أغلى أمنية

منذ 2014-05-20

وقبل أن تغادر المستشفى سألناها عن أمنيتها فقالت: "أغلى أمنية وهي الإبصار، وقد تحققت بفضل الله وبقي تعلم القراءة والكتابة، لأتمكن من حفظ القرآن ومعرفة فرائض الإسلام، وخدمة هذا الدين العظيم الذي أتى بكم من مكان بعيد من آلاف الكيلومترات حتى تخدمونا".

أكرر أن من أنجح وسائل الدعوة إلى الله؛ اتباع كتاب الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، خاصة فيما يتعلق بحسن المعاملة للآخرين.

تذكروا معي قوله تعالى {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران من الآية:159]، وقوله صلى الله عليه وسلم «وتبسمك في وجه أخيك صدقة» (صحيح)، والكثير من ذلك في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي أمور يغفل عنها بعض الإخوة ممن يتصدون للوعظ.

أذكر أن فتاة عمرها 15 سنة، من مدينة قلنغارا التي تبعد عن مدينة زغنشور عاصمة جنوب السنغال 400 كيلو متر، فقدت بصرها وعمرها 5 سنوات، جاءتنا في مخيم علاج أمراض العمى، وأجرينا لها عملية جراحية أزلنا فيها عدسة العين وركبنا لها عدسة جديدة، وعندما خرجت من غرفة العمليات كان يتملكها هي وأمها يأس شديد خوفًا من فشل العملية، وعندما تمت إزالة الضماد لم تصدق أنها بدأت ترى، ولم تعرف إن كانت في عالم الحقيقة أم أنه حلم، ثم لما تأكدت من عودة بصرها أصرت أن تجري عملية للعين الأخرى في اليوم التالي، وقبل أن تغادر المستشفى سألناها عن أمنيتها فقالت: "أغلى أمنية وهي الإبصار، وقد تحققت بفضل الله وبقي تعلم القراءة والكتابة، لأتمكن من حفظ القرآن ومعرفة فرائض الإسلام، وخدمة هذا الدين العظيم الذي أتى بكم من مكان بعيد من آلاف الكيلومترات حتى تخدمونا".

أحد دعاتنا في غامبيا، أحضر جدته المصابة بالعمى منذ سنوات طويلة وقال إن ذلك أثر في نفسيتها، فلم تعد تنطق بكلمة وتبقى صامتة طوال النهار، ولا تحدث أحدًا، أحضرها إلى مخيم العيون وأجرينا لها عملية استعادت معها بصرها، تكللت العملية ولله الحمد بالنجاح، وعندما أزالوا عن عينيها الضماد بدأت تحمد الله وتشكره، وتدعو للعرب الذين ردوا إليها بصرها بفضل الله، وتتحدث بشكل طبيعي وتعهدت أن تكنس مسجد قريتها كل يوم.

المصدر: مجلة حياة العدد [77] رمضان 1427هـ.

عبد الرحمن السميط

فارس العمل الخيري في قارة أفريقيا، وهو رئيس جمعية العون المباشر (الكويت)

  • 2
  • 0
  • 3,163

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً