رَبِّ اِرْجعون!

منذ 2014-07-10

ليس أحد من خلق الله، ليس لله بولي إلا وهو يسأل الرجعة إلى الدنيا عند الموت بكلام يتكلم به وإن كان أخرس لم يتكلم في الدنيا بحرف قط؛ وذلك إذا استبان له أنه من أهل النار، سأل الرجعة ولا يسمعه من يليه

قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99-100].

قال الطبري:" حتى إذا جاء أحدَ هؤلاء المشركين الموتُ، وعاين نزول أمر الله به، قال:- لعظيم ما يعاين مما يَقْدم عليه من عذاب الله تندّما على ما فات، وتلهُّفا على ما فرط فيه قبل ذلك، من طاعة الله ومسألته للإقالة-: {رَبِّ ارْجِعُونِ} إلى الدنيا فردّوني إليها، {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا} يقول: كي أعمل صالحا فيما تركت قبل اليوم من العمل فضيعْته، وفرّطت فيه".

قال ابن زيد في قوله: {رَبِّ ارْجِعُونِ} قال: هذه في الحياة الدنيا، ألا تراه يقول: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ}، قال: حين تنقطع الدنيا، ويعاين الآخرة، قبل أن يذوق الموت. [الطبري: 19/69].

هذه الآية فسَّرها كثيرٌ من المفسرين بأنها في الكفَّار، ولكن لا دلالة في لفظ الآية بأنها خاصة فيهم، بل هي بعمومها تشمل كلَّ مُقَصِّرٍ في عمل قليل أو كثيرٍ، ممن تنتابهم الحسرة على ألا يبتعدوا بها عن النار خطوة، أو يقتربون بها إلى الجنة خطوة.

وكما قال الحسن البصري رحمه الله في هذه الآية: "ليس أحد من خلق الله، ليس لله بولي إلا وهو يسأل الرجعة إلى الدنيا عند الموت بكلام يتكلم به وإن كان أخرس لم يتكلم في الدنيا بحرف قط؛ وذلك إذا استبان له أنه من أهل النار، سأل الرجعة ولا يسمعه من يليه".

 وقال الضحاك: "كنت جالسا عند ابن عباس، فقال من لم يترك ولم يحج سأل الرجعة عند الموت، فقال واحد: إنما يسأل ذلك الكفار! فقال ابن عباس رضي الله عنهما: أنا أقرأ عليك به قرآنا: {وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق} [المنافقون: 10]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حضر الإنسان الموت جمع كل شيء كان يمنعه من حقه بين يديه فعنده يقول رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت»[الرازي؛ مفاتيح الغيب، 23/ 293]، فقال: الإنسان، ولم يقل الكافر فقط.

قال ابن كثير رحمه الله: " أخبر تعالى عن حال المحتضر عند الموت، من الكافرين أو المفرطين في أمر الله تعالى، وقِيلهم عند ذلك، وسؤالهم الرجعة إلى الدنيا، ليصلح ما كان أفسده في مدة حياته"[ابن كثير، تفسير القرآن العظيم:5/ 493].

فبهذا تبَيَّن أن الآية عامةٌ في كل المقصِّرين المفرِّطين في جنب الله، الظالمين لأنفسهم، بالكفر فما دونه، مما نهى الله تعالى عنه. عندئذ نقول: ومَن مِنَّا يُبَرَّئُ نفسه من تفريط أو تقصير؟!

ثم إنها قنطرة يعبر عبرها كل البشر، ومصرع يتخبطه كل إنسان، وكأس يشرب منه الثقلان، إنه "مشهد الاحتضار، وإعلان التوبة عند مواجهة الموت، وطلب الرجعة إلى الحياة، لتدارك ما فات، والإصلاح فيما ترك وراءه من أهل ومال.. وكأنما المشهد معروض اللحظة للأنظار، مشهود كالعيان! فإذا الرد على هذا الرجاء المتأخر لا يوجه إلى صاحب الرجاء، إنما يعلن على رؤوس الأشهاد: {كَلَّا. إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ... } كلمة لا معنى لها، ولا مدلول وراءها، ولا تنبغي العناية بها أو بقائلها. إنها كلمة الموقف الرهيب، لا كلمة الإخلاص المنيب. كلمة تقال في لحظة الضيق، ليس لها في القلب من رصيد!" [انظر: في ظلال القرآن: 4/ 2480].

كنت أمر على هذه الآية ككثير من المسلمين، وأسأل الله تعالى ألَّا يوقعني في هذا الموقف الصعب، فإن من الناس من يختار الرفيق الأعلى كما اختاره النبي صلى الله عليه وسلم؛ رغم أنه خُيِّر، كما قالت عائشة رضي الله عنها وهو يحتضر في حجرها: "ووجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثقل في حجري، قالت: فذهبت أنظر في وجهه فإذا بصره قد شخص، وهو يقول: «بل الرفيق الأعلى من الجنة». فقلت: خيرت فاخترت والذي بعثك بالحق، قالت: وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم" (أحمد؛ المسند، برقم:[26347]، وقال محققوه: حسن).

ولا أخالني لتقصيري إلا قائلها، إن لم يرحمني أرحم الراحمين، وما من مؤمن إلا ويخشى على نفسه، وكما قال الله تعالى: {فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} ؛ ولهذا قال الحسن البصري، رحمه الله: "المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن".

أيها الإخوة والأخوات؛ إذا كان ذلك كذلك، أفلا ينبغي علينا أن نستحضر استغاثة: {ربِّ ارجعون} في الرخاء قبل الشدة، وفي حضور الحياة قبل احتضار المماة؟

إننا لنَمُر كثيرًا في يومياتنا، بل في لحظات حياتنا بمناسبات قول هذه الكلمة، وإطلاق هذه الاستغاثة، وهي كلمة مقبولة، قبل أن تكون كلمة لا معنى لها، ولا فائدة منها، نقولها قبل جزرة {كلا}، أما بعدها فهي: {كلمة هو قائلها}.

وسأحاول أن أتذاكر معك بعض هذه المواطن، إرغامًا لنفسي وتذكيرك لك، ولا أحسبك إلا تعرفها، ولكن من باب: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات:55].

إذا أويت إلى فراشك، فإنك لا تدري أَترجع منه إلى دنياك، أم أنها كانت القاضية، كما يقول الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا، فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر:42]، قال بعض السلف رحمهم الله: "يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا، فتتعارف ما شاء الله تعالى أن تتعارف {فيمسك التي قضى عليها الموت} التي قد ماتت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى". وكما في الحديث: «إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» (البخاري في صحيحه، برقم:[6320]، ومسلم في صحيحه، برقم:[2714]).

أأنت في آخر نومة هذه، ممن قضى عليه الموت، فتخرج روحه ولا ترجع، أو من التي يرسلها الله إلى أجل مسمى، فيزيده في العمرة بقية وفي الأجل نسيَّة؟ أي أنك رجعت قبل أن تطلب الرًّجعة.

وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأنعام:60].

فإنك إن قُدِّر عليك أن تموت، وزارك ملك الموت، ودخل عليك من غير استئذانك، وأخذ الأمانة من غير مشورتك، فإنك لو قَدرت أن تقول : رب ارجعون، لقلتها، ولكنك، لا تجاب، بل تجابَه بـ: كلا!

تزود من الدنيـا فإنـك لا تــدري ***  إذا جنَّ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجـر

فكم من فتى أضحى وأمسى ضاحكًا *** وقد نُسِجت أكفانُه وهو لا يـدري

وكم من صغارٍ يُرتجى طولَ عمرهم ***وقد أُدخلت أجسـادُهم ظلمة القبر

وكـم من عروس زيَّنوها لزوجـها ***وقد قُبِضت أرواحهم ليـلة العُرس.

{رب ارجعون}، ألا فإنك قائلها يوم السكرة، ألا فلتقلها من الآن؛ ما دام في الأجل مُتَّسع. فإذا مَنَّ الله عليك برجعة إلى حياتك بعد مماتك، وأكرمك بفسحة، فارجع بجد، وأصلح بحق، ولا يقتلك التسويف، ولا يمنعك الكبر، ولا يغرك الأمل.

إذا خرجت من بيتك، لشغل أو سفر، وتركت الأهل والأولاد؛ وعُرِضَت عليك الحتوف، من حوادث مرور، ومن قنابل الحياة الموقوتة المتفجرة، فقل: {رب ارجعون} إلى بيتي فأعمل صالحًا في زوجي وفي ذريتي، أبر بهذا، وأقسط إلى ذاك، وأحسن إلى جميعهم، أحترم كبيرهم، وأرحم صغيرهم... فإنك على خطر أَلَّا ترجع إليهم، وإن عدت أنت فقد لا تجدهم. فكم خرج خارج من بيته في أمن وأمان، ذاهب إلى مكان قريب معروف، ولكنه لم يجرع. كم خرج خارج من بيته للمجيء بما يُسعد أسرته، من ملذَّات الدنيا وأطايبها، من غذاء وكساء، فإذا به يعود محمولا على  خشبة، أو قد يجدهم من أهل الآخرة! حيث لا رجعة، ألا فإنك قائلها يوم السكرة، ألا فلتقلها من الآن؛ ما دام في الأجل مُتَّسع. فإذا مَنَّ الله عليك برجعة إلى بيتك وعيالك، وأكرمك بفسحة، فارجع بجد، وأصلح بحق، ولا يقتلك التسويف، ولا يمنعك الكبر، ولا يغرك الأمل.

إذا خرجت من عملك، ووجدت الوقت قد انتهى، والمؤسسة توشك تغلق أبوابها إلى دوام الغد؛ فقل: {رب ارحعون} إلى عملي غدًا ودوامي في مدرستي أو مؤسستي؛ لعلي أعمل صالحًا في وظيفتي، وفي أمانتي التي كُلِّفت بها، وفي عملي فأتقنه، وأصلح سابق ما أفسدته فيه، وأتمم ما قصّرت فيه... إنك إن لم تفعلها هنا في الرخاء، فإنك قائلها يوم السكرة، ألا فلتقلها من الآن؛ ما دام في الأجل مُتَّسع، فإذا مَنَّ الله عليك برجعة إلى عملك ودوامك، وأكرمك بفسحة، فارجع بجد، وأصلح بحق، ولا يقتلك التسويف، ولا يمنعك الكبر، ولا يغرك طول الأمل.

إذا خرجت من عند أحد والديك أو كليهما، وقد غَشِيت أهلَك وذراريك، فتذكر الأمومة والأبوة في بنيك؛ عندها قل: {رب ارجعون} إليهما، لعلي أبر بهما، وأقوم على شأنهما، وأتحبب إليهما، وأريهما أنه مازال لهما قيمة في الحياة، ومنزلة في القلوب، فإنه لا شيء يداني بِرًّا من شعورٍ حسنٍ تنفخه في نفسية والديك وإن لم تُعطهما من الدنيا. مُجَرَّبٌ هذا، قل: رب ارجعون لعلي أجدهما، فكم هم الذين ما صحَوْا إلّا على طرقة باب أو رنة هاتف تقول: مات والدك الليلة، أو ماتت أمك الليلة! عندها يعض أنامل الندم، ويعتصر قلبه ألما أن لم يكن حاضرًا، يقول: ليتني لزمت أقدامهما حتى قَضَوْا! فإنك قائلها يوم السكرة، ألا فلتقلها من الآن؛ ما دام في الأجل مُتَّسع، فإذا مَنَّ الله عليك برجعة إليهما، وأكرمك بفسحة، فارجع بجد، وأصلح بحق، ولا يقتلك التسويف، ولا يمنعك الكبر، ولا يغرك طول الأمل.

إذا كتبت مقالا، أو ألَّفت كتابًا، وأودعت فيه ما بان لك فيما بعد أنه لا يصلح للنشر، فقد يحوي خطأ علميا، آو ما لا يصلح نشره في زمان ما أو مكان ما، فإذا لقيت ربَّك يوم القيامة، أو حضرتك مَنِيَّتُك قبل أن تحقق أمنيتك، فإنك تقول: {رب ارجعون}، لعلي أعمل صالحا فيما تركت أو كتبت، فيقال لك: كلا، ألا فلتقلها من الآن؛ ما دام في الأجل مُتَّسع. فقل: رب ارجعون لعلي أدرك طبعته القادمة فأصلح فيه ما أفسدت، وأصحح فيه ما أخطأت، أو تحين فرصة منتدى أو موقعًا كتبت فيه شيئا أصلح عاجلا:

وما من كاتبٍ إلا سيفنى *** ويَبقَى الدَّهرَ ما كتبت يداهُ
فلا تكتب بخطك غير شيءٍ *** يَسُرّك في القيامة أن تراهُ

كتبت وأيقنت يــــوم كتابتي أن اليــــــــد تفنى ويبقى كتابُها
فإن كتَبت خيرا ستجزى بمثله وإن كتبت شراً عليها حسابها

فإنك قائلها يوم السكرة، ألا فلتقلها من الآن؛ ما دام في الأجل مُتَّسع، فإذا مَنَّ الله عليك برجعة إلى مقالك أو كتابك، وأكرمك بفسحة، فارجع بجد، وأصلح بحق، ولا يقتلك التسويف، ولا يمنعك الكبر، ولا يغرك طول الأمل.

إذا خرجت من صلاتك، وقد انتابك فيها شرود، أو قلة خشوع، وما انتبهت إلا على تسليمتك أو تسليمة الإمام؛ فقل: {رب ارجعون}.. ربِّ ارجعون إلى صلاة قابلة أستدرك فيها بعض ما فات، وأصلح فيها بعضَ ما أفسدتُ في هذه الصلاة! وقد كان من آداب الصلاة أن تصليها، وكأنها صلاتك الأخيرة، صلاة مودَّع، نصحنا بذلك الناصح الأمين صلى الله عليه وسلم حين قال: «إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع، ولا تكلم بكلام تعتذر منه غدًا، واجمع الإياس مما في يدي الناس» (الألباني؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم: [1914]). ألا فإنك قائلها يوم السكرة، ألا فلتقلها من الآن؛ ما دام في الأجل مُتَّسع، فإذا مَنَّ الله عليك برجعة إلى صلاة، وأكرمك بفسحة، فارجع بجد، وأصلح بحق، ولا يقتلك التسويف، ولا يمنعك الكبر، ولا يغرك طول الأمل.

إذا انقضى عنك عشر أُوَل رمضان، ثم عشر ُ أواخره؛ وقد فرَّطت وقصَّرت، ومرَّت ليلة القدر التي {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:3-4]، وما تدري أن قد كُتِبت في أحياء ليلة القدر القادمة، ألا فقل رب ارجعون إلى رمضان هذا وبلِّغنيه،  لأنك في وضعية رمضان الفارط، فإذا مَنَّ الله برجعة، وأكرمك بفسحة، فارجع بجد، أصلح بحق، ولا يقتلك التسويف، ولا يمنعك الكبر، ولا يغرك الأمل.

لا، بل قد تكون جلست مجلسًا أو أذعت حصة؛ ذكرت فيها مسلمًا بمنقصة؛ ولو كان فيه ما ذكرت! وتفرق الناس بها في أسماعهم أو قلوبهم، فتذكّر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه» (البخاري؛ صحيح البخاري، برقم:[2449])، فإذا فعلتها؛ فمالك إلا أن تقول: {رب ارجعون} لعلي أُصْلِح ما أفسدتُ، وأمدح مَنْ ظلمت، وأتحلل ممن قد يكون كلامي فيه، ليس طعنا في شخص فحسب، ويا لها من كبيرة، بل قد يكون طعنك فيه طعنًا فيما يحمله من علم، وما يبثه من خير، وما يدعو إليه من هُدى! فإنك قائلها يوم السكرة، ألا فلتقلها من الآن؛ ما دام في الأجل مُتَّسع، فإذا مَنَّ الله عليك برجعة إلى مجلسك ذاك، أو حلقتك تلك، وأكرمك بفسحة، فارجع بجد، وأصلح بحق، ولا يقتلك التسويف، ولا يمنعك الكبر، ولا يغرك طول الأمل.

وعلى هذا فانسج وعلى مِنواله فابنِ، وعلى طريقه فَسِرْ.

اللهم يسر الهدى لنا، واجعلنا هداة مهتدين، وإذا توفيتنا فتوفنا على الإسلام.

والله أعلم.

13 رمضان 1435 (10‏/7‏/2014)

أبو محمد بن عبد الله

باحث وكاتب شرعي ماجستير في الدراسات الإسلامية من كلية الإمام الأوزاعي/ بيروت يحضر الدكتوراه بها كذلك. أستاذ مدرس، ويتابع قضايا الأمة، ويعمل على تنوير المسيرة وتصحيح المفاهيم، على منهج وسطي غير متطرف ولا متميع.

  • 13
  • 0
  • 57,097

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً