مهزلة العلم في غياب المسلمين عن ساحته!

أحمد كمال قاسم

إن قوانين فيزياء الكم والنسبية العامة لا يُمكِن بحال أن توجد بدون مدبِّرٍ ومؤلفٍ لها وهو خالق الكون الذي لا يمكن أن يخضع لها وإلا لما تمكن من خلقها! فكيف وُضعت قوانين الكون؟! من أوجد القوانين ومن وضع دستور الكون العظيم؟! إنه الله.. ولو كره الكافرون.

  • التصنيفات: الواقع المعاصر - الإسلام والعلم -

مقدمة

إن العالم قد خسر الكثير بأفول نجم المسلمين بعد أن سادوا العالم في مجالات الأخلاق والعلم المادي والتربية الروحية.

وقد تعلَّم الغرب عنَّا هذه العلوم والفنون قبل إعراضنا عنها -وما أعظمه من إثم يُحاسبُ عليه المُسلمون يوم الحساب أيما حساب-، أقول: تعلَّم عنَّا الغرب هذه العلوم ولا سيما العلوم المادية النظرية والتطبيقية. وقد سادوا في العلوم المادية النظري منها والتطبيقي ولكنهم تخلوا عن معرفة إلههم وربهم واكتفوا بالحياة المادية كنموذج فريد للحيوانات الذكية التي تفعل كل شيء في دنياها كي تلبي غرائزها ومتطلباتها المادية.

وقد تم استغلال العلوم المادية من أجل هذا الغرض فصار الفرق بينهم وبين الحيوانات هو أن الحيوانات تستخدم غرائزها للبقاء على النوع.

أما الإنسان الغربي الغير مسلم فقد استخدم ما حباه الله من علمٍ لكي يُشبِع غرائزه وحسب! حتى أنه نسي أمر الذرية فليست من شأنه في شيء، فصار يفعل ما يؤدي للتكاثر ولكن بدون تكاثر حتى وصلت به خيبته أن يفعل ما لا يؤدي بحال إلى التكاثر فانتشر عمل قوم لوط بينهم كانتشار النار في الهشيم. فمسخ الكافر نفسه حتى صار لا يفعل حتى كما تفعل الأنعام بل صار أضل سبيلًا، فالأنعام تفعل ما تُؤمر به من ربها وحسب، وتسير على فطرة سليمة.

قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان:44].

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد:12].

فقد تميز "الإنسان" الكافر نفسه عنها أنه استخدم عقله ليكون حيوانًا ذكيًا يستخدم العلم في غابة ناطحات السحاب! حتى يَنفق كما يَنفق الحيوان في ظنه.. ولكن هيهات فأمره إلى ربه يحاسبه عما عبث في دنياه.

قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور:39].

تزوير الكفار للمراجع التي تعود للمسلمين:

إن العالم الغربي الذي يدعي الحضارة -وقد تكلمنا من قبل أن الحضارة أساسها الأخلاق- قد زور وغش ودلس في نسبة فضل إخراجه من غابات الأدغال إلى غابات ناطحات السحب إلى أصحابه! إن التعلُّم من المسلمين في الأندلس، وفي غيرها عندما أرسلوا البعثات التعليمية إلينا ليتعلموا منا العلوم التجريبية بعد هزيمتهم النكراء في الحروب الصليبية التي لم يكن النصر بها نتاج إيمان بالله وحسب وإنما كان من عوامل نصر الله للمسلمين أخذهم بأسباب القوة التي بنوهوا على التفوق في مجالات العلوم المادية آن ذاك.

إن الغرب قد أسقط من تاريخه التعليمي ألف سنة كاملة وادَّعى أنه تعلم من الإغريق وبنى على عِلمهم. فتجد في تاريخ العلم الغربي ألف سنة مفقودة شكَّلت وبشكلٍ قوي حلقة الوصل التي نقلت الغرب من العلوم البحتة والفلسفات الإغريقية إلى العلوم التجربية المبنية على مبدأ جديد لم يتعلموه من قبل الإسلام وهو التجربة.

ولم يكتفِ الغرب بطمس فضل المسلمين عليهم قديمًا بل استمروا في سياستهم الاستيطانية لحقوق الملكية الفكرية في أعمال علماء حُدُث أمثال: (علي مصطفى مشرفة، وسميرة موسى، ويحيى المشد، وسعيد السيد بدير... وغيرهم) الكثير والكثير، والذين مات معظمهم على أيدي الموساد الإسرائيلي.

إنك لو بحثت عن ورقةٍ علميةٍ تعود إلى 1905م للعالم اليهودي الديانة الألماني الجنسية ألبرت أينشتين الذي خان بلده ألمانيا في الحرب العالمية الثانية -بعد أن خانها بنو جلدته، اليهود، قبله في الحرب العالمية الأولى بإقناع أمريكا دخول الحرب مقابل أخد فلسطين هدية من بريطانيا آن ذاك-، وكانت خيانة الحرب الثانية عندما أخذ عن عالِمة يهودية ألمانية خبر تفوق ألمانيا في التفاعل المتسلسل وأقنع الرئيس الأمريكي روزفلت بالمُضي قُدُمًا لتصنيع القنبلة الذرية قبل ألمانيا، أقول: لو بحثت عن أبحاثه العلمية على شبكة الانترنت - ستجدها منشورة بالكامل وذلك بالرغم أنه سرقها من زوجته الأولى ميليفا ومن العالِم الفرنسي بوانكريه.

ولكن لو خطر ببالك أن تحصل على بحث واحد للعلامة المصري العبقري د. علي مصطفى مشرفة في تأثيرات شتارك وزيمان الذرية - والتي لم تكن مُفَسَرة قبله وفسرها هو في ورقتين علميتين مذهلتين حاز بهما على درجة الدكتوراه "PhD" من جامعة لندن كأول أفريقي يحصل على الدكتوراه في الفيزياء النظرية، وحصل بعد ذلك على درجة "DSC" نتيجة لعمله الدؤوب في تطوير نظرية فذة عن تكوين المادة والإشعاع، وحصل على هذه الدرجة في سن مبكرة جدًا محطِّمًا بذلك قوانين الجامعة آن ذاك، لو بحثت عن هذه الأبحات في شبكة الإنترنت بل في أرشيفات الجامعات المصرية ستصاب بخيبة أمل رهيبة، فكأن د.علي مصطفى مشرفة لم يكن له وجود أصلًا في عالم العلم.

استخدام العلم المادي العملي من قِبلِ الكفار:

إن الله تعالى قد أمرنا أن نستخدم العلم في صلاح البشرية وفي حقن الدماء، وقال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة:190].

ولكن الغرب استخدموا العلوم المادية التجريبية في أسلحة فتَّاكة لا تليق بالإنسانية ولا بكرامة الإنسان! وقد رأينا ما فعلت إسرائيل تحت رعاية أمريكا بالمسلمين في محرقة غزة [2008-2009]م وقبلها ما فعلته في الحرب العالمية الثانية في هيروشيما ونجازاكي حيث مُحيتا من على وجه الأرض بقنبلتين ذريتين فتاكتين.

محاربة الكافر لربه بالعلوم النظرية:

بالرغم أنه من الطبيعي أن تكون العلوم ومعرفة الكون من الدلائل القوية على وجود خالق لهذا الكون المُذهل الذي لا ترى فيه إلا كل جمال وكمال في تصميمه المُتقن من الله الذي أتقن كل شيء.

قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ . ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك:3].

بالرغم من هذا استخدم غير المسلمين من أمثال برتلاند رسل وديراك وستيفن هاوكنج كل طاقتهم في محاولة التشكيك بأنه يوجد ولو احتمال بأن الكون يوجد بدون خالق.

قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس:77].

لقد شاهدت محاضرة عن نشأة الكون للعالِم ستيفن هاوكنج - عرض فيها الجهود العلمية التي أوصل إليها آخر العلوم الفيزيائية النظرية والعملية، وبالرغم من اعترافه في الحاضرة أن يوجد توسع متسارع في الكون إلى حدِّ التضخم يحدث الآن وأن هذا التوسع يخالف ما وصل إليه هو وفريقه من أن التوسع الحالي يجب أن يكون متباطئًا.

أقول.. بالرغم من هذا إلا أنه أصرّ على صلفه وكرَّر ما قد قاله من قبل في كتابه الأشهر (تاريخ موجز للزمن) عندما قال عكس ما قاله البرت أينشتين: "إن الله لا يلعب بالكون نردًا"، وذلك عندما لم يتفهم أن لا يقينية ميكانيكا الكم -اكتشاف للعالِم الألماني هيزنبرج- لا تتعارض مع حكمة الله وعلمه واتقانه خلقه، حيث قال ستيفن هاوكنج: "إن الله يلعب بالكون نردًا"! مشيرًا بذلك إلى مبدأ اللا يقين.

إن ستيفن هاوكنج وقع فريسةً لغروره! بالرغم ما أنعم الله به عليه، فهو الرجل الذي لا يتحرَّك في جسمه إلا جفنا عينيه فهو لديه ضمور كامل في العضلات.. وبالرغم من ذلك وفقه الله لأن يكون من أعظم علماء الأرض قاطبةً الآن.

لقد وقع هاوكنج فريسة لصلفه وأطلقها علانية في كتابه الشهير (الكون في قشرة جوز) وقال: "إن الله نفسه لا يعلم ماذا يحدث في الكون على سبيل اليقين"..! وتناسى هذا الجاحد أن الطبيعة الاحتمالية للكون هي طبيعة احتمالية للكون المُقاس وليس للكون الموضوعي -وإنما يتميز الكون الموضوعي بطبيعة التراكب الموجي الذي يتصرَّف بها وكأن للزمن أبعاد كثيرة وليس بُعدًا واحدًا كما ألفنا-.

وفي كليهما فإن الله هو العليم البصير.. لقد نسيَ هذا العالِم نفسه وأنهى مستقبله العلمي بدخوله في فلسفةٍ عقيمة ضربًا بالظن الذي لا يغني عن العلم شيئًا - وذلك بدخوله في حظيرةٍ ليست في إطار العلم أصلًا ولا يُحصلُ ما ترمي إليه من معلومات إلا عن طريق الدين، ولكن هيهات هيهات فهو الخصيم المبين.

لقد أطلقها مدويةً في آخر المحاضرة: "إن الكون يمكن أن يُوجد من العدم بدون خالق.. مشيرًا إلى عمليات الضغط السالب ونشأة الجسيمات الافتراضية من عدم في عملية يسميها العلم "إقتراض الطاقة" -مبدأ اللا يقين لهيزنبرج- وتكون هذه الجسيمات غير مستقرة -لا تلبث وأن تنهار- "طالما حقق قوانين فيزياء الكم والنسبية العامة"... يا له من أحمقٍ...، جرَّه صلفه وغروره إلى أن يكون أحمق العالمين بالرغم من عقله الذي تفوق على العالِمين أنفسهم.

عندما يقول المؤمنون أن الله يستطيع أن يخلق من العدم.. يقول الكافرون: كيف وهذا خرق لقانون حفظ الطاقة ونسوا أنه تعالى هو خالق وواضع القانون. وعندما يقول الكافرون: أن الكون يمكن أن يكون جسيمًا افتراضيًا كبير نشأ من العدم -الكون بأسره-، يدعون أنه نشأ! من العدم بغير خالق -معاكسين لمنطقهم السابق في اعتراضهم على كسر قانون بقاء الطاقة- هم لا يجدون أي غصة عندما تتبدل القوانين الموثوق بها إذا كان هذا يؤيد استبعاد وجود الخالق من فكرهم.. يا له من هوىً وإجحاف قد لوَّث المنطق العلمي!

إن قوانين فيزياء الكم والنسبية العامة لا يُمكِن بحال أن توجد بدون مدبِّرٍ ومؤلفٍ لها وهو خالق الكون الذي لا يمكن أن يخضع لها وإلا لما تمكن من خلقها! فكيف وُضعت قوانين الكون؟! من أوجد القوانين ومن وضع دستور الكون العظيم؟! إنه الله.. ولو كره الكافرون.

قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف:8].

والله أعلم.
 

 

 

 

 
 
 
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام