{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}
جُبِلَ الإِنْسَانُ عَلَى مَحَبَّةِ الذِّكْرِ وَالشُّهْرَةِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّتْ حِقَبٌ مِنَ الزَّمَانِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا وَلَمْ يُعْرَفْ؛ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان:1]. وَقَدْ بَلَغَ مِنْ مَحَبَّةِ الإِنْسَانِ لِلذِّكْرِ أَنَّهُ قَدْ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ لِتَحْصِيلِهِ، وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلِ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا؛ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» (رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْه)..
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ؛ مَالِكِ المُلْكِ، وَخَالِقِ الخَلْقِ، وَمُدَبِّرِ الأَمْرِ، لاَ يُهْزَمُ جُنْدُهُ، وَلاَ يَنْقُضُ حُكْمُهُ، وَلاَ يُرَدُّ أَمْرُهُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ، وَلَنْ نَبْلُغَ كَمَالَ حَمْدِهِ مَهْمَا حَمِدْنَاهُ، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا يَلِيقُ بِهِ، وَلَنْ نُدْرِكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ نِعَمِهِ وَلَوْ قَضَيْنَا أَعْمَارَنَا كُلَّهَا فِي الشُّكْرِ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ خَالِقُنَا وَرَازِقُنَا وَهَادِينَا وَمُعَافِينَا، وَقَدْ أَعْطَانَا مَا سَأَلْنَاهُ وَمَا لَمْ نَسْأَلْهُ، وَدَفَعَ عَنَّا مِنَ السُّوءِ مَا حَذِرْنَا وَمَا لَمْ نَحْذَرْ، وَرَفَعَ عَنَّا مِنَ البَلاَءِ مَا عَلِمْنَا وَمَا لَمْ نَعْلَمْ؛ فَلَهُ الحَمْدُ كُلُّهُ، وَلَهُ الشُّكْرُ كُلُّهُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ كُلُّهُ، لاَ نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ كَمَا أَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَأَنْعَمَ بِهِ، وَهدَاهُ وَهَدَى بِهِ، وَرَفَعَهُ وَرَفَعَ بِهِ، وَرَحِمَهُ وَرَحِمَ بِهِ؛ فَهُوَ رَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى لِلْعَالَمِينَ، وَهُوَ نِعْمَةٌ لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَهُوَ هِدَايَةٌ وَرِفْعَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ؛ فَعُرِفُوا بِهِ، وَنُسِبُوا إِلَيْهِ، فَقِيلَ: أُمَّةُ الأُمِّيِّينَ، وَأُمَّةُ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ، وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَافْتَخِرُوا بِانْتِسَابِكُمْ لِدِينِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، فَاسْتَمْسِكُوا بِهِ، وَادْعُوا إِلَيْهِ، وَادْفَعُوا عَنْهُ عُدْوَانَ المُعْتَدِينَ، وَإِفْكَ الكَافِرِينَ، وَافْتِرَاءَ المُنَافِقِينَ؛ {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ} [فصِّلت:33].
أَيُّهَا النَّاسُ:
جُبِلَ الإِنْسَانُ عَلَى مَحَبَّةِ الذِّكْرِ وَالشُّهْرَةِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّتْ حِقَبٌ مِنَ الزَّمَانِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا وَلَمْ يُعْرَفْ؛ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان:1].
وَقَدْ بَلَغَ مِنْ مَحَبَّةِ الإِنْسَانِ لِلذِّكْرِ أَنَّهُ قَدْ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ لِتَحْصِيلِهِ، وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلِ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا؛ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» (رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْه)..
وَقَدْ يَبْذُلُ الإِنْسَانُ أَغْلَى مَا يَمْلِكُ فِي سَبِيلِ ذَلِكَ، فَيَقْضِي عُمْرَهُ كُلَّهُ فِي السَّهَرِ وَالتَّعَبِ وَالتَّحْصِيلِ لِأَجْلِ الذِّكْرِ فَقَطْ، وَقَدْ يَبْذُلُ مَالَهُ لِأَجْلِ الذِّكْرِ فَقَطْ، وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَبْذُلَ حَيَاتَهُ فَيَرْمِي بِنَفْسِهِ فِي سَاحَةِ الوَغَى لِيَذْكُرَهُ النَّاسُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِالذِّكْرِ الَّذِي أَرَادَهُ!
وَفِي خَبَرِ أَوَّلِ ثَلاَثَةٍ يُقْضَى بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَهُمْ قَارِئٌ عَالِمٌ أَمْضَى عُمُرَهُ فِي القِرَاءَةِ وَالعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، وَغَنِيٌّ بَاذِلٌ بَذَلَ مَالَهُ فِي وُجُوهِ الخَيْرِ، وَمُجَاهِدٌ شُجَاعٌ قُتِلَ وَهُوَ يُدَافِعُ عَنْ دِينِ اللهِ تَعَالَى، قِيلَ لِلْقَارِئِ مِنْهُمْ: قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، وَقِيلَ لِلْقَارِئِ العَالِمِ: تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، وقَالَ المُنْفِقُ لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ، وَقَدْ سُحِبُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَالحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ.
فَانْظُرُوا مَاذَا بَذَلَ الثَّلاَثَةُ فِي طَلَبِ الذِّكْرِ وَالشُّهْرَةِ؟
إِنَّهُ الإِنْسَانُ، يُحِبُّ الذِّكْرَ وَيَسْعَى إِلَيْهِ، هَذَا هُوَ الأَصْلُ فِيهِ، إِلاَّ مَنْ كَبَحَ جِمَاحَ نَفْسِهِ، وَقَهَرَهَا عَلَى الخَفَاءِ، وَلاَ عَجَبَ أَنْ يُحِبَّ اللهُ تَعَالَى؛ «الْعَبْدَ التَّقِيَّ، الْغَنِيَّ، الْخَفِيَّ»، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ عَلِمَ اللهُ تَعَالَى وَهُوَ الخَلاَّقُ العَلِيمُ مَا فِي الإِنْسَانِ مِنْ حُبِّ الذِّكْرِ، فَأَغْرَاهُ بِذِكْرِهِ سُبْحَانَهُ لِيَنَالَ ذِكْرَ اللهِ تَعَالَى وَهُوَ خَيْرُ مَن ذَكَرَ الخَلْقَ؛ {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: من الآية 152]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ» (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ).
وَكُلَّمَا كَانَ العَبْدُ أَكْثَرَ ذِكْرًا للهِ تَعَالَى، وَدَعْوَةً لِدِينِهِ، وَإِخْلاَصًا لَهُ؛ كَانَ أَكْثَرَ رِفْعَةً، وَأَرْفَعَ ذِكْرًا، وَأَعْلَى مَكَانًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؛ وَلِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَى النَّاسِ مَقَامًا، وَأَرْفَعَهُمْ ذِكْرًا، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَيْهِ؛ {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح:4]، وَمَنْ رَفَعَ اللهُ تَعَالَى ذِكْرَهُ فَلَنْ يَخْفِضَهُ شَيْءٌ، وَلَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَى خَفْضِهِ، وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي الأَرْضِ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْه)ِ.
{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}، رَفَعَ ذِكْرَهُ بِمَا اخْتَصَّهُ بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَالكَلاَمِ وَالإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ حَتَّى صَعِدَ مَكَانًا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَلاَ يَبْلُغُهُ أَحَدٌ بَعْدَهُ.
وَرَفَعَ ذِكْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ، فَتَوَاتَرَتْ بِذِكْرِهِ الكُتُبُ المُتَقَدِّمَةُ حَتَّى قَالَ المَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلامُ: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصَّف: من الآية 6]، وَأَخَذَ اللهُ تَعَالَى المِيثَاقَ عَلَى النَّبِيِّينَ بِالإِقْرَارِ بِهِ قَبْلَ وِلاَدَتِهِ وَبَعْثِهِ؛ {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آ عمران:81].
وَرَفَعَ ذِكْرَهُ فَفَرَضَهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ تَعَالَى فِي شَهَادَةِ الحَقِّ الَّتِي هِيَ رُكْنُ الإِسْلامِ الأَوَّلِ، وَلاَ يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ بِالرِّسَالَةِ، وَهَذَا أَعْلَى الذِّكْرِ وَأَبْقَاهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً عَبَدَ اللهَ تَعَالَى مِئَةَ سَنَةً، وَصَدَّقَ بِالجَنَّةِ وَالنَّارَ وَكُلَّ شَيْءٍ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ، وَكَانَ كَافِرًا، وَمِنْ أَهْلِ النَّارِ.
{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}، رَفَعْنَاهُ فِي المَلَأِ الأَعْلَى، وَرَفَعْنَاهُ فِي الأَرْضِ، وَرَفَعْنَاهُ فِي هَذَا الوُجُودِ جَمِيعًا.
رَفَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا اسْمَكَ مَقْرُونًا بِاسْمِ اللهِ كُلَّمَا تَحَرَّكَتْ بِهِ الشِّفَاهُ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ»، وَلَيْسَ بَعْدَ هَذَا رَفْعٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ هَذَا مَنْزِلَةٌ، وَهُوَ المَقَامُ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ سَائِرِ العَالَمِينَ.
وَمُنْذُ أُرْسِلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذِكْرُهُ يَعْلُو فِي الآفَاقِ، وَيَبْلُغُ الأَصْقَاعَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَبِذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى يُعْصَمُ الدَّمُ وَالمَالُ وَالعِرْضُ، وَيَحُلُّ الأَمْنُ، وَيَزُولُ الخَوْفُ.
وَذِكْرُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكْرُورٌ فِي الأَذَانِ وَالصَّلاَةِ وَالمَشَاهِدِ العَامَّةِ كَخُطَبِ الجُمُعَةِ وَالعِيدَيْنِ وَعَرَفَةَ، وَافْتِتَاحِ الخُطَبِ وَالرَّسَائِلِ وَالكُتُبِ وَخَتْمِهَا، وَفِي القُرْآنِ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ يُذْكَرُ فِيهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى؛ {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ} [النساء: من الآية 13]، {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ} [النساء: من الآية 14]، {مُهَاجِرًا إِلَى الله وَرَسُولِهِ} [النساء: من الآية 100]، {آَمِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ} [النساء: من الآية 136]، {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: من الآية 56]، وَعَشَرَاتُ الآيَاتِ سِوَاهَا يُذْكَرُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَاليًا لِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، فَمَا أَرْفَعَهُ مِنْ ذِكْرٍ! وَمَا أَعْلاهُ مِنْ مَقَامٍ!
وَخُوطِبَ الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فِي القُرْآنِ بِأَسْمَائِهِمْ؛ {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ} [الأعراف: من الآية 19]، {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [هود: من الآية 76]، {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ} [هود: من الآية 81]، {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: من الآية 29]، {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: من الآية 144]، {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: من الآية 7] {إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آ عمران: من الآية 55]، وَلَكِنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخَاطَبْ بِاسْمِهِ مُجَرَّدًا فِي القُرْآنِ وَلاَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ؛ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: من الآية 67]، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ} [الأحزاب: من الآية 1].
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، حِينَ قَدَّرَ اللهُ تَعَالَى أَنْ تَمُرَّ القُرُونُ، وَتَكِرُّ الأَجْيَالُ، وَمَلايِينُ الشِّفَاهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ تَهْتِفُ بِهَذَا الاسْمِ الكَرِيمِ، مَعَ الصَّلاَةِ وَالتَّسْلِيمِ، وَالحُبِّ العَمِيقِ العَظِيمِ.
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ، وَقَدِ ارْتَبَطَ بِهَذَا المَنْهَجِ الإِلَهِيِّ الرَّفِيعِ، وَكَانَ مُجَرَّدَ الاخْتِيَارِ لِهَذَا الأَمْرِ رِفْعَةَ ذِكْرٍ لَمْ يَنَلْهَا أَحَدٌ مِنْ قَبْلُ وَلاَ مِنْ بَعْدُ فِي هَذَا الوُجُودِ.
وَرَفَعَ اللهُ تَعَالَى ذِكْرَهُ بِمَا جَبَلَهُ عَلَيْهِ مِنَ الأَخْلاَقِ الكَرِيمَةِ حَتَّى ذَكَرَهُ بِذَلِكَ القَرِيبُ وَالبَعِيدُ، وَالغَنِيُّ وَالفَقِيرُ، وَالمُؤْمِنُ وَالكَافِرُ، وَقَالَ قَائِلٌ لِقَوْمِهِ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي عَطَاءً مَا يَخْشَى الْفَاقَةَ (رَوَاهُ أَحْمَدُ).
وَرَفَعَ ذِكْرَهُ فَعَرَفَهُ فِي سَنَوَاتٍ قَلَائِلَ مُلُوكُ الرُّومِ وَالْفُرْسِ، وَخَافُوهُ وَهَابُوهُ، حَتَّى قاَلَ أَبُو سُفْيَانَ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ هِرَقْلَ وَسَمِعَ ذِكْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسِهِ: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ).
وَمُلُوكُ الْأَرْضِ فِي زَمَنِنَا هَذَا مِنْ عَرَبٍ وَعَجَمٍ، وَمُسْلِمِينَ وَكُفَّارٍ يَذْكُرُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَعْتَذِرُ الْكُفَّارُ مِنْهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَنْدِ الْإِسَاءَةَ إِلَيْهِ وَهُمْ كَارِهُونَ.
وَرَفَعَ اللهُ تَعَالَى ذِكْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ اخْتَصَّهُ بِالشَّفَاعَةِ؛ فَكُلُّ الْخَلْقِ يَذْكُرُونَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ، وَيَنْتَظِرُونَ سُجُودَهُ لِلرَّحْمَنِ، وَشَفَاعَتَهُ لِلْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَا لَهُ مِنْ ذِكْرٍ عَظِيمٍ!
جَعَلَنَا اللهُ تَعَالَى مِنْ أَنْصَارِ نَبِيِّهِ، وَأَتْبَاعِ حَبِيبِهِ، وَأَرَانَا فِي شَانِئِيهِ وَمُبْغِضِيهِ مَا يَسُوءُهُمْ وَيَسُرُّنَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ . وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آ عمران:131-132].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَا يَعْمَلُ مُتَعَصِّبَةُ الْغَرْبِ عَمَلًا يُرِيدُونَ بِهِ النَّيْلَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا ارْتَدَّ عَلَيْهِمْ عَمَلُهُمْ، وَرَأَوْا مِنْ نَتَائِجِهِ وَآثَارِهِ مَا يَسُوءُهُمْ؛ فَيُسْلِمُ كُفَّارٌ، وَيَهْتَدِي عُصَاةٌ، وَيَنْتَفِضُ الْمُؤْمِنُونَ غَضَبًا وَإِجْلَالًا وَتَوْقِيرًا لِنَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُقْرَأُ سِيرَتُهِ، وَتُتْلَى شَمَائِلُهُ، وَيُقْرَضُ الشِّعْرُ فِي مَدَائِحِهِ، وَتُدَبَّجُ الْمَقَالَاتُ فِي الدِّفَاعِ عَنْهُ، بَلْ وَتُنْشَأُ مَشْرُوعَاتٌ مُسْتَمِرَّةٌ لِلتَّعْرِيفِ بِسِيرَتِهِ، وَالدَّعْوَةِ لِدِينِهِ، فَيَرْتَدُّ عَلَى الْكَافِرِينَ مَكْرُهُمْ، وَيَبْطُلُ كَيْدُهُمْ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يُنَاكِفُونَ اللهَ تَعَالَى فِي قَدَرِهِ الْكَوْنِيِّ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا مَا أَرَادَ سُبْحَانَهُ، وَقَدْ أَرَادُ سُبْحَانَهُ فِي الْأَزَلِ أَنْ يَعْلُوَ ذِكْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ أَضْعَفُ الْأُمَمِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِي السِّيَاسَةِ وَالاقْتِصَادِ وَالصِّنَاعَةَ وَالسِّلَاحِ، وَلَيْسُوا أَكْثَرُ الْأُمَمِ رِجَالًا، فَمَجْمُوعُ النَّصَارَى أَكْثَرُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْبُوذِيُّونَ وَالْهُنْدُوسُ يَقْتَرِبُ عَدَدُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأُمَّةُ الْإِسْلَامِ أُمَّةٌ مُسْتَبَاحَةٌ، أَكْثَرُ مَنْ يُقْتَلُ فِي هَذَا الْعَصْرِ هُمْ مِنْهَا، وَأَكْثَرُ ثَرَوَاتٍ تُنْهَبُ هِيَ مِنْ ثَرَوَاتِهِمْ، وَأَكْثَرُ ظُلْم إِنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِمْ دَاخِلَ دُوَلِهِمْ وَخَارِجَهَا، وَأَكْثَرُ دِينٍ تَمَّ تَشْوِيهُهُ هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ، وَأَكْثَرُ نَبِيٍّ سُخِرَ مِنْهُ فِي هَذَا الْعَصْرِ هُوَ نَبِيُّ الْإِسْلَامُ، وَمَا فَتِئَتْ آلْآةُ الْإِعْلَامِيَّةُ الدَّوْلِيَّةُ تَشُنُّ حَرْبًا لَا هَوَادَةَ فِيهَا عَلَى الْإِسْلَامِ وَنَبِيِّهِ وَشَعَائِرِهِ، وَالتَّمْيِيزُ الْعُنْصِرِيُّ ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَشَدِّ مَا يَكُونُ ظُهُورًا وَوُضُوحًا فِي دُوَلِ الْعَالَمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَرَغْمَ ذَلِكَ فَإِنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ هُوَ الدِّينُ الْأَوَّلُ فِي الانْتِشَارِ، مَعَ أَنَّهُ أَضْعَفُ الْمِلَلِ التَّبْشِيرِيَّةِ دَعْوَةً مُقَارَنَةً بِمَا تَمْلِكُهُ طَوَائِفُ النَّصَارَى الثَّلَاثُ مِنْ إِمْكَانَاتٍ ضَخْمَةٍ لِلتَّبْشِيرِ بَأَدْيَانِهَا، وَالدُّوَلُ الْقَوِيَّةُ تَرْعَى ذَلِكَ وَتُنْفِقُ عَلَيْهِ رَغْمَ عَلْمَانِيَّتِهَا.
إِنَّ مِنْ رَفْعِ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُرْفَعَ دِينُهُ، وَأَنْ يَكْثُرَ أَتْبَاعُهُ، وَأَنْ يَغْزُوَ دِينُهُ دُوَلَ أَعْدَائِهِ فَيَنْتَشِرَ بَيْنَ أَبْنَائِهَا، وَمِئَاتُ الْكَنَائِسِ حُوِّلَتْ إِلَى مَسَاجِدَ بِانْتِشَارِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْغَرْبِ، وَلَمْ تُحَوَّلُ الْمَسَاجِدُ إِلَى كَنَائِسَ، وَلَمْ يَجِدِ النَّصَارَى الْحَاقِدُونَ حِيلَةً تُجَاهَ مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْبِلَادِ الَّتِي يَحْتَلُّونَهَا إِلَّا الْهَدْمَ وَالْحَرْقَ، أَوِ اسْتِخْدَامَ نُفُوذِهِمُ السِّيَاسِيِّ، وَإِجْبَارُ السَّاسَةِ عَلَى بِنَاءِ الْكَنَائِسِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَهِيَ مَهْجُورَةٌ فِي بِلَادِ الْغَرْبِ.
إِنَّهُ دِينُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَبَى اللهُ تَعَالَى إِلَّا أَنْ يَرْفَعَ ذِكْرَهُ فَلَا يَدَعُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا بَلَغَهُ بِعِزِّ عَزِيزٍ وَذُلِّ ذَلِيلٍ. وَكِتَابُهُ الْقُرْآنُ بَلَغَ ذِكْرُهُ الْآفَاقَ، وَحَفِظَهُ آلاف مِنْ حُفَّاظِ الْمُسْلِمِينَ وَأتْقَنُوهُ، وَقَرَأَهُ مِئَاتُ الْمَلَايِينِ مِنْهُمْ وَعَرَفُوهُ، بِيْنَمَا لَا تَحْظَى الْأَنَاجِيلُ الْمُحَرَّفَةُ بِأَحَدٍ يَحْفَظُهَا إِلَّا النَّادِرَ جِدًّا، وَلَا مَنْ يَقْرَؤُهَا إِلَّا الْقَلِيلَ مِنَ النَّصَارَى، وَهَذَا مِنْ رَفْعِ ذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْلُغَ ذِكْرُ الْكِتَابِ الَّذِي بَلَّغَهُ هَذَا الْمَبْلَغَ مِنَ الانْتِشَارِ وَالظُّهُورِ وَالشُّهْرَةِ {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزُّخرف: من الآية 44]، وَقَدْ ذُكِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُرْآنِ، فَقِيلَ: كِتَابُ مُحَمَّدٌ، أَيِ الَّذِي بَلَّغَهُ، وَذُكِرَ بِهِ أَتْبَاعُهُ فَقِيلَ: قُرْآنُ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مِنَ الذِّكْرِ الْمُمْتَدِّ عَبْرَ السِّنِينَ.
أَلَا وَإِنَّ أَكْثَرَ شَيْءٍ يُغِيظُ أَعْدَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَائِرُ الْإِسَلاَمِ الظَّاهِرَةِ، وَلَا سِيَّمَا شَعِيرَتَيِ اللِّحَى لِلرِّجَالِ، وَالْحِجَابِ لِلنِّسَاءِ؛ وَلِذَا فَإِنَّهُمْ فِي رُسُومِهِمْ وَتَصَاوِيرِهِمْ وَأَفْلَامِهِمْ يُكْثِرُونَ السُّخْرِيَةَ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّعْيرَتَيْنِ.
وَانْتِشَارُهَا فِي الْمُسْلِمِينَ؛ مِمَّا يَزِيدُهُمْ غَيظًا إِلَى غَيْظِهِم، وَمِنْ أَعْظَمِ وَسَائِلِ النُّصْرَةِ الْتِزَامُ الرِّجَالِ هَدْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظَّاهِرَ، وَالْتِزَامُ النِّسَاءِ بِهَدْيِ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْتِزَامِ الِحْجَابِ وَالسَّتْرِ وَالْبُعْدِ عَنْ مَخَالَطَةِ الرِّجَالِ؛ لَيَعْلَمَ الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقِونَ أَنَّ أَتْبَاعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْعَوْنَ لِإِغَاظَتِهِمْ بِالْتِزَامِ سُنَّتِهِ؛ رَدًّا عَلَى سُخْرِيَّتِهِمْ بِهِ، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: من الآية 21].
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا.
- التصنيف:
- المصدر: