[92] سورة التوبة (15)

محمد علي يوسف

دعوة التوبة في سورة التوبة عامة شاملة.. الكل تقريبًا بلا استثناء يُذكَّر مخاطبًا بالتوبة

  • التصنيفات: القرآن وعلومه - الزهد والرقائق - تزكية النفس -

والدعوة عامة للجميع..

دعوة التوبة في سورة التوبة عامة شاملة..

الكل تقريبًا بلا استثناء يُذكَّر مخاطبًا بالتوبة..

فتجد الخطاب بالتوبة مع الكفار: {وأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}، الكلام للمشركين: {فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة:3]..

وقوله: {فإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [التوبة:11]..

فإن أدركوا التوبة قبل طلوع الشمس من مغربها صاروا إخوانكم وفُتح الباب لهم ليلجوا معكم.

ومع المنافقين: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِير} [التوبة:74]..

بعد كل جرائمهم؟!
بعد النفاق وإظهار الإيمان وإبطال الكفر؟!
بعد لمز المؤمنين وتخذيلهم؟

الجواب: نعم.

رغم كل تلك الجرائم التي اقترفها المنافقون وغيرها مما احتشدت به سورة التوبة فإن الله يقول لهم: {فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}..

فسبحان التواب..

ومع المتردِّدين الذين لم يتخذوا قرارًا فصلًا في حياتهم: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:106]..

ومع المقصِّرين ومن خلطوا عملًا صالِحًا وآخر سيئًا: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التوبة:102]..

بل مع مع كل العباد: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة:104]..

إن سورة التوبة من الرسائل الختامية فلا بُدَّ إذن أن تشتمل على دعوة الجميع للتوبة..

والجميع هنا بمعنى الجميع وبدون استثناء..

الكل مخاطب بالتوبة..

حتى مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع المهاجرين والأنصار: {لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة:117]..

النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق جميعًا والمهاجرون والأنصار والصحابة وهم أفضل الخلق بعد الأنبياء، كلهم عليهم أن يتوبوا لربهم..

كل هذه الدعوات للتوبة سواءً كانت عامة وشاملة أو معينة مشخصنة نتعرَّف من خلالها على قيمة التوبة في السورة وهذا لن يكون إلا حينما نتعرَّف على مدى احتياجنا الحقيقي لتلك التوبة.

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام