الرئيس والعِجل الإله!

منذ 2014-05-26

اتفقت الحضارة الغربية بعد أن استلبت السيطرة من آبائنا - أن يتم اختيار نظام الحاكم الإله لشعوب هذه المنطقة.. تماشيًا مع تراكيبهم النفسية، بينما اختاروا لشعوبهم الحاكم الموظف تماشيًا أيضًا لتراكيبهم النفسية..!

الفرق بيننا وبينهم هو: أن تراكيبنا النفسية كشعوب عقائدية متدينة في هذه المنطقة تؤمن بوجود إلهٍ واحدٍ يُعبَد.. تم التعامل معنا على هذا الأساس، بعكس تراكيب شعوبهم النفسية التي لا تؤمن بوجود إله من الأساس..

ومن ثم.. استدرجت عقول شعوبنا لفكرة الإله الواحد أيضًا في الأرض (الحاكم الإله)! بحيث لن يستصيغ الناس فكرة أن الحاكم مُجرّدَ موظف..بل سيصنعوه إله حتى بدون إرادةٍِ منهم، وسيمارِسون له طقوس العبادة الظاهرة وحتى القلبية..!

ولذا اتفقت الحضارة الغربية بعد أن استلبت السيطرة من آبائنا - أن يتم اختيار نظام الحاكم الإله لشعوب هذه المنطقة.. تماشيًا مع تراكيبهم النفسية، بينما اختاروا لشعوبهم الحاكم الموظف تماشيًا أيضًا لتراكيبهم النفسية..!

يقول نيكولا ميكافيلي.. الفيلسوف الإيطالي، وصاحب كتاب الأمير وهو الكتاب المقدَّس في السياسة.. الذي آمن به من في الأرض جميعًا -مؤخرًا-: "إن الشعوب العقائدية -الدينية- لا بد من إدارتها بنظام القبضة الحديدية.. بل وتجويعها المستمِر.. لأنها إن شبِعَت ستلتفِت إلى منافسة السلطة لتطبيق معتقداتها! بينما الشعوب الغير دينية فيُطبَّق معها نظام الرفاهية المتناهية.. والحرية المطلقة -الليبرالية- لأنها لن تصل إلى شيء.. بل ستظل في دائرة إشباع الرغبات والشهوات اللا نهائية...".

لذا؛ بعد ثورات الربيع تركت الشعوب للاختيار.. فظلت تبحث عن الإله.. فلم تجد، وكل من ظهر كانوا موظفين (الحاكم الموظف)..

ومن ثم.. ظلُّوا يبحثوا عن حُلِيِّهم ويجمعوه ليصنعوا منها (الحاكم الإله)! حتى استطاعوا جمعها بالفعل.. وبمساعدة حُلِيِّ بعض آلهة الدول المجاورة التي كانت تخشى إحلالها (بالحاكم الموظف)..

وبالفعل.. وضعوا كل رغباتهم التعبُّدية ومواصفات آلهتهم الذين تعودوا عليها ووجدوا آبائهم أيضًا قائمين على عبادتها.. وسرعان ما بدأوا ينقشوا من هذا الحُلِي {عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [طه من الآية:88].

بالفعل.. صنعوه بتلقائية موروثة بل وفرِحوا به.. وساعدهم في ذلك أيضًا أن نفس العِجل يُشبِه -كثيرًا- عجول آبائهم وأجدادهم من قبل.. بل تعمَّد العِجل نفسه الإيحاء بذلك..!

لذا؛ لن يُبدِّل هؤلاء الغوغائيين نظرتهم ولا قناعاتهم إلا أن يأتي من يقول: {لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه من الآية:97]، هنا.. سينظروا إلى إلهِهِم نظرة ذهولٍ واحتقار.. ومن بعدها ربما يعودوا إلى توحيد الله واعتبار حُكَّامهم فقط موظفين مثلهم مثل أي شخصٍ منهم..

وإلى أن يأتي من سيحرق العِجل وينسفه في اليمِّ نسفًا ولا يكتفي بشرح تركيبته لهم -مثل ما يفعل البعض- لأنهم هم من صنعوه ويعرفوا تركيبته جيدًا!

فلا جدوى من تكرار شرح تركيبته للناس من السطحيين السُّذَّج لأنهم ببساطة من صنعوه.. بل تكرار الشرح للناس يُثبِت لهم فكرة أُلوهيته.. إلى أن يأتي من يُسخِّره الله لحرِقه ونسفِه.. ولا يخاف مثل ما خاف هارون عليه السلام أن يُتهَم بأنه فتن تلك الشعوب..

سنظل إلى ذلك الحين نحن مضطرين -أيضًا- إلى عبادته مع الغوغائيين حتى وإن كُنَّا رافضين بقلوبنا.. ومهما كتبنا ومهما أبدعنا من إبداعات الاحتجاج فغير الحرق والنسف لن يحدث أي شيء.. أو أي تغيير..

أما عن السامري.. فهو موجود منذ أن تركه سيدنا موسى عليه السلام حتى يبلغ موعده.. وكل دوره هو فتنة الناس بصناعة العجول..!

فالأمر ليس في العِجل.. ولا حتى في السامري؛ بل جوهر الموضوع في الشعوب.. بل حتى النقطة ليست في الشعوب ذاتها؛ بل كيفية التعامل مع تراكيب تلك الشعوب النفسية {لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا}..

فتلك فقط هي طريقة التعامل وغيرها مجرّد دربٍ من دروب الخيال والوهم والتشويش بفعل رادارات الغرب..

 

Editorial notes: العقيدة الإسلامية تتنافى تمامًا مع تقديس وعبادة غير الله تعالى.. وإنما ترسَّخت مفاهيم تعبيد الناس لغير خالقها بسبب ما دخل على الأمة من بدع الإرجاء بجانب المبالغة في الرد على الخوارج ومنهج التكفير بالغلو في الإرجاء وشبه تأليه للحاكم.
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 6
  • 0
  • 3,002

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً