أبو الأعلى المودودي.. عملاق الدعوة الإسلامية
راغب السرجاني
كان تأثير المودودي عبر ترجمان القرآن من أهم العوامل التي ساعدت على انتشار التيار الإسلامي في الهند، وزيادة قوته، وقد تبلور ذلك في حزب الرابطة الإسلامية، وتأكد ذلك من خلال دعوته أثناء المؤتمر الذي عُقد في لكنو سنة (1937م) إلى الاستقلال الذاتي للولايات ذات الأغلبية الإسلامية..
- التصنيفات: تراجم العلماء -
أبو الأعلى المودودي: ميلاده ونشأته..
هو أبو الأعلى ابن سيد أحمد، المودودي، ولد في 25 من سبتمبر 1903م، ينتمي إلى أسرة تمتد جذورها إلى شبه جزيرة العرب، فقد هاجرت أسرته إلى الهند في أواخر القرن التاسع الهجري.
نشأ أبو الأعلى المودودي في جو صوفي، وتفتحت عيناه على حياة تفيض بالزهد والورع والتقوى، وقضى طفولته الأولى في مسقط رأسه في مدينة (أورنك آباد الدكن)، بمقاطعة حيدر آباد، وكان أبوه معلمه الأول؛ فَعَلَّمَهُ اللغة العربية، والقرآن الكريم، والحديث الشريف والفقه، وحَفَّظَهُ مُوَطَّأَ الإمام مالك، كما عَلَّمَهُ اللغة الفارسية، يقول المودودي عن والده: "لقد أحسن تربيتي، وعلمني النطق السليم، وكان يحكي لي كل مساء قصص الأنبياء والمرسلين، ووقائع التاريخ الإسلامي، وحوادث الهند، واهتم بأخلاقي؛ وكان يأخذني معه دائمًا عند رفاقه، وكُلُّهُم على درجة عالية من الثقافة والاتزان، فانتقلت إلى من مجالستهم العادات الفاضلة الحسنة" [1].
وأقبل المودودي على التعليم بجدٍّ واهتمام حتى اجتاز امتحان مولوي، وهو ما يعادل الليسانس.
أخلاق المودودي نموذج للعلماء..
الاعتماد على النفس: عند ما أصيب أبوه بالشلل، وأصبح قعيدًا بلا حراك، وضاقت سبل العيش بالأسرة والأبناء، كان على المودودي أن يكافح من أجل لقمة العيش؛ فقرر أن يجعل قلمه وسيلة للرزق.
الاجتهاد الحثيث: ورغم ضيق العيش، والكد في طلب الرزق، سعى المودودي إلى تعلم اللغة الإنجليزية حتى أتقنها، وصار بإمكانه الاطلاع على كتب التاريخ والفلسفة والاجتماع ومقارنة الأديان باللغة الإنجليزية دون أية صعوبة في فهمها واستيعابها.
ارتباطه الروحي بالشهيد -إن شاء الله- سيد قطب: روى الشيخ خليل الحامدي سكرتير الشيخ المودودي، قال: "في أحد أعوام الستينيات بمكة المكرمة دخل شاب عربي مسلم على الأستاذ المودودي، وقدم له كتاب (معالم في الطريق) لمؤلِّفه سيد قطب، وقرأه الأستاذ المودودي في ليلة واحدة، وفي الصباح قال لي: كأني أنا الذي أَلَّفْتُ هذا الكتاب، وأبدى دهشته من التقارب الفكري بينه وبين سيد قطب، ثم استدرك يقول: لا عجب؛ فمصدر أفكاره وأفكاري واحد، وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم".
أمّا عن علاقة الحب والإخاء التي كان يُكِنُّهَا المودودي لقطب رغم بُعد المسافة بينهما؛ فيحكي خليل الحامدي قائلاً: "غداة تنفيذ حكم الإعدام بالشهيد سيد قطب، دخلنا على المودودي في غرفته، وكانت الصحافة الباكستانية قد أبرزت الخبر على صفحاتها الأولى، إلا أنه لم يكن قد قرأه بعد، فسبقنا المودودي وقصَّ علينا كيف أنه أحس فجأة باختناق شديد، ولم يدرك لذلك سببًا.. فلمّا عرف وقت إعدام الشهيد -إن شاء الله- سيد قطب من الصحف قال: أدركت أن لحظة اختناقي هي نفس اللحظة التي شُنق فيها سيد قطب".
ارتباطه الروحي بمحمد إقبال: وكان شاعر الهند الكبير محمد إقبال من المعنيين بكتابات المودودي، وكتب ذات مرة: "إنّ هذا الشيخ يعرض دين الرسول صلى الله عليه وسلم بقلم مداده الدم"، أما المودودي، فيقول: "كان بيني وبين إقبال انسجام كبير في الآراء، والمخطَّط الذي كان في ذهني كان نفسه في ذهن إقبال"، وحين بلغته وفاة إقبال بكى قائلاً: "فقدتُ أكبر سندٍ لي في الدنيا بموت هذا الرجل العظيم". وبعدها بوقت قصير ذهب إلى لاهور وقبل عرضًا من كلية (حماية الإسلام) بأن يكون محاضرًا شرفيًّا، وألقى محاضراتٍ عن الإسلام لمدة عام، كما ألقى محاضراتٍ في عدة جامعات أخرى.
أبو الأعلى المودودي.. رحلة كفاح: عمل المودودي في الصحافة في وقت مبكر، وكان ينتقل من صحيفة إلى أخرى، ويكتب لها افتتاحيات نارية، دفاعًا عن الخلافة الإسلامية الآيلة إلى السقوط، وصار رئيس تحرير مجلة (المسلم) التي تصدرها جمعية العلماء وهو ابن سبع عشرة (1920/1923م) وبكتابته هذه جمع بين السياسة والإعلام والانكباب على قضايا الإسلام والمسلمين، شارحًا ومنافحًا.
وبدأ بالكتابة في بعض الجرائد، ثم اشترك مع مدير جمعية علماء الهند في إصدار جريدة مسلم، وصار مديرًا لتحريرها لمدة ثلاث سنوات حتى أُغْلِقَتْ عام (1922م) فانتقل إلى بهو بال، ثم عاد مرة أخرى إلى دلهي سنة (1923م)؛ حيث تولى الإشراف على إصدار جريدة تصدرها جمعية علماء الهند تحمل اسم الجمعية، وظل يتحمل وحده عبء إصدارها حتى سنة (1928م)، التي أتم فيها كتابه (الجهاد في الإسلام) الذي حقّق شهرة عالمية، وقد كتبه ردًّا على مزاعم غاندي التي يدعي فيها أن الإسلام انتشر بحد السيف، وفي عام (1932م) أصدر (ترجمان القرآن) من حيدر آباد الدكن، وكان شعارها: "احملوا أيها المسلمون دعوة القرآن وانهضوا وحَلِّقُوا فوق العالم".
وكان تأثير المودودي عبر ترجمان القرآن من أهم العوامل التي ساعدت على انتشار التيار الإسلامي في الهند، وزيادة قوته، وقد تبلور ذلك في حزب الرابطة الإسلامية، وتأكد ذلك من خلال دعوته أثناء المؤتمر الذي عُقد في لكنو سنة (1937م) إلى الاستقلال الذاتي للولايات ذات الأغلبية الإسلامية.
ونتيجة لشهرة المودودي واتساع دائرة تأثيره الفكري في العالم الإسلامي؛ دعاه المفكر والفيلسوف الهندي الكبير محمد إقبال سنة (1937م) إلى لاهور ليمارس نشاطه الإسلامي البارز بها، فَلَبَّى المودودي الدعوة؛ وعند وفاة إقبال في العام التالي تاركًا فراغًا كبيرًا في مجال الفكر والدعوة اتجهت الأنظار إلى المودودي ليملأ هذا الفراغ؛ فبدأ تأسيس الجماعة الإسلامية في لاهور، وتم انتخابه أميرًا لها في (أغسطس 1941م)، وبعد ذلك بعامين نَقَلَتِ الجماعة الإسلامية مركزها الرئيسي من لاهور إلى دار السلام -إحدى قرى بتها نكوت- وكان المودودي طوال هذه الفترة لا يكف عن الكتابة والتأليف.
وفي (نوفمبر 1972م) بعد نحو ثلاثين عامًا من الكفاح طلب المودودي إعفاءه من منصبه كأمير للجماعة الإسلامية لأسباب صحية، وانصرف إلى البحث والكتابة، وفي عام (1979م) فاز المودودي بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام؛ فكان أول من حصل على تلك الجائزة تقديرًا لجهوده المخلصة في مجال خدمة الإسلام والمسلمين.
أبو الأعلى المودودي.. منهجه الفكري:
شَكَّلَ الفكر الإسلامي باتساعه وشموله ومنهجيته إطارًا عامًا لفكر المودودي، ومنطلقًا لنظرته، وكان للمودودي موقف ورؤية من كل ما يحيط به في الحياة؛ وتجاوز مرحلة الدعوة باللسان والقلم إلى مرحلة العمل الحقيقي، حين ألف الجماعة الإسلامية لتقوم بتطبيق ما دعا إليه من آراء نظرية في مجال التشريع الإسلامي حكمًا وقيادةً ومعاملات.
وقد بدأ ذلك بإصدار بيان رنان قال فيه: "لا بد من وجود جماعة صادقة في دعوتها إلى الله، جماعة تقطع صلتها بكل شيء سوى الله، جماعة تتحمّل السجن والتعذيب والمصادرة وتلفيق الاتهامات، وحياكة الأكاذيب، وتقوى على الجوع والعطش والحرمان والتشريد، وربما القتل والإعدام، جماعة تبذل الأرواح رخيصة وتتنازل عن الأموال بالرضا والخيار، وتقدّم كل ما تملك قربانًا في سبيل إقامة مجتمع الإسلام ونظامه، وإن الذين تتوفر لديهم الرغبة في ذلك عليهم أن يجتمعوا في لاهور يوم الخامس والعشرين من شهر أغسطس عام 1941م؛ لبحث إجراءات تأسيس حركة إسلامية في شكل منظّم" [2]. ثم سارع بطرح دستور الجماعة، تاركًا المجال للمناقشة الصريحة، حيث انتهوا إلى الموافقة التامة، وبدأ الكيان الإسلامي يتمثل في تجمع جديد، يقوم بتطبيق ما جاء في دستور الجماعة.
كان المودودي مفحمًا في منطقه، فجذب انتباه أنصار الفكرة الإسلامية، واندفعوا يترجمون مقالاته القوية إلى العربية والفارسية والإنجليزية والفرنسية، حتى انتشرت تعاليم الإسلام على يده صحيحة صريحة في ربوعٍ بذل أصحابها جهد الجبابرة في تشويه هذه التعاليم، ثم توَّج ذلك كله بوضع دستور شامل للحكم الإسلامي لا يزال إلى الآن أهم مرجع معاصر للدارسين [3].
لقد عَبَّرَ الإمام المودودي عن إحساسه بأهمية وجود جماعة مؤمنة مجاهدة تكون أداة للتغيير بقوله: "إنَّ نظام الاستخلاف في الأرض لا يمكن أن يتغير ويتبدل بمجرد وجود فرد صالح أو أفراد صالحين مشتتين في الدنيا، ولو كانوا في ذات أنفسهم من أولياء الله تعالى، بل ومن أنبيائه ورسله، إن الله تعالى لم يقطع ما قطع من المواعيد لأفراد متفرقين مشتتين، وإنما قطعها لجماعة منسقة متمتعة بحسن الإدارة والنظام، بل إن مما لا مندوحة عنه لهذه الفئة المؤمنة أن تستمر في المكافحة والمناضلة لقوى الكفر والفسق على كل خطوة، من كل حلبة من حلبات الحياة الدنيا، وتثبت ما في نفسها من حب للحق، وكفاءة للاضطلاع بأعباء إمامة الأرض، ببذل التضحيات والمساعي في سبيل إقامة الحق، وذلك شرط لم يُستثن منه حتى الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، فَأَنَّى لأحدٍ اليوم أن يتمنَّى على ربه أن يستثنه منه".
لم يكن المودودي ليسكت على الخطأ، بل كان يبادر إلى النقد الهادف، جريئًا في الحق، لا يخشى في الله لومة لائم، لا يغتر بالبهرج الكاذب، ولا ينخدع بالبريق الظاهر؛ فواجه بريق الحضارة الغربية، ودرسها دراسة متأنية، فوجدها تنحصر في العلمانية، والقومية، والديمقراطية، وهي أصنام ثلاثة صارت تعبد من دون الله، وقد أنحى المودودي بمعوله حتى تحولت إلى أنقاض [4].
وفي مجال الاجتهاد التشريعي، أفاض المودودي في أصول إسلامية ممتازة، وما أكثر ما خاض المودودي في تشخيص الدواء لما يشيع في جسم العالم الإسلامي من داء، كاتبًا ومحاضرًا ومؤلفًا ومحاورًا ومناظرًا، يقول: "الإسلام لا يزال يعطي الدليل على قوته، فما قامت ثورة من ثورات التحرير الصادقة إلا اعتمدت على آيات القرآن وتوجيهات التشريع، وفي هذه الحركات التحريرية انتفاضات صادقة تحب الدين باطنًا وظاهرًا، وانتفاضات ادّعائية تنادي بالدين لتجذب إليها أعناق المؤمنين، وهي في باطنها الدّفين تخاصمه وتُظهر له العداء، ودليل ذلك أنها لا تعمل على تنفيذ شريعته" [5].
إسهامات المودودي العلمية: درس أبو الأعلى المودودي هذه الحضارة من مصادرها، وبين لأبناء أمته بأسلوب مشرق متين أن الإسلام شيء آخر إنساني حضاري.. واستطاع أن يعيد إلى المسلمين ثقتهم بدينهم واعتزازهم بشخصيتهم. يقول المودودي: من عام 1929م إلى عام 1939م أفرغت العديد من خزانات الكتب والمراجع في ذهني، استعدادًا للمهمة الجديدة مهمة الدعوة إلى الإسلام في عصر مُلئ بالأفكار والتيارات يفرض على الداعية أن يتزود بزاد كمي علمي سام وأن يحظى بعصا من البرهان يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه، ويحقق بها المآرب الأخرى.
في هذه المرحلة أَلَّفَ الإمام المودودي مجموعة من أهم كتبه مثل: نحن والحضارة الغربية، والمسلمون وحركة تحرير الهند، ومبادئ الإسلام، كما ألف كتابه الشهير (الجهاد في الإسلام)، في نحو الخامسة والعشرين من عمره، بلغ عدد مؤلفات المودودي (140) مصنفًا ما بين كتاب ورسالة، وأكثر من ألف محاضرة، ومن أبرز تلك المؤلفات..
الجهاد في الإسلام (1347هـ، 1928م):
وكان سبب تأليفه لهذا الكتاب أن المهاتما غاندي نقل عنه قوله بأن الإسلام انتشر بحد السيف. وخطب الإمام (محمد علي الجوهري) خطبة في الجامع الكبير بدهلي، وصدح بقولته: "ليت رجلاً من المسلمين يقوم للرد"؛ فأراد المودودي أن يكون هذا الرجل، وغربل أمهات الكتب في هذا الموضوع، وأخذ يطالع تاريخ الحروب عند جميع الشعوب قديمًا وحديثًا وكتب حلقات متواصلة في جريدة الجمعية، ثم صدرت في كتاب عام 1928م، وكان الدكتور محمد إقبال ينصح دائمًا الشباب المسلمين باقتناء هذا الكتاب، وكان تأليف هذا الكتاب نقطة تحول كبيرة للمودودي.
كتاب مبادئ الإسلام: ومن كتبه أيضًا مبادئ الإسلام، وقد تُرجم إلى ثلاثين لغة عالمية ونال رواجًا كبيرًا في أوربا، واعتنق كثيرون بسببه الإسلام، وسبب تأليفه أن إدارة التربية والتعليم في ولاية "حيدر آباد الدكن" كلفت المودودي بوضع منهج التربية الإسلامية في مدارسها، والطريف أنه لم يكتب شيئًا حتى جاءه إخطار بضرورة تسليم الكتاب خلال أسبوع فأنجزه بالفعل في هذا الوقت اليسير.
وله مجموعة كبيرة من الكتب الشهيرة التي غيرت الكثير من الأفكار وتربى عليها جيل بكامله، منها: حضارة الإسلامية (أصولها ومبادؤها) (1350 هـ، 1932م)، نظرية الإسلام السياسية (1358 هـ، 1939م)، تجديد وإحياء الدين (1359 هـ، 1940م)، الاصطلاحات الأربعة الأساسية في القرآن (1360 هـ، 1940م)، الإسلام والجاهلية (1360 هـ، 1941م)، الأسس الأخلاقية للحركة الإسلامية (1364 هـ، 1945م)، الدين الحق (1366 هـ، 1947م)، نظام الحياة في الإسلام ومبادئه الأساسية (1367 هـ، 1948م)، حقوق أهل الذمة (1367 هـ، 1948م)، مطالب الإسلام تجاه المرأة المسلمة (1372 هـ، 1953م)، قضية القاديانية (1372 هـ، 1953م)، تفسير تفهيم القرآن: ويقع في سبعة مجلدات؛ بدأه (1360 هـ، 1941م)، وأتمه (1392هـ، 1972م)، سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، بدأه (1392 هـ، 1972م)، وأتمه قبيل وفاته، وهو آخر مؤلفاته.
ومن مؤلفاته كذلك: أسس الاقتصاد بين الإسلام والنظم المعاصرة، معضلات الإنسان الاقتصادية وحلها في الإسلام، إلى أي شيء يدعو الإسلام، الربا، الحجاب، الإسلام في مواجهة التحديات المعاصرة، الإسلام والمدنية الحديثة، تذكرة دعاة الإسلام، في محكمة العقل، قضية كشمير المسلمة، مبادئ أساسية لفهم القرآن، مسألة ملكية الأرض في الإسلام، مفاهيم إسلامية حول الدين والدولة، نحن والحضارة العربية الرأسمالية والشيوعية، نظرة عابرة على حقوق الإنسان الأساسية.
فضلاً عن مؤلفات أخرى عديدة، حظيت بشهرة عريضة في جميع أنحاء العالم ولقيت قبولا واسعًا في قلوب المسلمين في شتى البقاع؛ فترجم الكثير منها إلى العديد من اللغات.
وقد بلغ عدد اللغات التي ترجمت مصنفات المودودي إليها ست عشرة لغة، منها: الإنجليزية، والعربية، والألمانية، والفرنسية، والهندية، والبنغالية، والتركية، والسندية..، ونالت استحسان ورضى المسلمين على شتى مستوياتهم واتجاهاتهم.
وقد حظيت مؤلفات المودودي بشهرة عريضة في جميع أنحاء العالم ولقيت قبولا واسعًا في قلوب المسلمين في شتى البقاع؛ فترجم الكثير منها إلى العديد من اللغات.
أقوال العلماء عن المودودي:
الشهيد -إن شاء الله- سيد قطب: "كان الشهيد -إن شاء الله- سيد قطب يسمي المودودي (المسلم العظيم).
العلامة الشيخ أبو الحسن الندوي: "إنني لا أعرف رجلاً أَثَّرَ في الجيل الإسلامي الجديد، فكريًّا وعمليًّا مثل المودودي، فقد قامت دعوته على أسس علميَّة، أعمق وأمتن من تلك التي تقوم عليها الدعوات سياسية، أو ردود فعل للاستعمار الأجنبي، وكانت كتاباته وبحوثه موجهة إلى معرفة طبيعة هذه الحضارة الغربية، وفلسفتها في الحياة وتحليلها تحليلا علميا، قلما يوجد له نظير في الزمن القريب، ولقد عرض الإسلام ونظم حياته وأوضاع حضارته وحكمة سياسته وصياغته للمجتمع والحياة، وقيادته للركب البشري والمسيرة الإنسانية في أسلوب علمي رصين، وفي لغة عصرية تتفق مع نفسية الجيل المثقف، وتملأ الفراغ الذي يوجد في الأدب الإسلامي من زمن طويل، ومن مآثره الخالدة، أنه حارب (مُرَكَّب النقص) في نفوس الشباب الإسلامي فيما يتصل بالعقائد والأخلاق ونظام الحياة الإسلامية، وكان لكتاباته فضل كبير لإعادة الثقة إلى نفوس هؤلاء الشباب بصلاحية الإسلام لمسايرة العصر الحديث" [6].
العلامة الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي
يقول: "المفكر المجدد، صاحب النظر العميق، والتحليل الدقيق، ناقد الحضارة الغربية على بصيرة، والداعي إلى نظام الإسلام على بينة، صاحب الكتب والرسائل التي ترجمت إلى عشرات اللغات، الذي وقف في وجه دعاة (التغريب) وأعداء (السنة)، والمنادين بنوبة جديدة (القاديانية)، و(المرتزقة) من الخرافيين والقبوريين و(مشوشي الفكر) من المقلدين الجامدين.. مؤسس كبرى الجماعات الإسلامية في شبه القارة الهندية" [7].
المستشار عبد الله العقيل: "والعلامة المودودي علم من أعلام الإسلام المعاصرين، ومفكر من مفكريه، وداعية من دعاته، آتاه الله الحكمة وبعد النظر، والعمق في الفهم، والصبر على العلم، والتأمل في الواقع، والدراسة الميدانية للأفكار الرائجة، والأوضاع السائدة، والتتبع لمصادر المعرفة وتمييزها وتوثيقها، والنقد الموضوعي لحضارة الغرب، بأخذ الصالح منها وطرح الضار، وتقديم الإسلام كحل لمشكلات الحياة في جميع جوانبها".
جائزة الملك فيصل العالمية: منح العلامة المودودي جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وهي أول جائزة تمنح لداعية إسلامي ومفكر، وتسلمها بالنيابة عنه ابنه فاروق في حفل كبير، رعاه الملك خالد بن عبد العزيز، بمدينة الرياض، في ربيع الأول سنة 1399هـ.
دراسات عن المودودي:
- أبو الأعلى المودودي حياته وفكره العقدي: حمد بن صادق الجمال (1401هـ، 1986م).
- أبو الأعلى المودودي فكره ودعوته: د. سمير عبد الحميد إبراهيم (1399 هـ، 1979م).
- أبو الأعلى المودودي والصحوة الإسلامية: د. محمد عمارة (1407 هـ، 1987م).
- من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة: المستشار عبد الله عقيل سليمان العقيل (1423هـ، 2002م).
- أبو الأعلى المودودي حياته ودعوته: أليف الدين الترابي.
- في ذكرى الإمام أبي الأعلى المودودي: مصطفى الطحان، مركز الدراسات الإسلامية.
وفاة المودودي
توفي أبو الأعلى المودودي في (غُرَّة ذي القعدة 1399 هـ، 22 من سبتمبر 1979م)، وهو مؤمن بمبدئه ثابت عليه؛ فرحمه الله رحمةً واسعة، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] مجلة المختار الإسلامي، ربيع الأول 1400هـ ص 84.
[2] محمد رجب البيومي: النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين، دار القلم والدار الشامية 1/514.
[3] السابق نفسه ص 514.
[4] محمد رجب البيومي: النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين، ص 517.
[5] السابق نفسه ص 52
[6] مجلة الاعتصام، العدد 12، ذو الحجة، سنة 1399هـ.
[7] عبد الله العقيل: من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة ص 339، 340.