في رحلة القطار
المحسوبية والرشاوى سبيله. تجده بجوار الشامخ يقم عدله. يأمر الجندي فيطلق سلاحه، ويوجه الإعلام بلسان إفك ليجمل قبحه، فالأخ عدوه، والصهيونية صديقه. كفتة عبدالعاطي دواءه.
بينما أنا مسافر والناس من حولي كل في شأن.
أناس مختلفو الشكل واللون ما بين طويل وقصير نحيف وسمين، فهذا أبيض بجواره أسود، وذاك أحمر على يمينه اصفر.
هذا عامل بسيط بجواره بائع سميط، وبالمقعد الآخر تاجر كبير بجواره أمير، وعلى الطرف خفير.
جلست على كرسي شاغر بعدما نزل مسافر، وجلت بنظري، فوقع بصري على رجل!
إني أعرفه لقد رأيته مرات ومرات..
نعم رأيته ، ولكن أين؟؟
فجلت بخاطري هنا وهناك عسى أذكر اللقاء.
ووقع نظري عليه مرة أخرى، فإذا به ينظر إلي ويضحك ضحكة الساخر الشامت، فاقشعر بدني وخفت، هنا تذكرت.
رأيته لما احترق القطار، وغرق العبارة بالزوار. تذكرت اللقاء في يناير لما سفكت الدماء، وفي رابعة، وفي شوارع المحروسة رائحة مسك الشهداء. رأيته يمسك بالأحرار، يهتك الأعراض آمرًا، وعلى أبواب المعتقلات حارسا، ومن حوله ندماءُ السوء من الأفاكين والراقصين والمداحين والمهللين يتغنون شامتين تسلم الأيادي.
كان منتفشا مزهوا بنفسه ينظر لمن حوله باستعلاء.
حط رحله في أرضنا ففرق جمعنا.
المحسوبية والرشاوى سبيله. تجده بجوار الشامخ يقم عدله. يأمر الجندي فيطلق سلاحه، ويوجه الإعلام بلسان إفك ليجمل قبحه، فالأخ عدوه، والصهيونية صديقه، كفتة عبد العاطي دواءه..
عرفته في فتاوى الدجالين، وفي حركات المشعوذين، في مثالية الراقصة واستشهادها، وكونه من المرسلين، فهو حال الثعالب لما يقوموا خاطبين عليهم رداء الزهد للدجاج خادعين.
فنفضت عني رداء خوفي *** وصحت فيه بأعلى صوتي:
أنت فرعون عصري *** لن تحيا فوق أرضي
لن أموت برصاص غدرك *** فغدرك غذاء عزمي
فاضحمل جسمه واسود وجهه، فأيقنت أن الخوف غذاءه والاستكانة والخنوع رداءه والكذب حليه.
فدفعه بالحق يزهقه. {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء من الآية:18].
« »[1]
هل عرفته؟
إنه الظلم لما يتجسد.
يسقط كل خانع يسقط كل خائف يسقط كل ظالم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (رواه أبو داود [4344]، والترمذي [2174]، وابن ماجه [3256]، وأحمد [3/19] [11159]. من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وحسن إسناده ابن الملقن في (شرح صحيح البخاري) [19/180]، والعيني في (عمدة القاري) [15/228]، وقال ابن حجر في (الأمالي المطلقة) [169]: حسن، وصححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه)).
- التصنيف: