(14) المنظار
أم هانئ
- التصنيفات: الزهد والرقائق - تربية النفس - قصص مؤثرة -
تقول صاحبتنا:
حين بدأت رحلة العلاج، طلبًا للعافية والشفاء..
بدأ الأطباء بمعالجة الصدر، فلما أن رأوا تدهور الأمر..
ذهبوا يبحثون عن عِلَّةٍ الداء لعله في البطن..
-وكما سبق- ما نجع في التشخيص لتحديد العلاجات: كل أنواع التحاليل..
أو مختلف الأشاعَّات أو حتى حديث التقنيات..
فقرَّر الطبيب المعالج ذات نهار، أن يستكشف الجهاز الهضمي بالمنظار..
فأعدُّوني لذلك في الصباح التالي، واستسلمت لهم والله عالِمٌ بحالي..
فلما وضعوني على السرير، وطبعًا بكامل ثيابي ودون تخدير..
باشر الطبيب بإدخال المنظار بالفعل..
فبدأ أولًا من الأنف فاستحال عليه الأمر...
أخذ يحاول حتى أدماها، فلما يئس من شديد ضيقها قلاها..
ثم انتقل ليدخل المنظار من الفم، وبدأت رحلة الشقاء والغم..
قيَّدوا يدي وقدمي بإحكام، وقد منعوا انغلاق فمي بحلقةٍ بين الأسنان..
وكأنني أغرق في سيل من الزبد، مسلوبة الإرادة ممدَّدة الجسد..
هناك ضاقت مني الأنفاس، جارية دموعي، مقهورة الإحساس..
عفاكم الله مما رأيت، والله وكأنني من شِدَّة الألم في سياقة الموت!
وبعد وقتٍ خلته طويلًا طويلا، أعلن الطبيب أخيرًا: نعم، نعم.. قرحة الاثنى عشر هي موطن الداء، ومصدر نزف الدماء..
حينها لم يبدو عليَّ سرور ولا حبور، ولم أنتبه حتى لجُلّ ما يقول؛ فقد كنت مُغيَّبة الشعور عن المكان والوقت؛ أسأل نفسي: تُرى كيف هي سكرات الموت؟!
يتبع...