الإيمانْ - آثارٌ وواجبات

منذ 2014-06-14

الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل بكِلا وجهيه من عملٍ تِلقائيٍ، يظهر على المؤمن كأثرٍ مباشر لإيمانه وعملٍ ناتجٍ عن طاعة أوامر أو كفٍ عن نواهي من نؤمن به، الله تعالى.

آثار الإيمان االظاهرة:

الإيمان له آثار تدل عليه، فإن لم تظهر هذه الآثار على المؤمن فإيمانه ضرب من الوهم. والنصوص في القرآن والسنة تضافرت حول هذا المعنى الذي إن زال عن عقول المؤمنين لم يستدلوا على أي لغط في إيماتهم قد يودي به إلى الفساد.

قال تعالى في سورة المؤمنون في وصف أثر إيمان المؤمن الصادق على ظاهره: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ . أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ . الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون:1-11].

وقال تعالى في سورة الأنفال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَوَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال:2-4].

والتوكل المذكور في الآية والصحيح شرعًا هو أنه يجب عليك عمل كل مستطاعك في سبيل نوال مرادك - مع يقينك الجازم بأن هذا العمل ليس سببًا قي نوالك مرادَك وإنما إرادة الله وحدها هي السبب الحقيقي في نوالك إيَّاه. وتبعًا لذلك فإنه لا يجوز لك انتظار تحقق مرادِك دون عمل، ولا يجوز لك أن تظن بأن عملك، دون إرادة الله، كان سببًا في تحقيق مرادك.

وقال تعالى في سورة الحجرات: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات:15].

وقال أيضًا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات:10].

فلو توهم أحدُنا الإيمان في قلبه ولم يظهر عليه الآثار المذكورة باللون الأحمر والتي هي على سبيل المثال لا الحصر، فليعلم أنه إيمانه ليس بالإيمان الذي يرضي ربه بل هو شيء آخر لا علاقة له به.

واجبات الإيمان اللازمة:

وكما أنه للإيمان آثارٌ تدلُ عليه تلقائيًا بظهورها على المؤمن، فله أيضًا واجباتٌ وأعمالٌ تصدقه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف الإيمان بأنه ما وقر في القلب وصدقه العمل.

وعلى سبيل المثال.. فكلُ ما هو وارد في القرآن الكريم بعد {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ}، إنما هو إما أمرٌ بعملٍ يصدق الإيمان الواقر في القلب أو نهيٌ عن عملٍ يكذبه.

ونأتي بآية الدين كمثال على هذا في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:282].

وأمرت السنة النبوية المطهرة بالإتيان بمُصدقات الإيمان ونهت عن مُكذباته في عدد من التوجيهات النبوية أكثر من أن تُحصى في مقالنا، قال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» (الراوي: أبو هريرة رضي الله عنه، المُحدِّث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: [6136]، خلاصة حكم المُحدِّث: صحيح).

وقال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» (الراوي: أبو هريرة رضي الله عنه، المُحدِّث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: [6136]، خلاصة حكم المُحدِّث: صحيح).

الخلاصة:

الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل بكِلا وجهيه من عملٍ تِلقائيٍ، يظهر على المؤمن كأثرٍ مباشر لإيمانه وعملٍ ناتجٍ عن طاعة أوامر أو كفٍ عن نواهي من نؤمن به، الله تعالى.

والله أعلم.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 0
  • 0
  • 1,479

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً