الفتور - مظاهرُه -7- الانتقاد والتسويف

منذ 2014-05-29

التسويف والتأجيل وكثرة الأماني، وأحلام اليقظة، يبني مشاريع من سراب، ويقيم أعمالًا من خيال.

عدم الاستعداد للإلتزام بشيء والتهرب من كل عمل جدي

من مظاهر الفتور: عدم الاستعداد للإلتزام بشيء، والتهرب من كل عمل جدي خوفًا من أن يعود إلى حياته الأولى، هكذا يسول له شيطانه زخرف القول غرورًا، يتهرب ما يلتزم بشيء، مستعد يذهب مع زملائه في رحلة، مستعد يحضر بعض الدروس، لكن دون التزام أبدًا، ما يريد أن يلتزم بشيء لا بدرس ثابت، ولا بعمل معين، هذا مظهر من مظاهر الفتور، حتى ولو رأيناه في صفوف، ولو رأيناه في حلق العلم، ولو رأيناه في مقاعد الدراسة.


هذا مظهر، فإذا رأيت الذي يتهرب دون أن يلتزم فقد بدأ فيه الداء، الفوضوية في العمل، فلا هدف محدد، ولا عمل متقن، أعماله ارتجالية، أعماله ارتجالًا يبدأ في هذا العمل ثم يتركه، ويشرع في هذا العمل، الأمر ولا يتمه، ويسير في هذا الطريق ثم يتحول عنه، وهكذا دواليك، نعم مظهر من مظاهر الفتور: عدم الاستقرار على عمل معين.

خداع النفس من مظاهر الفتور بالانشغال، وهو فارق وبالعمل وهو عاطل ينشغل في جزئيات لا قيمة لها، ولا أثر يذكر ليس لها أصل في الكتاب أو السنة، إنما هي أعمال يقنع نفسه بجدواها ومشاريع وهمية لا تسمن ولا تغني من جوع.
 

النقد لكل عمل إيجابي

اسمعوا إلى هذا المظهر: النقد لكل عمل إيجابي، دائما ينقد، أيش رأيك والله في العمل الفلاني؟ هذا فيه كذا وكذا، ما رأيك في الدروس عند الشيخ فلان؟ والله بس عليها الملاحظات الفلانية، ما رأيك في المحاضرات؟ فيها كذا وكذا، طيب لماذا لا تشارك في مكتب الدعوة؟ قال: والله لاحظت عليهم الملاحظات الفلانية.


ما شاء الله جاهز للنقد، النقد لكل عمل إيجابي تنصلًا من المشاركة، والعمل وتضخيم الأخطاء والسلبيات، تبريرًا لعجزه وفتوره.

تراه يبحث عن المعاذير، ويصطنع الأسباب للتخلص والفرار: {وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة:81].

 

التسويف والتأجيل وكثرة الأماني

وأخيرًا من مظاهر الفتور:

وقلّ منا من يسلم إلا من سلمه الله: التسويف والتأجيل وكثرة الأماني، وأحلام اليقظة، يبني مشاريع من سراب، ويقيم أعمالًا من خيال، عمل اليوم يؤخره أيامًا، وما يمكن أن يُؤدَّى في أسبوع يمكث فيه أشهرًا، وفي كل يوم يزداد إفلاسًا وفتورًا.


هذه مظاهر أو هذه بعض مظاهر الفتور.

اختصرتها بما يناسب المقام، وغدًا بإذن الله سنقف مع صلب الموضوع -كما قلت- وإن كانت هذه المقدمة أصل في الموضوع مع أسباب الفتور؛ لأننا إذا عرفنا الأسباب سنعرف العلاج بإذن الله.


أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

------------------------

من كتاب "الفتور" للشيخ "ناصر بن سليمان العمر"

ناصر بن سليمان العمر

أستاذ التفسير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سابقا

  • 0
  • 0
  • 8,035
المقال السابق
مظاهرُه-6- ضياع الوقت
 

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً