النقاب المظلوم
ما نسميه بالتحرش الجنسي لا يطول المحجبة -حتى في عصرنا الحالي- وهذا ما أكده الباحث عبد الفتاح العوادي، المعيد بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر في رسالة الماجستير التي أعدَّها حيث أثبتت الدراسة أن انتشار العري في الشارع المصري سبب أساسي ورئيسي في زيادة حالات الاغتصاب، وأشار إلى أنه لم تقع جريمة اغتصاب لأية سيدة محجبة، والمقصود بالحجاب هنا ليس مجرد ارتداء غطاء الرأس مع ارتداء الملابس الضيقة والشفافة التي ترتديها بعض الفتيات، ثم يُقال التحرش بالمحجبات، ولكن المقصود الحجاب الشرعي بمواصفاته الشرعية المعروفة وبمشية الملتزمات بلا تكسر..
كرهوا النقاب وحاربوه مثلما حاربوا الحجاب، وتحت سماوات بلاد مسلمة كان يجب أن يتمتع المؤمن وهو يمارس طقوس وشعائر ديانته بكل الهدوء والأمان، ولكن هذه الحرية التي يتمتع بها الهندوسي في الهند ومن يتبعون (الدلايلاما) في التبت، حتى الوثني في الأدغال الأفريقية لا يكاد يحصل عليها المسلم صاحب الدين السماوي الحق، لا في موطنه وبين أبناء جلدته فحسب ولا حتى في بلاد تدين بغير دينه!
فمِن قائلٍ: "أنه بدعة ودخيل على الدين"، ومن أفتى: "بأنه عادة وليس عبادة"، ومن تفنن في جمع الأدلة الجنائية والجرائم التي كان النقاب طرفًا فيها، وهي ما يسمى بجرائم انتحال الصفة؛ لينادى بأن النقاب خطر يهدد أمن البلاد والعباد ويجب إزالته مثلما دعا إلى هذا الدكتور (خالد منتصر) الذي دأب على مهاجمة أكثر ما هو دين انحيازًاً منه للدولة المدنية، وذلك كما جاء في مقاله بالمصري اليوم والمعنون بـ(منع النقاب فريضة أمنية)، جمع في مقدمته عددًا من أشهر الجرائم التي كان النقاب طرفًا فيها، ثم ناقش الأحاديث النبوية التي تتناول النقاب على قدر علمه وفهمه لها حيث أنه طبيب وليس رجل دين، ثم أصدر فتواه بأن النقاب عادة، بل أضاف أن هناك اختلافًاً على النقاب، وهذا الاختلاف يشجعنا على أن ننقل مناقشة مسألة النقاب من الجانب الديني إلى الجانب المدني دون أن يتهمنا أحد بالكفر، ولن أتحول إلى مفتي مثلما فعل وأحكم عليه بالكفر.
ولم تتوانى بعض الأقلام الصحفية في الضرب على نفس الوتيرة، فتأتي (هبة منصور) بالمصري اليوم القاهرية أيضًاً لتكتب تحت عنوان مثير: (جرائم بالزي الأسود) وتتحدث فيه عن زيادة معدلات جرائم النقاب، خاصة أن الزي الأسود يتيح لمن يرتدينه التخفي بسهولة بالإضافة إلى هالة القدسية التي تحيط بهن، يعتمد عليها مرتدوا النقاب بسبب إقرار السلفيين بوجوبه على المسلمات، غير أنها تميزت بما أوردته بشكل إحصائي استنادًاً على ما رصدته وزارة الداخلية المصرية من أن معدل الجريمة كان خمس حالات خلال عام 2000، وفي عام 2006 سجلت الداخلية 26 حادثة، وفى عام 2007 كان 27 حادث، بينما في عام 2008 سجلت الداخلية 24 حادثة، وهي تنذرنا في ثنايا مقالها محذرة: "أن خطرًاً كبيرًاً يحدق بالمجتمع المصري إذا انتشر النقاب بصورة أكبر، حيث يشكل صعوبة في السيطرة على الجرائم، التي تمتد لتشمل معظم محافظات مصر، وتتنوع بين القتل والسرقة والتحرش والتسول، والخطف ومقابلة العشيقات".
وقد سارع الفن السابع (السينما) بتسجيل تلك الظاهرة دراميًاً باعتبارها حدثًاً غير عادي، حيث قام المخرج هاني جرجس فوزي بإخراج في?م: (تحت النقاب) يسيء للمنتقبات وللدين، تدور أحداثه حول لجوء بعض المنتقبات للعمل في الدعارة لمواجهة الفقر والأوضاع المعيشية السيئة في مصر، وقد هدد العالم (عبد العظيم الشهاوي) أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر بمقاضاة مخرج الفيلم في حال تنفيذ الفيلم، بينما أوضح المخرج أن الفيلم يوضح أن النقاب لا يجدي التعامل معه بمهانة مثلما يحدث من القليلات المنتقبات، فكم من جرائم ترتكب باسمه.
وأضاف أن الفيلم لا يظهر الجانب السلبي لبعض المنتقبات، بل يشير إلى إيجابيات أيضًا، مؤكدًا أن العمل ضد استغلال هذا الزي في أعمال غير أخلاقية، والسؤال: هل التي تزينت بزينة النقاب واتخذته شعارًا لها وسترًا ومنهاجًاً ارتكبت أي جريمة تذكر؟! أم الذي ارتكبوا أو ارتكبن جريمة انتحال صفة المتنقبات هم وهن المسئولون والمسئولات؟! لقد دأب المنافقون في كل عصر على انتحال صفة غير صفتهم، ودائمًا ما تكون صفة طيبة تخص ذوى الهيئات، مثل: صفة رجال الدين من كل الملل، وصفة المتدينات من كل الديانات، صفة رجال الأمن والقضاء، أو الانتساب لأحد الشخصيات العامة، وصفة الموظفين الرسميين.
بل نعجب حين نعلم أن جريمة انتحال الصفة هي أول جريمة قابلتها أمنا حواء قبل الهبوط إلى الأرض حين أغواها إبليس وأتاها على هيئة (الحية) لتأكل من الثمرة المحرمة على زعم صحة ما جاء بسفر التكوين.
بل انتحل الثعلب أيضًاً صفة الواعظين كما تخيل أحمد شوقي في قصيدته من ديوانه الشوقيات وعنوانها: (مر الثعلب يومًا) التي يقول في مطلعها:
برز الثعلب يومًاً في ثياب الواعظينا
ألم ينتحل المغامرون والرحالة زى الحجاج تارة، والباشوات تارة لدخول الأراضي المقدسة، بل انتحلوا صفة الدين الإسلامي نفسه وأشهرهم (ريتشارد فرانسيس بيرتون) مستكشف وعسكري ومستشرق ومترجم بريطاني اشتهر من خلال ترجمته لحكايات ألف ليلة وليلة، ولما طردته جامعة (أكسفورد) انتقل إلى الهند بصفة ملازم أول في الجيش، وهناك أخذ مظهر المسلمين وقام بكتابة تقارير عن السوق والتجار، ثم انتقل إلى بلاد العرب وهناك استخدم نفس المظهر الإسلامي، وكان ثاني شخص غير مسلم يحج المدينة ومكة في عام 1855م -تذكر المصادر أن الشخص الأول هو لودفيكو دي بارثيما في عام 1503م، وجاء بعدهما جون فيركين، ووافيل-.
بل كثيرًا ما تقمص جواسيس بريطانيون سمة علماء الآثار للتجسس على جنرالات ألمان عمدوا إلى إقامة حفلات فاخرة لحلفائهم العثمانيين، وهناك (أنركيتا مارتي ريبولس) أشهر قاتلة للأطفال في التاريخ الحديث، التي كانت تتنكر في النهار في ملابس رثة وقذرة أشبه بملابس المتسولين، ثم تتوجه إلى أكثر أحياء المدينة فقرًا وفاقة لتبحث عن ض?اياها قرب الكنائس والجمعيات الخيرية حيث يتجمع الأطفال الفقراء من أجل الحصول على كسرة خبز، أما في الليل فكانت تتحول إلى دوقة أو ماركيزة، فترتدي أفخر الثياب والمجوهرات وتذهب بواسطة عربة فاخرة إلى دار الأوبرا والمنتديات الاجتماعية الراقية، حيث تتواصل مع زبائنها من الطبقة العليا.
وهل سلم النقاب من اتخاذه وسيلة للتخفي في ارتكاب الجرائم حتى يسلم (زي الراهبات) فقد ذكرت تقارير أن محكمة يونانية سمحت بإطلاق سراح مجموعة من 17 سائحًاً بريطانياً تتراوح أعمارهم ما بين 18، 60 عامًاً في منطقة كريت بسبب ارتداء ملابس راهبات، وكذلك بسبب الإساءة إلى الكنيسة الكاثوليكية.
وذكرت صحيفة (كاتيميريني) اليونانية أن الرجال مثلوا أمام المحكمة وهم في زي راهبات ويحملون صلبان.
كما اعتقلت الشرطة الإسرائيلية شابة رومانية تعمل مومسًاً انتحلت هوية راهبة أرثوذكسية لدخول إسرائيل، وفق ما أوردته صحيفة معاريف.
ولقد جسدت السينما الأمريكية انتحال صفة الراهبات لارتكاب جرائم في الفيلم الأمريكي (المدينة) لبطله ومخرجه (بن أفليك)، وتدور أحداث الفيلم حول عصابة من أربعة أفراد يسرقون البنوك متخفيين في زي راهبات، فيما يسعى عميل بمكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) إلى تعقبهم والإيقاع بهم.
ولم يقتصر الأمر على زي الراهبات بل تعداه إلى من انتحل صفة القس، بل وارتدى زي الكهنوت ومارس جرائمه متخفيًاً مثل القس (جون يوحنا صليب 30 سنة) المتهم بالتزوير في مستندات رسمية والتلاعب في أحكام القانون (الكنسي) بمصر، واستخدام أسلوب البلطجة لإجبار ضحاياه على توقيع إيصالات على بياض لمنعهم من الإبلاغ عنه، وانتحاله صفة رجل دين مسيحي يعقد قران ويطلق المسيحيين، مستخدمًا مستندات مزورة مقابل مبالغ مالية كبيرة.
ومثل كاهن كنيسة السيدة العذراء في سوهاج بمصر الذي اتهمه رجل أعمال بالنصب والاستيلاء على 4.5 مليون جنيه بزعم امتلاكه قطعة أرض في مدينة نصر، ثم تبين أن الأرض ليست ملكه، وبعد القبض على الكاهن تقدم رجل أعمال آخر ببلاغ ضد الكاهن نفسه اتهمه بالاستيلاء على 3.5 مليون لبيع نفس قطعة الأرض، المثير أن كاهن كنيسة (مارمينا) بالعمرانية تقدم ببلاغ ضد كاهن كنيسة السيدة العذراء بسوهاج اتهمه فيه بانتحال صفة كاهن بالعمرانية وجمع تبرعات من المسيحيين في القاهرة والجيزة، ونفى (الأنبا باخوم) أسقف سوهاج وجود كاهن باسم الكاهن المقبوض عليه، مشيرًا إلى أن هناك من يستخدم الكهنوت في عمليات النصب، محذرًا من تداعيات هذا الأمر وتزايد حالاته.
ومثل الكاهن الإنجيلي الذي دخل مكتب النائب العام بالقاهرة في زيه الكهنوتي وهو يتقدم بشكوى ضد رجال الشرطة لاضطهاده، وبالاتصال بالكنيسة الإنجيلية في اللحظات الأخيرة للتأكد من حقيقة الشكوى التي يقدمها هذا الرجل كانت المفاجأة المذهلة حيث أوضحت الكنيسة وبشكل قاطع عدم وجود أي صلة بين صاحب الشكوى والكنيسة، وأنه ليس هناك أي رجل دين يحمل هذا الاسم، وتبين من التحقيقات أنه ليس سوي منتحل صفة! وصدرت ضده خمسة أحكام في قضايا مختلفة، وأن مباحث الأموال العامة ألقت القبض عليه بتهمة انتحال صفة رجل دين وممارسة أعمال نصب واحتيال متسترًاً وراء ملابس الكهنوت.
وهكذا أصبح الزي الكهنوتي هو الآخر وسيلة من وسائل التخفي لارتكاب جرائم النصب والاحتيال، أو كما قال: (محمد زين الدين، ومنال سعيد) في تحقيقهما بجريدة الجمهورية القاهرية: "الملاحظ في كل ما سبق أن خيطًا مشتركًاً يجمع تلك الوقائع ويجعل لها نهايات متشابهة رغم اختلاف التفاصيل".
هذا الخيط أو الرابط هو ملابس الكهنوت، التي لا يوجد تشريع ينظمها ويضع ضوابط علي استخدامها وشروطًا لمن يرتديها، وهكذا فإن النتيجة واحدة.. حيث يستطيع أي شخص شراء تلك الملابس واستخدامها، ويستطيع أي كاهن معزول من الكنيسة أن يسير في الشارع ويزور الناس في بيوتهم وهو على نفس هيئته السابقة، وكم من الكوارث والمصائب التي يمكن أن ترتكب تحت غطاء ملابس الكهنوت.
كان بوسعنا أن نضم لمقالنا كل من انتحل صفة غير المنتقبات والراهبات والقساوسة والحجاج المسلمين، ولكنني آثرت أن يكون الرمز الديني ممثلاً لشفافية العرض وإبراز المقارنات، وفي حين لم يطالب أحد بخلع الراهبات لزيهن أو القساوسة لزيهم الكهنوتي بل طالب بعض الحقوقيين ورجال الدين المسيحي نحو تقنينه، وبالرغم من أن الخطر واحد ويقف على قدم المساواة مع خطر النقاب سعى من سعى نحو تجريمه، بل استعدى الدول الإسلامية عليه حتى ناصبت المتنقبات العداء وكأنهن مجرمات حرب، حتى جر الويلات من إزاء هذا التصرف اللامعقول على أخواتهن المتنقبات ببلاد الغرب، وكان ذلك ذريعة لأن يكسب اليمينيون المتطرفون قضاياهم بمنع النقاب، بل نفخت الجمعيات اليهودية سمها في نار التهييج وإثارة الرأي العام عليهن حتى هوجمن في الشوارع: "أتركوا بلادنا، عودوا لبلادكم"، ولم يكن ذنب النقاب، ولكن ذنب من أهال كل هذا الركام العفن فوق الستر الطاهر.
نعترف بأن هناك ممن لا خلاق لهم ولهن قاموا وقمن بارتكاب جرائم استخدم فيها النقاب، ولكن لا أدري لماذا يسلط من يحاربون النقاب الضوء عليها بُغية تكبيرها وتوسيعا وتبشيعها وكأنها (أم الجرائم)، نقر ونعترف بأن هناك من ارتدى النقاب رجلاً كان أو امرأة في بلدان كثيرة عربية وأوروبية وأمريكية، وارتكب جرائم، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل خلع النقاب هو الذي سيخفض معدل الجريمة في مصر، والدول العربية التي هي ماضية في ?نعه وعلى الأخص سوريا، ومن ثم في العالم؟!
الإجابات سنوردها بعرض الإحصائيات، ومنها أهم التقارير التي اعتمد عليها البحث الذي أجرته شبكة (سي إن إن)، ونشرت نتائجه على موقعها الإلكتروني، تقرير (ميرسر) بشأن الأمن الشخصي على المستوى العالمي، وتقرير مجلة (فورين بوليسي) بشأن معدلات الجريمة، بالإضافة إلى تقرير مجلة (فوربس) ومنظمة مجلس المواطنين للأمن العام، سي سي إس بي.
وفيما يلي المدن العشرة الأكثر خطورة في العالم، من دون ترتيب:
ـ بغداد التي تمزقها الحرب، تعد أقل مدن العالم أمنًاً، و(كراكاس) عاصمة فنزويلا بوصفها عاصمة الجريمة في العام 2008، ومدينة (ديترويت) عاصمة صناعة السيارات العالمية، حلت على رأس قائمة أخطر المدن الأميركية في العام 2009، حيث شهدت المدينة في ذلك العام 1220 حادثة عنف، لكل 100 ألف مواطن، مدينة (نيو أورليانز) حلت أيضًا ضمن تصنيف أكثر مدن الجريمة في الولايات المتحدة لعام 2008، حيث وقعت فيها 64 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة، وجاءت مدينة (خواريز) المكسيكية أيضًاً ضمن أخطر مدن العالم بعد أن أصبحت محط الحرب المكسيكية على منظمات وكارتيلات المخدرات، حيث لقي 2600 شخص مصرعهم لتورطهم بشكل أو آخر بالمخدرات خلال العام2009، ثم مدينة (لاهور) عاصمة المال الباكستانية، تعتبر أقل مدن العالم أمنًا إذ تعاني من تكرار العمليات الإرهابية والتفجيرات الانتحارية، مدينة (كيب تاون) في جنوب إفريقيا، حيث تعاني من كونها بين أعلى مستويات الجريمة في العالم، إذ شهدت مقتل نحو 6 أشخاص يوميًاً، وعاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية تعاني من كونها أسوأ مكان للعيش فيه من حيث الأمن الشخصي، وأيضاً موسكو تعد أقل المدن أمنًاً ومن المؤسف أن بيروت التي كانت توصف بأنها باريس الشرق احتلت مكانتها أيضًا وسط خطر العيش، وهي تعد أقل المدن أمنًا في المنطقة العربية!
أعتقد أن المنصف لن يسعه إلا أن يقرر أن العالم بدون نقاب لن يكون أحسن حالاً وتعقلاً وبعدًاً عن ارتكاب الجرائم، أما بالنسبة لسوريا ومصر فسنعرض أحدث الإحصائيات عنهما بالترتيب لنرى هل كان حالهما أو سيصبح حالهما بدون النقاب أفضل: في آخر إحصائية حديثة عن معدل جرائم الاغتصاب بسوريا هناك حوالي 1300 جريمة اغتصاب سجلت في العام الماضي، وكانت نسبة أعمار 95% من الضحايا أقل من 18 سنة، وسجلت الإحصائية نفسها أن نسبة 26 % من الجرائم ارتكبها أقارب الضحايا كما أن النسبة المئوية لأعمار الضحايا الأقل من 15 سنة 34.8%، أما أعمار الضحايا ما بين 15-18 سنة بلغت 65.2% وعن صلة جانب الضحية فقد بلغ عدد القضايا التي يوجد صلة قرابة بينهما 26.1%، في حين بلغت نسبة 73.9% للحالات التي لا يوجد صلة قرابة، وعن مكان ارتكاب الجريمة فكانت النسبة المئوية لمنازل ا?ضحايا تبلغ 50%، أما المنزل الذي يخص المتهم فبلغت 31.25%، في حين شكلت نسبة السيارة كمكان لجريمة الاغتصاب 12.5%، في حين أن نسبة زواج الجاني من الضحية بلغت 8.7%، في حين أن الحالات التي لم يتم زواج الجاني من الضحية لكونه محرمًاً بلغت 21.7%، أما الحالات التي لم يتم زواج الجاني من الضحية فبلغت 69.6%.
أما بالنسبة لمصر التي يُصرخ فيها ويُولول من تداعي الأمن بسبب انتشار ظاهرة النقاب، وينادى إلى منعه ونزعه، فقد أعلن المجلس القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عن إحصائية بأن حالات الاغتصاب في مصر تبلغ وحدها أكثر من عشرين ألف أنثى سنويًاً، وهي نسبة خطيرة تنذر بكارثة محققة إذا لم يتم مواجهتها.
وقد جاء هذا طبقًاً للدراسة التي أجرتها الدكتورة "فادية أبو شهبة) أستاذ القانون الجنائي بالمركز:
"أن هناك تزايدًا ملحوظـًاً في عمليات اغتصاب الإناث في مصر خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى دخول فئات مهنية لم تكن موجودة من قبل في قائمة الجناة، وعلى رأسهم أطباء ورجال دين، ومدرسون ورجال شرطة، وهو ما ينذر بكارثة ويهدد سلامة وأمن المجتمع، فضلاً عن انتشار ظاهرة اغتصاب المحارم والأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، والاغتصاب الجماعي والاغتصاب المقترن بقتل الضحية".
وظهرت مؤخرًا إحصائية للمركز نفسه تقول: "إن 20 ألف حالة اغتصاب وتحرش جنسي ترتكب في مصر سنويًّا"، أي أن هناك حالتي اغتصاب تتم كل ساعة تقريبًا، وأن 90% من جملة القائمين بعمليات الاغتصاب (عاطلين)، ومع وجود 6 مليون عاطل في مصر.. فربما يكون أحد التفسيرات لزيادة هذه الظاهرة مؤخرًا، فالمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المجتمع المصري تؤثر على العلاقات الزوجية.
ومجتمعنا بدأ في الدخول إلى مرحلة الخطر فالإحصائيات تفيد بأن الإدارة العامة لمباحث الآداب ضبطت حتى الآن 52068 حالة آداب في عام 2007 فقط، وهو رقم مخيف إذا قارناه بالحالات المضبوطة في عام 2005 وهى 45330 حالة فقط، وقد بلغت قضايا الاغتصاب والتعرض لأنثى حتى الآن 13621 حالة وهو رقم ضخم أيضًا بالنسبة إلى عدد الحالات المضبوط في الأعوام السابقة.
في كل هذه الأرقام لا بد أن تذوب حالات النقاب التي أوردتهم إحصائية وزارة الداخلية عن عدد القضايا التي كان النقاب طرفًاً فيها، كما أن الأدهى أن الخبراء يقولون أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى من الرقم المذكور بكثير لأن الخوف من العار يحول دون تبليغ الضحايا عن حوادث الاغتصاب التي يتعرضن لها.
ولا أدري ما ذنب النقاب ليزجوا به في أزمة هو غير مسئول عنها، ولو عدنا للقضايا والجرائم التي ذكرتها والتي لم أذكرها على مستوى مصر والوطن العربي لبرز لنا أن أغلب من قام بها شباب من العاطلين المحاصرون بالدش والقنوات التي تصب الجنس فوق رؤوسهم وداخل أدمغتهم وأعضائهم الوظيفية صبًا، والبطالة تحيط بهم من كل جانب، فلا عمل ولا سكن ولا أمل في مستقبل وزهرات شبابهم تذوي وتذبل، والحكومات عاجزة عن الحل..
إذًا فالمخرج السهل الذي يروجون له وعنه بأنه داهية الدواهي، والخطر الأعظم لتنشغل به الشعوب هو (النقاب) مثل حكامنا في هذا كمثل (بوش) الابن عندما أخذ يروع أمريكا والعالم من خطر صدام والأسلحة النووية، وبعد خراب الدنيا سيخرج النقاب بريئًاً -كما هو كائن بالفعل- مثلما خرج صدام والعراق بريئان منها.
يقول محمود القاعود: "الناس لم تعد بتلك السذاجة التي تتصورها الحكومة (الذكية) فضجة النقاب التي بدأت شرارتها على يد (الإمام الأكبر) يعلم الجميع أنها تستهدف (الشوشرة) على اقتحام المسجد الأقصى ومحاولة الصهاينة هدمه، كما أنها تهدف لسن تشريعات جديدة في (الزحمة) وهم لا يشعرون!".
فالناس مشغولة بالنقاب والاعتداء على المنتقبات.. والصهاينة يحاولون هدم الأقصى والحكومة تحاول إصدار تشريعات تلقى رفضًا شعبيًا..! فكان لا بد من افتعال ضجة النقاب، أفما آن للحكومة أن تكف عن هذه الألعاب الصبيانية؟ أو كما يقول (جمعة الشاوش) في مقال له بعنوان (من يتجنى على من النقاب نموذجًاً): "إنّ التّعلّل بالضرورة الأمنية في منع النقاب قد تضعف حجّته أمام تحدّيات أمنية أخرى أكثر خطورة وتعقيدًا".
وإزاء احترام حرّية أشكال التعبير الإنساني التي حين يُحرّم دوسها والاعتداء على قدسيّتها، تُستنبط الحلول الناجعة التي لا تُعرقل العمل الأمني، وليس من الحكمة أن نعتبر كلّ من ترتدي نقابًا هي متّهمة إلى أن تُثبت براءتها بخلع برقعها، ذلك إنّ التُثبّت في هويّة شخص ما لا تقوم بالضرورة على أن يعترضك سافر الوجه لتحسم في أنّه مخالف للقوانين أو متستّر على جريمة، فمعاون الأمن-مثلاً- عندما يستوقف سيارة، فهو يطلب أوراق السيارة وبطاقة هويّة السائق، ومن خلال معاينته يتبيّن له أنّ السائق يحمل رخصة سياقة أم هو يسوق بدونها، وقد يثبت له أنّه بحالة سكر حتّى إن كان ملتحفًاً، فيُقرّر في شأنه الإجراء القانوني الملائم.
وعلى الرغم من أن الكثير من المراكز الحقوقية التي تعنى بأوضاع النساء تحاول التأكيد على أن ملابس الضحية لا علاقة لها بجريمة الاغتصاب، خاصة أن الجريمة قد تقع لطفلة صغيرة أو سيدة مُسنّة، إلا أن هذا الكلام فيه نظر، فهناك جرائم اغتصاب لا يمكن فيها مطلقًا إدانة الضحية، كما يحدث في حالة اغتصاب المحارم أو الاعتداء على الأطفال، ولكن هناك حالات يكون سلوك الضحية وملابسها في الشارع، دافع أساسي في ارتكاب هذه الجريمة، لذلك فالحجاب في الشريعة يعتبر أيضًا، إجراء احترازي؛ لو?اية المرأة والمجتمع ككل.
فما نسميه بالتحرش الجنسي لا يطول المحجبة -حتى في عصرنا الحالي- وهذا ما أكده الباحث عبد الفتاح العوادي، المعيد بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر في رسالة الماجستير التي أعدَّها حيث أثبتت الدراسة أن انتشار العري في الشارع المصري سبب أساسي ورئيسي في زيادة حالات الاغتصاب، وأشار إلى أنه لم تقع جريمة اغتصاب لأية سيدة محجبة، والمقصود بالحجاب هنا ليس مجرد ارتداء غطاء الرأس مع ارتداء الملابس الضيقة والشفافة التي ترتديها بعض الفتيات، ثم يُقال التحرش بالمحجبات، ولكن المقصود الحجاب الشرعي بمواصفاته الشرعية المعروفة وبمشية الملتزمات بلا تكسر، وهذا ما لا نجد له أية إشارة في القانون من مواد تحث على الحشمة باعتبار اللباس حرية شخصية، تمامًا كما تم تجريم الزنا فقط عندما يكون غصبًا.
فإذا كان الحجاب سبب أساسي ورئيسي في عدم تعرض من تلبسه للتحرش، فما بالنا بالنقاب الذي يستر المرأة تمامًا ألا يكون رادعًا ومانعًا لكل من تسول له نفسه مجرد الاقتراب.. ويا من تنعقون ليل نهار وترفعون عقيرتكم بالدفاع عن حرية التعبير واحترام الحرية الشخصية، وتنادون بحرية المرأة ومساواتها بالرجل ورفع كافة أشكال القهر والعدوان عليها في جمعيات حقوق الإنسان، ألا تدافعون عن حرية المرأة المسلمة في أن ترتدي ما تحب أن ترضى به ربها ومن ثم مجتمعها، خاصةً بعد ما أثبتنا أن (النقاب مظلوم.. مظلوم) مما يحاول من يفترى على الله كذبًا أن يلصق به التهم، والله سينصره وينصر العفيفات اللائي يرتدينه.
السيد إبراهيم أحمد
- التصنيف:
- المصدر: