رجل عاش محبا لله و لرسوله
ملفات متنوعة
في رثاء العالم الجليل الشيخ صفوت نور الدين رئيس جماعة أنصار السنة
المحمدية بمصر..
- التصنيفات: الدعاة ووسائل الدعوة -
عاش فضيلة الشيخ صفوت نور الدين حياته
متخذا من حب الله و رسوله نبراسا لحياته...
فلقد ولد عام 1943 بمدينة بلبيس بمحافظة الشرقية بمصر في أسرة متدينة
ورعة تقية تحب العلم و تحث عليه و ساهم هذا في حفظه للقرآن الكريم وهو
لا يزال طفلا صغيرا و درس كذلك أحاديث الرسول محمد صلى الله عليه و
سلم و حفظ متونها و شرحها في ذات الوقت ، و ترعرع الشيخ صفوت و شب على
حب العلم و التأسي بالعلماء المسلمين الأفاضل إلى أن تخرج في كلية
العلوم و عمل مدرسا لمادة الكيمياء لطلاب المرحلة الثانوية إلى أن وصل
إلى منصب رفيع المستوى في سلك التدريس بمصر .
و في بداية حياته العملية .. إلتحق الشيخ صفوت نور الدين بجماعة
أنصار السنة المحمدية و هو إبن الخمسة عشر عاما أو دون ذلك بقليل
متأثرا بفكر عددا من روادها و مفكريها و عمل مع العديد من قيادات
الجماعة و ترعرع بين أكنافهم إلى أن أصبح أحد العلامات البارزة في هذه
الجماعة و أحد رجالاتها المشهود لهم بالكفاءة و القدوة الصالحة و ظل
هكذا إلى أن تولى رئاسة جماعة أنصار السنة المحمدية و خلف الشيخ
الجليل المرحوم بـإذن الله " صفوت الشوادفي " في رئاسة تحرير مجلة "
التوحيد " و ذلك منذ عام 1992 و حمل على عاتقه أمانة توصيل الكلمة
الصادقة لقراء هذه المجلة و محبيها خاصة و أنها مجلة قيمة ناطقة بلسان
الجماعة و معبرة عن أرائهم و أفكارهم النيرة .
و لقد وهب الشيخ صفوت نور الدين نفسه لنصرة الإسلام و الدين الإسلامي
و إرساء قواعد السنة المحمدية و نشر منهج المصطفى صلى الله عليه و سلم
، فما كان منه إلا أن ترك عمله بسلك التدريس متفرغا بذلك لقيادة جماعة
أنصار السنة ، و كان قلمه لا يهدأ و لا يكل و لا تأخذه في الحق لومة
لائم و كان لا يثنيه عن قول الحق شيئا حتى و لو كان هناك سيفا مسلطا
على رقبته لأنه كان يضع نصب عينيه شيئا واحدا ألا وهو أنه لا خوف سوى
من الله تبارك و تعالى ، أما الخوف من العبد مهما كان موقعه فلم يكن
يشغل في تفكيره أدنى حيز ، فكان يكتب المقالات الإفتتاحية في مجلة
التوحيد و غيرها من المجلات الشرعية بقلم الواثق في إيمانه بالله و
الواثق أيضا في حبه العميق لله و لرسوله ، كما قام بكتابة البحوث
العلمية القيمة و الكتب العديدة التي أثرى بها المكتبة الإسلامية و
العربية و التي من أشهرها كتابي " الأقصى " و " دعوة الرسل " .
و لأن الشيخ صفوت نور الدين جبل على نصرة الإسلام في كل مكان فكان
يحمل القضايا الإسلامية في صدره في حله و ترحاله ، و كان يجوب كافة
بقاع الأرض من مغربها إلى مشرقها و من شمالها إلى جنوبها من أجل حضور
مؤتمر هنا أو عقد ندوة هناك بغية نصرة الإخوان المسلمين المجاهدين في
كل مكان أو من أجل ترسيخ دعائم الإسلام خاصة في العالم الغربي الذي
زار مؤسساته الإسلامية و حاضر فيها بعلمه الغزير .
و لا يختلف إثنان على أن الشيخ صفوت نور الدين كان قد تحمل الكثير من
أجل الإسلام و نصرة قضاياه داخل و خارج مصر ، فكان شعلة نشاط لا تهدأ
و طاقة لا تكل فتنقل بين محافظات مصر من أجل إلقاء الدروس المفيدة أو
لحضور الإجتماعات و الندوات أو بغية إفتتاح لمشاريع خيرية تأتي بالنفع
على المسلمين ، كما و أنه - رحمه الله - كانت له بصمات واضحة في حقن
دماء كثير من المسلمين ، فكان يقوم بالصلح بين الأسر و القبائل
المتخاصمة و كان - بحنكته و بما وهبه الله من عقل راجح و حلم و سعة
صدر - ينجح في نزع فتيل أي خلاف يدب بين أي طرفين من المسلمين بمجرد
أن يسمع به فكان لا يهدأ له بال و لا تقر له عين إلا إذا وجد كل منهم
و قد صافح الآخر و إنتهى ما بينهما من خلاف و شقاق ، فكان نعم القدوة
و نعم المعين و نعم الأب للجميع ، و كان - رحمه الله - يوقر الكبير و
يحنو على الصغير و يمد يد العون لكل محتاج و ينجد من إستنجد به و يغيث
من إستغاث به و كان يفتح صدره و قلبه لكل من هرع إليه طالبا الرأي
السديد و النصيحة الصادقة .
و لعلها مكافأة لهذا العالم الجليل التقي الورع من الله عز و جل تلك
الوفاة التي إختصه الله تبارك و تعالى بها .. فأثناء قيامه بأداء
مناسك العمرة في مكة المكرمة الشهر الماضي ، و بعد صلاة الجمعة ليوم
13 رجب عام 1423 هـ الموافق 20 من سبتمبر عام 2002 م ، أسند ظهره
لحائط من حوائط الحرم المكي الشريف شاهرا نظره إلى الكعبة المشرفة
ففارقت روحه الطاهرة جسده النقي الطاهر و كأن الله جل و علا أراد أن
يكافـئه على نصرته للإسلام و المسلمين بوفاته في هذا المكان المقدس و
أن تكون الكعبة هي آخر صورة إلتقطتها عينيه .
رحم الله العالم الجليل الشيخ صفوت نور الدين و أسكنه فسيح جناته و
جعل قبره روضة من رياض الجنة و ألحقه بالنبيين و الصديقين و الشهداء و
الصالحين و حسن أولئك رفيقا ، و ندعو الله أن يعوض جماعة أنصار السنة
المحمدية عنه خيرا و أن يلهم أهله و ذويه و محبيه الصبر و السلوان و
إنا لله و إنا إليه راجعون .