تونس الخضراء، ولا بد للقيد أن ينكسر

منذ 2008-05-25

يقف ديكتاتور الدولة زين العابدين بن علي ليصف الحجاب الشرعي بأنه لباس طائفي دخيل، وقال: إن اللباس التقليدي التونسي كفيل بضمان قيم الحياء والاحتشام.


قد يسطو لص على الدار... لكنه لا يستطيع تملُّكها أبدًا.... فهو لص، وسيظل لصًّا وإن طال الزمن.
وقد يتسيَّد الضبع على الغابة لكنه لا يصير ملكها.... فهو ضبع وإن تحلى بزي السباع.

الأحداث لا تغيّر ماهية الأشياء.... لكنها تكشفها وتُبرز ملامحها فقط... وقديمًا قالوا: تستطيع أن تخدع بعض الناس لبعض الوقت, لكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت.

حكايتنا اليوم تروي هذا المعنى وعلى قدر مرارتها على قدر سخريتها من الطغاة.
تونس خضراء الإسلام.. مسجد الزيتونة.. والقيروان، وابن خلدون.. وعبد الله ياسين والمرابطون.
هاهي محاطة بأسلاك العبودية، وقد تُرِكَت نهبًا لذئاب العلمانية الشرسة، يفعلون بأهلها أكثر مما يفعل الصليبيون في بلادهم بالمسلمين.

يقف ديكتاتور الدولة زين العابدين بن علي ليصف الحجاب الشرعي بأنه لباس طائفي دخيل، وقال: إن اللباس التقليدي التونسي كفيل بضمان قيم الحياء والاحتشام.

يقوم على إثرها كاتب لقيط الهوية يكتب في صحيفة الحدث الأسبوعية، وهي صحيفة الدولة الرسمية في تونس فيقول: "إلى من يهمه الأمر أوقفوا مهزلة الحجاب" ويتمادي في صفاقته فيقول: "ولم يذكر تاريخ تونس القديم والوسيط حادثة عن الحجاب، ولا ذكر في ذلك إلا فيما يخص (المومسات والعاهرات)، اللاتي وجب عليهن إن غادرن (الماخور) الذي يشتغلن فيه أن يلبسن (الحجاب) ويغطين أجسامهن كليًّا حتى العينين؛ لكي يظهرن بجلاء ويعرف القاصي والداني إنهن (بائعات هوى).. فتتجنبهن النساء الأخريات".

ويتنكر هذا اللقيط من تاريخه وحضارته وتراثه؛ لهثًا وراء قافلة الغرب الثقافية.

ثم تنتفض قوات الأمن التونسية، وتُسيِّر الجحافل المدججة بالسلاح، لا لتضرب على يد الجناة، ولا لتحفظ الأرض والعِرض، ولكن لتنزع العفاف من على رءوس المسلمات.

وتتمادى هذه الطُّغْمَة العلمانية في غيها فتقدم عبد الحميد الصغير للمحاكمة وتغرمه ماليًّا لتعاطفه مع المحجبات.

بل وتنتشر لتطارد دمية صغيرة لفتاة محجبة، وتسحبها من الأسواق خوفًا وهلعًا.

إلى هذا الحد بلغت هشاشة النظام الجاهلي في تونس.

هذا النظام الذي ورث دولة مهلهلة، تركها خَلَفُه بورقيبة وقد نضبت من كل شيء، حتى إن زين العابدين نفسه لم يستطع أن يجلس على كرسي خَلَفه إلا بتنصله من تركته، بل وتملقه للإسلاميين في انتخابات 1989م.

لكنه وكعادة كل الطغاة ما إن استتب له الأمر حتى غدا شر مدين، يرد الإحسان بالإساءة.

وأخذ يُكمل مشروع سلفه بورقيبة الذي كان يردد في مجالسه: "يا ليت تونس تقع جغرافيًّا قرب السويد أو الدانمارك لتخرج نهائيًّا من هذا المحيط العربي والإسلامي".

بينما زين العابدين تصفه مجلة (جون أفريك) الفرنسية غداة توليه الرئاسة بأنه "محسوب على الغرب قلبًا وقالبًا".

وبعيدًا عن موقف بن على من الإسلام وموقف الإسلام، دعونا نعالج سؤلاً مهمًّا:
لماذا تضجّ تونس من الحجاب أكثر من تركيا حصن العلمانية الشرقية، بل وأكثر من فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، التي صرح مؤخرًا رئيس وزرائها رومانو برودي ووزير داخليتها جوليانو أمات بحرية المرأة في ارتداء الحجاب، بينما تحارب الدولة في تونس الحجاب بكل عناصرها ومؤسساتها؟
في الحقيقة يعكس انتشار الحجاب في تونس نهاية عهد العلمانيين المتطرفين من أذيال الغرب.
وقطيعة صريحة مع نظام زين العابدين المتغرب , وسقوطًا مدويًّا لكل أوثان العلمانية والقومية في تونس الخضراء.

إن عودة وانتشار الحجاب في تونس ما هو إلا البند الأول من حساب النظام التونسي الثقيل.
ورسالة تعكس ما جناه الشعب التونسي المسلم من سيره وراء العلمانيين المتغربين.
وأنه بعد خمسين عامًا من التغريب القاسي لم يقبض بيده سوى الريح، فعاد راشدًا إلى جذوره ومنبته.

فالناظر في واقع المجتمع التونسي الذي طالما تشدق حكامه بمدى تشبعه بالثقافة الغربية يجد أن المجتمع بأسره لم يجنِ من ذلك سوى الشقاء والعَنَت الذي ردَّه إلى صوابه ومنابعه الأصيلة، وهي الإسلام.

وكشف حساب الحقبة العلمانية في تونس طويل وثقيل، سواء على المستوى الحضاري أو الإنساني.
لكن دعونا ننظر إلى ما جنته المرأة التونسية تحديدًا من هذه الحقبة وهي المعني الأول بمشروع التغريب في تونس.

لعل أهم ما جنته المرأة هو منع تعدد الزوجات.
وتأخر سن الزواج المترتب.
وحدوث طفرة عددية في عدد النساء العانسات.
وترتب عليه بالتالي زيادة كبيرة في الانحرافات السلوكية بين النساء في تونس، حتى صارت مضرب المثل في هذا الانحراف.
أضف إلى هذا سياسة تحديد النسل التي تنتهجها تونس منذ زمن .
والهوة الممتدة باتساع مطَّرد بين الأغنياء والفقراء بتونس.
والقبضة الأمنية التي تجثم على صدور التونسيين جميعهم، باختلاف توجهاتهم الفكرية.
والإعلام المنافق الذي لا همَّ له سوى التسبيح للحاكم، واختلاق الأمجاد والإنجازات له.

وهنا نرى أن ما جناه المسلمون في تونس، لم يكن سوى حصادًا مرًّا وسرابًا متبددًا.
كل هذا أدى إلى سقوط النظام العلماني في تونس، ولو في نظر الشعب فقط.

وكما تعودنا عندما تشتد الكروب وتعظم المحن لا يجد المسلمون أمامهم إلا العودة إلى ربهم.
وهذا ما حدث بالفعل في تونس.

الغريب أن هذه العودة الوئيدة إلى الإسلام في تونس تمَّت بلا تدخل من أحد.
فالجميع يعلم أن الحركة الإسلامية لا أثر لها في تونس بعد رحلة طويلة من العذاب والألم والاضطهاد بل والقتل.
والجميع يعلم أن مراكز الدعوة الرسمية لا تقدم سوى النصائح الحكومية والأمنية للشعب.
حتى الصلاة لا بد لها من إذن مسبق، بل وبطاقة مرور إلى المسجد تستخرج من الجهات الأمنية تحتوى على عدد الصلوات المطلوب أدائها ومكان الصلاة وتجدد هذه البطاقة شهرياً من الجهات الأمنية .

و لا مجال هنا للاستغراب.
فلا غرابة أن ترجع الأمة إلى نبعها الأصيل، ومجراها الطبيعي الذي ظلت تسير فيه لأكثر من ألف سنة.
ولا غرابة أن تستظل الأمة بشريعتها ودينها وقت الشدة وهي التي ما عايشت الأمن، وما نعمت به إلا في ظلاله.
بل الغريب أن تطول قطيعتها مع دينها كل هذا الأمد الطويل.

فهم النظام التونسي حقيقة الرسالة الشعبية الصامتة.
وحقيقة الرفض العام له ولسياسته ولمشروعة اللقيط .
فأخذ يبطش وينكِّل ويضرب بكل قوته في الرموز والشعائر الإسلامية.
في محاولة يائسة لتغير اتجاه الريح وتحويل مسار النهر.
لكن هيهات له ذلك..
وقد أفلس من كل شيء ولم يبقَ في جعبته سوى الهراوة والقيد.
لكن التاريخ يشهد أنهما لم يستطيعا أبدًا أن يغيِّرا اتجاه الريح.

عفيفةٌ تونس الخضرا ستمضي *** بنهج الحقِّ ينصرهـا الكرام








المصدر: طريق الاسلام

خالد حربي

كاتب وباحث وخاصة في مجال الرد على النصاري.

  • 22
  • 1
  • 15,615
  • أبو عبد الله

      منذ
    [[أعجبني:]] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران الآية 200 وتفسير الآيات فى تفسير الجلالين (يا أيها الذين آمنوا اصبروا) على الطاعات والمصائب وعن المعاصي (وصابروا) الكفار فلا يكونوا أشد صبرا منكم (ورابطوا) أقيموا على الجهاد (واتقوا الله) في جميع أحوالكم (لعلكم تفلحون) تفوزون بالجنة وتنجون من النار . يا أخوتى فى الله عليكم بالصبر حتى يأذن الله فى أمركم كل شعوب العالم العربى والإسلامى تعانى مما أنتم فيه الآن { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }يوسف الآية 90
  • حسين ابوالعلا احمد

      منذ
    [[أعجبني:]] المقال جيد جدا لانه يبرز الواقع المرير الذي يعيشه المسلمون في تونس تحت حكم الطاغية فلهم الله وادعو الله عز وجل ان يزلزل الارض من تحت اقدام الطاغية زين العابدين الذي لا يحمل من اسمه اي شئ فوالله انه اشر عبادالله وما هو الا ذيل للكلب الفائت بورقيبه فكلهم اذيال للغرب الكافر الذي لا هم له الا القضاء علي الاسلام وقد صدق الله سبحانه عندما وصف امثال بورقيبه وزين العابدين بوصف الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث فهم الذين انسلخوا من جلدة الاسلام وركعوا للغرب اسال الله في علاه ان ينصر الاسلام والمسلمين في مشارق الارض ومغاربها وان يقوي عزيمة المسلمين وان يردهم الي دينه ردا جميلا انه ولي ذلك والقادر عليه
  • أبو صهيب التونسي

      منذ
    [[أعجبني:]] حسبي الله ونعم الوكيل في هؤلاء وهذا لايستغرب ممن كان يقتل في الطلبة بدم بارد عندما كان كاتبا للدولة الخائن لله ورسوله والعميل لحكومة الغرب اقول له ان دماء المسلمين ليست رخيصة والله لن يهنأ لك العيش في تونس الا بعد انزالك الى محكمة شرعية اسلامية تحكم بشرع الله وتنظر حكم الله فيك هذا لايتوقف على الحجاب بل أي سبء يمت الاسلام بصلة مثل اطلاق اللحية والصلاة مثل صلاة رسول الله
  • أحمد بن عقبة

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله و كفى و الصلاة و السلام على نبيه المصطفى لقد بلغ الطغاة مبلغهم و سبح المنافقون و المشركون بحمدهم حتى ظنوا لسفاهة عقولهم وبلادة حسهم انهم الهة من دون الله عز و جل, ناصر المؤمنين و قاهر الكافرين و قاسم ظهر الجبابرة المتكبرين, و لا عجب في ذلك فزعيمة القوم حلاقة مومس اجلكم الله و قرينها ثقل دمه معلوم و بعده عن وقار و تدبير الامارة مفضوح فلا وجهه و لا جلسته و لا مشيته توحي بشيئ من ذلك فما هو الا مثال حي لقول الشاعر الى الله نشكوا اننا صرنا بمنازل تحكم في اسادهن كلاب لا تأسفن على غدر الزمان لطالما ** رقصت على جثث الأسود كلاب لا تحسبن برقصها تعلو على اسيادها ** تبقى الاسود اسود و الكلاب كلاب ... هذا و اني ابشر بني علمان في تونس ان الشباب قد انفض من حولكم و اختار الجهاد في سبيل الله بديلا عن الذل و العار الذي الحقتموه بهم و باهلهم, و ان اكبر دليل على ذلك 4000 شاب في العشرينات من اعمارهم يقبعون في سجونكم لقيامهم بفريضة ارهاب الكافرين و ان موعدكم الصبح اليس الصبح بقريب ؟؟؟ [[لم يعجبني:]] مسألة الصلاة ببطاقة ربما تكون خاصة ببعض الاسلاميين القدامى اللذين اتخذوا البرلمان و الدستور و الديمقراطية منهجا لهم هدانا الله و اياهم سواء السبيل و نصرنا و اياهم على اعدائنا اعداء الدين,
  • أحمد بن عقبة

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله و كفى و الصلاة و السلام على نبيه المصطفى لقد بلغ الطغاة مبلغهم و سبح المنافقون و المشركون بحمدهم حتى ظنوا لسفاهة عقولهم وبلادة حسهم انهم الهة من دون الله عز و جل, ناصر المؤمنين و قاهر الكافرين و قاسم ظهر الجبابرة المتكبرين, و لا عجب في ذلك فزعيمة القوم حلاقة مومس اجلكم الله و قرينها ثقل دمه معلوم و بعده عن وقار و تدبير الامارة مفضوح فلا وجهه و لا جلسته و لا مشيته توحي بشيئ من ذلك فما هو الا مثال حي لقول الشاعر الى الله نشكوا اننا صرنا بمنازل تحكم في اسادهن كلاب لا تأسفن على غدر الزمان لطالما ** رقصت على جثث الأسود كلاب لا تحسبن برقصها تعلو على اسيادها ** تبقى الاسود اسود و الكلاب كلاب ... هذا و اني ابشر بني علمان في تونس ان الشباب قد انفض من حولكم و اختار الجهاد في سبيل الله بديلا عن الذل و العار الذي الحقتموه بهم و باهلهم, و ان اكبر دليل على ذلك 4000 شاب في العشرينات من اعمارهم يقبعون في سجونكم لقيامهم بفريضة ارهاب الكافرين و ان موعدكم الصبح اليس الصبح بقريب ؟؟؟ [[لم يعجبني:]] مسألة الصلاة ببطاقة ربما تكون خاصة ببعض الاسلاميين القدامى اللذين اتخذوا البرلمان و الدستور و الديمقراطية منهجا لهم هدانا الله و اياهم سواء السبيل و نصرنا و اياهم على اعدائنا اعداء الدين,
  • أبو عبد الرحمن

      منذ
    [[أعجبني:]] ما اعجبني في هذا الأمر فعلا أنه ما زال هناك اناس مستمسكون بدينهم حتى وان كانوا يقبضون على الجمر في حين ان هناك آخرون فتنوا ايما فتنة ولا حول ولا قوة الا بالله. [[لم يعجبني:]] هؤلاء هم من قال فيهم المعصوم صلى الله عليه وسلم انهم من بني جلدتنا ويتكلمون بلساننا ولكنهمليسوا كذلك فالله معنا ومعكم وثبتنا الله واياكم بالقول الثابت في الدنيا والآخرة.
  • أبو عبد الرحمن

      منذ
    [[أعجبني:]] العودة الى رحاب الإسلام في صمت وبكل اقتناع بأن لاملجأمن أهوال الدنيا والبشر إلا الله. [[لم يعجبني:]] أنه ما من متعظ.
  • سلفي مقصر

      منذ
    [[أعجبني:]] إلى أخواننا في المغرب العربي المسلم والله إنا لنحبكم في الله ونسأله سبحانه أن ينصركم على طواغيتكم...والله إنا لنسمع من أصدقائنا في تونس العجب العجاب من هذه الطاغية الفاسد المسمى زورا "زين العابدين" والأولى أن يسمى نفسه زين العلمانيين...حتى دخول المسجد غدا ببطاقة مرور وإذن مسبق من الشرطة أما العاهرات والفاجرات تفتح لهم كل الميادين على مصراعيها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
  • البيلى

      منذ
    [[أعجبني:]] حياك الله يا اخى الموضوع رائع
  • هشام

      منذ
    [[أعجبني:]] استخف قومه فأطاعوه.. هذا كل ما في تاريخ الشعب التونسي مع رئيسهم استخف قومه فأطاعوه.. هذا كل ما في قصتهم و في قصة كل طاغية على وجه الأرض من فرعون و من قبله إلى زين العابدين و من بعده لا تقبلوا اللأستخفاف و لا تركنوا للذين ظلموا

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً