هنري لامنس المؤرخ الكذاب
سيد حسين عبد الله العفاني
- التصنيفات: موضوعات متنوعة -
ولد هنري لامنس عام 1862م في بلجيكا واتخذ لبنان موطنًا ودرس في الكلية اليسوعية ببيروت, واشتغل بالتدريس فيها 1886م وتخصص في تاريخ الشرق الأدنى وحضارة أهله, وأتقن اللغة العربية وعين أستاذًا بمعهد دراسات الشرق الأدنى في الكلية اليسوعية ببيروت, وتوفي في مايو 1937م.
ويعد هنري لامنس من أشد المستشرقين تعصبًا على الفكر العربي الإسلامي وقد بالغ في التعصب على الإسلام حتى أعلن المنصفون شكهم في أمانته العلمية وقالوا: إنّه لا ينسى عواطفه فيما يكتب عن النبي والإسلام, وقد عرف بتهكمه على النصوص العربية كما وصف بإرهاقه للنصوص وتحميلها أكثر ممّا تحتمل, فإذا وجد في الإسلام موضعًا للفضل ذهب بنسبته إلى مصدر غير إسلامي.
ووصف بالراهب المؤرخ وأخذ عن جولد زيهر ونولدكه وكيناني وولهوزن, وله كتاب عن حياة محمد لم توافق دوائر الفاتيكان على نشره خشية أن يؤدي إلى احتجاج الأمم الإسلامية لما فيه من طعن وتهجم, وله كتاب (فاطمة وبنات محمد) وكتابه (الثلاثة: أبو بكر وعمر وأبو عبيدة) ـ ومغزى الربط بينهم هو ادعاؤه بأنّهم تآمروا على الخلافة بعد وفاة النبي دون علي ـ, يقول فاييت: "إنّ كتابه عن فاطمة وبنات محمد يسوده التعصب والاتجاه العدائي".
- وقد تحيز لامنس للأمويين في خلافهم مع العباسيين, ومصدر إعجابه هو اعتقاده أنّ دولتهم في تقديره لا دينية ولأنّهم أقاموا ملكهم بالشام وتأثروا بمدنيته.
- يتهم لامنس في جميع مؤلفاته رواة السيرة بأنّهم مخترعون بالرغم من كونه يعتمد على رواياتهم لو وجد في أي رواية مدخلًا للطعن في الإسلام!
- ويذكر هذا المتعصب أنّ رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم كانت جميلة وأنّ عثمان بن عفان رضي الله عنه إنّما دخل الإسلام ليتزوجها.
- وادعى أنّ أبا بكر وعمر وأبا عبيدة, اجتمعوا على احتكار الحكم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وساعدهم على ذلك اثنتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم هما عائشة وحفصة, حيث مهدتا لهم السبيل في حال حياة النبي صلى الله عليه وسلم, وقد رد عليه الأستاذ عبد الحميد العبادي فأفحمه, وممّن رد عليه فأجاد الأستاذ كرد علي.
- وقد سجل عليه تعصبه زملاء له من المستشرقين في مقدمتهم: بيكرودسو, وبومبين, وماسيه, وقال فاييت في نعي لامنس: "إنّه من الصعب أن نقبل كتاب فاطمة وبنات محمد, في ثقة ودون تحفظ فإنّ التعصب والاتجاه العدواني يسودانه إلى حد كبير".
- وقد ذكر أنّ عالم قريش خالد بن يزيد تلميذ راهب ولم يقل كلمة واحدة في أثر هذا الراهب عليه.
- وادعى أنّ شيخ الإسلام ابن تيمية هو صاحب المذهب الارتجاعي وأنّ عقله مختل وأنّه لم يفتر عن محاربة أصحاب البدع, وأنّه قضى حياته وهو يسوق أبناء أمته في سبيل التعصب.
- وادعى هذا الدجال أنّ الفقه الإسلامي قد تأثر بالفقه اليوناني, ووصف صلاح الدين الأيوبي بالطماع والحروب الصليبية بالبسالة, وصور ملوك الصليبيين على الغاية في النبل والعقل وأنّ ترك صلاح الدين لأسرى الصليبيين دون قتلهم كان عن جبن وخوف, واعتذر عن مذابح الصليبيين في بيت المقدس بأنّها مقتضيات الأخلاق الحربية في ذلك الوقت.
- ولا يعترف لامنس أنّه قامت للعدالة سوق في ديار الشام منذ فتحها المسلمون.
- وادعى هذا الدجال أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجلًا غير أمين قليل الشجاعة أكول ونؤوم ـ ذكر هذا في كتابه (هل كان محمد صادقًا) ـ ووصفه بأنّه أسلم نفسه للتمتع بلذات العيش وأنّه مصروع, وادعى أنّ النبي لم يكن له ولد يسمى القاسم وأنّ فاطمة تزوجت في سن متقدمة ولم تكن حسنة الصورة.
- وفي مقال نشره سنة 1930 بعنوان (نظرة في حاضر الإسلام) أبدى إعجابًا كبيرًا لما بلغه الأمر بأنّ التعليم الديني القرآني في تأخر بفعل الاستعمار, وأنّ تطور التعليم الرسمي يتحرر من الدين شيئًا فشيئًا حتى يصبح لا دينيا محضًا, وأنّ دعاة التطور قد مدوا أصابعهم داخل الجامع الأزهر والزيتونة, وأشار إلى أنّ ذلك سيؤدي إلى اضطراب الشبيبة الإسلامية في مبادئها وعقائدها, وأنّ ذلك سيؤدي إلى صدمة قوية يعانيها الإسلام.
قال كرد علي: "إنّ لامنس ألف تاريخًا مختصرًا للشام لم يذكر فيه للإسلام ولا للعرب محمدة من ثلاثة عشر قرنًا ونصف القرن, ووصف العربي بأنّه ليس شجاعًا وأنّه على استعداد للنهب, كما تمدح الصليبيين وهم بشهادة المؤرخين من أهل الخبث والفجور".
وفي تقدير الباحثين أنّ لامنس أضعف من شأن أكثر مؤرخي العرب أمثال الطبري والبلاذري, وابن سعد والأصفهاني وابن الأثير وابن خلدون وأبي الفداء وقد ذكر إميل درمنجم: "إنّ كتب لامنس قد شوهت محاسنها بما بدأ في تضاعيفها من كراهية الإسلام ورسوله وأنّه استعمل إلى التاريخ طرقًا بالغ فيها بالنقد".
وقال كرد علي: "إنّ لامنس نشر أخطاءه وأكاذيبه في دائرة المعارف الإسلامية, ومن عمله تحريف آيات القرآن, وحذف ما لا يروقه من كتب المسلمين وخلط الآيات القرآنية بأبيات الشعر, وجعل الأحاديث النبوية من كلام بعضهم, وإيراد الخرافات من كتب الوضاعين والقصاصين مدعيًا أنّها منقولة من كتب الثقات الأثبات".
المصدر: لواء الشريعة