دعيني أقاتل وسيري معي
تأتي "المحن التربوية الربانية" اختبارًا ليقين في القلب، فإن كان راسخًا تخرج من قلب المحنة، منحة تربوية ربانية، اصطفاءً لمزيد من يقين وثبات، وعمل وجهاد، ومنزلة أخرى في جنان أعدها الله لمن أجتهد وأختار سبيله، وصبر وصابر واصطبر مع باقي الفئة المؤمنة الصابرة، تزكي القلوب والنفوس، تجتهد لينصر ويمكن لدين الله في أرجاء المعمورة، فإما نصر ورؤية يقين، وإما جنان وعين يقين
(1)
أؤمن بشدة بنظرية التدرج في البناء..
فلن تجد أمة مسلمة يُمَكَّن لها، إلا بعد أن يوجد مجتمع مسلم مؤمن، مجتمع رباني.
ولن تجد هذا المجتمع الرباني، إلا إن وجدت الأسرة المسلمة المربية لجيل يسعى لرضا ربه.. وللتمكين لدينه ليشرق.
إن وجدت تلك الأسرة، تصبح إذاً حاضنةً الفرد المسلم.
هذا التدرج؛ لابد منه لنرى التمكين.
ولن يكون ذلك بتعطيل أيٍّ من أركان هذا الدين وفرائضه.
(2)
دعونا نتفق، أن التمكين يحتاج إلي "فئة مؤمنة" وليست "أمة كاملة"!
فالأمر ليس بالعدد ولكن بالكيف! ولكن كيف لنا بهذا الـ "كيف" وسط كل هذا الكم من التضييق، والإرهاق النفسي من الابتلاء!
هل سنعيد سيناريو ما قبل السبعينيات؟! من فرارٍ بالدين، وفي انتظار مرحلة وأجواء تساعد على العودة؟!
هل هذا هو الحل؟!
حقًا، لست أدري.. ولا امتلك إجابةٍ ما..
ولكن هناك شيء ما يجب أن نعيه، لما له من تأثير في المرحلة القادمة..
(3)
أولًا: فهم الوضع في سياقه الكامل، في سياق الأمة..
عقيدة الأرض والتراب، عقيدة الحدود، سايكس بيكو.. يجب أن تزول في النفوس لتزول على الأرض! وهذا أحد ما حققه المجاهدين..حيث كسروا تلك العقيدة وأبدلوا مكانها عقيدة أخرى؛ عقيدة أينما وُجِد الإسلام أينما كانت بلادي.. أينما وجد من ينادى "وا معتصماه" .. وجد من يلبي نِداءه. لن يحدث ذلك إلا بتربية جيل.. يفهم حدود بلاد الإسلام، ينتمي لدينه قبل أن ينتمى لتراب! يفهم ويعي أبعاد أمته وأطرافها.
في المرحلة التي يتحقق فيها فهم هذا السياق؛ يجب أن نعي نحن لنربي الجيل القادم؛ أطراف المعركة فلا يشغلنا عدو جانبي ومعارك جانبية عن المعركة الأساسية وعن العدو الحقيقي.
ثانيًا: أن أعدائنا.. أعداء الإسلام، لن يتركونا ولن يتركوا لمن يريد التمكين متنفسًا!
فيجب أن نعي جيدًا.. أن ما حدث، هو تنفيذ لسيناريو أرادوه هم ونحن صدّقناه وصدّقنا أننا قد بلغنا آخر الطريق!
يجب أن نعي هذا الأمر، ونُعِّد له، لأن نجاحنا في هذا الأمر سيغير الكثير من الأحداث ومجرياتها.
(4)
"ربّوا أبناءكم، واعلموا أنهم خلقوا لزمان غير زمانكم" – علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
إن كنا نريد جيل تمكين؛ يجب أن نفهم مفرادت التمكين لكي نُنشئ جيلاً يُمَكَّن له، يجب أن نربِّي أنفسنا أولًا.
وفي المحن؛ تكون التربية حتمية حتى نخرج من المحنة اولًا، ولكي نخرج منها بمنحة، تأتي "المحن التربوية الربانية" اختبارًا لليقين في القلب، فإن كان راسخًا تخرج من قلب المحنة منحةٌ تربوية ربانية، اصطفاءً لمزيد من يقين وثبات وعمل وجهاد، ومنزلة أخرى في جنان أعدها الله لمن اجتهد واختار سبيله، وصبر وصابر واصطبر مع باقي الفئة المؤمنة الصابرة، تزكي القلوب والنفوس وتجتهد ليُنصَر ويُمَكَّن لدين الله في أرجاء المعمورة، فإما نصر ورؤية اليقين، وإما جنان وعين اليقين.
تصوروا معي، ما على هذا الجيل أن يحمل!
هذا الجيل، ليس بالضرورةأن يكونوا أولادنا، من الممكن أن يكون الجيل الذي يليهم، أو الذي يليهم، أو نحن!!
علينا أن نربي أنفسنا، أن نتعاهد على تربية جيلٍ مختلف، لزمن مختلف، عليه مهام مختلفة تمامًا. جيل إذا رُفعت الراية، تَسَابق شبابها لحملها، وتسابق نساؤها لحث رجالهم وتجهيزهم وتحريضهم، وهذا يحتاج لتربية، وتربية من نوعٍ خاص، وليس تربية الصدفة!
(5)
ولن يكون كل هذا، إذ لم تعي المرأة المسلمة هذه الحقائق، فهي اللبنة الأصلية الأصيلة في البناء! بناء الأسرة الحاضنة للنشء المسلم! فهي من تعين الزوج على التضحية والجهاد، وهي من تحفز الابن وتنشؤه على حب الراية، وهي من توّعي وتربي الابنة على أن تبصر أين موضعها في كل هذا!
هذا لا يتعارض مع دور المرأة المسلمة في أيٍّ من المجالات، ولكن هناك أصل إن تُرِك، ضاع الأصلُ والفرع!
فلننتبه! ونعلم أن الدور الحقيقي المحوري الفترة القادمة، سيكون على الأسرة واللبنة الأصيلة بها.
- التصنيف:
- المصدر: