التغيُّر والثبات ووجود الله
أحمد كمال قاسم
وجود الله صحيح بدون الحاجة إلى وجود الكون، ولكن وجود الكون ليس له معنى بدون وجود الله. والملحدون يتحيَّرون بين كونٌ بدون إله وكونٌ مع إله، وهذا خطأ، والصحيح أن الخيارين الوحيدين الصحيحين هو كون مع إله، أو لا كون على الإطلاق. وحيث أننا نحيا في كوننا الجميل، فلا مناص للجاحدين الملحدين عن اﻻعتراف بوجود الله.
- التصنيفات: الإعجاز العلمي -
التغير من أسرار وجود الكون
التغيُّر من أسرار وجود الكون فلوﻻ التغيُّر كان سيُصبح فناءًا، والالكترون إن لم يدر حول نواته تحطَّم الكون كله لتحطم الذرة، وفي علم الديناميكا الحرارية تتغيَّر درجة حرارة كل شيء في نظام معزول حراريًا -ويمكن اعتبار الكون من ضمن هذه الأنظمة- لانتقالها من الأسخن إلى الأبرد وبهذا التغيُّر في الحرارة وحده، وليس بالحرارة ذاتها، نستطيع أن نستفيد منها، فإذا تساوت حرارة كل أجسام الكون دخل في مرحلةٍ يُسمِّيها علماء الديناميكا الحرارية بالموت الحراري Thermal Death، لأنه لا داعي للحركة الغير عشوائية أو الانتقال الحراري طالما كانت درجة حرارة الكون كله واحدة، ولا يمكن الاستفادة بطاقة الكون ساعتها رغم أنها مهولة، مهولة ولكنها مكافئة للصفر في اﻵن ذاته.
وينتهي الأمر أن حركة الزمن.. أو حركتنا في الزمن، كبُعد رابع حسب نظرية النسبية، هي التي تحشو الكون بالطاقة، ﻷنها تستمد قيمتها من تحرُّكنا في البُعد الزمني بسرعة الضوء، بالتالي فلولا الحركة الدائبة لكل شيء لتوقف كل شيء حتى الزمن ذاته، وذلك لأننا لا نشعر بمروره إلا بالحركة المستمرة لأبعاض الكون.
وحتى في عالم المعلومات لوﻻ التغيُّر ﻻنعمدت المعلومات فالرسالة التي كلها حرف واحد مكرَّر كالرسالة الفارغة تمامًا لا تحوي أية معلومات ﻷنه ينقصها التغير.
مرجع التغير هو الثبات!
التغيُّر يحتاج إلى تغيُّر مختلف حتى يكون له معنى، فلا معنى لحركة سيارة من وجهة نظر سيارة أخرى تسير بنفس السرعة ولكن يوجد معنى لحركتها بالنسبة لمشاهد ثابت بالنسبة للطريق أو سيارة أخرى تخالفها السرعة. ولكن الثابت بالنسبة للطريق يجب أن يكون مُتغيِّرًا بالنسبة لآخر! وتستمر عملية نيل معنى وجود التغير -وجود الكون حسب تعريفنا للوجود أعلاه- من معنى الثبات النسبي حتى يضطرنا التفكير المنصف السليم للوصول لمرجع مطلق لا ينتابه التغيُّر، وهذا المرجع يخالف كل ما عداه، فكل ما عداه من موجودات تتغيَّر.
الله تعالى:
يبدو أننا نتكلم عن الله تعالى، فهو الصمد الذي يستند لوجوده كل شيء، ووجوده في المقابل ﻻ يستند لشيء، وبالتالي فهو خالق التغيُّر -خالق اﻷشياء حسب تعريفنا أعلاه-، وخالق الزمن بالتبعية وهذا يؤكد عدم تغيُّره ﻷن خالق الزمن ينبغي خروجه عن الخضوع للزمن، فوجوده ﻻ يحتاج للتغيُّر، وهو واجب الوجود ليس كباقي اﻷشياء، فهو كما قال عن نفسه في القرآن الكريم {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى من الآية:11]. وهكذا يتكشف لنا أن وجوده من طبقة أعلى من وجود باقي الكائنات.
الخلاصة:
وجود الله صحيح بدون الحاجة إلى وجود الكون، ولكن وجود الكون ليس له معنى بدون وجود الله. والملحدون يتحيَّرون بين كونٌ بدون إله وكونٌ مع إله، وهذا خطأ، والصحيح أن الخيارين الوحيدين الصحيحين هو كون مع إله، أو لا كون على الإطلاق. وحيث أننا نحيا في كوننا الجميل، فلا مناص للجاحدين الملحدين عن اﻻعتراف بوجود الله.
والله أعلم.