مشهدٌ يتكرَّر!

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

(مشهدٌ يتكرَّر): عن زيارة بعض الأبناء لوالدتهم المتلهفة لزيارتهم.

مشهدٌ يتكرَّر (1)
يزور والدته المتلهفة لرؤيته..
وبعد السؤال عن صحتها..
أخرج (الجوال) يكلم فلانًا وعِلانًا، ثم أشار بيده يودعها..
وانتهت الزيارة!

مشهدٌ يتكرَّر (2)
يزور والدته المتلهفة لرؤيته..
وسماع أخبار أبنائه..
فيخبرها بأن ابنه عقد قرآنه على فلانة..
ثم يلوذ بالصمت حتى يودعها..
وانتهت الزيارة!

مشهدٌ يتكرَّر (3)
يزور والدته المتلهفة لرؤيته..
فيبدأ بمسلسل دخول الحزن على قلبها الضعيف..
لِمَ حصل كذا؟ وكذا؟
فتتجلد وتغالب دمعها لا يسقط أمامه..

مشهدٌ يتكرَّر (4)
يزور والدته المتلهفة لرؤيته..
فيسأل عن صحتها، ثم يحاسبها على الصغيرة والكبيرة..
ويخرج غاضبا، والألم يعتصرها..
وتكتم: ما أقساك يا بني!

مشهدٌ يتكرَّر (5)
يزور والدته المتلهفة لرؤيته
فتسال عن أحواله..
فيخبرها بأنه سكن في منزل
جميل من قرابة اسبوع..
تكتم: آه يا بني! أنا آخر من يعلم..

مشهدٌ يتكرَّر (6)
يزور والدته المتلهفة لرؤيته..
يتلطف في الحديث معها..
فتفرح المسكينة...
ثم يطلب بعض المال، فتعطيه..
ثم لا تراه أيامًا حتى يخلص ما معه!

مشهدٌ يتكرَّر (7)
يزور والدته المتلهفة لرؤيته..
وقد افتقدته أيامًا..
فيُخبِرها أنه سافر إلى بلدٍ بعيد..
وفي زحمة الأعمال نسي أن يتصل عليها!

تعليق على (مشهدٌ يتكرَّر1-7)

يا بني قبل أن تندم، ولات حين مندم..
ادخل السرور إلى قلبي..
دع عنك ما يحزنني..
ألم تسمع قول نبيك صلى الله عليه وسلم: «فالزمها، فإن الجنة تحت قدميها»[1].

أبُني!
لا ألفيك بعد الموت تندبني!
وفي حياتي ما زودتني زادي..
أسأل الله أن يرزقك بِرّي في حياتي وبعد مماتي، فتنعم بحلول البركات في عمرك ورزقك..

(تمت).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]- (روى النسائي: أنَّ جاهِمةَ رضي الله عنه جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، أردتُ أن أغزوَ وقد جئتُ أستشيرُكَ؟ فقالَ: «هل لَكَ مِن أُمٍ؟». قالَ: نعَم، قالَ: «فالزَمها فإنَّ الجنَّةَ تحتَ رِجلَيها»).