الـرد على الأحمـق المطاع.. وخطابه الحقيـر في ذكرى النكبـة

منذ 2008-05-23

ولكن هيهـات، فإنَّنـا نبشّـرهم جميـعاً بأن الشعب الذي صـمد طيلة ستين عاماً، وأصبـح بعد كلُّ هذه العقود، أثـبت صبـراً، و أشـد بأساً، وأعظـم تنكيلا بعدوّه، ولايزال صامداً، شامخـاً، متحديـاً آلة القتـل الصهيونية بعقيـدة لا تعرف الوهـن، وعزيـمة لاتعـرف


أعرب بابا الفاتيكان بندكت السادس عشر، عن أمنياته الصادقة بمناسبة "الذكرى الستين لإقامة دولة إسرائيل"، "شاكراً الرب لامتلاك اليهود أرض أجدادهم". هكذا تناقلت الوكالات ما قاله البابا.

"سبع حملات صليبية إلى الأرض المقدسة، عادة على اليهـود بالمذابح، فهـل ستؤدي الصليبية الثامنة إلى استرجاع اليهود لفلسطين؟ وإذا كانت صليبية حقة، فإن تلك الحقيـقة بالذات تأتي بمثابة البرهان على النظام الجديد لعالم تسـوده المحـبة والعدالة؟!!"
الزعيم الصهيونى إسرائيل زانغويل فى 2 ديسمبر 1917، أى بعد صدور وعد بلفور بشهر واحد

ذاك ما قاله زعيم الصليبية هذه الأيام، وهذا ما قاله زعيم الصهاينة قبل قـــرن، أما ماقاله المفكر الصهيوني المشهور إبراهام بورج الآن فهو مختلف تماماً.

لقد قال: "الأمة الإسرائيلية ترتكز الآن علي سقالة من الفساد وأسس من القهر والظلم, ولذا فقد أصبحت نهاية المشروع الصهيوني بالفعل علي أبوابها, وهناك احتمال حقيقي بأن جيلنا هو الجيل الصهيوني الأخير, وربما تبقي دولة يهودية في هذا المكان, ولكنها ستصبح دولة مختلفة، وغريبة، وقبيحة, إن ألفي سنة من الصراع للاستمرار اليهودي انتهت إلي دولة من المستوطنات، تديرها عصبة غير أخلاقية من الفاسدين، الذين لا يحترمون القوانين، ولا يأبهون بمواطنيهم، ولا حتي بأعدائهم, لا يمكن استمرار دولة تفتقر إلي العدالة, لقد بدأ كثير جدًا من الإسرائيليين في استيعاب ذلك, وهم يسألون أولادهم: أين يتوقعون الحياة بعد خمسة وعشرين عامًا? لقد بدأ العد التنازلي للمجتمع الإسرائيلي، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي يجسد جانبي اللعنة أي الأخلاق والشخصية المعيبة، والتجاهل الفظ للقانون من جانب, ووحشية الاحتلال وخنق كل فرصة للسلام من الجانب الآخر, هذه أمتنا وهؤلاء هم قادتها, والنتيجة التي لا فكاك منها هي أن الثورة الصهيونية قد ماتت وشبعت موتًا".

قبل ستين عاماً, حلَّت على فلسطين وشعبها كارثة الكوارث، أطلـق عليها نكبة عام 1948، حيث استطاعـت الحركة الصهيونية مدعومة من بريطانيا، أن تسيـطر بقوة السلاح على القسم الأكبر من فلسطين، ثم تعلن قيام الكيان الصهيوني.

وفي سبيل هذا الإعـلان، لقي تلك الأيـام عشرة آلاف فلسطيني على الأقل مصرعهم في سلسلة مجازر وعمليات قتل ما زال معظمها مجهولاً, كما أصيب ثلاثة أضعاف هذا الرقم بجروح وهجر 60% من سكان فلسطين أي نحو 700 ألف.

وتـمَّ طـرد الفلسطينيين من 20 مدينة، ونحو 400 قرية, كلُّهـا قـد غدت أملاكها، وأراضيها، ومزارعها جزءاً من الكيان الجديد الذي بقـي يسوم الشعب المغتصبة أرضـه سوء العذاب، ويدخـل المنطقة كلَّها في جحيم من المعاناة، لمدة ستة عقـود إلى يومنا هذا.

والإحصائيات التي تتحدث عن الشهداء، والأسرى، والمهجرين، وضحايا هذه المأساة تجاوزت كل تعريف للماسـأة .

ويكفينا أن نشيـر هنا إلى أن إحصائية سمح الصهاينة بالكشف عنها مؤخراً بمناسبة مرور 60 عاماً على قيام كيانهم المغتصب، تقول إن1,634 إسرائيلياً قتلوا في الستين سنة منذ إعلان الكيان.

بينما بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا على يد قوات الإحتلال الصهيوني منذ اندلاع انتفاضة الأقصى فقـط أي بتاريـخ 28/9/2000 حتى 30/6/2006، بلـغ العـدد: 4464 شهيداً، منهم 826 طفـلاً، فيما بلغ عدد الجرحى 47440 جريحاً، منهم 8435 مواطناً تلقوا علاجاً ميدانياً.

أما من قـتلوا طيلة سنـوات الإحتـلال فعشرات الألـوف من الفلسطينيين.

كما تشير بيانات وزارة شئون الأسرى والمحررين بهذا الشأن، إلى أن قوات الإحتلال الصهيونـي قـد اعتقلت منذ عام 1967م، وحتى شهر 2006م أكثر من 650 ألف فلسطيني.

أما اللاجئون الفلسطينيون الذين يشكلون ثلث اللاجئين في العالم ، فتجاوز عددهم السبعة ملايين لاجىء.

كل هذه المآسي التي تشيب لها الولدان ، لم تستـحق من الكلب بوش أن يقول عنها كلمـة واحـدة يعـترف فيها بمعاناة شعـب ، لم يعاني مثله أي شعب في العصر الحـديث.

بل وقـف في الكنيسـت يكيل المديح للكيان الصهيوني وديمقراطيته، وأنه الأنموذج المثالي للدولة العصرية ، ويتفاخـر بأن أمريكا هي أول من اعترف بالكيان الصهيوني، ويتحـدث عن الروابط الدينية العميقة التي تربط بين أمريكا ، وهذا الكيان العنصري المتعصـب المسـخ، ويتعهـد بالدفاع عن كل جرائمهـم.

غيـر أننا نعـلم أن إبراهام بورج الذي نقلنا كلامه أول المقال، هـو أسـد رأيــاً، وأرشد فهماً من بوش، إذ اعتـرف بأنَّ كيانهم، كيان البغي، الذي لايعرف العدالة، وتسوسـه عصبة غير أخلاقية من الفاسدين، ثم قال: "لقد بدأ العد التنازلي للمجـتمع الإسرائيلـي".

وهذه هي الحقيقة التي يدركها العقلاء، وتعضدها الوقائع، فالكيان الصهيوني في حالة من التفكّـك والإنهيار، والتآكل، والإنهزام النفسي، لم يكن عليها من قبل.

ولهذا السبب يحاول قادة الإجرام العالمي هذه الأيام على رأسهم بوش، إنقـاذ نفسية الصهاينة، بهذه الإحتفالات التي هي بمثابـة نفخ الروح في الميـت.

ولكن هيهـات، فإنَّنـا نبشّـرهم جميـعاً بأن الشعب الذي صـمد طيلة ستين عاماً، وأصبـح بعد كلُّ هذه العقود، أثـبت صبـراً، و أشـد بأساً، وأعظـم تنكيلا بعدوّه، ولايزال صامداً، شامخـاً، متحديـاً آلة القتـل الصهيونية بعقيـدة لا تعرف الوهـن، وعزيـمة لاتعـرف الإستكانـة.

أنـه سيبقى صامـداً حتى يتحـقَّق وعد الله تعالى بنصـره.

وحتى تتحـقَّق أيضاً نبوءة كهنة بني إسرائيل بزوال كيانهم قريباً بإذن الله تعالى.

والله غالـب على أمـره ولكن أكثـر الناس لايعلمـون.








المصدر: موقع الشيخ حامد العلي

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية

  • 270
  • 0
  • 7,816

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً