هل يؤدي الحجاب إلى الاكتئاب؟!!!!
زوار طريق الإسلام
أخيَّتي الغالية: هل تعتقدين أن الحجاب -كما يريده الله سبحانه- يؤدي
إلى الاكتئاب؟!!!
- التصنيفات: أحكام النساء -
سؤال تحاول الإجابة عنه معكِ:
د.أماني زكريا الرمادي
أخيتي الغالية:
في السطور القادمة همسات أرسلها إلى قلبك الطيِّب النّقي، من أخت تحبك وتحرص على ما ينفعك في الدنيا والآخرة، فأرجو أن تتقبليها بصدررحب.
ولا تنسَيني من دعائك.. فإذا أعجبَتكِ همساتي، فالحمد لله رب العالمين؛
وإن لم تعجبكِ؛ فكم يسعدني أن أتلقى تعليقاتك وانتقاداتك، ومقترحاتك لتطوير هذه الهمسات
على بريدي الالكتروني التالي:
[email protected]
أخيَّتي الغالية: هل تعتقدين أن الحجاب -كما يريده الله سبحانه- يؤدي إلى الاكتئاب؟!!!
سأترك الإجابة لعقلك الواعي من خلال السطور التالية.
والآن دعينا نعترف بأن المرأة بعد فترة من ارتداء الحجاب، أحيانًا ما تشعر بأنها تريد التغيير فيه أو إنقاصه أو -أحيانًا- نزعه.
وهي مشاعر طبيعية، لأن المرأة -بالفطرة- تحب الزينة، وتتمنى أن تكون أجمل نساء العالمين، وهذا لا عيب فيه... ولكن المشكلة في أن تتزين المرأة بشكل يؤدي إلى حرمانها من نعيم الجنة -والعياذ بالله- أو ترتدي حجابًا ناقصًا، أو يكشف بعض الأجزاء من جسدها الغالي!!!!
وأنا على يقين من أن السبب الحقيقي وراء عدم الالتزام بالحجاب -كما يريده الله تعالى- ليس نقص في الدين بقدر ما هو مشكلة أو مشاكل تعاني منها الفتاة, تُقلقها، وتؤرِّقها، وتنغِّص عليها حياتها، فتجد نفسها -لا إراديًا- تنفِّس عما بداخلها من خلال الإفراط في الزينة، أو كشف بعض العورات؛ رغم أنها مؤمنة ومُحبة لله بالفطرة.
فإذا كُنتِ يا أخيتي الحبيبة من هؤلاء.. فلا تلومي والديك، أو أحدهما، ولا تلومي نفسك، أو الظروف... بل احمدي الله أن فضَّلك على كثير من خَلقه في أشياء أخرى ٍكثيرة... وبدلاً من اللوم، فكري في حل المشكلة أو المشكلات التي تؤرِّقك، واستعيني بالله على حلها، فهو خيرُ مُستعان... وتذكَّري يوسُف عليه السلام وكل ما لاقاهُ من مِحَن، وكيف فرَّج الله همه وكشف غمه ونصره وأعزَّه... أليس ذلك بقادرٍ على أن يُفرِّج كربك؟!!!
بَلَى، وهو أقدرُ القادرين!!!!
فإذا كنتِ -يا غالية- تشعرين بأن الحجاب يكاد يخنُقك:
فاعلمي أن هذا الشعور لا ينتابُكِ وحدَكِ، بل إنه يراود الكثير من الطائعين والسائرين على درب الله سبحانه، فأحيانًا ما يشعر المُصلِّي، أو المتصدِّق، أو الصائم، أوقارىء القرآن بِصُدود، أو اختناق حين يُقبل عليهم، ولكنه إذا أصر على التمسك بهم، فإن الله تعالى يُذهب عنه هذا الشعور بفضله، ولعل ما يعينك أيضًا -بعد فضل الله- هو الاستعاذة بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم الذي هو سبب هذا الاختناق... فلقد أقسم الشيطان -بِعِزة الله- أن يُغوينا أجمعين، قائلا: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82]، كما قال: {وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 17]، وقال: {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف: 16]، أي طريق الطاعة... ولذلك فهو يسلُك كل السُّبُل لكي يبعدناعن طريق الله حتى يكون مصيرنا -والعياذ بالله- معه في جهنم، حتى لا يدخلها وحده!!!!
* ومما يعينك ايضًا يا غاليتي -بَقُدرة الله- هوالرُّقية الشرعية المأخوذة من القرآن الكريم، بأن تضعي يدك اليمنى على رأسك (فوق الجبهة) وأنتِ على يقين بأن الله تعالى سيكشف عنك هذا الأذى الشيطاني -ويفضل أن تكوني على طهارة وأنتِ متوجهة للقبلة بوجهك وقلبك- وتستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، ثم تقرأي الآيات التالية:
1- فاتحة الكتاب.
2- آية الكرسي.
3- {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ* فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ* وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ* قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ* رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف: 117-122].
4- {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ* فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ* فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ* وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [يونس: 79-82].
5- {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى* قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى* فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى* قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى* وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى* فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} [طه: 65-70].
6- {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ* وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 1-6].
7- سورة الإخلاص، سورة الفلق، سورة الناس.
* وبعد ذلك الرُّقية المأخوذة من السُّنة النبوية المطهرة، وهي:
1- أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ مِنْ نَفْخِهِ وَنَففْثِهِ وهَمْزِه. [ثلاث مرات].
2- أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيمِ [ثلاث مرات].
3- أَعُوذُ بِاللهِ الْعَظِيم وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ, وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ, مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيم.
4- أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ, مِنْ غَضَبهِ، وَشَرِّ عِبادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّياطِينِ وأنْ يَحْضُرُونِ.
5- أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ وَهامَّةٍ، وَمِنْ كُلّ عَيْنٍ لَامَّةٍ [ثلاث مرات].
6- أعُوذُ بِكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [ثلاث مرات].
7- بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأرْضِ وَلا في السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ [ثلاث مرات].
8- أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ, مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ, وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ, وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا, وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ, وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا, وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ, وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ, إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَن.
9- اللَّهُ أكْبَرُ, اللَّهُ أكْبَرُ مِنْ خَلْقِهِ جَمِيعًا, اللهُ أَعَزُّ مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ, أَعُوذُ بِاللهِ المُمْسِكُ السَمَاوَاتِ السَّبْعِ أَنْ يَقَعْنَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإذْنِهِ, مِنْ شَرِّ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَأَشْيَاعِهِ مِنْ الجِنِّ وَالإنْسِ, اللهم كُنْ لِي جَارًا مِنْ شَرَّهِمْ، جَلَّ ثَنَاؤُكَ, وَعَزَّ جَارُكَ, وَتَبَارَكَ اسْمُكَ, وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ.
* الأدعية النبوية:
1- أَسْأَلُ اللهَ العظيمَ, رَبَّ العرشِ العظيمِ أنْ يَشفِيَكَ (يشفيني)، [سبع مرات].
2- اسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ (أرقيني) مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ (يؤذيني) مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ (يشفيني), بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ (أرقيني).
3- اسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ (يُبريني)، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ (يشفيني)، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ.
4- اسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ (أرقيني), مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ (يؤذيني), مِنْ حَسَدِ حَاسِدٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ، اللهُ يَشْفِيكَ.
5- اسْمِ اللَّهِ (ثلاث مرات) أُعِيذُكَ (أعوذ) بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ ما تَجِدُ وتُحَاذِرُ (أجِد وأُحاذِر) [سبع مرات].
6- الَّلهمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ الْبَأْسَ, وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَماً.
أما وقايتك الدائمة من الشيطان -بفضل الله بعد أن يزول الشعور بالرغبة في البُعد عن الطاعات- فهي أذكار الصباح والمساء المأخوذة من السنة النبوية المطهرة، بالإضافة إلى الاستماع إلى سورة البقرة أو تلاوتها كل ثلاثة أيام، أو قدر المستطاع.
وإذاكنتِ -يا أخيتي- تُعانين من مشكلة أسَرية أو اجتماعية أو نفسية، وترَين أن الخروج عن حدود الحجاب الشرعي أو خلع الحجاب تمامًا، أو التبرج، أو وضع المساحيق يُنفِّس عن بعض ما تشعرين به من الضيق أو الاكتئاب أو الحُزن.
فاعلمي أن هذا النوع من التنفيس مؤقت وزائل...
فإذا أردتِ الشعور بالراحة والسَّكينة والاطمئنان بشكل دائم، فلكِ أن تجربي إحدى الوصفات التالية:
1- الوضوء، ثم صلاة ركعتين بنية قضاء الحاجة، ثم تشتكي لربك السميع العليم، الرحمن الرحيم قاضي الحاجات أن ينفِّس عنك كُربتك، وأن يزيل همك وأن يكشف غمِّك وأن يقضي حاجتك، فقط تذكري أن تصلي بخشوع وكأنك ترَين الله تعالى مُقبلا عليكِ بوجهه الكريم، يسألك: "ماذا تطلبين فأجيب دعوتك؟"
ألم تسمعي قول الله تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}؟!!
2- الاستغفار، الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: «من لزِمَ الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ورزقَهُ من حيث لا يحتسب».
ولكِ أن تستغفري بعدة صيغ (ويُفضَّل بعدد فردي، فإن الله وِتر يحب الوِتر)، من هذه الصيغ على سبيل المثال:
* أستغفرُ اللهَ العظيمَ الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيوم وأتوبُ إليه.
* لا إله إلا أنتَ سُبحانك إنِّي كُنت ُمن الظالمين.
* ربِّ إنِّي ظلمت ُنفسي فاغفر لي.
* اللهم أنتَ ربي لا إله إلا أنت خلقتَني وأنا أمَتُك وأنا على عهدكَ ووعدكَ ما استطعتُ أعوذُ بك من شر كُلِّ ما صنَعتُ، أبُوءُ (أي أعترف) لك بنِعمتك علي وأبوءُ بذنبي فاغفِر لي، فإنه لا يغفرالذنوب إلا أنت.
3- الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي صيغة تحبينها، وبأي عدد تستطيعينه، ولعل أفضل هذه الصِّيَغ:
* اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيم، في العالمين إنك حميدٌ مجيد.
4- الدعاء بأدعية تفريج الكروب، ومنها على سبيل المثال:
* اللهم إنى أشكو إليك ضَعف قُوَّتي، وقِلَّة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحمَ الراحمين، أنت ربُّ المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكِلُني إلى بعيدٍ يتجهَّمُني أم إلى عَدو ملَّكْتَهُ أمري، إن لم يكُن بك عليَّ غضبٌ فلا اُبالي، ولكنَّ عافيتك هي أوسع لي، أعوذُ بنور وجهك الذي أشرقَتْ له الظُّلُمات، وصلُحَ عليه أمر الدنيا والآ خرة من أن يحِلّ عليَّ غضبُك أو َينزِل بي سخَطُك، لك العُتبَى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك.
* {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83].
* {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62].
* حسبي الله لِديني، حسبي الله لدُنياي، حسبي الله الكريم لما أهمَّني، حسبي الحكيم القوي لمَن بَغَى عليً حسبي الله الحفيظ لمن حسدني، حسبي الله الشديدُ لمن كادَني بِسوء، حسبي الله الرحيم عند الموت، حسبي الله الكريم عند المسالة في القبر، حسبي الله اللطيف عند الميزان، حسبي الله القدير عند الصراط، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الرزَّاق من المَرزوقين، حسبي اللهُ لا إله إلاهو عليه توكلت وإليه أنيب.
* حسبنا الله ونعم الوكيل، هو نعم المولى ونعم النصير.
* {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137].
* {فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 64].
* اللهم إني أسألُك بعِزِّكَ وذُلِّي، وقُوَّتِكَ وضعفي، وغِناكَ وفَقري أن.... وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
* تلاوة سورة الفتح التي نزلت لتبشر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالفَتح المبين، والتي قال عنها صلى الله عليه وسلم: «لقد نزلَت عليَّ الليلة سورة هي أحب إليَّ من الدُنيا وما فيها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} » [أخرجه الإمام أحمد].
* تلاوة سورة يوسف التي أنزلها الله تعالى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في عام الحُزن حين فقد زوجته خديجة، ثم عمه أبو طالب اللذان كانا يناصرانه ويؤيدانه، فقد قال عنها أحد الصالحين: "لا يسمع سورة يوسف محزون -أي حزين- إلا استراح إليها".
فأسلوبها ممتع لطيف، وسَلٍس رقيق، يحمل جو الأُنس والرحمة، والرأفة والحنان... ولكِ أن تجرِّبي بنفسك تلاوتها أو الاستماع إليها!!!!
واعلمي أنك تخاطبين مَلِك الملوك، الذي بيده ملكوتُ السماوات والأرض، صاحب الخزائن التي لا تنفَد، والذي يغضب على عبده إذا لم يدعُه إذا كانت له حاجة!!!
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة».
البحث عن حل عملي لمشكلتك يحلها من جذرها، وذلك بمساعدة من تثقين بهم من العائلة أو الأصدقاء أو الجيران، أو مُعلِّمتك... أو من خلال مواقع الإنترنت الآمِنة التي تقدم حلولا لكل أنواع المشاكل.
مع الاستمرار في الدعاء في سجودك في قيام الليل بأن يفرِّج الله كربك.
عمل بعض التمرينات الرياضية الخفيفية -وأقلها المشي في أماكن مفتوحة- التي تساعد الجسم على إفراز هورمونات السعادة التي تنتشر في دمك، ومن ثم إلى سائر أعضاء جسمك فتعطيك الإحساس بالإسترخاء والبهجة حتى ولو ظلت مشكلتك بلا حل!!!
وبعد أن يمن الله تعالى عليك بتفريج الكرب لن تحتاجي للتنفيس عنه بخلع الحجاب أو تشويهه بلباس يبدي من العورات أكثر مما يواري، بل ستتمسكين بحجابك وتشعرين بقيمته إن شاء الله.
وإذا كنتِ -أعزَّكِ الله- تشعرين بأنك أقل من غيرك، والخروج عن حدود الحجاب الصحيح يريحك لأنه يُجمِّل مظهرك، ومن ثم يرفع من قَدْرِك:
فاعلمي أن قيمة الإنسان في قلبه ثم لسانه، ويكمِّل ذلك المظهر الخارجي الذي يوحي بالاحترام... وليس العكس، وأنَّكِ مهما تزيَّنتِ وتعطَّرت وتجمَّلتِ فإن كل هذا يذوب ويتحول إلى وحل يلطّخ جمالك وزينتك -والعياذُ بالله- بعد عدة كلمات تتفوهين بها؛لأن اللسان يغترف من القلب، فإن لم تجمِّلي قلبك بالعلم، وتزينيه بالحِلم والحياء وسائر الأخلاق الكريمة، والصفات الحميدة... فسرعان ما يكتشف الناس الحقيقة، وتذهب كل جهودك وأموالك المبذولة للتزيُّن والتجمُّل هباءً منثورًا.
والدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المَرءُ (أي الإنسان) بأصغَرَيه: قلبه ولسانه».
فتأكدي أنه لن يُعجَب بالجمال الظاهري إلا الذئاب الذين لا همَّ لهم سوى نهش لحمك، ثم إلقاءك وراء ظهورهم بعد ساعات... وحاشا لله أن تكوني منهن.
فإذا أرَدتِ الرِّفعة، والعِزَّة، فتعزَّزي بالله العزيز، ذي العِزَّة والجَبَروت، يقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8]، ثم تجمَّلي بالعِلم النافع ومكارم الأخلاق، وحينها لن تحتاجي لإظهار رِفعتك، لأنك ستشعرين بها داخلك، ثم تبدو في تصرفاتك وكلماتك، وقسَماتِ وجهك الهانئة، دون أن تتعمدي إظهارها بالتبرج وخلع الحجاب، أو تشويهه.
فلا تهتمي برأي الآخرين أكثر مما ينبغي، وتأكدي أنه:
«مَن أرضَى الناس بسَخَطِ الله سخط الله عليه وأسخَط عليه الناس، ومن أرضى اللهَ بِسَخَطِ الناس، رضي الله عنه وأرضَى عنه الناس».
لأن الله تعالى هو مالك المُلك وقلوب الناس كلها بين إصبعين من أصابعه يقلِّبها كيف يشاء، ولكِ أن تجربي بنفسك لتتأكدي!!!!
وإذا كنتِ -للأسف- قد ندمت على ارتدائك للحجاب وتتمنين خلعه، فهذا حقك!!!
ولكن هل فكَّرتِ للحظات لماذا ارتديتيه أولا؟
والآن أترك لك لحظات لتفكر ي مع نفسك -بوضوح- وتحاولي أن تكتبي -بِصِدق- السبب أو الأسباب في المساحة التالية:
ولكن أخيتي الكريمة: إذا لم تجدي سببًا، فدعيني أحاول مساعدتك:
لقد ارتديتُهُ:
* لأنني أبدو فيه أجمل.
* لأن ثياب المحجبات أصبحت أنيقة.
* لأن أغطية الرأس أصبحت ذات ألوان وأشكال أكثر أناقة.
* لكي أبدو متدينة، فأنا أحلم بالزواج من شاب متدين يعاملني بما يُرضي الله.
* لأنني أخشَى عقاب الله، فخروجي بدون حجاب يجعلني أحصل على سيئات بعدد كل شعرة تظهر مني، فضلاً عن معصيتي لأمر الله بكشف أجزاء أخرى من جسمي.
* لأن جسدي أمانة ينبغي أن أحافظ عليها من عيون العابثين.
* لأن الحجاب فريضة كالصلاة، والصوم... وبقية الفروض.
* لأنني مسلمة وأحب أن أرفع شعار الإسلام أينما كُنتُ خارج منزلي، فأُعِزُّ ديني، وأكونُ قدوة لغيري من الفتيات، فأكسب ملايين الحسنات بعدد من شاهدَني أو اقتدى بي.
فإذا كان السبب هو أحد الأسباب الأربعة الأولى فينبغي لك أن تعيدي التفكير وأن تتعرفي أكثر على فريضة الحجاب من خلال شريط أو كتيب لأن الحجاب بدون نية لإرضاء الله عز وجل يصبح بدون فائدة، وتكونين -والعياذ بالله- قد خسِرتِ الدنيا والآخرة!!!
وإذا كان السبب هو أحد الأسباب الأربعة الأخيرة، فلكِ أن تكرري على نفسك هذا السبب كلما ارتديتي الحجاب وأنت تستعدين للخروج؛ حتى تتسرب هذه الكلمات إلى عقلك الباطن الذي يتحكم في تصرفاتك دون أن تدري، فتتمسكي بالحجاب أكثر وأكثر، ومن ثم تظلي في منطقة الأمان.. فإن الموت يا غاليتي لا يُعرف موعده، وأخشى أن يأتي وأنتِ غير مستعدة له، فتندمي -والعياذُ بالله- حيث لا ينفع الندم.
وإذا كانت الفِتَن من حولك في كل مكان أقوى من طاقتك، وتشعرين بالوِحدة والغُربة في المجتمع الحالي أيتها الغالية:
فينبغي أن تبتعدي عن كل ما يثير هذه الفتن، سواء وسائل الإعلام الهدَّامة أو الصُّحبة السيئة، أو أماكن اللهو غير البريء... وتستبدليهم بوسائل الإعلام البنَّاءة (ومنها القنوات الفضائية الجادة، ومواقع الإنترنت الآمنة)، والصُّحبة الصالحة التي تتناسب مع طباعك وأخلاقك... ولا تقولي: "أين أجد ذلك؟!"، فمن يبحث عن شيء لابد سيجده مهما كان صعبًا، فإن كان صعبًا فهو -بلا شك- غير مستحيل!!!
ولا تنسي أن حبيبنا صلى الله عليه وسلم رغم قوة إيمانه كان أكثر دعائه لله سبحانه هو: «اللهم يا مُقلِّبَ القلوب ثبِّت قلبي على دينك».
وكان -صلى الله عليه وسلم- بعد أن ينتهي من التشهُّد في كل صلاة يدعو ربه قائلا: «اللهم إنِّي أعوذ ُ بك من فِتنة المَحيا وفِتنة الممات، وفِتنة المَسيخ الدجَّال ومن عذاب القبر»، فهل تفعلين مثله؟!!!
ما أحوجَنا جميعًا لأن نفعل ذلك!!!
وما أحوجنا للدعاء: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8].
أما عن شعورك بالوحدة والغُربة فتأكدي أن الحجاب فريضة على كل الأديان، ولكِ أن تتأملي صور مريم عليها السلام، أو أن تطَّلعي على صور المتدينات من نساء اليهود، أوتتذكري الأفلام التي تعرض أحوال نساء الجاهلية قبل ظهور الإسلام اللواتي كُن يكشفن -فقط- عن أعناقهن!!!
فهل نساء الجاهلية أفضل منك؟!!
حاشا لله!!!!
ولا تنسي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعودُ غريبًا كما بدأ، فطوبَى للغُربَاء» [صحيح مسلم] (وطوبى هو: واد في الجنة)!!.
فهنيئًا لك بغُربتك التي تميِّزُكِ عن الفاجرات وسيئات الخُلُق والسُّمعة، وهنيئًا لك بالجنة!!
فإن عيَّروكِ بعفافك وطُهرك واحتشامك، ووصفوكِ بأنك مُعقدة أو متخلفة -والعياذُ بالله- فقولي لهم بهدوء:
"ما أحلى غُربة العفيفة وسط الفاجرات، وما أزكى رائحة الطُّهر وسط زُكام الفِسق، وما أجمل غُربة الأحرار في دنيا العبيد، وما أقوى نور شمعة واحدة وسط ظلام العالم"!!
والآن دعيني أزُف إليكِ هذه البُشرى الجديدة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الخير فِيَّ وفي أُمَّتي إلى يوم القيامة».
أي أن الشَّر مهما كثُر وتنوعت أشكاله وفنونه، فسيظل هناك خير يتمثل في بعض المسلمين أمثالك، كما أن ظلام الدنيا كله لن يستطيع أن يطفىء نور شمعة واحدة من أمثالك... فلن تكوني إذن غريبة بمعنى أنك ستكونين الوحيدة على وجه الأرض، بل سيظل هناك عفيفات، طاهرات ومؤمنات مثلك إلى يوم القيامة، فابحثي عنهن كما تبحثي عن العبير وسط زكام الروائح الكريهة، واشتاقي لصحبتهن كما تشتاقي إلى النسيم العليل وسط الحرارة المرتفعة، وانضمِّي إليهن بسرعة، فإن «يدُ الله مع الجماعة» كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم.
وإذا كانت صديقاتك -للأسف- لا يلتزِمن بالحجاب، فاعلمي أن يوم القيامة سوف: {يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 34-37]، حتى والدتك التي تحبك أكثر من نفسها، سوف تهرب منك ذلك اليوم وتقول: "نَفْسي، نَفْسي".
فمن حقك الاستمساك بصديقاتك اللاتي ترتاحين إليهن، وتسعدين بصحبتهن، ولكن إذا كان هذا على حساب سعادتك في الآخرة، فينبغي لك أن تعيدي التفكير، فإن عذاب النار-والعياذ بالله- شديد لا يحتمله بشر، فإذا كانت نار الدنيا لا تُحتمل، فكيف بنار الآخرة التي هي سبعين ضعف نار الدنيا؟!!!
أعاذنا الله وإياكِ من النار!!!
ولقد وصف القرآن الكريم حال من ظلم نفسه بمصاحبة من يُبعدونه عن طريق الله، فقال: {يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً (أي صديقا) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً} [الفرقان:27-29].
ولكن يوم القيامة لن ينفعه الندم ولا الحسرة!!!
فالأيام يا غاليتي أنواع:
يوم مفقود: وهوالماضي الذي ذهب بلا عودة، ليُنقِص من أعمارنا يومًا!!
ويوم مشهود: وهو اليوم الذي نعيشه ونملُك أن نفعل به ما نشاء... هذا اليوم يقول لنا كل صباح: "يا بن آدم أنا يومٌ جديد، وعلى عمَلك شهيد، فاغتنِمني... فإني إن ذهبتُ فلا أعود أبدًا" كما قال الحسَن البصري.
ويوم موعود: وهو يوم في المستقبل قد يأتي وقد لا يأتي، ومن ثم فهو غير مضمون!!!
ولقد قال أحد الحكماء: "من صاحب اُلمُصلِّين صلَّى .. ومن صاحب المُغنِّين غنَّى!!!"
ولا تقولي أنا شخصيتي أقوى من أن أتأثر بهن، فأنت تتغيرين -لاإراديًا، و ببطء شديد- لتصبحي مثلهن دون أن تدري!!!
فإن لم تتغيري للأسوأ، فإنك لا تجدين بينهن مَن تَدلُّكِ على الخير أو تُعينُكِ عليه، بينما تعينك صديقتك الصالحة على أن تُكثري من الأعمال الصالحة لترتفع درجاتك في الجنة... فإذا كنت تريدين من الدنيا -وهي لا تساوي عند الله جناح بعوضة- خير ما فيها، فكيف ترضين في الجنة بأقل منزلة؟
لماذا لا تطمعين في الفردوس الأعلى؟!!
ألا تحبين مصاحبة النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته الصالحات وبناته الطاهرات، ومريم عليها السلام وهاجَر، وسارة عليهما السلام وأمثالهن؟!!!
ألا تحبين أن يكون سَقف قَصرك هو عرشُ الرحمن؟!!!
ألا تعلمي أن الناس يوم القيامة يدخلون إلى الجنة جماعات، وإلى النار-والعياذُ بالله- أيضًا جماعات؟
يومها سيبحث كل صديق عن صديقه، فإما أن يأخذ بيده ويدخلا الجنة معًا؛ وإما..... والعياذ بالله.
ألا تعلمين أن جزاء مصاحبة الصالحات -لمجرد أنهن يقرِّبنَكِ من الله- هو أن تجتمعي بهن على منابر من نور حول عرش الرحمن، فيُظِلكُنَّ بظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه؟!!!!
بل والأجمل من ذلك أدعوكِ للاستماع لهذا الحديث القدسي: «وجَبَت محبتي للمتحابين فِيَّ، والمتجالسين فيِّ، والمتزاورين فِيَّ، والمتباذلين فِيَّ!!».
أي أن محبة الله تعالى واجبة لكل مَن اجتمعوا من أجل طاعته، وتحابّوا من أجله، وتزاوروا من أجله، وأعطى بعضهم بعضًا من أجله!!!
فما رأيك؟!!!
و إذا كُنتِ -ولا ألومكِ- تشعرين بالرغبة في التغيير:
* فيمكنك التغيير في طريقة ربطة الرأس وألوانها دون الخروج عن حدود الحجاب الشرعي، فالحجاب الذي يُرضي ربك الكريم هو:
1- الذي لا يصف أيًا من ملامح جسدك الغالي (أي أن يكون فضفاضًا)، فلا يظهر منك إلا الوجه والكفِّين، ولكن بدون زينة أو مساحيق.
2- ألا يكون شفافًا يكشف ما وراءه.
3- ألا يكون لافتًا للنظر سواء بلون مُبهِر، أو حِلية لافتة.
4- ألا يكون مُعطَّرًا.
* كما يمكنك تغيير وضع أثاث غرفتك أو منزلك.
* أو تغيير وظيفتك.
* أو الالتحاق بمعهد أو مركز لدراسة دورات تتعلمين فيها شيئًا مفيدًا.
* أو السفر في إجازة قصيرة.
ولكن لا ينبغي أبدًا تغيير طاعتك لربك وحرصك على إرضاءه.
وإذا كنت -أحيانًا- ترَين نفسك شاحبة، فاعلمي أن الشحوب لن تُخفيه المساحيق، وإنما الأطعمة التي تحتوي على عنصر الحديد، (الذي يمنح الدم لونه القاني)، ومن ثم يعطي البشرة لونها الوردي!!
فالدم النقي يا غاليتي هو أهم أدوات التجميل، لذا يجب أن تأكلي قدرًا كافيًا من الأطعمة التي تحتوي عليه بشكل كبير مثل: العسل الأسود -الذي يقولون عنه أنه حديد سائل- والعدس، والبازلاء، والبنجر، والكبدة، والبيض، والسبانخ، والخرشوف، والرمان، والتفاح، والعنب الأحمر؛ مع ملاحظة أنَّ تناوُل عصير الليمون -أو أي طعام غني بفيتامين ج(سي)- مع هذه الأطعمة يساعد على امتصاص الحديد في الجسم، ومن ثم يحقق أقصى استفادة منه.
هذا بالإضافة إلى تناول الخضر الطازجة، ومنها على وجه الخصوص:
الجزر (لَكِ أن تلاحظي التأثير المباشر والسريع للجزرعلى لون ونعومة بشرتك، وإشراقة وجهك).
أما منتجات الألبان، فهي ضرورية أيضًا لجمالك ونضارة ونعومة بشرتك، خاصة الزبادي والجبن القريش؛ هذا مع الاعتدال في تناول النشويات والسكريات واللحوم.
وإذا كُنتِ -يا أخيتي- تشعرين بالقلق من ألا يتقدم لك العريس المنتظَر لأنك ترين أن الحجاب الصحيح يقلل جمالك؛ فاعلمي أن الزواج هو احد أنواع الرزق، ولعلك تعلمين أن الرزق يطارد صاحبه أينما كان، حتى أن الإنسان لو هرب من رزقه لطارده الرزق كما يطارد الموت صاحبه!!!
فلن تستطيعي -مهما فعلتي- أن تهربي من رزقك، ولن يستطيع أحد كائن من كان أن يمنع عنك رزقك، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «لا يموتُ ابن آدم حتى يستوفي أجله (عُمره) ورزقه»، كما يقول صلى الله عليه وسلم: «... واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أن ينفعوك لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، واعلم أن الأُمَّة لو اجتمعت على أن يضرُّوك، لن يضُرُّوكَ إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعَت الأقلام، وجفَّت الصُّحُف» حديث صحيح.
ولَعلك لاحظت من قبل أن غير الجميلات يتزوجن -في العادة- من رجال وسيمين، أو على الأقل تكون كل منهن سعيدة في زواجها!!! ألم تسألي نفسك ذات مرة، "لماذا؟!!"
إن المسألة تخضع للقدَر والنصيب ولقِسمة الله العادلة بسنن خلقه، يقول سبحانه: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: 32]، ولعلك إن سألتي هؤلاء الأزواج!!
و إذا كُنتِ -ولا ألومكِ- تخافين أن يتطلع زوجك لغيرك من المتبرجات، فاعلمي أنه إذا نظر لغيرك فهو يرى من تجعله يشعر بقيمتك، ومن تجعل قَدْركِ عنده يرتفع ويزداد... فلو شاء لتزوج واحدة منهن، ولكنه فضّلك عليهن جميعا حين أراد أن يتزوج، فالفرق بينك وبين المتبرجة:
أنكِ كقطعة حلوى نظيفة وصحية تم تغليفها لكي تُصان من الذباب والأتربة، بينما بقيَت هي كقطعة حلوى بدون غطاء... فأصبحت ملوثة لا يمتد إليها إلا أيدي ملوثة مثلها!!
وأنك جوهرة غالية، وثمينة، ونادرة... فكان لابد من الحِفاظ عليكِ داخل وعاء ثمين حتى لا تعبث بك نظرات العابثين ويطمع بك الطامعين، ويصبح جمالكِ مُتاحًا لكل مَن هب ودب.
بينما بقيت هي معروضة لكل الناس -لأنها رخيصة، وبلا قيمة كالسلعة البائرة- فمن شاء استرق النظر إليها، ومن شاء مد يده وعبث بها، وأفسد طُهرها وبراءتها... فالحمد لله الذي عافاكِ مِمَّا ابتلاها به، وفضلَكِ عليها تفضيلا!!!!
وإذا كُنتِ -يا رشيقة القوام- ترَين أن الحجاب الصحيح يخفي رشاقتك:
فتأكدي أن الرشاقة تظهر مهما ارتديتِ من ملابس واسعة ولكنها تظهر بشكل محترم يليق بك، كما تظهر أكثر من خلال حركتك الرشيقة، وقوامك الممشوق، وهامَتُك العالية... كما أنك -بحجابك الصحيح- تحتفظين بمعالم هذه الرشاقة لتظهر أمام زوجك فقط، ألم نتفق أنك جوهرة مكنونة، ودُرَّة مَصونة؟!!!
ثم إن الدنيا يا غاليتي سُوَيْعات قلائل وستمُر؛ فإن أنتِ صُنتِ رشاقتك عن أعين الناظرين أبدلك الله في الجنة بقوام ورشاقة خير مما عندك، وإن لم تفعلي احترقَتْ رشاقتك هذه في النار-والعياذُ بالله- وذابت ثم عادت، فاحترقت... وهكذا؛ فما رأيك؟!!!
والآن يا غالية أرجو ألا أكون قد أثقلتُ عليكِ، ولكن بقيَت همسات قليلة أرجو أن تجد طريقها إلى قلبك:
تذكري كلما ارتديتِ حجابك أنه شَرَفُكِ الذي شرَّفكِ الله به، واختارك دون الرجل لتحملي شعار الإسلام أينما ذهبتِ.
تذكري أنك تُمثِّلين نموذجًا للمرأة المسلمة، فاجعلي هذا النموذج مشرِّفًا قدرَ استطاعتك، ولا تدَعي أحدًا يعيب الإسلام أو الحجاب بسبب سلوك غير مسئول يبدر منك سواء بقصد أو غير قصد.
تذكَّري أن الملائكة تُحيطُكِ كلما ارتديتِ حجابك، وتحفظك؛ فلتكُن أيضًا تصرفاتُكِ ملائكية قدر الإمكان.
إحرصي على عمل جدول أسبوعي لمزاولة الأنشطة المختلفة، منها:
أ- ممارسة الرياضة التي تحبينها (بدون تبرُّج أو اختلاط).
ب- درس ديني لشيخ يتبع السُّنة النبوية التي تتفق مع الفِطرة، ولا تشدُّد فيها.
ج- قراءة كتاب يرفع مِن همَّتك ويزيد من ثقتك بنفسك مثل: ("المفاتيح العشرة للنجاح"، و"قوة التحكُّم في الذات" للدكتور إبراهيم الفقي، و"إدارة الذات" للدكتور أكرم رضا، و"100 نصيحة لحياة سعيدة" للدكتور عادل صادق، و"كيف تتخلص من عيوبك النفسية" للدكتور يسري عبد المحسن، و habits of highly effective people the Seven لمؤلفه Steven Covey، و"لا تَحزن" للدكتور عائض القَرني، و"رِحلة التغيير المُتَّزن" لمؤلفته صفية سِرِّي).
د- لقاء مع صديقة أو صديقات من الصالحات.
فإن مزاولة هذه الأنشطة باستمرار يجعلها عادة لا تستطيعين الاستغناء عنها، واحرصي على ألا تؤجليها لأي سبب؛ حتى تصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتك... وأعدُكِ بأنك ستندهشين من النتائج بعد فترة قصيرة من الزمن!!!
والآن يا غاليتي أترُكُكِ -في رعاية الله- مع القصص الواقعية التالية:
1- رانية وأعوان إبليس:
ذهبت رانية -البالغة من العمر ثلاثة عشر عامًا- إلى العمرة مع والديها في العُطلة الصيفية، وهناك كانت سعادتها لا توصف لرؤية الكعبة المشرفة وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة في الروضة الشريفة، والصلاة في مسجد قباء، وزيارة جبل أُحُد وشُهداء غزوة أُحُد... فقد كان لكل ذلك أثر كبير في نفسها البريئة، وهناك قررت أن تلتزم بالحجاب وعزمت على ألا تعود عنه أبدًا.
ولما عادت رانية من العمرة هنأتُها على هذا القرار المبارك وشجَّعتُها كثيرًا بكل ما استطعتُ من وسائل، وكانت هي سعيدة جدًا بذلك... ولما بدأ العام الدراسي، وعادت إلى المدرسة فوجئت رانية بأعوان إبليس من زميلات المدرسة يجتمعون عليها ليُفسدوا عليها طاعتها وتوبتها، فمن تقول لها: "ما هذا إن شكلك غريب"، ومن تقول: "إنك لا زلت صغيرة السن"، ومن تقول: "كلما نظرتُ إليكِ شعرتُ بالرثاء من أجلك، لماذا تحرمين نفسك من مُتع الحياة؟"...
وزا د الطين بلة حين أخطأَت رانية في الإجابة على إحدى الأسئلة في حصة الدين، فما كان من المعلمة إلا قالت لها بعُنف: "كيف تُخطئين في الإجابة وأنت مُحجبة؟!!!!".
فكانت هذه هي القشة التي قصمَت ظهر البعير، وشعرت رانية بالاختناق وبأنها تكره الحجاب وأنها لم تعد قادرة على ارتداءه مرة أخرى... فحزنت أمها كثيرًا، ولم يدرِ والدها ماذا يفعل ...وحاولنا إقناعها بكل طريقة ممكنة حتى لا تخلع الحجاب، ولكنها أصرت على موقفها ولم يستطع والداها سوى الإذعان لرأيها لعلها بعد أن تتقدم في العمر قليلاً تُدرك أكثر، ثم تعود... فأشرتُ على والدتها أن تُلحقها بحلقة قرآنية في إحدى الدُّور المتميزة، لعل هذا يحفظها من شياطين الإنس والجن، ويعينها على العودة بنفس واثقة، وقلب ثابت في المرة القادمة، ليس للحجاب فقط، ولكن لكل ما يُرضي ربها، وما ذلك على الله ببعيد، وهي الآن تلتزم بالذهاب إلى هذه الحلقات، والله تعالى أدعو لها أن يتوب عليها وأن يرُدَّها إليه ردًا جميلاً، وأن يأخذ بناصيتها إليه أخذَ الكِرامِ عليه، إنه على كل شيء قدير.
2- جارتنا -أم كاميليا- والضَّيفة الكندية:
كنتُ حين قررت ارتداء الحجاب لا أحب العباءة أو (الثياب الماكسي) ولكني كنت مُصرة على الحجاب ومهيأة نفسيًا لارتداءه، فظللتُ أفكر في حل للمشكلة... فلما تذكرتُ ثياب النساء المسلمات في الهند والباكستان، اللواتي يرتدين البلوزة الطويلة مع البنطلون الواسع (أي ما صار يُعرف بعد ذلك بالتونيك) فقررتُ أن تكون ثيابي كلها من هذا الزي مع اختلاف الألوان والأقمشة لتُناسب كل الأوقات.
ولقد كان الزي مُريحًا وعمليًا، بل إنه نال إعجاب كل زميلاتي بالجامعة؛ إلا أنني كنت ذات مرة أزور جارتنا الطيبة التي عاد ابنها من كندا مع زوجته الكندية، فجلستُ معهم جميعا، وبينما نحن نتحدث لمحتُ الضيفة الكندية تهمس إلى زوجها بكلمات، فلم أهتم بذلك... ولكن زوجها قال لي: "عفوًا، إن زوجتي تتساءل: "إذا كُنتِ ترتدين الحجاب، فلماذا هذه الثياب التي توحي بأنك ذاهبة إلى الديسكو؟!!!!".
فنزلت كلماته عليَّ كالصاعقة، ولم أردُّ لوهلة، ولكني بعد أن تمالكتُ نفسي قلت له: "إن ثيابي ساترة، فما يَهُم الموديل؟!".
فقال لي: "إن انطباعنا عن زيِّك يختلف كثيرًا عن انطباعها وانطباع الغربيين، فالحجاب بالنسبة إليهم يعني العباءة أو الثوب الطويل، فهما أكثر سترًا، وهما لباس الإسلام كما يعرفونه".
فلم أردُّ عليه ولكنني اعتذرتُ لهم وعُدْتُ إلى بيتي وأنا أفكر طويلاً، لقد شعرت بالحرج الشديد، وبأنني أسأت تمثيل المسلمات، بل وربما أسأت إلى المسلمين والإسلام أمام هذه الضيفة الكندية التي لم تعتنق الإسلام بعد!!!
وظللت أحدِّث نفسي: "نعم إن ثيابي ساترة، ولكن العباءة أكثر سترًا ...ولكنني لا أحب العباءة، فماذا أفعل إذن؟!!!".
وظللت أفكر حتى هداني الله تعالى بفضله إلى ارتداء التايورات الماكسي؛ أو البلوزات مع الجونلات الماكسي فهي أخف وطأة من العباءة بالنسبة لي في ذلك الوقت وشعرت بالفعل براحة كبيرة وبأنني مستورة أكثر من ذي قبل... ومرت السنوات، وأكرمني الله تعالى بعُمرة في شهر رمضان، وهناك كان لابد من أن أرتدي العباءة، بل إنني شعرت وأنا أمام الكعبة أني أريد ارتداء كل ثياب الدنيا لأستر نفسي قدرالإمكان... وشعرت براحة عجيبة وأنا أرتدي العباءة وأتجول بها في كل مكان، وكأنها مليئة بالنور من داخلها والدنيا من حولي واااسعة!!! حتى أنني حرصت على شراء العديد منها بمختلف الموديلات الفضفاضة لكي أرتديها عندما أعود لبلدي... ومع مرور الوقت أصبحتُ لا أستطيع الخروج بدون عباءة، فقد وقعتُ في غرامها، ولم أعد أستطيع الاستغناء عنها، والحمد لله رب العالمين.
3- قصة مُنَى:
لقد كنتُ -كما نصحَتني أمي جزاها الله عني خيرًا- لا أصاحب إلا الفاضلات، فلما كانت "منى" تحرص على مصاحبتي كنت أرحب بها لما لمستُه منها من طيب خُلُق، وعِزة نَفس، وسلامة صدر.
ولما تمت خطبتها ونحن في السنة الثالثة بالكلية كانت أحيانا تحكي لي عن مشكلاتها مع خطيبها، ولكني كنت أكتفي بالاستماع، فلم أكن قد نضجت وقتها بشكل كاف لأنصحها في مثل تلك الأمور، وقبل انتهاءنا من السنة الرابعة قامت منى بفسخ خطبتها... وكانت سعيدة بهذا القرار.
وبعد التخرج من الجامعة لم أرها لعدة سنوات، ثم شاء الله أن أقابلها في مقر عملها ففرحتُ بها كثيرا، ولكني انزعجت لأنها لم تكن قد ارتدت الحجاب بعد، ففتشتُ في حقيبتي، فوجدت شريط "التوبة" للأستاذ عمرو خالد، فقلت لها: "تعرفين يا منى أني أحبك، وهذه الأشياء لا أعطيها إلا لمن أحبهم".
فقالت لي: "لا، أنا لا أريد، إن معلوماتي الدينية غزيرة بما فيه الكفاية".
فقلت لها: "نعم، ولكن لماذا لم ترتدي الحجاب حتى الآن؟"
قالت: "أنا محتشمة في لباسي كما ترين".
قلت لها: "نعم، وهذا خير كثير يا منى، ولكن الحجاب فريضة!!".
فقالت: "بعد أن أتزوج إن شاء الله، فمنذ تلك الخطبة لم تتم خطبتي حتى الآن"!!!.
فقلتُ لها: "لا علاقة بين الموضوعين يا غاليتي، فالحجاب فريضة كالصلاة، أما الزواج فهو مقدَّر في عِلم الله، وسيحدث في وقت معين لا يعلمه إلا الله، سواء ارتديتِ الحجاب أم لم ترتديه، كما أنني أرى أن مَن يتقدم للزواج منك من أجل جمالك الظاهري لا يستحق أن تتزوجيه، لأنه بعد فترة قصيرة سيعتاد هذا الجمال وسيصبح في حاجة لجمال آخر عند غيرك، أما من يتزوجك من أجل أخلاقك ودينك وشخصيتك وطباعك، فستزدادين جمالا في عينيه وقلبه كل يوم".
قالت: "نعم أنت على حق".
وشعرتُ أنها بحاجة للاقتراب من الله تعالى بأي شكل، فقلت لها: "هل استمعتِ إلى مشاري راشد؟ إن صوته نَدي في تلاوة القرآن".
فقالت: "لا، أنا أشعر بضيق عند تلاوة القرآن أوالاستماع له".
فقلت لها: "وبماذا تشعرين أيضا؟".
قالت: "أشعر بصداع شديد من وقت لآخر، كما أنني أعاني من الأرق!!".
فنصحتُها بالرُقية الشرعية، ووعدتها بأن أحضر لها نسخة منها... وبالفعل أكرمني الله بأن أهديتها نسخة من الرقية، مع شريط لسورة البقرة، ونصحتُها بالاستماع إليها يوميا، خاصة باستخدام سمَّاعات الأذن؛ وقبل أن أودعها تبادلنا أرقام التليفونات، ودعوت لها بأن يفرِّج الله كربها.
وبعد فترة اتصلت بها للاطمئنان، فإذا بها تقول أن شريط سورة البقرة قد تمزق، فاشترت غيره، فضاع منها.
فقلت لها: "إشتري غيره وداومي على سماعها مع الرقية".
وبعد فترة إتصلت بي لتخبرني أن الله تعالى أكرمها بالشفاء من الصداع والأرق.... فحمد تُ الله كثيرا، ووعدتها بالزيارة، فلما ذهبتُ إليها سألتُها: "ما رأيك يا منى لو تدخلين جنة الدنيا؟!!".
فتعجبَت قائلة: "كيف؟".
فقلتُ لها: "بزيارة البيت الحرام والطواف به، والصلاة في رحابه، والدعاء في أماكن إجابة الدعاء، ثم الصلاة في المسجد النبوي، وخاصة في الرَّوضة الشريفة التي هي روضة من رياض الجنة".
وظللتُ أحكي لها عن جمال وروعة المشاعر التي يشعر بها المؤمن هناك، وعن عطايا الكريم لزوَّار بيته، حتى اشتاقت إليها...
ولكنها قالت: "إن أبي قد توفاه الله وإخوتي لن يوافقوا على السفر معي".
فقلت لها: "إبحثي عن عم أو خال".
فقالت لي: "لا أحب أن أُذل بسؤال أحد".
فقلت لها: "إنه ذُل في سبيل الله!!!! وما أحلاه من ذُل!!".
وتركتُها لتفكر بهدوء.. فإذا بها تتصل بي لتقول لي أنها قد حجزت للسفر إلى عُمرة شهر رمضان وأنها ستسافر بصحبة عمِّها، فحمدتُ الله على هذا الخبر السعيد، وذهبتُ إليها ومعي مطويات عن "صِفة العُمرة"، وحدَّثتها عن كيفية الفوز بأعلى قدر من الحسنات في هذه الزيارة المباركة، وكيف يمكنها توزيع التمر والحلوى على الصائمين، وسُقيا الماء لكبار السن في الحرم، وخدمة البيت الحرام بإعادة المصاحف إلى مكانها وغير ذلك.
والإيثار في الأماكن المزدحمة، وحُسن التعامل مع المصلين وعُمَّار الحرمين... وغير ذلك، وكانت في قمة السعادة!!!
فلما عادت بسلامة الله، وجدتُ "منى" قد ازدادت جمالاً، وبهاءً، وثِقة بالنفس، وتوكٌّلاً على الله، ورغبة في عمل المزيد والمزيد من الطاعات، وكانت أجمل أخبارها أنها تمكنت من تقبيل الحجر الأسود رغم الزحام!!!
وكانت هديتي لها هي مجموعة أشرطة الأستاذ عمرو خالد (العبادات) و(إصلاح القلوب)، ولكنها لم ترفض هذه المرة، بل فرحت بها، وحرصت على أن تسمعها، ثم تُعيرها لكل زملائها في مقر عملها.
ومرت الأيام ولم يُرد الله لمنى الزواج، وكنت دائما أدعو الله تعالى لها أن يرزقها زوجا صالحا.
ومنذ أسبوعين كنت أقضي بعض حاجياتي فأُذِّن لصلاة الظهر، فذهبت إلى أقرب مسجد لأداء الصلاة، وقبل أن أصلي تحية المسجد، إذا بمُنى تناديني وتحييني، ففرحتُ بها كثيرا، وعلمت أنها لم تتزوج بعد... فلما طلبَت مني أن نصلي جماعة لأنها في عجلة من أمرها ولن تستطيع انتظار الإقامة، صليتُ معها، ودعوتُ الله تعالى لها في سجودي أن يرزقها زوجًا صالحًا، وأن يُصلح لها أحوالها.
وبعد الصلاة ودعتني "منى" بحرارة؛ وقالت لي: "أتمنى أن أراك قريبا".
فقلت لها: "إن شاء الله"، وكان بحقيبتي كتيب عن الحجاب، فأهديتُه لها وطلبت منها أن تمرره على زميلاتها بالعمل، ففرحَت به وشكرتني.
أما المؤلم في الأمر، فهو أنني علمتُ أن منى -ذات الإثنين والأربعين عامًا- توفيت صباح اليوم في حجرتها، وهي ترتدي ثيابها استعدادًا للذهاب إلى عملها!!!!
فصُعِقتُ لهذا الخبر ...وتذكرتُ صلاتنا معا منذ أسبوعين، ثم سجدتُ لله شاكرة لأنه هداها لارتداء الحجاب، ثم منَّ عليها بعُمرة رمضان التي تساوي في الأجر حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حبَّب إليها طاعته فصارت حريصة على مختلف الطاعات.... وكل ذلك قبل فوات الأوان؛ فكم هو رحيم!!! وكم هو كريم.
أسألُ الله العظيم ربَّ العرش الكريم أن يرحمها ويعفو عنها ويتجاوز عن سيئاتها، وأن يرزقها زوجًا في الجنة، وأن يعفو عنا أجمعين، وأن يليِّن قلوبنا وأبداننا لطاعته، وأن يمُن علينا بحُسن الخاتمة، إنه على كل شيء قدير.
4- قصة الداعية سوزي مظهر:
(وهي قصة ترويها بنفسها، ونُشرت على موقع لَكِ على شبكة الإنترنت)
تزوجتُ، وذهبت أنا وزوجي إلى باريس لقضاء شهر العسل، وهناك قابلتني فتاة فرنسية أثناء صلاتي في مسجد باريس، ووقتها لم أكن محجبة، وبعد الصلاة خلعتُ الحجاب، فاستوقفتني بكل أدب، وقالت بالفرنسية ما معناه: "لماذا تخلعين الحجاب؟".
فقلتُ لها: "لأنني انتهيت من الصلاة".
فقالت لي: "ألا تعلمين أن الحجاب أمر الله؟".
كنت وقتها لا أريد أن أسمع شيئًا، فأنا في شهر عسل، ولم يكن عندي معلومات دينية كافية.
ولكن الفتاة الفرنسية طلبت منى بكل أدب أن أجلس معها دقيقتين في المسجد، لقد كانت تجيد فعلاً فن الدعوة، وسألتني: "أتشهدين أن لا إله إلا الله، وتفهمين معناها بقلبك؟!".
فقلتُ: "طبعًا فأنا مسلمة".
فقالت لي بالعربية هذه الآية: {قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام: 15]، وقالت لي أيضًا: "إن المعاصي تتسبب في زوال النِّعَم، أرجو أن تفكري في ذلك".
وصافحَتني، فشكرتها، وخرجت، ولكنها كانت أول مرة في حياتي أفكر، واندهشت أن فتاة فرنسية تعيش في وسط هذا الجو المليء بالمعاصي والمغريات تعلم عن الدين الإسلامي ما لا أعلمه، قلت في نفسي: "ما الشيء الذي جعل هذه الفتاة تعتنق الإسلام وتحبه هذا الحب؟!!!"
وأخرجتني من هذا التفكير العميق دعوة من زوجي للسهر معه، وفي أثناء السهر شعرت باختناق من الجو المحيط بي، وأصررتُ على الخروج من هذا المكان، وبكيت، ولما سألني زوجي -ذو الثقافة الفرنسية- عن هذا قلت له ما حدث لي، وأننا فعلاً بعيدان عن الله، وحتى الصلاة كنا نضيِّعها أثناء انشغالنا بالخروج.
وعندما عرفت تفسير (في ظلال القرآن) بدأت به، وكذلك تفسير ابن كثير، وكنت أقضي أكثر من عشر ساعات في حجرتي أقرأ، وكانت لدي الرغبة القوية لمعرفة ديني.
وكنتُ أتذكر دائمًا ما قالته لي الفتاة الفرنسية: "إن المعاصي تتسبب في زوال النعم"، وأنا -بالطبع- أخاف على زوال نِعَمي، وخاصة صحتي، فلقد كانت جدتي -رحمها الله- مصابة بالشلل لمدة عشر سنوات، وكنت أراها تتألم، وتحتاج لمن حولها.... ومن تمنيت ألا أصبح مثلها، فصرتُ أتقرب إلى الله أكثر بالصلاة والعبادة خوفًا على زوال نعمة الصحة.
ولما أكرمني الله ببعض العلم النافع قررتُ أن أفيض منه على مَن حولي، فتحول بيتي الذي كان يمتلئ كل مساء بالأصدقاء وتقام فيه السهرات إلى قِبلة لكل من تريد معرفة أحكام دينها... والسبب في هذا التحوُّل الجميل والعجيب في نفس الوقت، لم يكن سِوَى فضل الله الكريم، ثم تلك الفتاة الفرنسية في مسجد العاصمة الفرنسية، جزاها الله خيرًا!!!
أما زوجي فهو يقول الآن: "لقد كُنَّا نعيش كالأنعام قبل أن يَمُن الله علينا بالهداية".
5- دعاء وفتحة الجونلة:
إن دعاء هي إحدى صديقاتي، وهي لطيفة المعشر، كريمة الأخلاق... وهي ترتدي الحجاب منذ أن كانت في المرحلة الإعدادية، إلا أنها كانت في بعض الأوقات ترتدي جونلات (ماكسي) ذات فتحات من الخلف، فلم أشأ إحراجها، ولكني كنت حريصة على مصلحتها، فبدأت بقولي: "تعرفين يا دعاء أنني أحبك".
قالت: "نعم".
قلت: "ولهذا فأنا أحب لك الخير في الدنيا والآخرة".
قالت: "بالطبع".
فقلت: "إن هذا الحجاب الساتر الجميل ينقصه فقط أن تسدي الفتحة بجونلتك، وأي جونلة أخرى مثلها حتى لا تظهر هذه الساق الجميلة".
فقالت: "هي فقط لتيسير الحركة".
فقلت لها: "تستطيعي -بدلاً من ذلك- أن ترتدي جونلة أكثر اتساعًا فتساعدك على حرية وسهولة الحركة.
أو تقومي بسد الفتحة بكالونة من الداخل فتستر الساق، وتيسر لك الحركة أيضا".
فلم ترد علي، وانتقلنا للحديث في موضوع آخر، واكتفيت في ذلك اليوم بهذه الجُرعة!!
ولما رأيتها مرة أخرى قلت لها: "دعاء، لقد سترتي هذه المنطقة فلماذا تكشفينها أحيانًا بهذه الفتحات؟!!
لماذا لا تستبدلي هذه الجونلات بأخرى أكثر اتساعًا, أو تجرِّبي ارتداء العباءة فهي أكثر اتساعًا ويُسرًا في المشي".
ولكنها استنكرت وقالت: "ماذا؟هل أذهب إلى عملي بالعباءة؟!! ماذا تقولين؟!!!".
ومرت الأيام وظللت أراها بنفس الجونلات دون أن تغيرها أو تسد الفتحات، فتوقفت عن الكلام وظللتُ أدعو الله تعالى أن يعينها على هذا الأمر ...وذات يوم ذهبت دعاء لقضاء بعض حاجاتها، فإذا بساقها تلتوي تحتها وتُصاب بكسر وتمزُّق في أربطة الكاحل، وحارت بين الأطباء وتناولت كل ما تستطيع من أدوية... ولكن قدمها وبداية الساق ظلتا منتفختين، فلم تعد تستطيع إدخالها في الحذاء، فاضطرت في الشتاء أن تذهب إلى عملها بقدم فيها حذاء، والأخرى بها خُف (شبشب).
ولقد حزنتُ كثيرًا من أجلها، وكنت أدعو لها بالشفاء، وذات مرة اتصلت بها لأسأل عنها، فخطر ببالي خاطر، فقلت لها: "هل تعرفين؟ أنا أظن أن ما بقدمك وساقك سببه فتحات الجونلات!! فالله سبحانه حين يحب العبد يبتليه حتى يطهره من ذنوبه".
فتعجبَت وصمتت... فلم أتكلم أكثر في هذا الأمر... ولكني فوجئت بها تتصل بي بعد فترة لتقول: "لقد اشتريتُ تونيك، وذهبت به إلى عملي، و لقد نال إعجاب الجميع!!".
فقلت لها: "الحمد لله!!!".
وبعد ذلك بفترة قصيرة جاءت دعاء لتزورني وهي ترتدي عباءة أنيقة، وفوجئت بأن قدمها وساقها قد شُفيتا تمامًا، حتى أن دعاء أصبحت تستطيع ارتداء الحذاء في القدمين!!!! فلم أصدق عيني وفرحت بها جدًا، فقالت لي: "جزاكِ الله خيرا، فأنا أشعر الآن بسعادة غامرة وراحة كبيرة منذ ارتديت العباءة والتونيك، ليتكِ حدثتيني عنهم قبل ذلك بكثير!!".
فقلتُ لها: "الحمد لله الذي طهَّركِ من ذنوبك بآلام قدمك، ثم الحمد لله الذي تاب عليك وشفاكِ".
وتحولت دعاء بعد ذلك -بفضل الله- من رافضة لارتداء العباءة إلى داعية لارتدائها وسط أخواتها وأقاربها وزميلاتها في العمل!!!!.
ليس هذا فحسب، وإنما أصبحت تشتري من مالها الخاص عباءات وتتصدق بها على المحجبات من طالباتها وجاراتها اللواتي لا يستطعن شراءها (فالعباءة في بلدي غالية الثمن إذا قورنت ببقية الملابس)... والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
والحمد لله أنني لم أتردد في نُصحها، فقد كانت في حاجة إلى هذه النصيحة!!!
أدعو الله تعالى أن يستر عوراتنا وعورات مسلمين وأن يُحسن ختامنا أجمعين، إنه على كل شيء قدير.
المصدر: بريد الموقع