تعلم التخطيط لاستغلال الإجازات
لا شك أن التخطيط هو أساس نجاح الأعمال، وأما العمل بفوضوية عمومًا وخلال الإجازة خصوصاً فأحسن ما يقال عنه أنه لا يثمر كما يثمر العمل مع التخطيط. ومن المهم معرفة أن أصحاب الخطط والأهداف المكتوبة يصلون إلى أهدافهم بنسبة 80% وأما الذين لا يكتبون أهدافهم فإنهم يصلون إلى أهدافهم بنسبة 20% فكيف بالذي لا يخطط أصلاً ولا يحاول وضع الأهداف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد..
لا شك أن التخطيط هو أساس نجاح الأعمال، وأما العمل بفوضوية عمومًا وخلال الإجازة خصوصاً فأحسن ما يقال عنه أنه لا يثمر كما يثمر العمل مع التخطيط. ومن المهم معرفة أن أصحاب الخطط والأهداف المكتوبة يصلون إلى أهدافهم بنسبة 80% وأما الذين لا يكتبون أهدافهم فإنهم يصلون إلى أهدافهم بنسبة 20% فكيف بالذي لا يخطط أصلاً ولا يحاول وضع الأهداف.
لبلوغ الأهداف حلاوة:
من المهم أيضًا أن نعرف أن أصحاب الأهداف مع وصولهم إلى فوائد كثيرة مع هذا قد لا يرضون بواقعهم ويحاسبون أنفسهم أكثر من الفوضويين الذين لا أهداف لهم ولا تخطيط. لأن الفوضوي يفرح بأي شيء يصل إليه (لاحظ أي شيء) ويعتبر أنه أنجز أمرًا عظيماً وقد يقول في نفسه: "لن يكون أفضل مما كان". بينما أصحاب الأهداف المرسومة فهم ومع بلوغهم لأمور كبيرة يرى أنه يمكنه أن يصل إلى أمور أفضل وأعظم ولما ذاق من حلاوة بلوغ الأهداف. إنه يعيش نشوة الوصول وفرحة النفع بالإضافة إلى روحانية الأجر لأعمال البر والخير.
ولكي يمكن أن نخطط جيدًا فإننا ينبغي المرور بالمراحل التالية:
أولًا: ضع مجموعة من الأهداف التي تريد الوصول إليها خلال الإجازة مثلا (كل الأهداف التالية أو جزء منها أو أحدها): السفر للعمرة – قراءة الجزء الأول والثاني من زاد المعاد – حفظ جزأين من القرآن الكريم – مراجعة جميع ما أحفظ من القرآن الكريم - حفظ أربعين حديثًا من مختصر البخاري – سماع سلسلة أشرطة الشيخ الزامل في شرح العمدة من أبواب العبادات – التدرب على برنامج لتصميم صفحات في الإنترنت – التدريب على الكاراتيه – كتابة مقال تربوي أسبوعي في المنتدى الدعوي -... (أو غيرها من الأهداف أو أقل من ذلك أو أكثر..).
ويمكنك اعتبار أن هناك أهدافًا أساسية ينبغي البدء بها والاهتمام بها ومحاولة الوصول إليها وإنجازها، وأهدافاً فرعية يتم الوصول إليها حسب القدرة على بلوغ الأهداف الأساسية مع وجود الوقت الفائض.
وعلى المرء أن يعرف ما تحبه نفسه من الأعمال وتشتاق إليه وما يسهل عليها فيزيدها منه ويقلل ما لا ترغبه أو تنفر منه وقد قال الشاعر:
إذا لم تستطع شيئا فدعه *** وجاوزه إلى ما تستطيع
وينبغي التأكيد ثم التأكيد على عدم تكثير الأهداف مع عدم التعقيد في وضعها؛ فتقليل الأهداف الأساسية مع التأكد من القدرة على الانتهاء منها أفضل من تكثير الأهداف الأساسية وعدم القدرة على الانتهاء منها.
ثانياً: ضع خطة عامة خلال الإجازة يتضح فيها الأهداف العامة (موزعة حسب الأسابيع)
مثلًا (وحسب الأهداف السابقة وخلال 8 أسابيع):
ضع جدولاً مقسمًا حسب الأسابيع ويظهر فيه التالي (وينبغي الاهتمام باليسر وعدم تعقيد الخطة):
الأسبوع الأول:
الانتهاء إلى صفحة 80 من زاد المعاد ج1.
حفظ خمسة أوجه من القرآن الكريم.
حفظ خمسة أحاديث من مختصر البخاري.
الانتهاء من سماع شريطين من أشرطة الشيخ الزامل حفظه الله.
....
....
إلخ..
وهكذا جميع الأسابيع.
واستغلالًا للأحداث: يتم زيادة عدد الأشرطة خلال السفر لكثرة استخدام السيارات وزيادة حجم الحفظ والمراجعة في الفترات الزمنية الخاصة بالعمرة وزيادة القراءة في حالة عدم الانشغالات وتكثير الزيارات في حالة قدوم ضيوف من الأقارب.. وهكذا..
ثالثًا: ضع جدولاً مفصلاً أسبوعياً:
وفيه يظهر تقسيم أيام الأسبوع مع الفترات الزمنية اليومية حسب الصلوات (بعد الفجر – الصباح – الظهر – العصر – المغرب – العشاء).
أو حسب الساعات يبدأ من بعد الفجر إلى ما بعد العشاء مقسمًا كل ساعة أو نصف ساعة.
ضع خلال الجدول مواعيد المحاضرات والدروس والتدريب على الحاسب وفترات حفظ القرآن الكريم ومراجعته وحفظ السنة.. وأوقات القراءة وزيارة الأقارب والإخوان وحتى أوقات الترفيه.. وغيرها..
مع ما مضى ينبغي الاهتمام بالتنويع والتخفيف على النفس وعدم الضغط عليها.. واعتبار فترات الترويح وإن صغرت مهمة لأنها تعطي الدافع لما بعدها من الفترات الجادة والنافعة..
مع التركيز على استغلال زيارات الأقارب لنفعهم وبذل النصح لهم بالتي هي أحسن وكسب قلوبهم بالتعاون معهم في أعمالهم وحاجاتهم..
رابعاً: راقب الخطة..
ينبغي متابعة الخطة والتأكد من أنها تسير حسب ما رسم لها. فبعد الانتهاء من أي من الأهداف اليومية أو الأسبوعية يتم الإشارة عليها.. وفي نهاية الأسبوع يتضح سير الخطة من عدمها.. ونجاح الخطة أو ظهور الخلل في الإنجاز..
كيفية اكتشاف الخلل وعلاجه:
من أين يأتي الخلل؟
قد يكون الخلل تقصيرًا في الوصول للأهداف..
(مثال: لم نكمل الحفظ كاملاً / أو لم نكمل قراءة المطلوب من زاد المعاد.. أو غيرها)
وقد يكون الخلل الانتهاء من الأهداف بسرعة ووجود أوقات كبيرة إضافية غير مستفاد منها..
(مثال: تم إنجاز جميع الأهداف.. ويبقى هناك أوقات كثيرة في اليوم فارغة).
فالأول (وهو التقصير في الوصول إلى الأهداف):
فكر في أسباب الخلل فقد يكون بسبب الحياة الفوضوية التي يعيشها الفرد مع سوء تعامله مع الخطة وعدم انضباط فيها وهنا ينبغي عليه الانتقال إلى حالة منضبطة في الحياة وفي ضبط النفس فيما خطط لها..
وقد يكون السبب ضعف النفس فتحتاج إلى أن تتعاون مع مجموعة من الزملاء للتواصي على الاستفادة من الوقت والانضباط في الوصول إلى الأهداف.
وقد يكون السبب عارض وانشغالات غير متوقعة كزواج أقارب وحضور ضيوف فيتم دراسة الوضع والتخفيف من بعض الأهداف الثانوية أو الأقل أهمية مع تكثيف الأهداف المناسبة لمثل هذه الفترة كدعوة الأقارب لزيارة بعض طلبة العلم والمحاضرات وتقديم الكلمات النافعة في مجالس تجمعهم وغيرها من الأفكار المناسبة للحدث.
وقد يكون السبب من الأهداف نفسها.. فقد يتحمس الفرد فيضع أهدافًا كبيرة لا يمكنه الانتهاء منها وفي بداية الإجازة ومع حماس البدايات ينطلق ويظن أنه قادر على الاستمرار ولكنه وبعد مضي أسبوع أو أكثر أو أقل يبدأ بالشعور بعظم الأهداف وصعوبة تنفيذها.. وهذا عليه التخفيف من البداية من الأهداف ولا يضع ما لا يقدر عليه.
ومن المهم مرة أخرى التعرف على أن الانتهاء من أهداف صغيرة خير للفرد من محاولة الوصول إلى أهداف كبيرة مع عدم الوصول لأسباب منها عدم القدرة.. لأن النجاح في الوصول إلى الأهداف الصغيرة يدفع إلى الحرص على إنجاز أهداف أخرى أفضل وأكبر ويعطي دافعاً إضافياً لأعمال صالحة أخرى.
الثاني (وهو الوصول إلى الأهداف مع وجود فائض وقتي كبير من غير استغلال):
وهذا يعني أن الخلل في الخطة والأهداف.. فإن الأهداف الموضوعة هي أقل من قدرات الفرد ووقته.
ولذا ينبغي زيادة الأهداف مع تذكر أن الأهداف لا يلزم منها أن تكون كثيفة وثقيلة على نفس الفرد بل ينبغي الاعتدال ومحاولة وضع الأهداف بطريقة يستطيع فيها المرء الاستمرار.. "وقليل دائم خير من كثير منقطع".
فيمكن والحالة هذه زيادة الأهداف مما تحبه النفس من صلة أرحام أو سماع أشرطة أو زيارات خاصة بالدعوة الفردية أو قراءة بعض البحوث أو غيرها مما ينفع ولا تسأمه النفس فيؤثر على الأهداف الأساسية الموضوعة سابقا، وكل أدرى بنفسه "والمنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى".
ونسأل الله أن يعيننا على تعلم التخطيط ووضع الأهداف والتعاون على البر والتقوى.. إنه سميع مجيب.
أبو أحمد
- التصنيف:
- المصدر: