الفتور - مظاهرُه-5- ضعف الإيمان والغلو في الدنيا
من مظاهر الفتور: العناية الزائدة في المأكل، والملبس والمركب والمسكن، هذا نوع من أنواع يصاب به الإنسان.
الغلو والاهتمام بالنفس
من مظاهر الفتور: الغلو والاهتمام بالنفس، مأكلًا ومشربًا وملبسًا ومسكنًا ومركبًا، فبعد أن كان لا يلقي لهذه الأشياء بالًا إلا في حدود ما شرع الله، فإذا هو قد أصبح يبالغ فيها، يبالغ في ثيابه، يبالغ في مسكنه، بدل ما كان لا يبالي إلا في حدود الشرع {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31] فإذا السيارة ما شاء الله من أحسن السيارات، وتنظيفها يوميًا، والثوب كل يوم يغيره، أو كل يومين، والله أذكر أنني لقيت داعية، أو واحدًا من هؤلاء، مع أن فيه خيرًا كثيرًا، لكن لم يعد هو الذي كنا نعرفه قبل سنوات.
إذا سافر لمدة عشرين يومًا يأخذ أكثر من عشرين أو خمسة عشر ثوبًا، عنايته بثيابه عجيبة جدًا، نحن ما نقول: إن الإنسان لا يلبس الجميل، لا والله لا، لكن في حدود الكفاف (البذاذة من الإيمان) [1] في حدود الكفاف.
النظافة مطلوبة نعم، لكن ادخل إلى بيته، تجد البيت الذي كأنه من القصور، فالعناية، الاهتمام الزائد، المبالغة، الغلو فبعد أن كان هذا الشخص لا يلقي لهذه الأمور بالًا، وينشغل في العبادة وفي العلم وفي الدعوة إلى الله.
أحد السلف قيل له ابن عقيل الحنبلي لماذا تسف الكعك، وتلتهمه وتلحقه بالماء، ولا تغط الخبز بالمرق؟ قال: وجدت بيْن لَهْمِ الكعك أي سف الكعك، وإلحاقه بالماء، وغط الخبز بالمرق قراءة خمسين آية، طيب وين ابن عقيل عن وجباتنا، كم عندنا من نوع؟ وكم عندنا من الطعام؟ وكم نجلس على المائدة؟.
شيء عجيب يا إخوان، فبعد أن كان هذا الشاب يأكل ما يأتي، ولا يفكر الآن يقيم الدنيا مع أهله ومع زوجته، الله يعين زوجته عليه، الطعام فيه كذا، ولماذا الطعام ما فيه كذا؟ لماذا ما وضعت إلا نوعين أو ثلاثة؟ سبحان الله الملابس لو يأتي يوم يجد الثوب ما كوي لو يجد الثوب، تأخرت زوجته أو أخته أو أمه بكي الثوب أقام الدنيا ولم يقعدها، لكن الأمر بسيط، والمسألة سهلة حفظك الله.
فالعناية، حتى وصلت والله ببعض الشباب، وهم طيبون فيهم خير، فيهم صلاح يعتنون بملابسهم والله أكثر من بعض النساء، نعم وتجده أمام المرآة يهتم في مظهره، لا يا أخي الكريم، لا تبالغ هذه المبالغة {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31].
فمن مظاهر الفتور: العناية الزائدة في المأكل، والملبس والمركب والمسكن، هذا نوع من أنواع يصاب به الإنسان.
انتفاء الغيرة، وضعف الإيمان، وعدم الغضب إذا انتهكت محارم الله
أيضًا: انتفاء الغيرة، وضعف الجذوة -الإيمان- وعدم الغضب إذا انتهكت محارم الله، فيرى المنكرات ولا تحرك فيه ساكنًا، ويسمع عن الموبقات وكأن شيئًا لم يكن، وقد يكتفي بالحوقلة والاسترجاع إن كان فيه بقية.
من يهن يسهل الهوان عليه ** مــا لجــرح بميـت إيلام
_________________
[1]- أبو داود: الترجل [4161] وابن ماجه: الزهد [4118] وأحمد [5/270].
------------------------
من كتاب "الفتور" للشيخ "ناصر بن سليمان العمر"
- التصنيف:
- المصدر: