يعطينا وننسى!
هل تخيلت وتأملت عظمة ورهبة أن يعطيك الله سؤالك؟ تذكر تلك اللحظات قد تكون لحظات سجود أو رفع يدين بين الأذان والإقامة، أو دموع سحر وما أدراك ما دموع السحر؟! أو لوم للنفس على تفريطها فأسبلت دمعة في الخفاء وفي القلب منها ألم، فجاء الغوث من الله، عند ما يعطيك ملك من ملوك الدنيا عطاء تفرح بالعطاء نفسه أكثر من فرحك بالعطية ولله المثل الأعلى سبحانه..
- التصنيفات: الذكر والدعاء -
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدلله القائل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186]، والقائل: {وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ...} [غافر:60]، والصلاة والسلام على من تلا هذه الآيات ودعا بخير الدعوات وشكر بأعظم الشكر فكان عبدًا شكورًا.
وبعد:
ليس حديثي عن الدعاء وفضله وعظيم تأثيره في حياة الإنسان، لكن حديثي عن أمر قل أن يسلم منه أحدنا إلا من رحم الله، فأحيانًا من كثرة ما يمن الله به على العبد ينسى العبد ذلك العطاء لانشغاله وبحثه، وطلبه لعطاء جديد، أشياء تتحقق في حياتنا كم دعونا الله بها، كم ألح العبد على ربه في الدعاء فلما تحققت نسي هذا الدعاء.
هل تخيلت وتأملت عظمة ورهبة أن يعطيك الله سؤالك؟
تذكر تلك اللحظات قد تكون لحظات سجود أو رفع يدين بين الأذان والإقامة، أو دموع سحر وما أدراك ما دموع السحر؟! أو لوم للنفس على تفريطها فأسبلت دمعة في الخفاء وفي القلب منها ألم، فجاء الغوث من الله.
عند ما يعطيك ملك من ملوك الدنيا عطاء تفرح بالعطاء نفسه أكثر من فرحك بالعطية ولله المثل الأعلى سبحانه، يُسخر الكون كله وملائكته المسبحة بقدسه لإجابة دعوتك بأمره سبحانه.
في الأمر الإلهي والعطاء الرباني يُذكر اسمك.
هل رأيتم كيف أن الأمر عظيم والمكرمة جليلة؟!
ثم بعد ذلك ننسى كل ما صاحب هذا العطاء من مكارم وفضائل ثم يشغلنا طلب المزيد عن شكر ما ننعم به.
نعم اطلبوا المزيد فالله هو الوهاب الكريم لكن لا ننسى الشكر على ما سبق من إحسان.
هذا نوع من عطاءه وإحسانه وما يعطيه ابتداءً من غير سؤال أكثر من أن نحيط به علمًا فضلاً عن أن نحصيه.
يا مريضًا كشف الله مرضه قبل سنين هل نسيت ذلك المرض، أم نسيت ابتهالك ودعائك؟
يا فقيرًا أذهب الله فقره، هل نسيت أيام حاجتك وفقرك، أم نسيت دموعك وطول سجودك؟
يا جاهلاً صرت تعلم، هل غاب عنك حالك بالأمس وحالك اليوم؟!
يا ضالاً غرق في الشهوات وتاه في ظلام الشبهات، أبعد النجاة والإبصار نسيت تلك الدعوات المنجيات ودموعك في مواسم الخيرات!
كم كدرنا أمر وأشغلتنا حاجة وفزعنا إلى الناس فما أسعفونا ولا قدروا أن يعينونا، فلما أنزلنا حوائجنا بك وحدك وقطعنا الرجاء من غيرك جاء الخير العميم والرزق الوفير والنجاح والتوفيق، ثم نسينا ذلك كله يا ربي وأشغلنا طلب المزيد وطمعنا في فضلك يا كريم.
فاللهم لك الحمد على العطاء فكل عطاء من عطائك وكل جود من جودك!
اللهم اغفر لنا ما نسينا من شكر وثناء!
سبحانك ما عبدناك حق عبادتك وما شكرناك حق شكرك!
اعلم يقينًا أخي الكريم أن كل عطاء من الله وحده وتأمل بقلبك هذا الذكر الذي أمرنا بقوله دبر كل صلاة: «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد» (صحيح ابن ماجة:265/1)، تأملوها جيدًا وتأملوها كثيرًا، وتأملوا أيضاً قوله تعالى: {...وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ:13]، فكن يا أخي وكوني يا أختي من هذا القليل الشاكر.
والسلام عليكم
مصلح بن زويد العتيبي