المعلم أمل الأمة
يقوم المعلم بمهمة سامية عالية غالية عزيزة على المجتمع لما لها من تأثير في كل بيت، وعلى كل فرد فيه، ويعد المعلم الوعاء والمستقبل والأمل والنور والتفاؤل والنهضة للأمة بأسرها، ويحمل المعلم رسالة مقدسة، وأمانة عظيمة غاية في الخطورة والروعة في آن واحد؛ لأنها الرسالة الأساسية والمهنة الأم لكل المهن والتخصصات، وهي أول ما نزل من القرآن وأول ما نطق به الوحي
يقوم المعلم بمهمة سامية عالية غالية عزيزة على المجتمع لما لها من تأثير في كل بيت، وعلى كل فرد فيه، ويعد المعلم الوعاء والمستقبل والأمل والنور والتفاؤل والنهضة للأمة بأسرها، ويحمل المعلم رسالة مقدسة، وأمانة عظيمة غاية في الخطورة والروعة في آن واحد؛ لأنها الرسالة الأساسية والمهنة الأم لكل المهن والتخصصات، وهي أول ما نزل من القرآن وأول ما نطق به الوحي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1-5]. {الرَّحْمَنُ . عَلَّمَ الْقُرْآَنَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ . عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن:1-4].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما خلق الله عز وجل خلق القلم، فقال له: اكتب، قال: يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، قال: فجرى القلم في تلك الساعة بما كان وبما هو كائن إلى الأبد» (تاريخ الطبري صحيح). المعلم هو الأمل المنشود لبناء الأمة، وبدأ نهضتها، ورفع رايتها، وبناء حضارتها، وغرس كرامتها، وحفظ ممتلكاتها، وتربية أبنائها، وتقويم أخلاقها، وتجديد شبابها، والذود عن حدودها، كيف لا وهو وريث الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: «إن الله لم يبعثني معنتًا ولا متعنتًا ولكن بعثني معلمًا ميسرًا» (رواه مسلم).
«إن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر» (حسن). كيف لا وهو يربي الأجيال على الالتزام بالخلق والسلوك القويم والمسؤولية والأمانة والدعوة والرسالة والقدوة والعلم والعمل والتفوق والإجادة والريادة والتعارف والتفاهم والتكافل والقناعة والأدب والتسامح والمشاركة المجتمعية والتعاون والإيجابية وبذل الوسع والإيثار وغيرها من مفاهيم وقيم وأسس النهضة الشاملة، كيف لا وهو أداة التغيير الإيجابي والسلمي والوسطي في المجتمع فيشكل مستقبل ووعي وريادة الأمة فينير العقول وينقح الأفكار ويشبع النفوس ويفتح القلوب، ويوضح المشكل ويكشف الغامض ويربط بين الأجيال ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ويوحد الأفكار والرؤى ويرسم ويحدد الخطوط العريضة لثقافة الأمة المعلم، هو المسئول الأول عن أبناءنا مهما تنوعت البرامج والمناهج، فهو المنفذ لها المخطط للاستفادة منها، فيجب أن نحافظ عليه وعلى رقيه وعلى حقوقه المادية التي تفرغه لمهنته، ولا ينشغل بغيرها، وحقوقه المعنوية والأدبية من مكانة ومنزلة وتقدير وتوقير واحترام وتبجيل عمله وجهده وعلمه بما يستحق دون إفراط ولا تفريط.
فالمعلم الأمثل الذي ينتمي فعلًا لمهنة التعليم قلبًا وقالبًا ويحافظ على سمعتها ومكانتها ومنزلتها في المجتمع، فيجب عليه أن يكون كفئا في مهنته ورسالته محبًا لها ولوعًا بها يؤدي عمله بشوق وشغف ونشاط، يتمتع بشخصية مستقرة واتزان انفعالي، بحيث لا يسهل مضايقته ولا تبدو صورته المزاجية هوجاء منفرة قادرا على البذل والعطاء والابتكار والتجديد، يتصف بالثقافة عامة، متفهما لحاجات تلاميذه وخصائص نموهم، مهيئا لعلاج مشاكلهم ونقاط ضعفهم، قادرًا على توجيههم وإرشادهم وتيسير التعلم لهم، يقيم علاقات ودية مع تلاميذه تتميز بالحب والتعاون وتبادل الخبرة والنصح والإرشاد متواضعًا في غير ضعف، عطوفًا في حزم وكياسة، متحررًا من عقدتي الدونية والتعالي، يعرف متى يكون مرحًا ومتى يكون جادًا، ذو أناقة ونظافة، وطيب رائحة، وحسن هندام، وجاذبية مظهر، تعظيمًا للعلم والعلماء.
أيها المعلم الكريم: أنت نموذج ومثال وقدوة يحتذي بها تقوم بمهمة إنسانية قومية أخلاقية إسلامية ربانية سماوية لها ما بعدها من الخير الكبير والفتح المبين على بلدنا الحبيب وعلى أمتنا الغالية، ولها ما بعدها عليك في الدنيا والآخرة، إذا إنها من الأعمال التي يبقى لك بعد موتك، ويستمر أجرها يتدفق عليك إلي يوم القيامة «إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ ينتفعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو له» (صحيح).
فلا ترضى لنفسك أقل مما ارتضاه لك الله تعالى والحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأري الله تعالى من نفسك خيرًا، وكن على قدر المسؤولية والأمانة التي شُرفت بحملها.
قد رشحوك لأمر لو فطنت له *** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
ماهر إبراهيم جعوان
- التصنيف:
- المصدر: