(4) لجوءٌ إلى الله
علي بن عبد الخالق القرني
تعرَّف عليه في الشدةِ والرخاء لا على سواه عرَّافًا كانَ أو ساحرًا أو كاهنًا أو مقبورًا..
- التصنيفات: الزهد والرقائق - تزكية النفس -
حقيقة الكلمة لجوءٌ إلى الله:
وتعرَّف عليه في الشدةِ والرخاء لا على سواه عرَّافًا كانَ أو ساحرًا أو كاهنًا أو مقبورًا:
لا قبة تُرجى ولا وثن ولا *** قبر له سبب من الأسباب
كلَّا ولا شجر ولا حجر ولا *** عين ولا نُصب من الأنصاب
أيضًا ولست مُعلِّقًا لتميمة *** أو حلقة أو ودعة أو ناب
لرجاءِ نفعٍ أو لدفع بليةٍ *** الله ينفعني ويدفع ما بي
بالله ثِق وله أنب وبه استعن *** فإذا فعلت فأنت خير معان
ها هوَ سيدُ المتقين صلوات اللهِ وسلامهُ عليه في الشدةِ والرخاء، لا تراهُ إلا أوابًا منيبًا مخبتًا إلى ربه فبهداه يهتدي المقتدون.
ثبت عند ابن حبان في صحيحه عن عطاءٍ رضي الله عنه قال دخلتُ أنا وعبيدُ بنُ عميرٍ على عائشةَ رضي اللهُ عنها، فقال عبيد: "حدثينا بأعجبِ شيء رأيتهِ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فبكت وقالت قام ليلةً من الليالي فقال: « »، قالت: فقلتُ واللهِ إني لأحبُ قُربك، وأحبُ ما يَسرُّك، فقام وتطهَّرَ ثم قام يُصلِّي فلم يزل يبكي حتى بلَّ حجرَهُ، ثم لم يزل يبكي حتى بلَّ الأرض من حولِه".
وجاء بلالُ رضي الله عنه يستأذنه لصلاة الفجر، فلما رآه يبكي بكى، وقال: يا رسولَ الله بأبي أنت وأمي تبكي وقد غفرَ لك! وقال: يا رسولَ الله بأبي أنت وأمي تبكي وقد غفرَ لك! قال: « ، : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آلِ عمران:190-191].
هذا في رخائه صلى الله عليه وسلم..
يا نائمًا مستغرقًا في المنام *** قم واذكر الحي الذي لا ينام
وفي الشدةِ تنقلُ لنا أمُ المؤمنين عائشة رضي الله عنه أيضًا كما ثبت في البخاري أنها قالت لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "هل أتى عليكَ يومُ كان أشدَ من يومِ أُحد؟ قال: « »".
يا لله يعيشُ قضيتهَ بكل أحاسيسه ومشاعره.
همٌ بلغَ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم أن لا يشعرَ بنفسه من الطائفِ إلى السيلِ الكبير.
بما كان يفكر؟ ترى بما استغرقَ هذا الاستغراقَ الطويل؟
لعلَه كان يُفكِّرُ في أمر دعوته التي مضى عليها عشرُ سنينَ ولم يستطع نشر الإسلام بالحجمِ الذي كان يتمنى، لعلَه كان يُفكِّرُ كيف سيدخلُ مكةَ فهو بين عدوين.. عدوٍ خلفّه وراء ظهرهِ أساء إليه ولم يقبل دعوته، وعدوٍ أمامهُ ينتظرَه ليوقِع به الأذى.
يقول صلى الله عليه وسلم: «
-لطفُ الله ورحمةُ الله في لمن يتعرَّفونَ عليه في الرخاء-، »".الله ينصر من يقوم بنصره *** والله يخذل ناصر الشيطان
كان صلى الله عليه وسلم رحيمًا بقومه، فما أُرسِلَ إلا رحمةً للعالمين، الأمل في هدايتِهم يفوقُ في إحساسهِ الشعورُ بالرغبةِ في الانتقامِ من أعدائهِ والتشفي من قومِه اللذينَ أوقعوا به صنوفَ الأذى.
"فقال صلى الله عليه وسلم لملكَ الجبال: «
»". وكان ما رجاه وأملَه بذرة طيبة في أرض خصبة لم تلبث أن صارت شجرة مورقة.يبني الرجال وغيره يبني القرى *** شتان بين قرى وبين رجال
رخاءٌ وشِدةٌ لله.. وتلك حقيقة تقوى الله.