فإنه يراك
من شق عليه أن يعبد الله كأنه يراه، فليعبد الله على أن الله يراه ويطلع عليه فيستحي من نظر الله إليه، فلا يجعل الله أهون الناظرين إليه.
إنّ المسلم يراقب الله عز وجل في جميع أعماله وأحواله كأنه يراه وحده.
والمراقبة هي علم القلب بقرب الرب، قال تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ . وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء:218-219]. وقال تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [الحديد:4].
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران:5].
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام المشهور لما سأله عن الإحسان قال: «البخاري). أن تعبد الله عز وجل كأنك تراه أمامك فيوصلك هذا إلى دوام خشيته سبحانه وتعالى.
» (صحيح
عروة بن الزبير خطب من ابن عمر ابنته وهما في الطواف فلم يجبه، ثم لقيه بعد ذلك -أي لقي ابن عمر عروة ابن الزبير- فاعتذر إليه وقال: كنا في الطواف نتخايل الله بين أعيننا.
هذا هو أن تعبد الله كأنك تراه ولكن قد يشق ذلك على الكثير منا، فيستعين على ذلك بإيمانه بأن الله يراه، ويطلع على سره وعلانيته، وباطنه وظاهره، لا يخفى عليه شيء سبحانه وتعالى من أمره، فيسهل عليه بعد ذلك الانتقال للمقام الأول وهو استشعار قرب الله من العبد ومعيته له.
فمن شق عليه أن يعبد الله كأنه يراه، فليعبد الله على أن الله يراه ويطلع عليه فيستحي من نظر الله إليه، فلا يجعل الله أهون الناظرين إليه.
سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن كشف العورة خاليًا فقال: « » (الشوكاني، الفتح الرباني [6/3194]).
خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مكة في بعض أصحابه فاستراحوا في الطريق فانحدر عليهم راع من جبل. فقال له عمر: يا راعي الغنم بعنا شاة.
فقال الراعي: إنه مملوك -أي أنا عبد مملوك-.
قال له عمر: قل لسيدك أكلها الذئب.
فقال الراعي: أين الله.
فبكى عمر واشترى الغلام من سيده وأعتقه.
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل خلوت ولكن قل عليَّ رقيب
ولا تحسـبن الله يـغـفـل سـاعــة ولا أنَّ ما تُخفي عليه يغيب
راود بعضهم أَعرابية عن نفسها فقال لها: لا يرانا إلا الكواكب.
فقالت له: أين مكوكبها، أي أين خالقها ومصرفها ومدبرها ألا يراك.
فالسعيد من أصلح ما بينه وبين الله، فإنه من يصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الخلق.
وقال صلى الله عليه وسلم : «
» (صحيح الترمذي).اتق الله حيثما كنت: أي في أي مكان كنت حيث يراك الناس وحيث لا يرونك فإن الله تعالى يراك.
فعلى المسلم أن يعود نفسه على مراقبة الله تبارك وتعالى لأنّ الله مطلع عليها وعالم بأسرارها رقيب عليها.
واتبع السيئة الحسنة تمحها، قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود:114].
فالإنسان إذا أساء سيئة في سريره فليحسن حسنة في سريره، وإذا أساء سيئة في علانية فليحسن حسنة في علانية.
والحسنات التي تمحو السيئات كثيرة، منها الوضوء، الصلاة، الصيام، الحج، ذكر الله عز وجل... كلها مكفرات.
قال صلى الله عليه وسلم: «صحيح البخاري).
» (
أنظر أخي القارئ إلى كرم الله عز وجل وجوده وفضله؛ يعطي الأجر الجزيل على العمل اليسير.
وقال صلى الله عليه وسلم: « {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ}».
وخالق الناس بخلق حسن: فمعاملة الناس بالأخلاق الحسنة من صفات المتقين.
وأخيرًا نسأل الله أن يزهدنا وإياكم في الحرام زهد من قدر عليه في الخلوة فتركه من خشيته آمين.
- التصنيف:
- المصدر: