشريك الحياة من هذا الصنف الفريد.
ثالثًا: هل سمع زوجك منك كلمة تأييد؟ أو رأى منك استبشارًا وتشجيعًا لما يقدم من جهد؟ أو تلقى نقدًا هادفًا بناءً؟ أليس فقدانه لذلك تقصيرًا في حقه؟ أما أنه يسمع النقد اللاذع: "كثرت مشاغلك، غبت عنا كثيرًا، لم تؤد الطلبات، ضيعت أسرتك..." فأعيذك بالله من ذلك. "كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتحمل الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق" يا لها من كلمات رائعة سمعها النبي صلى الله عليه و سلم من زوجهِ خديجة التي بُشرت ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولانصب، فأعطته دفعة، وزادته طمأنينة، وهو هو صلى الله عليه و سلم، فهلا سلكت طريقها، واقتديت بها؟
رابعًا: ألا ترين أن مثل هذا الزوج يستحق أن تعرضي عليه خدماتك. فتجمعي له النصوص، أو تعدي المراجع، أو تطرحي عليه رأيًا مسددًا، وإن عجزت عن ذلك فقولك له: "أي خدمة تريد" تعطيه دفعة أحوج ما يكون إليها.
أختي الفاضلة:
أقدر أنك امرأة لك عواطف، وتملكين مشاعر، وأمامك تطلعات، وأنت مع ذلك كله لا يمكن أن تتخلي عن بشريتك، ولكن حين تحولي بيت زوجك إلى عش آمن، ومهجع مستقر فأنت تختصرين عليه نصف الطريق؛ فهو بشر يحتاج للسكن النفسي، يحتاج لمن يؤيده، يحتاج لمن يقف معه.
أختي الفاضلة: تخيلي معي ذاك الداعية الذي وفقه الله ونفع الأمة به؛ يعود إلى منزله فيستقبل بالنقد اللاذع، والتذمر والاتهام بالتفريط. أي عطاء سيقدمه؟ وأي نفسية تحكمه؟ ألا توافقين أن هذه الزوجة تساهم من حيت لا تشعر في تأخير المسيرة، وعرقلة الركب؟
ومع هذا كله فلست أدعو الزوج للتقصير في حق زوجته وأهل بيته، ولكن الأمر تسديد ومقاربة.
- التصنيف:
- المصدر: